إردوغان يعرض حواراً مع اليونان لبحث التوتر شرق المتوسط

أنقرة تتهم باريس بـ {صب الزيت على النار}

TT

إردوغان يعرض حواراً مع اليونان لبحث التوتر شرق المتوسط

أبدى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استعداده للقاء رئيس الوزراء اليوناني لبحث التوتر في شرق المتوسط، معتبراً أن خطوة أنقرة سحب سفينة «أوروتش رئيس» من المنطقة المتنازع عليها كانت ذات مغزى. وفي الوقت ذاته، كشفت وزارة الدفاع التركية عن تدريبات رماية أجرتها فرقاطة تركية، بينما استمر الهجوم على فرنسا، ورئيسها إيمانويل ماكرون، بسبب دعم اليونان وقبرص.
وقال إردوغان إن تركيا ليست لديها مشكلة في لقاء رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، مضيفاً: «ليس لدينا مشكلة في لقائه، لكن السؤال الجوهري: ماذا سنبحث؟ وفي أي إطار سنلتقي؟». وكانت هناك مقترحات أوروبية من قبل بعقد لقاء بين إردوغان وميتسوتاكيس خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وجدد إردوغان دعوته الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف موضوعي متزن في جميع القضايا الإقليمية، وعلى رأسها شرق المتوسط، دون «الانجرار وراء التحريضات»، وذلك في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، بحسب بيان صادر عن دائرة الاتصال في الرئاسة التركية.
وقال البيان إن إردوغان أكد أن تركيا منفتحة على الحوار الصادق القائم على العدل والإنصاف وحماية حقوق جميع الأطراف، وإنها مصممة على مواصلة حماية حقوقها في كل مكان وزمان ضد الخطوات الأحادية.
وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يعمل بصفته «وسيطاً نزيهاً» في قضية شرق المتوسط، ولا ينبغي عليه اختزال مصلحته في عضو واحد (اليونان)، مشيراً إلى أن بلاده تمتلك أطول شريط ساحلي مطل على المتوسط في المنطقة، وأنها بصفتها عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) ما يهمها ليس فقط العلاقات الثنائية مع اليونان وقبرص أو لبنان، بل يهمها كل ما يحدث في شرق المتوسط.
ولفت إلى أن «المفاوضات مع اليونان بدأت عام 2002 حتى عام 2016، وتم إجراء أكثر من 60 جولة، والغرض من هذه المفاوضات ليس فقط ترسيم الحدود البحرية بين تركيا واليونان، بل أيضاً تحديد المشكلات حول الجزر والمجال الجوي».
وأضاف أن المفاوضات التي جرت بوساطة ألمانية ركزت بشكل أساسي على ترسيم الحدود البحرية، وأنشطة التنقيب عن الطاقة، قائلاً إن الرئيس إردوغان منح للدبلوماسية فرصة أخرى، وتمت إعادة سفينة التنقيب التركية «أوروتش رئيس» إلى ميناء أنطاليا، معرباً عن أمله في أن تستغل اليونان ذلك، بصفته فرصة للمضي قدماً في المحادثات، ومواصلة المحادثات الاستكشافية.
وعد أن هذه الفرصة سيكون لها انعكاس إيجابي على قمة قادة الاتحاد الأوروبي في (24-25) سبتمبر (أيلول) الحالي، مؤكداً رغبة أنقرة في فتح صفحة جديدة ليس فقط بين تركيا واليونان، بل مع الاتحاد الأوروبي أيضاً.
إلى ذلك، أعلنت تركيا رفضها القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي، الخميس، بخصوص أزمة شرق البحر المتوسط، وعدته «بعيداً عن الحقيقة، ويخدم المصالح الأنانية لبعض الدول».
وفي جلسة التصويت في بروكسل، الخميس، أعرب أعضاء البرلمان الأوروبي عن «قلقهم إزاء النزاع المستمر والمخاطر المصاحبة للتصعيد العسكري بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ودولة مرشحة لعضوية الاتحاد (تركيا)»، وأكدوا تضامنهم مع اليونان وقبرص، وأوصوا أنقرة بوقف أعمال الحفر والتنقيب في تلك المنطقة.
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الحكومة القبرصية، كيرياكوس كوشوس، إن تركيا تحاول نسف جهود جديدة من جانب الأمم المتحدة لاستئناف محادثات السلام القبرصية، وذلك رداً على بيان لوزارة الخارجية التركية، الخميس، صدر تعليقاً على التزام الأمين العام للأمم المتحدة وتصميمه على عقد مؤتمر حول القضية القبرصية، بناء على ما تم الاتفاق عليه في برلين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وفي الوقت ذاته، كشفت وزارة الدفاع التركية عن إجراء الفرقاطة «تي جي جي جديز» تدريبات رماية ناجحة شرق البحر المتوسط. وذكرت في تغريدة على «تويتر»، أمس، أن الفرقاطة قامت بتدريبات رماية فوق الماء ورماية للدفاع الجوي بنجاح شرق المتوسط، الخميس، في إطار أنشطة الاستعداد للعمليات. ونشرت صوراً تظهر جانباً من تلك التدريبات.
وجاءت هذه التدريبات في الوقت الذي يسعى فيه حلف شمال الأطلسي (ناتو) لتخفيف حدة التوتر في المنطقة، عبر اجتماعات بين العسكريين الأتراك واليونانيين، بالإضافة إلى دعوات من الاتحاد الأوروبي وواشنطن لدعم المسار الدبلوماسي لحل الأزمة.
وبدوره، واصل وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، الهجوم على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قائلاً إنه «يصب الزيت على النار في شرق المتوسط».
وأضاف أكار، في تصريحات له أمس للقناة الرابعة البريطانية، أن تركيا تؤيد السلام والحوار، وأنها تبذل جهودها بهذا الصدد، مؤكداً في الوقت ذاته على مواصلتها حماية حقوقها ومصالحها في شرق المتوسط، قائلاً: «السيد ماكرون يصب الزيت على النار شرق المتوسط، وهذا يطيل أمد الحل أكثر فأكثر... من يحلم هو ماكرون؛ إنه يحاول أن يتقمص دور نابليون الذي توفي قبل قرنين من الزمان، لكننا جميعاً نرى أن قوته وحجمه لا يكفيان لتحقيق ذلك».
ورأى أكار أنه ليس من صلاحيات الاتحاد الأوروبي «وضع قواعد أو رسم حدود» شرق المتوسط، وأن الحديث عن العقوبات بشكل متكرر، وبطرق مختلفة «هو لغة تهديد لا تساهم سوى في زيادة التوتر». واتهم اليونان بانتهاك القانون الدولي عبر تسليح بعض الجزر، وبينها «ميس»، في بحر إيجة.
ومن جانبه، أكد إسماعيل حقي موسى، السفير التركي لدى باريس، أن هناك خلافات كبيرة للغاية بين أنقرة وباريس، لكن الحديث عن أن هذه الخلافات وصلت لنقطة اللاعودة أمر مبالغ فيه.
وأوضح موسى أن «الحوار بين تركيا وفرنسا لا يزال ممكناً، ولعل الادعاء بعكس ذلك يعني عدم معرفة تاريخ العلاقات بين البلدين».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».