ماذا يفعل محافظ «المركزي الحوثي» في اجتماعات سويسرا للمعتقلين والأسرى؟

مساعٍ حوثية لخلط أوراق ملف الأسرى بالملف الاقتصادي

TT

ماذا يفعل محافظ «المركزي الحوثي» في اجتماعات سويسرا للمعتقلين والأسرى؟

وسط أجواء معتدلة هذه الأيام، وعلى علو ألفي متر عن سطح البحر، قدر لمنتجع شُيد في جبل ببلدة مونترو غرب سويسرا أن يتحول من مكان هادئ للاستجمام إلى موقع ساخن بأحداثه، ليستضيف محادثات يمنية برعاية أممية وإشراف من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
انطلقت المحادثات، وفقاً لما أعلنه مكتب المبعوث الأممي مارتن غريفيث. ودخل المجتمعون، وهم الحكومة اليمنية والحوثيون والأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، صباح أمس، قاعة الاجتماع، ليلتقوا أول مرة في بلد أوروبي منذ مشاورات السويد نهاية عام 2018، التي شهدت بدورها ولادة لجنة الأسرى والمعتقلين برئاسة أممية مع «الصليب الأحمر»، وعضوية الحكومة اليمنية والحوثيين. وكان آخر لقاء للجنة بلا نتائج رغم ترتيب الرحلات في الأردن شهر فبراير (شباط) الماضي.
وذكرت مصادر مطلعة، أن المنظمين لم يضعوا جدول أعمال، وأن هناك اجتماعات لاحقة ستكون خلال اليوم نفسه.
ورجحت مصادر أن يقايض الحوثيون بملف المعتقلين بملف النفط، الذي يمثل نحو 45 في المائة من مداخيل الجماعة المالية، وهو الأمر الذي ضبطته الحكومة اليمنية حديثاً، وتسبب بتصدع مالي لدى الجماعة.

- محافظ «المركزي الحوثي»؟
تفاجأ الحضور بوجود محافظ البنك المركزي الحوثي في صنعاء هاشم إسماعيل علي أحمد، في اجتماع خاص بلجنة الأسرى والمعتقلين، وربطت مصادر مطلعة بالأزمة المالية التي يعاني منها انقلابيو اليمن ووجود هذا الشخص، وأنه قد يكون وجد الاجتماع مخرجاً من صنعاء، وهو ما طرح تساؤلات لدى باحثين وناشطين يمنيين.
يقول همدان العليي، وهو كاتب وباحث سياسي يمني، «من الغريب فعلاً مشاركة قيادي حوثي منتحل لصفة محافظ البنك المركزي في هذا النوع من المحادثات البعيدة كل البعد عن الجانب الاقتصادي. وهذا يؤكد ما يردده اليمنيون دائماً حول استغلال الحوثيين للأمم المتحدة والمنظمات الدولية في تنفيذ أنشطتها السياسية والاقتصادية والتنظيمية خارج اليمن، وكسر العزلة الدولية المفروض عليها باعتبارها جماعة انقلابية في نظر المجتمع الدولي. كما أن هذا الأمر يجعلنا نتساءل مجدداً عن مبدأ الشفافية في أعمال الأمم المتحدة، سواء على المستوى الإنساني أو السياسي».
يضيف العليي: «من غير المعقول أن تحيط الأمم المتحدة أنشطتها ومشاوراتها بالسرية التامة... فهذا يخالف مبادئها المعلنة. بل من حق الشعب اليمني أن يطلع على مبادرات الأمم المتحدة بكافة تفاصيلها لتخضع لنقاشات اليمنيين كونهم أصحاب الشأن. الشفافية شرط نجاح أي عمل من هذا النوع، والأمم المتحدة مطالبة بالشفافية وعلى غريفيث ألا يقوم بمهمة نقل القيادات الحوثية إلى الخارج لتمارس أنشطتها السياسية والمالية المشبوهة، التي تغذي الإرهاب في اليمن».

