سلوك المضاربة وتدفق السيولة يعودان لواجهة سوق الأسهم السعودية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: الانتعاش الاستثماري المالي فرضه واقع الفرصة البديلة وأسعار الفائدة المتدنية

سوق الأسهم السعودية تشهد تنامياً في حجم التداولات والسيولة والصفقات اليومية (رويترز)
سوق الأسهم السعودية تشهد تنامياً في حجم التداولات والسيولة والصفقات اليومية (رويترز)
TT

سلوك المضاربة وتدفق السيولة يعودان لواجهة سوق الأسهم السعودية

سوق الأسهم السعودية تشهد تنامياً في حجم التداولات والسيولة والصفقات اليومية (رويترز)
سوق الأسهم السعودية تشهد تنامياً في حجم التداولات والسيولة والصفقات اليومية (رويترز)

واصل مؤشر سوق الأسهم السعودية - أكبر سوق مالية في المنطقة وإحدى أكبر عشرة أسواق عالمية من حيث القيمة السوقية - اندفاعه نحو تحقيق مستويات نقطية جديدة، وسط تنامٍ متواصل في متوسطات حجم التداولات والصفقات المبرمة، في مشهد عادت فيه المضاربات والسيولة الساخنة لساحة السوق المالية السعودية منذ سنوات طويلة قبيل الأزمة المالية العالمية.
ووفق خبراء مختصين في تحليل الأسواق المالية، تعيش سوق الأسهم السعودية مرحلة تفاعل مع معطيات اقتصادية كلية متزامنة مع حركة انتعاش للاستثمار المالي على المستوى العالمي، مؤكدين أن عوامل عدة أسهمت في هذا الحراك البارز، بينها ما يتعلق بغياب المحفز للاستثمار في الإيداع المصرفي أو شراء السندات مع تراجع معدلات الفائدة، بجانب تقلص قنوات الاستثمار الأخرى (الفرص البديلة).
وأقفل مؤشر السوق السعودية الرئيسية للأسهم تعاملات الأسبوع على ارتفاع بنسبة 2.5 في المائة، بينما نمت قيمة التداولات بنسبة 24 في المائة لتبلغ 75 مليار ريال (20 مليار دولار)، في وقت يرجح فيه المختصون استمرار الحالة الاندفاعية لسوق الأسهم السعودية الفترة القادمة، ورأوا أن العوامل الخارجية مرتبطة بالظروف السياسية العالمية؛ أبرزها تطورات الترشيح للانتخابات الأميركية القائمة حالياً، بجانب ترقب تحرك البنوك المركزية لقرارات التحفيز وما يرتبط بمعدلات الفائدة. وإلى تفاصيل أكثر في متن التقرير التالي:
- عوامل الدفع
أشار مختصون لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك عاملين رئيسيين لاستمرار ارتفاع السيولة العالية والمضاربات خلال الفترة الحالية لسوق الأسهم السعودية؛ أهمها أسعار الفائدة إضافة إلى الاستثمار العقاري، إذ من شأنهما تخفيف حدة الارتفاعات والسيولة بعودتها إلى قطاعاتها الأصلية.
وستكون نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة المقررة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، المنعطف الأول، وفقاً للمختصين، والتي ستحرك بشكل مباشر الأسواق الأميركية سواء في الصعود أو النزول، وهذا التحرك سيؤثر على الأسواق في مختلف دول العالم ومنها السوق السعودية، واصفين هذا الارتفاع في السيولة بالطبيعي والمنطقي.
وقال عبد الله الربدي، خبير الأسواق المالية لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تشهده السوق السعودية من اندفاع «أمر غير مستغرب»، على حد تعبيره، وهذا يعود لأسباب؛ منها أن سوق الأسهم المحلية الخيار الأفضل لاستغلال الثروات والاستثمار، خصوصاً في ظل عدم رغبة المستثمرين في الدخول لقطاعات استثمارية اقتصادية جديدة، إضافة إلى أن هناك رغبة لدى الجميع في عدم التوسع بأعمالهم، وبالتالي تكون لديهم سيولة فائضة يجب تحريكها ولديهم الرغبة في استثمارها في هذه المرحلة على الأقل في المدى القصير، مشدداً على أن القناة الوحيدة الجيدة والمناسبة في الوقت الراهن هي سوق الأسهم.
- السيولة العقارية
تعد سيولة العقاريين، كما يقول الربدي، من الأسباب التي أسهمت في زيادة السيولة خلال الأربعة أشهر الماضية، وهذه السيولة كان لا بد من تحريكها بعد فرض ضريبة القيمة المضافة ورفعها، مع وجود المخططات الكبيرة شبه المتوقفة في العديد من المواقع التي حدت من تناقل المخططات والعقارات، لافتاً إلى أنها سيولة ضخمة توجه بها العقاريون لسوق الأسهم بشكل مباشر، وهذه العوامل أدت إلى وجود محافظ كبيرة وتوسع في طرح المحافظ، مع إنعاش المحافظ القديمة، وجميعها دخلت في السوق بشكل قوي أسهمت في تغذية الزيادة في الأسعار والسيولة، وهو أمر طبيعي، بحسب تعبيره.
وستكون العوامل التي تجذب المستثمرين العقاريين لقطاعاتهم؛ سواء كان ذلك في تغير معدل الضريبة على العقار أو فك الإيقاف عن المخططات الكبيرة، حيث ستكون عاملاً مساهماً في تخفيف حدة الارتفاعات والسيولة الموجودة في السوق، إذ ستعود مرة أخرى إلى قطاعاتها الأصلية.
واستطرد: «في بداية العام المقبل 2021، ومعرفة ميزانية السنة الجديدة والتطورات التي ستحدث، ستسهم جميعها في توجه المستثمرين لفتح قطاعات جديدة بدلاً من أن تكون في سوق الأسهم كقناة وحيدة حالياً».
- الانتخابات الأميركية
وعن التوقعات في الفترة المقبلة، يرى خبير الأسواق المالية الربدي أن السيولة العالية والمضاربات ستستمر حتى تواجه بأول منعطف حقيقي لتحول السوق بعد هذه الزيادة، والمتمثل في انتخابات الولايات المتحدة الأميركية، التي ينتظرها العالم والأسواق المالية بشكل خاص، ومعرفة الفائز من الانتخابات ستحرك الأسواق الأميركية بشكل مباشر سواء في الصعود أو النزول، وهذا التحرك سيؤثر على الأسواق في مختلف دول العالم؛ ومنها السوق السعودية، وهذه هي أول مرحلة يمكن متابعتها في الأيام المقبلة.
- الفرصة البديلة
إلى ذلك، قال محمد الساير، عضو مجلس غرفة التجارة والصناعة بالرياض، رئيس لجنة الأوراق المالية والاستثمار، إن سوق الأسهم تتداول على هذا النحو لغياب الفرصة البديلة، وتدني أسعار الفائدة، التي جلعت رؤوس الأموال تتوجه إلى أسواق الأسهم، لأنها الأفضل عائداً، خصوصاً كلما اقتربت أسعار الفائدة من الصفر، مستطرداً: «إننا ندخل في دورة اقتصادية جديدة، وأصبح الاقتصاد واضح المعالم فيه ضرائب ورسوم ومعها تغيرات اقتصادية في الاستثمار لفتح شركات أو مؤسسات بقطاعات مختلفة».
ويعد هذا التحول من المنطق والواقع، وفقاً للساير، الذي قال إن ذلك لا يحدث في السوق السعودية فقط، وإنما الأسواق العالمية، إذ بدأت السيولة تتجه إلى أسواق المال، مشدداً على أن هذا التنامي في السوق طبيعي، ولا يستغرب أن يحدث تصحيح في الفترة القادمة، لذلك ما يحدث هو أمر طبيعي في السوق.
وربط الساير، التنامي في السيولة، بمعادلة رئيسية يجب فهمها في سوق الأسهم، فإذا انخفضت أسعار الفائدة ارتفع العائد على الأسهم، والعكس صحيح، أي إن ارتفعت أسعار الفائدة قل العائد على الأسهم، فطالما استمرت أسعار الفائدة بالانخفاض، تستمر المعادلة في السير بطريقة عكسية، مضيفاً: «زيادة السيولة وزيادة الارتفاع ستستمر، ولا بد أن ندرك أن السوق المحلية من أقوى الخيارات لدى المستثمرين».
- سهم أرامكو
وفي وقت شهدت فيه سوق الأسهم السعودية الأسبوع الماضي، تداولاً قياسياً لحجم السيولة يعود إلى عام 2008 بقيمة 18.5 مليار ريال (4.9 مليار دولار)، يعد سهم «أرامكو» السعودية، المدرج في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عاملاً مؤثراً لارتفاع المؤشر العام لسوق الأسهم نتيجة وزن السهم وتأثيره على حركة السوق، حيث شهد سهم «أرامكو السعودية»، ارتفاعات جيدة ليصعد برأس المال السوقي إلى مستويات قياسية، ليكون ضمن قائمة الأعلى عالمياً. ونجح السهم خلال الشهر الجاري في التقدم بما يفوق 1.5 في المائة، إلى مستوى 36.65 ريال نهاية تداولات الأسبوع.


