القبض على سفاح «العائلة الكردية» وتشييع الجثامين في السليمانية

الناشطة العراقية شيلان رؤوف ووالداها (من مواقع التواصل الاجتماعي)
الناشطة العراقية شيلان رؤوف ووالداها (من مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

القبض على سفاح «العائلة الكردية» وتشييع الجثامين في السليمانية

الناشطة العراقية شيلان رؤوف ووالداها (من مواقع التواصل الاجتماعي)
الناشطة العراقية شيلان رؤوف ووالداها (من مواقع التواصل الاجتماعي)

شيعت محافظة السليمانية بإقليم كردستان، أمس، جثامين العائلة الكردية المؤلفة من الأب دارا رؤوف وزوجته والابنه الصيدلانية شيلان، بعد أن قضوا على يد عنصر حماية أمنية في شقتهم بحي المنصور الراقي ببغداد (الثلاثاء).
وتمكنت السلطات العراقية بالتعاون مع سلطات إقليم كردستان من إلقاء القبض على الجاني في محافظة أربيل قبل محاولته الهروب إلى تركيا.
‏وقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في تغريدة عبر «تويتر»: «أشرفنا مع قواتنا الأمنية البطلة على التحقيق في الجريمة البشعة التي ارتكبها أحد المجرمين بحق عائلة عراقية بغدادية حتى الوصول إلى الجاني».
وقدّم الكاظمي الشكر إلى رئيس حكومة إقليم كردستان وأمن الإقليم لـ«تعاونهم المثمر مع أجهزة الأمن الاتحادية للتوصل بسرعة قياسية إلى الجاني».
وعرضت السلطات العراقية (مساء الأربعاء) اعترافات الجاني مهدي حسين ناصر مطر بعد أن اقتادته من محافظة أربيل.
وقال الجاني مهدي مطر (مواليد 1984)، الذي يعمل حارسا أمنيا في وزارة الداخلية وبقسم حماية السفارة الروسية، خلال اعترافاته: «أعرف رب الأسرة دارا رؤوف بحكم العمل معه، ذهبت إلى منزله وطلبت منه إقراضي مبلغا من المال لحاجته إليه، لكنه رفض، من ثم حصلت مشادة كلامية بيننا، فقمت بطعنه بسكين، سقط أرضاً، ثم دخلت زوجته وهي تصرخ، فقمت بطعنها هي الأخرى».
وذكر الجاني مطر، أنه نقل جثة الابنة شيلان إلى الحمام أيضاً، وقام بتنظيف المكان، ومن ثم بحث عن المال، فوجد مبلغا يقدر بنحو 10 آلاف دولار، إضافة إلى أموال عراقية، فأخذ المال والموبايلات وأداة الجريمة «السكينة»، ووضعها بكيس، ثم خرج وقام بإلقاء أداة الجريمة على طريق قناة الجيش شرق بغداد، وسافر إلى أربيل، حيث استأجر غرفة في أحد الفنادق، وحاول السفر إلى تركيا، لكنه لم يستطع، ومن ثم تم إلقاء القبض عليه في الفندق هناك.
ورغم الطابع الرسمي لاعترافات الجاني، إلا أن موجة واسعة من التشكيك الشعبي ارتبطت بتفاصيل حادث إلقاء القبض، نظرا للتضارب في المعلومات التي رافقت جريمة القتل، حيث قيل أولا، إن الجاني له صلة بالعائلة المغدورة وإنه قام بنحر رقاب الضحايا واغتصاب الفتاة وتقطيع أطرافهم. لكن الرواية الرسمية نفت ذلك. وكذلك فعل أقارب الضحية في محافظة السليمانية.
وتعليقا على جريمة قتل عائلة رؤوف كتب قاضي النزاهة السابق رحيم العكيلي عبر «الفيسبوك» أن «الجريمة الجنائية تكشف خلال ساعات، من وقوعها، أما الجرائم ذات الخلفية السياسية فتقيد ضد مجهول».
ولم يستبعد ناشطون الطابع السياسي لجريمة القتل بالنظر لأن الفقيدة الصيدلانية شيلان رؤوف كان لها نشاط ملحوظ في احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وشكك المحامي وعضو اللجنة القانونية في البرلمان فائق الشيخ علي، علنا بالرواية الرسمية المتعلقة بطبيعة الجاني وعملية إلقاء القبض عليه، ولمح عبر تغريدة في «تويتر» إلى إمكانية تورط الفصائل المسلحة في الحادث وقال بلهجة شعبية: «‏الميليشيات تريد (أن) تقنعني بأن واحد سلاب متعاطي (مخدرات) ابن شوارع قتل شيلان وأمها وأباها بتسلسل روائي وبسكينة، بسبب جم (كم) دينار طلبها من أبوها؟!».
‎وأضاف «ولمَنْ قتل؟ قتل ناشطة مدنية ومسعفة لشهداء وجرحى ثورة تشرين! تسواه وتسوه (تتفوق عليه وعلى) الميليشيات وكل أحزاب السلطة ومَنْ وراءها، عيب... بطلوا جذب (كذب)».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.