أنقرة تتهم دمشق بـ«الاعتداء» على نقاطها جنوب إدلب

مظاهرة موالية للنظام السوري قرب نقطة تركية بين حماة وإدلب أمس (أخبار حماة)
مظاهرة موالية للنظام السوري قرب نقطة تركية بين حماة وإدلب أمس (أخبار حماة)
TT

أنقرة تتهم دمشق بـ«الاعتداء» على نقاطها جنوب إدلب

مظاهرة موالية للنظام السوري قرب نقطة تركية بين حماة وإدلب أمس (أخبار حماة)
مظاهرة موالية للنظام السوري قرب نقطة تركية بين حماة وإدلب أمس (أخبار حماة)

تصاعد التوتر في إدلب، أمس (الأربعاء)، في الوقت الذي بحث فيه وفدان تركي وروسي في أنقرة لليوم الثاني على التوالي التطورات في المحافظة الواقعة شمال غربي سوريا والملف السوري بشكل عام.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية تعرض إحدى نقاط المراقبة التابعة لها في منطقة شمال غربي سوريا للاعتداء، متهمة نظام الرئيس بشار الأسد بالوقوف خلف هذا الهجوم.
وقالت الوزارة، في بيان، إن عناصر موجهة من النظام السوري يرتدون ملابس مدنية اقتربوا اليوم (أمس الأربعاء) من عدد من النقاط العسكرية التابعة للجيش التركي في إدلب، هي النقاط من الثالثة إلى التاسعة، واعتدوا على النقطة السابعة، الواقعة في مدينة مورك بريف حماة الشمالي، قبل أن يجري تفريقهم بعد اتخاذ التدابير اللازمة. وفي الوقت ذاته، أطلقت القوات التركية المتمركزة في نقطة الصرمان بريف معرة النعمان، قنابل مسيلة للدموع، لتفريق وقفة احتجاجية نفذها عشرات من الموالين للنظام السوري. كما نفذ عشرات من الموالين للنظام السوري وقفة احتجاجية أمام النقطة التركية في مورك الخاضعة لسيطرة قوات النظام بريف حماة الشمالي، وذلك للمطالبة بخروج الأتراك من الأراضي السورية، رافعين صوراً لرئيس النظام السوري بشار الأسد، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ووفقاً لمصادر المرصد، فإن الوقفة الاحتجاجية دعا إليها «حزب البعث» حيث سُربت تسجيلات صوتية تطالب «قيادات الأفرع وأمناء الفرق» التابعة للحزب والفعاليات الشعبية بالخروج في وقفة احتجاجية أمام النقطة التركية، مع إلزامية اللباس المدني للحضور.
وبثّت مواقع قريبة من النظام صوراً لتلك المظاهرة تظهر تجمع عشرات من الأشخاص يرتدون ملابس مدنية قرب نقطتي الجيش التركي في «مورك» شمال حماة و«الصرمان» شرق إدلب، كما بثت مقطعاً مصوراً قالت إنه لإلقاء الجيش التركي قنابل مسيلة للدموع لتفريق تلك العناصر.
وسيطرت قوات النظام بدعم روسي وإيراني في أغسطس (آب) الماضي على قرى وبلدات ريف حماة الشمالي، وذلك بعد معارك استمرت أسابيع.
ولليوم الثاني، نفذت مقاتلات روسية هجمات استهدفت محاور بينين والرويحة في ريف إدلب الجنوبي، تزامناً مع تحليق لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء المنطقة. كما تجدد القصف الصاروخي المكثف، من قبل قوات النظام على ريف إدلب الجنوبي؛ حيث تستهدف مناطق في البارة ودير سنبل وبينين وحرشها وكنصفرة وسفوهن والفطيرة والحلوبة وفليفل، وسط تحليق لطائرات استطلاع في الأجواء.
في غضون ذلك، تحدثت تقارير عن رفض المسؤولين الأتراك عرضاً قدمه الوفد الروسي الموجود حالياً في أنقرة بشأن نقاط المراقبة التركية المنتشرة في محافظة إدلب.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصادر، لم تسمها، أن الوفد الروسي قدّم خلال الاجتماع الذي عقد، الثلاثاء، في مقر وزارة الخارجية التركية مقترحاً ينص بتخفيض عدد نقاط المراقبة التركية في محافظة إدلب، مؤكدة أنه لم يتم التوصل إلى تفاهم بهذا الشأن.
وأضافت المصادر أنه بعد رفض الجانب التركي سحب نقاط المراقبة من إدلب وإصراره على إبقائها، اقترح الجانب الروسي تخفيض عدد القوات التركية الموجودة في المنطقة وسحب الأسلحة الثقيلة منها.
وأشارت إلى أن الجانبين بحثا، خلال اجتماع وفدي البلدين العسكريين الذي تواصل أمس (الأربعاء)، ذلك المقترح، وآلية تقليص عدد القوات التركية وسحب المعدات العسكرية الثقيلة من المنطقة.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن وفدين عسكريين تركي وروسي سيعقدان اجتماعاً لبحث تطورات الأوضاع في إدلب بمقرها في أنقرة، دون أن تتطرق لتفاصيل.
وأنشأت تركيا 68 نقطة مراقبة عسكرية في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، منذ اتفاق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه مع روسيا وإيران في مباحثات آستانة في أكتوبر (تشرين الأول) 2017. لكنها توسعت كثيراً في نشر نقاط المراقبة في إدلب منذ فبراير (شباط) الماضي بعد هجوم للنظام على إحدى نقاط مراقبتها أسفر عن مقتل 33 جندياً.
وبحسب مصادر تركية، فإن أنقرة تعمل على تثبيت الوضع الحالي في إدلب على ما هو عليه حيث نشرت نقاط مراقبتها العسكرية في جميع محاورها، ونقلت إليها أكثر من 13 ألف جندي مزودين بالأسلحة الثقيلة والمعدات.
وانطلق أول من أمس في وزارة الخارجية التركية اجتماع للتشاور بين الجانبين التركي والروسي بشأن سوريا وليبيا، ضمّ مسؤولين من وزارات الدفاع والخارجية وجهازي المخابرات في البلدين، سبق أن عقد جولته الأولى في موسكو قبل أسبوعين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.