رئيس «شنايدر إلكتريك»: التحول الرقمي والاستدامة عاملا نجاح لاقتصاديات الخليج بعد «كورونا»

تريكوار قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتعاش الأخضر» سيولد فرص نمو طويلة الأجل لدول المنطقة

TT

رئيس «شنايدر إلكتريك»: التحول الرقمي والاستدامة عاملا نجاح لاقتصاديات الخليج بعد «كورونا»

قال المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة شنايدر إلكتريك الأوروبية جان باسكال تريكوار، إنه يجب على اقتصادات الشرق الأوسط التركيز على تعزيز التحول الرقمي والاستدامة لكي تتمكن من النجاح في مرحلة ما بعد الوباء، مشيراً إلى أن الشركات في جميع أنحاء المنطقة تحتاج إلى تسريع تنفيذ خطط واستراتيجيات التحول الرقمي للتكيف بشكل أفضل مع التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن.
وتطرق تريكوار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، حول الأولويات الرئيسية للشركات في هذه المرحلة ومستقبلاً، والمتمثلة في خفض التكاليف وتعزيز القدرات، موضحاً أن الشركات التي بدأت بالتركيز على الرقمنة في وقت مبكر تحصد الآن ثمار مبادراتها وخطواتها الاستباقية.
وأكد تريكوار أن الشركات التي تتمتع بقدرات اتصال متطورة ومتكاملة تمكنت من التكيف مع التحديات التي فرضتها أزمة «كوفيد 19»، وبالتالي نجحت في تحقيق ميزات تنافسية مقارنة مع الشركات التي لم تكن مستعدة رقمياً وتحاول الآن اللحاق بالركب، وقال: «لاحظنا جميعاً كيف أن أزمة فيروس كورونا المستجد قد سرعت التوجه نحو اعتماد الخدمات الرقمية بوتيرة كبيرة مدفوعة بالحاجة لإنجاز كل شيء عن بُعد مع مواصلة الحفاظ على مستوى عالٍ من المرونة والكفاءة والممارسات المستدامة».
- التحول الرقمي
قدم تريكوار أمثلة على الشركات التي اعتمدت على الحلول الرقمية والأتمتة للاستجابة بسرعة للتحديات والمتطلبات التي خلقتها جائحة فيروس «كوفيد 19»، بما في ذلك توفير الأدوات والوسائل التي يحتاجها الموظفون للعمل عن بُعد حفاظاً على صحتهم وسلامتهم. مشيداً بالخطوة التي اتخذتها شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، التي تمكنت من تحقيق قيمة تجارية تفوق المليار دولار من خلال تنفيذها برنامج مركز التحكم الرقمي، الذي تم إطلاقه في عام 2018 باستثمار أقل من 50 مليون درهم (13.6 مليون دولار).
وأشار تريكوار إلى أن القدرة على إنجاز المهام المطلوبة عن بُعد وضمان استمرارية الأعمال هما نتيجة لعملية تحول رقمي تم تنفيذها بشكل جيد. ومن الأمثلة على ذلك شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، التي تمكن موظفوها خلال فترة الإغلاق، من الوصول عن بُعد إلى مركز التحكم الرقمي «بانوراما» التابع للشركة والموجود في المقر الرئيسي، ومتابعة المعلومات والرؤى المتعلقة بعمليات الشركة في الوقت الفعلي، مما منحهم القدرة على الاستمرار في تحسين الإنتاج مع الالتزام بجميع متطلبات الصحة والسلامة في ذلك الوقت.
- أربع أولويات
بالنسبة إلى تريكوار هناك أربع أولويات عندما يتعلق الأمر بالتحول الرقمي وهي القدرة على القيام بجميع المهام المطلوبة عن بُعد، والتمتع بمستوى عالٍ من المرونة، وتحسين مستوى الكفاءة، وتعزيز الممارسات والأنشطة المستدامة. وقال: «عندما تتمتع الشركة بالقدرة على إنجاز وإدارة كل شيء عن بُعد، فإنها ستضمن تمتع عملياتها بمستوى أعلى من المرونة والحفاظ على بيئة عمل أكثر أماناً ودعم سياسات الصحة والسلامة من خلال التباعد الجسدي والمادي. كما تسهم الرقمنة في تعزيز مستويات المرونة من خلال القدرة على التنبؤ بالمشكلات في العمليات ومنع حدوثها بشكل استباقي. هذا بالإضافة إلى تحسين الكفاءة وخفض التكاليف، والحفاظ على معايير الاستدامة من خلال الحد من تأثير أعمال الشركة على البيئة».
وأوضح تريكوار أن الشركات باتت تتفهم جيداً الأهمية المتزايدة لمفهوم العمل عن بُعد، مشيراً إلى أن الرقمنة يمكن أن تكون بالأهمية ذاتها عندما يتعلق الأمر بتحسين الكفاءة، كما أن التحلي بمستوى عالٍ من الكفاءة الرقمية يمكن أن يؤثر إيجاباً على كل جانب من جوانب الأعمال وعملياتها.
وتابع: «تستخدم بعض الشركات المصنعة في المنطقة مسبقاً تقنيات وحلول رقمية لتحسين عملياتها الإنتاجية. لنأخذ على سبيل المثال شركة المراعي، أكبر شركة للأغذية والمشروبات في منطقة الخليج، وما حققته من خلال التكامل الرقمي، حيث تمتلك الشركة أكبر منشأة تصنيع ألبان متكاملة رأسياً في العالم، مع 100 خط تعبئة وتغليف. وتمكنت الشركة من خلال الرقمنة من تبسيط عمليات الإنتاج واعتماد حلول وآليات التصنيع الذكي. وكانت النتيجة زيادة الكفاءة بنسبة 15 في المائة عبر خطوط التعبئة، فضلاً عن الجد بشكل كبير من استهلاك المياه».
وأكد على أن فوائد الرقمنة لا تقتصر فقط على معالجة التحديات قصيرة المدى التي يشهدها العالم اليوم، وإنما ستسهم أيضاً في دعم الجهود المبذولة لمعالجة الأزمة الكبيرة التالية التي يتعين علينا جميعاً مواجهتها، وهي تغير المناخ. فقد شهد العالم انخفاضاً كبيراً في الانبعاثات في وقت سابق من هذا العام مع إغلاق المصانع وبقاء الناس في منازلهم. ومع ذلك، فإن المكاسب الخضراء قد تكون قصيرة الأمد، لافتاً إلى أن الرقمنة هي المفتاح الرئيسي الذي يمكنه المساهمة في تعزيز مستويات المرونة والحفاظ على استدامة البيئة. وتابع: «التحول الرقمي يعتبر محفزاً وركيزة أساسية لاستدامة البيئة، ويجب أن تبدأ رحلة الاستدامة باعتماد حلول وتقنيات رقمية متطورة، حيث يمكنك القيام بعمل أفضل إذا كنت تعرف أداءك الحالي، لذا فإن الرقمنة تعتبر الركيزة الأولى لقياس استهلاك الطاقة والموارد. ومن هنا تستخدم الشركات الأكثر استدامة البيانات التي تجمعها من أنظمتها المتطورة لتحسين كفاءتها باستمرار وتقليل آثار الكربون. وكلما زاد عدد الشركات التي تعمل على تحسين عملياتها، كانت أكثر استعداداً للسيناريو التالي غير المتوقع».
- الانتعاش الأخضر
أوضح أن «الانتعاش الأخضر» سيخلق فرص نمو طويلة الأجل لبلدان الشرق الأوسط. ومن خلال الجمع بين الرقمنة والاستدامة، يمكن للحكومات خلق قطاعات جديدة وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل». وأكد أن العالم كله لديه الآن فرصة لتغيير المسار.
ومن خلال الاستثمار في التقنيات الخضراء وتطوير قطاعات أعمال جديدة تواكب متطلبات المستقبل، يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وحدها أن تخلق مئات الآلاف من الوظائف وإضافة عشرات المليارات من الدولارات إلى قيمة اقتصاداتها.
ويمكن القيام بذلك من خلال تشجيع التوجه نحو الصناعات الذكية الخضراء وتجديد أنظمة المباني القديمة للحد من انبعاثات الكربون وتطوير شبكات كهربائية صغيرة ومتجددة والمباشرة في تطوير أنظمة البنية التحتية للمركبات الكهربائية ومراكز البيانات.
وبين أن الجانب الأكثر جذباً للاهتمام في مرحلة التعافي الأخضر يتمثل في إمكانية تعزيز التعاون وبناء الشراكات بين القطاعين الخاص والحكومي، الأمر الذي يسهم في تحقيق رؤى وأفكار أكثر استدامة وفائدة مثل رؤية الاقتصاد الدائري، الذي يضمن عدم ضياع أي شيء ويكون لكل شيء قيمة قابلة لإعادة الاستخدام، مشيراً إلى أن الوباء قد يكون بمثابة جرس الإنذار الذي تحتاجه الأعمال للقيام بالأشياء بشكل أفضل على المدى الطويل.
واختتم تريكوار بالتأكيد على أن «الابتكارات والتقنيات الخضراء جاهزة ليتم تطويرها وتطبيقها على نطاق واسع حول العالم، لحماية مستقبل البيئة وضمان استدامة الموارد لأطفالنا والأجيال القادمة. ولكي نضمن الاستثمار في انتعاش طويل الأجل يعود بفوائد متعددة الجوانب والمستويات للجميع، يجب أن نتوجه نحو اعتماد ممارسات خضراء وأكثر استدامة. ويتعين على شركات القطاع الخاص التعاون مع الحكومات لتحقيق هذه الأهداف والتطلعات».



العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
TT

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)

أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، يوم السبت، أن سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار ثابت عند 1320 ديناراً، مشدداً على أن التقلبات الأخيرة التي شهدتها السوق الموازية لا تمثل تأثيراً جوهرياً على الاستقرار الاقتصادي العام.

وكانت أسواق الصرف في العراق شهدت يوم الجمعة تحركات واضحة، بينما ازداد بحث المواطنين حول سعر الدولار في العراق.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن صالح وصفه هذه التقلبات بأنها «تذبذب طارئ ومؤقت» ناتج عن تأثيرات معلوماتية «غير دقيقة» أسماها في التحليل الاقتصادي بـ«الضوضاء الملوّنة». وأوضح أن هذه المعلومات المشوشة، التي تعتمد غالباً على الإشاعة، تؤدي إلى سلوك مضاربات قصيرة الأجل في السوق النقدية غير المنظمة.

الإصلاحات الحكومية تحمي استقرار الأسعار

أشار المستشار المالي إلى أن مثل هذه التحركات السعرية تُعد نموذجية في الفترات الانتقالية، خاصة مع استمرار البلاد في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، وبالتزامن مع تطبيق الحكومة لنظام الحوكمة الجمركية، وإجراءاتها الرقمية. وتتضمن هذه الإجراءات أنظمة التتبع الجمركي، والتطبيقات الرقمية الحديثة التي تهدف إلى تعزيز الشفافية، والانضباط في البيئة التجارية، والمالية.

وأكد صالح أن هذا التذبذب في سعر الدولار في السوق الموازية لم يترك أي أثر جوهري على استقرار المستوى العام للأسعار، حيث نجحت السياسة النقدية في تحقيق هدفها المتمثل في تثبيت الأسعار، والحفاظ على ثبات سعر الصرف الرسمي.

كما أكد صالح أن سياسة ثبات سعر الصرف مدعومة بـ«أسس جوهرية»، أبرزها كفاءة الاحتياطيات الأجنبية الكافية لدعم سعر الصرف الرسمي.

وفي سياق متصل، أشار إلى أن المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي، ومؤسسات التمويل العالمية متعددة الأطراف، تنظر «بعين الارتياح» إلى الخطوات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة العراقية في نطاق القطاع المصرفي، والاقتصادي.

وتُعد هذه الخطوات، وخاصة التوجه نحو تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، ركائز أساسية لبناء اقتصاد متنوع، وداعم لـ«رؤية العراق 2050» للتنمية المستدامة.


«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
TT

«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)

تستعد شركة «سبيس إكس» (SpaceX)، عملاق الصواريخ والأقمار الاصطناعية المملوكة لإيلون ماسك، لإجراء صفقة داخلية لبيع حصص من أسهمها، وهي الصفقة التي قد تدفع بتقييم الشركة إلى مستوى تاريخي غير مسبوق.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، قد يصل تقييم «سبيس إكس» إلى ما يناهز 800 مليار دولار، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق الذي سجلته شركة «أوبن إيه آي» المالكة لـ«تشات جي بي تي» والذي بلغ 500 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

هذا التقييم، الذي ناقشه مجلس إدارة الشركة مؤخراً، من شأنه أن يعيد «سبيس إكس» إلى صدارة الشركات الخاصة الأعلى قيمة عالمياً.

