الاحتلال الإسرائيلي يمنع شبان غزة من المشاركة في أعياد الميلاد

احتفالات حزينة في مهد السيد المسيح.. والبطريرك طوال يناشد: اصنعوا السلام

محتج فلسطيني في لباس «بابا نويل» يتحدى جنود أمن إسرائيليين خلال مظاهرة ضد الاستيطان أمس (أ.ف.ب)
محتج فلسطيني في لباس «بابا نويل» يتحدى جنود أمن إسرائيليين خلال مظاهرة ضد الاستيطان أمس (أ.ف.ب)
TT

الاحتلال الإسرائيلي يمنع شبان غزة من المشاركة في أعياد الميلاد

محتج فلسطيني في لباس «بابا نويل» يتحدى جنود أمن إسرائيليين خلال مظاهرة ضد الاستيطان أمس (أ.ف.ب)
محتج فلسطيني في لباس «بابا نويل» يتحدى جنود أمن إسرائيليين خلال مظاهرة ضد الاستيطان أمس (أ.ف.ب)

وسط أجواء حزينة على وضع المسيحيين في سوريا والعراق وقطاع غزة والمناطق المحتلة، استقبلت مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح، عشرات ألوف المسيحيين العرب والأجانب الذين توافدوا إليها للاحتفال بعيد الميلاد. وأدار القداس الاحتفالي المركزي غبطة البطريرك الفلسطيني، فؤاد طوال، الذي ناشد قادة العالم أن يصنعوا السلام في أرض السلام، ويضعوا حدا للنزيف الأليم الذي تعانيه.
ودعا طوال إلى إحلال السلام في القدس، وإلى إعادة إعمار غزة التي تهدمت هذا الصيف بهجوم إسرائيلي. وقال: «يتوجب على كل المؤمنين، يهودا ومسلمين ومسيحيين ودروزا، العيش معا في مساواة واحترام متبادل»، خصوصا في القدس حيث وصلت التوترات أخيرا إلى مستوى، نادرا ما وصلت إليه. وقال طوال: «القدس لها رسالة عالمية من أجل السلام والسعادة.. اطلبوا السلام للقدس».
وتطرق البطريرك في عظته السنوية إلى أعمال العنف في الشرق الأوسط، خصوصا في سوريا والعراق؛ حيث تضاعفت أعداد «التجاوزات التي قام بها المتشددون». وقال: «في ليلة الميلاد هذه، لا يكفي التحدث عن السلام، ولكن يجب خصوصا الصلاة من أجل السلام»، و«من أجل المصالحة في الشرق الأوسط»، و«من أجل اللاجئين»، و«المضطهدين بسبب إيمانهم وعرقهم».
بدأ البطريرك طوال عظته برسالة ترحيب ودعوة إلى «الصلاة من أجل السلام في الأرض المقدسة» بـ6 لغات من بينها الفرنسية والإنجليزية والإيطالية.
وسيرا على النهج الذي بدأه الرئيس السابق، ياسر عرفات، منذ سنة 1994، شارك في قداس منتصف الليل، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء رامي الحمد الله. وكان عباس قد ألقى كلمة للصحافة في مقر الرئاسة بمناسبة الميلاد، قال فيها إن «جل ما ننشده في أعياد الميلاد هو العدالة لشعبنا وللبشرية جمعاء». وأضاف: «في الوقت الذي يتحدث فيه المجتمع الدولي عن استئناف عملية السلام، تذكرنا أعياد الميلاد بوجه عام والوضع في بيت لحم بشكل خاص، أن كلمة السلام لا يمكن أن تبقى فارغة على الدوام». وأكد عباس أن «أي مبادرة لتحقيق السلام ستفشل ما لم يتم تحقيق العدالة للفلسطينيين».