- تفاؤل وتشاؤم
خرجت آراء يمنية متفائلة، ومتوائمة مع دعوة المبعوث الأممي تجاه إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الذين إجمالي عددهم لدى الطرفين نحو 15 ألف معتقل وأسير. لكن هذه الاجتماعات، حسب ماجد فضائل وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية، سيكون حول نحو 1420 أسيراً من الطرفين كخطوة أولى.
غرد غريفيث عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلاً: «انطلق اجتماع لجنة أسرى ومعتقلي اليمن اليوم. أشكر سويسرا للاستضافة واللجنة الدولية للصليب الأحمر للمشاركة في ترؤس الاجتماع. رسالتي إلى الأطراف هي لاستكمال النقاشات ليتمّ إطلاق سراح المحتجزين بسلاسة وإدخال الراحة إلى قلوب آلاف العائلات اليمنية».
وحول الاجتماع، يقول لطفي نعمان، وهو باحث سياسي يمني، «ما من شك أن تحريك هذا الملف الإنساني يبعث شارة إيجابية في تنفيذ اتفاق تأجل تنفيذه بعد انقطاع طويل فرضته جائحة (كورونا)، التي شكلت عائقاً - ودافعاً في الوقت نفسه بدعوات أممية واستجابة يمنية - لتحريك هذا الملف منذ تفشي الجائحة الكونية المريبة».
يضيف نعمان: «رحلة تبادل 15 ألف أسير تبدأ بألف أسير... ومن الأهمية بمكان أن تنطلق هذه الرحلة الإنسانية مجدداً بما يوسع آفاق الأمل بإمكانية بناء الثقة بين طرفين يتحمل الشعب اليمني تبعات صراعهما و(تلاومهما) منذ ست سنين؛ وما زال ينتظر من نفس هذين الطرفين - كما هو منظور - وقف الحرب وتيسير إحلال السلام لليمن، والوصول إلى الإعلان المشترك الذي يسعى السيد مارتن غريفيث إليه»، وناشد الطرفين في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن أن «اختاروا السلام وأنهوا هذا النزاع»، وكذلك «تقديم التنازلات الضرورية للسماح بحل سياسي من شأنه أن يطوي كل هذه الملفات والمعاناة الإنسانية... لو أرادوا ذلك». ويذكّر نعمان بأن هناك معتقلين وأسرى «لم يقترفوا جناية تُذكَر كالشاب حمزة الجبيحي الذي أطلق سراح والده الأستاذ يحيى الجبيحي منذ 3 سنوات وابنه لا يزال حبيساً حتى اللحظة... وغيره كثير ممن اعتقلوا بصنعاء وبمأرب دون مسوغ معقول».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم الأمم المتحدة ريال لو بلان، تصريحات قال فيها إن «اللجنة ستستأنف المناقشات بين الأطراف بهدف الإيفاء بالتزاماتها في اتفاق تبادل السجناء الذي أبرمه الطرفان في استوكهولم السويد في ديسمبر (كانون الأول) 2018، وما اتفقت عليه الأطراف في عمان الأردن في فبراير هذا العام».
وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تشارك في رئاسة الاجتماع، في تغريدة على «تويتر»، بالقول، «يسعدنا أن نرى استئناف المحادثات بين أطراف النزاع. نرحب بشدة بأي مبادرة من شأنها إحداث تغيير إيجابي طويل الأمد في حياة اليمنيين». وأبدت اللجنة استعدادها «لتسهيل أي إفراج عن المحتجزين، بمجرد التوصل إلى اتفاق بين الأطراف وفقاً لدورنا كوسيط محايد، كي يعودوا إلى عائلاتهم».
كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعا جميع الأطراف في اليمن إلى التعاون، تحت مظلة المساعي المبذولة من مبعوثه الخاص، والانخراط بحسن نية وبدون شروط مسبقة في جهود التوصل إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار بأنحاء البلاد، وتدابير اقتصادية وإنسانية لبناء الثقة، واستئناف العملية السياسية، وذلك في اجتماع رفيع المستوى حول اليمن، شاركت في تنظيمه الكويت وألمانيا والسويد والمملكة المتحدة أول من أمس.
وأعرب غوتيريش عن «أسفه لتصاعد الصراع في اليمن خلال الأسابيع الماضية»، وفقاً لبيان على موقع الأمم المتحدة الإلكتروني، مشيراً إلى أن «التوصل إلى تسوية سياسية متفاوض عليها لإنهاء الصراع، أصبح أكثر إلحاحاً في ظل جائحة (كوفيد - 19)».


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».