قفزة هائلة نحو التريليون وانتظار الطرح العام

يُتوقع أن يتم بيع الأسهم بسعر يزيد عن 400 دولار للسهم الواحد، مما يضع تقييم الشركة بين 750 و800 مليار دولار. ويمثل هذا التقييم زيادة هائلة، ومضاعفة للتقييم السابق للشركة الذي بلغ 400 مليار دولار في يوليو (تموز)، عندما باعت أسهماً بسعر 212 دولاراً للسهم.

وفي حال تأكيد هذا الرقم، فإن «سبيس إكس» ستنضم إلى مجموعة نادرة من أكبر 20 شركة عامة في العالم، متفوقة على العديد من عمالقة السوق، ومحتلة مرتبة أدنى بقليل من «تسلا»، الشركة الأخرى التي يملكها ماسك.

وتشير التكهنات إلى أن «سبيس إكس» قد تتجه نحو طرح عام أولي بحلول أواخر العام المقبل، وإذا تم الطرح بقيمة 800 مليار دولار، وبيع 5 في المائة من أسهمها، فإنه سيكون أكبر طرح عام على الإطلاق.

ريادة الفضاء والإنترنت

يعود هذا التقييم القياسي إلى هيمنة «سبيس إكس» على قطاع الفضاء، حيث تُعد الشركة الأكثر إطلاقاً للصواريخ في العالم بفضل صاروخها «فالكون 9» الذي ينقل الأقمار الاصطناعية والأشخاص إلى المدار. كما تُعد الشركة رائدة في توفير خدمات الإنترنت من المدار الأرضي المنخفض عبر مشروع «ستارلينك»، الذي يضم أكثر من 9000 قمر اصطناعي، متفوقة بفارق كبير على منافسيها، مثل مشروع «أمازون ليو» التابع لشركة «أمازون». وقد أدت هذه الأخبار إلى ارتفاع أسهم الشركات الشريكة، مثل «إيكو ستار»، بنسبة وصلت إلى 18 في المائة.

خيارات الطرح العام والتحول الاستراتيجي

رغم قدرة «سبيس إكس» على جمع التمويل بتقييمات تتجاوز 100 مليار دولار، مع تأجيل خطط الطرح العام، فإن فكرة الانفصال لا تزال قائمة. فقد طفت على السطح مجدداً مقترحات لفصل نشاط «ستارلينك» في شركة مطروحة للاكتتاب العام بشكل منفصل، وهي فكرة سبق أن اقترحتها الرئيسة جوين شوتويل في عام 2020. ومع ذلك، شكك ماسك علناً في هذا الاحتمال على مر السنين، بينما أشار المدير المالي بريت جونسن في عام 2024 إلى أن طرح «ستارلينك» سيكون شيئاً يحدث على الأرجح «في السنوات القادمة». وفي الوقت نفسه، تستمر «سبيس إكس» في تطوير مركبة «ستارشيب»، الصاروخ الأقوى على الإطلاق، والمصمم لحمل أعداد هائلة من أقمار «ستارلينك»، ونقل البضائع والأشخاص إلى القمر، ثم إلى المريخ في نهاية المطاف.


حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد أن أعلنت شركة «نتفليكس» يوم الجمعة عن إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على استوديوهات الأفلام، والتلفزيون، ووحدة البث التدفقي التابعة لـ«وارنر براذرز ديسكفري» (WBD) بقيمة بلغت 72 مليار دولار.

هذه الصفقة، التي بدأت بمجرد «مهمة استطلاعية»، لم تكن متوقعة علناً من عملاق البث التدفقي الذي كان يقلل من شائعات شراء استوديو كبير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتنتهي بـ«نتفليكس» وهي تفوز بأثمن جائزة في هوليوود، متفوقة على منافسين عمالقة، مثل «باراماونت» و«كومكاست».