مقالات ذات صلة

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

أسهمت النتائج المالية الإيجابية والأرباح التي حققها قطاع البنوك وشركات عاملة بقطاع الطاقة في صعود مؤشر الأسهم السعودية وتحقيقه مكاسب مجزية.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال المائدة المستديرة في الرياض (تصوير: مشعل القدير)

مائدة مستديرة في الرياض تشدد على ضرورة «بناء أنظمة طاقة نظيفة ومرنة»

شدد مختصون بالطاقة النظيفة على ضرورة تنويع مصادر الإمداد وتعزيز قدرات التصنيع المحلية لضمان أمن الطاقة على المدى الطويل وتقليل نقاط الضعف.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد تتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة بالعاصمة السعودية (الهيئة)

«بارسونز» الأميركية تفوز بعقد قيمته 53 مليون دولار لبرنامج الطرق في الرياض

فازت شركة «بارسونز» الأميركية بعقد لإدارة تطوير شبكة الطرق بالرياض، في وقت تستعد العاصمة السعودية لاستضافة «إكسبو 2030» وكأس العالم لكرة القدم 2034.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، مستجدات الأوضاع السورية.

جاء ذلك في اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية السعودي من المبعوث الأممي إلى سوريا، الأربعاء.

وزير الخارجية السعودي ونظيرته الإسواتينية عقب التوقيع على اتفاقية التعاون في الرياض الأربعاء (واس)

ولاحقاً، وقّع الأمير فيصل بن فرحان وفوليلي شاكانتو وزيرة خارجية إسواتيني على اتفاقية عامة للتعاون بين حكومتي البلدين، عقب مباحثات أجراها الجانبان في العاصمة الرياض، تناولت سبل تنمية التعاون المشترك في مختلف المجالات.

واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في وقت لاحق شاكانتو، يرافقها الأمير لينداني ابن ملك إسواتيني عضو البرلمان، في ديوان وزارة الخارجية السعودي، حيث جرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين.