عملاق صيني جديد بعالم الهواتف الذكية في وقت قياسي

«شياومي» احتلت الصدارة في الصين وأصبحت ثالث أكبر مصنع للهواتف في العالم

عملاق صيني جديد بعالم الهواتف الذكية في وقت قياسي
TT

عملاق صيني جديد بعالم الهواتف الذكية في وقت قياسي

عملاق صيني جديد بعالم الهواتف الذكية في وقت قياسي

جرت العادة داخل الصين على أن طرفي حرب الهواتف الذكية هما «سامسونغ» و«آبل»، لكن هذا الوضع تبدل الآن.
خلال الصيف، نجحت الشركة الصينية «شياومي» في احتلال المرتبة الأولى داخل السوق الصينية التنافسية للهواتف الذكية، وأصبحت ثالث أكبر مصنع للهواتف عالميا.
تعود بداية الشركة لعام 2010 عندما تأسست باعتبارها شركة ناشئة بمجال بيع هواتف ذكية بأسعار منخفضة عبر شبكة الإنترنت، وبالتالي جاء دخول «شياومي» مجال المنافسة متأخرا بوضوح. وقد تزامن طرح الشركة لأول هواتفها في الأسواق مع طرح «آيفون 4إس».
ومع ذلك، تمكنت الشركة عبر انتهاج استراتيجية إعلامية ذكية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وخطة تجارية ركزت على بيع الخدمات التي تعمل على الهاتف، من بناء أرضية جيدة لها في أوساط الشباب الصينيين وعاشقي الصيحات الجديدة.
وتشير تقديرات صادرة عن شركة «آي دي سي» البحثية إلى أنه من المتوقع بيع 500 مليون هاتف ذكي داخل الصين خلال عام 2015 - ما يفوق 3 أضعاف الرقم المتوقع داخل الولايات المتحدة. وعليه، فإن «شياومي» مؤهلة لتعزيز مكانتها كواحدة من أقوى شركات إنتاج الهواتف الذكية داخل أهم سوق في العالم بهذا المجال.
حاليا، يأمل مؤسسا الشركة، وهما رجل الأعمال الصيني، لي جون، والمسؤول التنفيذي السابق لدى «غوغل»، لين بين، في أن تمكنهما هذه المكانة الرفيعة من الانتقال بمنتجات الشركة نحو العالمية.
ورغم أن «شياومي» تبيع منتجاتها دوليا بالفعل، فإن العام المقبل سيمثل اختبارا حقيقيا لقدرتها على الاستمرار في صعودها لما وراء الصين. وفي الوقت الذي ينأى فيه لي ولين عن الدخول لأسواق مثل الولايات المتحدة وأوروبا، فإنهما يتطلعان نحو الدول النامية الكبرى مثل البرازيل والهند، ويأملان في استغلال شبكات التجارة الإلكترونية لبيع هواتف منخفضة السعر ومرتفعة الجودة وإعادة إنتاج قصة نجاحهما.
بيد أن الأمر لا يخلو من تحديات كبيرة، فمثلا لا تملك «شياومي» بعد محفظة براءات اختراع، ما يجعلها عرضة لدعاوى قضائية من منافسيها. الأسبوع الماضي، تم منع الشركة مؤقتا من العمل داخل الهند بسبب شكوى تتعلق ببراءة اختراع تقدمت بها شركة «إريكسون» السويدية العاملة بمجال الاتصالات عن بعد. والملاحظ أن شركات إنتاج هواتف منخفضة التكلفة أخرى من الصين تراودها نفس فكرة الدخول لمثل هذه الأسواق الناشئة.
من جهته، قال لين خلال مقابلة أجريت معه مؤخرا: «بيع الهواتف الذكية للمستخدمين بداية طيبة، لكنها ليست نهاية طموح النشاط التجاري، إنها في الواقع بداية هذا النشاط، فبعد أن يشتري المستخدم الهاتف ويبدأ في استخدامه ويبدأ تخليق قيمة إضافية، بالنسبة للمستخدمين ولنا».
ونظرا للتشابهات الواضحة بين احتفالات كشف النقاب عن منتج «شياومي» واحتفالات «آبل» المصممة بدقة عبر وسائل الإعلام، اشتهرت «شياومي» بلقب «آبل الصين» وهو ما اعتبره الكثيرون مؤشر نجاح للشركة الصينية لطرحها منتجات رخيصة تعد تقليدا لهواتف «آبل» و«سامسونغ» رفيعة المستوى.
بيد أن «شياومي» أكبر من مجرد مقلد، ذلك أنها نجحت عبر نموذجها التجاري وسياساتها التسويقية في التفوق على جميع العناصر المنضمة حديثا للسوق الصينية.
وحظيت الشركة بإشادات واسعة داخل الصين نتيجة توجهها التسويقي المعتمد على شبكة الإنترنت، والذي شرع منافسوها في محاكاته الآن. يذكر أن شركتي «هواوي» و«زد تي إي» المشهورتين بمجال إنتاج معدات الاتصال عن بعد لدى كل منهما حاليا خطوط هواتف تبيعانها بصورة رئيسة عبر الإنترنت. كما تركز شركات مثل «وان بلس» و«سمارتيزان» على المنتجات ذات التصميم الجيد والعناصر رفيعة المستوى، وتبيعها بأسعار منخفضة نسبيا.
إلا أن التقليد قد ينطوي على أخطار كثيرة، حيث أوضح محللون أن «هواوي» و«لينوفو» قد تستغلان سيطرتهما على تصنيع الأجزاء التي تدخل في صناعة الهواتف لنيل ميزة على صعيد التكلفة. كما أن الأسماء الجذابة الحديثة من الصعب الاحتفاظ بها. مثلا، اختار لو يونغهاو، لشركته «سمارتيزان»، اسما يشبه لحد كبير أسماء عروض كوميدية تحظى بشعبية واسعة.
ومن الواضح أن «شياومي» تحظى باحترام منافسيها. على سبيل المثال، أعرب لي نان، نائب رئيس شركة «ميتسو» المنافسة، التي بدأت مع مطلع الألفية الثانية وتخصصت في صناعة الأجهزة الرقمية التي تشغل الموسيقى وتستهدف عملاء أكبر سنا وأكثر ثراء عن عملاء «شياومي»، عن اعتقاده بأن ولاء عملاء «شياومي» لها أشبه بدرجة الولاء الديني.
وقال: «محبو شياومي يتسمون بدرجة عالية من التنظيم، وهم يعشقون شياومي لدرجة الوله».
من بين هؤلاء العشاق هان يو، 24 عاما، الذي يدرس لنيل درجة الماجستير. ويعاون يو، وعشرات الآلاف غيره، الشركة على اختبار واجهة المستخدم وعبر طرح مقترحات. ويتولى هان مسؤولية الإشراف على عدة صفحات بالمنتدى الإلكتروني التابع للشركة، الذي يظهر به 200.000 ملصق يوميا في المتوسط ويعد وسيلة لتفاعل العملاء مع الشركة.
الواضح أن جزءا كبيرا من حياة هان الشخصية يدور حول «شياومي»، حيث أشار إلى أنه التقى الكثير من أصدقائه عبر منتدى الشركة. وقال إنه شعر بالفخر عندما أقرت الشركة اقتراحه بخلق ملف للصور شخصية بالهواتف. وقال هان: «أستمتع بالفعل بشعور المشاركة». ورغم جني «شياومي» عائدات من وراء بيع الهواتف، فإنها تخطط لزيادة أرباحها من خلال بيع خدمات مثل مواد ترفيهية وتطبيقات تتعلق بالهواتف. كما بدأت الشركة بالفعل في بيع خدمات أخرى، مثل التلفاز الذكي وحاسب لوحي.
وما تزال الجهود التسويقية لـ«شياومي» تجتذب اهتماما كبيرا. وبعد اجتماع تنفيذي في ديسمبر (كانون الأول)، اقترح لين عقد منافسة بدنية بين مسؤولي الإدارة.
وبالفعل، يبدو المسؤولون التنفيذيون لدى «شياومي» مختلفين عن نظرائهم التقليديين بالشركات الصينية الأخرى، الذين نادرا ما يظهرون خارج قاعات المؤتمرات الرسمية.
نهاية الأمر، خسر لين، لكن ظلت المنافسة نصرا إعلانيا. وسرعان ما انتشرت صور المنافسة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وجرى التشارك فيه عبر موقع «ويبو» أكثر من 3.000 مرة خلال الساعات الـ24 الأولى.
ورغم كل نجاحاتها، تلوح أكبر التحديات في مواجهة «شياومي» من خارج الصين. في سبتمبر (أيلول) 2003. استعانت الشركة بهوغو بارا، وهو صديق قديم للين من «غوغل»، لقيادة التوسع الدولي للشركة. وعبر الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي في نشر أخبار إطلاق المنتجات الجديدة والحفلات، نجح بارا في الدخول لعدد من الأسواق في آسيا.
ورغم ارتباط النموذج التجاري لـ«شياومي» بعدد من العناصر التي تنفرد بها الصين، أعرب لين عن اعتقاده بأن النموذج قادر على النجاح في الخارج. وأشار إلى أن الشركة تستهدف أسواقا بها أعداد ضخمة من السكان وبنية تحتية متطورة للتجارة الإلكترونية وشركات اتصالات عن بعد ضعيفة. وتتسم النقطة الأخيرة بأهمية خاصة لأنه إذا توافرت جهات ضخمة توفر الخدمة بدعم كبير، فإن الميزة التي تحظى بها «شياومي» من وراء بيع هواتف رخيصة ستتلاشى.
وأوضح لين أنه: «أعتقد أن الصين هي رقم واحد، تليها الهند وبعدها إندونيسيا، ثم البرازيل وروسيا. أما الدول المتقدمة التي تتسم بشبكات خاضعة لسيطرة محكمة فلا تأتي بين الدول الـ5 الكبرى».
وتتسم جميع الدول التي ذكرها لين بأعداد سكان ضخمة لم يشتر غالبيتهم بعد هواتف ذكية، ما يعني توافر فرصة كبرى أمام «شياومي». ومع ذلك، ينبه محللون لضرورة تعديل الشركة لسياساتها كي تتوافق مع المتطلبات المحلية لكل سوق. مثلا، داخل الهند، سعت «شياومي»، قبل قرار المحكمة بوقف عملها، للتعاون مع شركة «فليبكارت» المحلية المعنية بالتجارة الإلكترونية. إلا أنه تعين عليها مواجهة منافسة شرسة من عدة شركات هندية محلية منتجة للهواتف تحارب من أجل الصعود، مثلما فعلت «شياومي» داخل الصين.
يذكر أن جولة جديدة من جمع الأموال ربما ترفع قيمة «شياومي» بدرجة هائلة لمستوى يتراوح بين 30 و40 مليار دولار، مما يضعها في مرتبة أعلى من منافستها الأشهر «لينوفو»، تبعا لما أفاده مصدر مطلع. وقد بدأت المصارف الاستثمارية بالفعل في التودد للشركة قبيل طرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي، الذي ترى مصادر داخل الشركة أنه ربما تأخر لسنوات.
* خدمة «نيويورك تايمز»



النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.