صورة جوية لشعار «وارنر براذرز» معروض على برج المياه في استوديو «وارنر براذرز» في باربنك كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من الفضول إلى الاستحواذ

بدأت مساعي «نتفليكس» نحو «وارنر براذرز» بدافع الفضول لمعرفة المزيد عن أعمالها، لكن التنفيذيين سرعان ما أدركوا الفرصة الاستراتيجية الهائلة التي يوفرها الاستوديو.

تتجاوز الصفقة مجرد إضافة مكتبة محتوى عمرها قرن من الزمان إلى منصة «نتفليكس» (وهي مكتبة تشكل 80 في المائة من مشاهدات البث التدفقي)، حيث أدركت «نتفليكس» أن وحدات أعمال «وارنر براذرز»، خاصة التوزيع المسرحي، والوحدة الإنتاجية، تُعد مكمّلة بشكل مثالي لنماذج أعمالها.

وقد تصاعد الاهتمام بالاستحواذ بعد أن أعلنت «وارنر براذرز ديسكفري» في يونيو (حزيران) عن خططها للانقسام إلى شركتين عامتين، فصلت بموجبها الشبكات التلفزيونية التقليدية عن الأصول الرئيسة، مثل استوديوهات «وارنر براذرز» و«HBO» وخدمة «HBO Max».

سباق المزايدة يشتد

دخلت «نتفليكس» منافسة شرسة للاستحواذ على الأصول، واضعة نفسها في مواجهة مباشرة مع «باراماونت» وشركة «إن بي سي يونيفرسال» الأم «كومكاست». وقد بدأ المزاد علنياً في أكتوبر بعدما قدمت «باراماونت» أول عرض غير مرغوب فيه في سبتمبر (أيلول)، بهدف استباق الانقسام المخطط له.

تواصل العمل بوتيرة محمومة، حيث عقد فريق «نتفليكس» الاستشاري، الذي ضم بنوكاً استثمارية، مثل «مويلس آند كومباني»، و«ويلز فارغو»، مكالمات يومية صباحية على مدى الشهرين الماضيين، بل وعقدوا مكالمات متعددة في يوم عيد الشكر ذاته للتحضير للعرض النهائي في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

على الجانب الآخر، اجتمع مجلس إدارة «وارنر براذرز» يومياً خلال الأيام الثمانية الأخيرة التي سبقت اتخاذ القرار. وفضّل المجلس عرض «نتفليكس»، لأنه كان الوحيد الذي وُصف بأنه «ملزم وكامل»، كما أنه سيحقق فوائد فورية للشركة.

وعلى النقيض، تم رفض عرض «كومكاست» لدمج قسم الترفيه الخاص بها مع «وارنر براذرز»، لكونه سيستغرق سنوات عديدة للتنفيذ. ورغم أن «باراماونت» رفعت عرضها لتبلغ القيمة الإجمالية للشركة 78 مليار دولار، فقد أعرب مجلس إدارة «وارنر براذرز» عن قلقه بشأن تمويل هذا العرض.

صورة جوية لشعار «نتفليكس» معروض في استوديوهات «نتفليكس» مع لافتة هوليوود في الأفق (أ.ف.ب)

ثقة «نتفليكس» في اجتياز العقبات التنظيمية

لتأكيد إيمانها بنجاح الصفقة، خاصة في ظل توقعات مراجعة تنظيمية كبيرة، أرفقت «نتفليكس» عرضها بواحد من أكبر رسوم الإنهاء في تاريخ صفقات الاندماج والاستحواذ، بلغ 5.8 مليار دولار.

وقد وصف أحد المستشارين هذا الضمان بأنه دليل على قناعة «نتفليكس» المطلقة بقدرتها على الحصول على الموافقات اللازمة، قائلاً: «لا أحد يحرق 6 مليارات دولار دون اقتناع».

لم تكن «نتفليكس» متأكدة من الفوز حتى اللحظات الأخيرة، حيث اعترف أحد التنفيذيين بأنهم كانوا يعتقدون أن فرصتهم لا تتجاوز 50/50. لكن مع إعلان قبول العرض في وقت متأخر من ليلة الخميس، ساد التصفيق والتهليل على مكالمة جماعية بين فريق «نتفليكس»، إيذاناً ببدء عصر جديد سيعيد تشكيل المشهد الترفيهي العالمي بالكامل.