وكانت مصادر فلسطينية وإسرائيلية أكدت أنه بالإضافة إلى المسيحيين الفلسطينيين، «حضر ما يربو على 70 ألف سائح مسيحي إلى البلاد، بينهم ألوف المسيحيين العرب الذين يحملون جوازات سفر أجنبية. وقد لوحظ انخفاض في عدد القادمين هذه السنة بنسبة 3 في المائة عن السنة الماضية، لكن هناك ارتفاعا بنسبة 9 في المائة في عدد السياح الذين طلبوا أن يناموا في فنادق بيت لحم العربية». وأكدت وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية، رولا معايعة، بشأن وضع السياحة في فلسطين، أن «انخفاض عدد السياح الذين قدموا إلى الأراضي الفلسطينية هذا العام وصل إلى نسبة 3 في المائة عن عام الماضي، وكان هذا بسبب عملية (الجرف الصامد) والأحداث في القدس». وقالت معايعة إن «عدد السياح الذين استقبلتهم الأراضي الفلسطينية في عام 2014 هو مليونان و550 ألف سائح، بانخفاض 3 في المائة عن عام 2013 الذي وصل عدد السياح فيه إلى مليونين و660 ألف سائح»، منوهة إلى أن «الشيء الإيجابي هذا العام أن نسبة المبيت في الفنادق الفلسطينية ازداد عن العام الماضي بنسبة 9 في المائة، وهي توفر الدعم المادي لقطاع السياحة الفلسطيني».
وبدت الاحتفالات بالميلاد حزينة بشكل خاص في قطاع غزة؛ حيث ما زال العناء باديا من الحرب الأخيرة، وضايق المسيحيين الغزويين المتبقين في المدينة (3500 غزاوي فقط)، قرار السلطات الإسرائيلية منع الشباب في جيل ما دون 35 عاما، من الوصول إلى بيت لحم للمشاركة في الاحتفالات هناك.
وفي حديث مع وكالة الأنباء الفرنسية، تقول أم جورج البالغة ستين عاما، التي تحتفل أيضا في بيت لحم: «الأجواء غير مناسبة، لكننا سنحتفل بالعيد لننسى آلام الحرب»، متذكرة صديقتها المسيحية جليلة عياد التي قتلت في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلها غرب غزة خلال الحرب. ويقول عبد الله جهشان الذي لم يحصل على تصريح إسرائيلي مع خطيبته كما كان يأمل: «نريد أن نفرح في العيد، لكن دماء شهداء الحرب لم تجف والفرحة منقوصة». ويتابع: «سنكتفي بالصلوات وبحفل عائلي بسيط مع الأقارب والأصدقاء بسبب ظروف البلد». أما رامي ترزي، البالغ من العمر 23 سنة، فبدا غاضبا لأنه لم يحصل على تصريح للعبور من السلطات الإسرائيلية التي تحاصر قطاع غزة منذ سنوات.
وبسبب هذه الظروف ألغت بلدية غزة وضع شجرة ضخمة لعيد الميلاد في ميدان الجندي المجهول غرب مدينة غزة. وقال مسؤول في البلدية: «الأجواء غير مناسبة لإحياء هذا التقليد السنوي الرائع الذي عبر دائما عن وحدة المسلمين والمسيحيين في غزة. كيف يمكن أن نحتفل وعشرات آلاف الناس من دون مأوى؟». ووسط ساحة كنيسة «العائلة المقدسة» في دير اللاتين في حي الزيتون شرق المدينة، أضيئت شجرة الميلاد، لكن راعي الطائفة قرر قصر الاحتفال على الصلوات. وبعد أن جهز أمتعته ووضعها في السيارة التي ستقله مع زوجته إلى معبر بيت حانون (إيريز)، أمسك طوني المصري البالغ 60 سنة بشجرة صغيرة للعيد وهو يقول: «في بيتي شجرة الميلاد، لكن أنا بداخلي حزين على شعبنا الذي يعاني بسبب الحرب». ويضيف: «هذه السنة نشعر بالألم والحسرة. لا فرق بيننا - مسيحيين ومسلمين - نفرح معا ونحزن معا ونتمنى للبلد السلام والمحبة والحرية». ويؤكد إياد (40 سنة) وهو من مسيحيي غزة: «الحزن يملأ قلوبنا، السلام يعم بانتهاء الاحتلال والمحبة تنتشر بنهاية الانقسام الفلسطيني، أحلامنا بسيطة ورسالتنا في عيد ميلاد السيد المسيح أن نصلي جميعا مسلمين ومسيحيين».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.