محللون يتوقعون فتح اتفاقيات السلام آفاقاً جديدة في الشرق الأوسط

بيلوسي: مجلس النواب سيواصل دعم سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين

TT

محللون يتوقعون فتح اتفاقيات السلام آفاقاً جديدة في الشرق الأوسط

غداة مراسم التوقيع على معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل بالبيت الأبيض لتعزيز السلام في الشرق الأوسط، أجرى وزير الخارجية الإماراتية عبد الله بن زايد مباحثات مع نظيره الأميركي مايك بومبيو صباح أمس (الأربعاء)، بمقر الخارجية الأميركية، كما التقى بومبيو مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد.
وتوالت ردود فعل مشجعة داخل الأوساط السياسية الأميركية، حول الاتفاقات الإسرائيلية والإماراتية والبحرينية والترحيب بجهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أحلال السلام، والتفاؤل في تغيير وجه الشرق الأوسط وإحلال السلام، وجلب مزيد من الدول العربية إلى توقيع اتفاقات سلام مع دولة إسرائيل، وإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية.
ويشير المحللون والخبراء إلى أن النجاح الذي حققه الرئيس ترمب، يعزز من فرص إعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تضيق الفجوة مع منافسه الديمقراطي جو بايدن. ويشيرون إلى ما تحققه الاتفاقات من إمكانات مشتركة للتقنيات الإسرائيلية والقوة المالية لأبوظبي، في فتح آفاق جديدة في الشرق الأوسط. كما سيكون من المثير للاهتمام معرفة مصير الفلسطينيين، وهم في حاجة متزايدة إلى تماسك داخلي أكبر للعب أي دور والحصول على مزايا وتنازلات دبلوماسية من جانب إسرائيل. في حين يبدو أن الدول العربية، تتجه بشكل متزايد نحو إسرائيل للوقوف ضد إيران وأطماعها في الشرق الأوسط.
من جانبه، رفض دينيس روس، المبعوث الأميركي السابق للمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، مقارنة الاتفاقيتين التاريخيتين السابقتين بين إسرائيل مع الأردن ومصر. وقال «تلكما كانتا دولتين خاضتا حروباً مع إسرائيل. وهذه دول ليس لها حدود مشتركة مع إسرائيل ولم تشارك أبداً في النزاعات السابقة».
ووصف روس توقيعات اتفاقات السلام والتطبيع يوم الثلاثاء بالبيت الأبيض، بأنها «اختراق نفسي». وقال «ما سيتم التوقيع عليه في البيت الأبيض لن يكون معاهدة سلام كاملة؛ لأنه لا يزال يتعين على الإسرائيليين والإماراتيين التفاوض على جميع التفاصيل. ولهذا السبب هذا هو أكثر من مجرد حدث رمزي».
ويوضح روس أنه في حين أن الصفقات تمثل فوزاً للأطراف المعنية، إلا أنها تأتي كخسارة للفلسطينيين، الذين ينظرون إلى صفقة الدول العربية للتعامل مع إسرائيل على أنها خيانة لقضية الدولة الفلسطينية. وقال «إنه يبعث برسالة إلى الفلسطينيين مفادها، أن دولاً أخرى في المنطقة ستضع مصالحها الوطنية أولاً، وليس أنهم لا يهتمون بالفلسطينيين».
وقد شدد جاريد كوشنر، الذي لعب دوراً رائداً في جهود الإدارة في الشرق الأوسط، كثيراً في تصريحاته الصحافيين، أن الاتفاقيات تعد «تتويجاً لأربع سنوات من العمل العظيم للرئيس ترمب». وقال «لقد تمكنا من التوسط في هذا الاختراق على مستوى القيادة، والآن سيجتمع الناس معاً على مستويات العمل، لبدء الحديث من خلال بعض الفرص».
في مقاله بجريدة «نيويورك تايمز» صباح الأربعاء قال توماس فريدمان «لقد أبرمت كل من مصر والأردن اتفاقيتَي سلام مع إسرائيل لإنهاء حالة الحرب بينهما، لكن التجارة والسياحة والاستثمارات المتبادلة كانت محدودة. والآن تقوم إسرائيل والإمارات وإسرائيل والبحرين، بتطبيع العلاقات بينهما لأنهم يريدون التجارة والسياحة والاستثمار، وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية ضد إيران».
ويضيف «عندما تقرر الإمارات العربية المتحدة، الدولة العربية الأكثر تقدماً وعولمة من الناحية التكنولوجية، التعاون مع أكثر الدول غير العربية تقدماً من الناحية التكنولوجية والعولمة في المنطقة، وهي إسرائيل، أعتقد أن الطاقات الجديدة سيتم فتحها، وإقامة شراكات جديدة يجب أن تكون جيدة لكل من العلاقات بين البشر بين العرب واليهود والمسلمين، وإذا نجحت، فإنها ستخلق نموذجاً بديلاً لمحاكاة نموذج المقاومة الإيرانية الدائمة، الذي ساعد فقط على ظهور دول فاشلة في لبنان وسوريا وغزة والعراق وإيران».
ويقول ديفيد ماكوفسكي، الخبير في العلاقات العربية - الإسرائيلية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن صنع السلام مع إسرائيل كان «تأميناً جيداً ضد المخاطر السياسية» لدولة الإمارات العربية المتحدة. فإذا فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة، فإن هذا الاتفاق مع إسرائيل «يمكن أن يعوض التوترات مع الديمقراطيين في الكونغرس، بشأن عداء الإمارات لاتفاق أوباما النووي مع إيران وتدخلها في اليمن».
ويوضح جون الترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الاتفاقات جاءت تتويجاً لسنوات من الدبلوماسية الصبورة خلال الإدارات الأميركية السابقة على مدار الأشهر والسنوات». وأوضح أن الإمارات تمكنت من انتزاع تنازلات مفيدة في سياق مصافحة الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأشاد ديفيد ورمسر، الذي شغل منصب مستشار نائب الرئيس السابق ديك تشيني لشؤون الشرق الأوسط، بالاتفاقات، مؤكداً أنها تحمل آفاقاً جيدة ليس فقط لإسرائيل، لكن للشرق الأوسط والولايات المتحدة ومعظم دول العالم. وأوضح ورمسر، أن الدافع الرئيسي لقرار الإمارات والبحرين والدول العربية، تطبيع العلاقات مع إسرائيل، هو التهديد الذي يراه العالم العربي من إيران. وأكد الباحث السياسي المخضرم، أن هذه الاتفاقات وإقامة سلام مع إسرائيل، من شأنه أن يؤدي إلى تحسن كبير في حياة الفلسطينيين، مع فرص جديدة للتجارة والوظائف والتعاون الإقليمي.
ويقول جيمس كارافانو، الباحث بمعهد هيراتيج، إن مقاربة ترمب غير التقليدية للسياسة الخارجية أتت ثمارها ويرفض منتقدوه الاعتراف بذلك، ويغض الجميع الطرف عن إنجازاته. فقد كان التفكير التقليدي هو أن كل التقدم الدبلوماسي هناك يتوقف على التوسط في اتفاقية سلام دائم بين الفلسطينيين وإسرائيل، لكن الرئيس ترمب رفض فكرة أن يحصل الفلسطينيون على حق النقض في كل شيء ولم يكن متهوراً، كما يقول خصومه السياسيون، بل تبدو أحكامه واعية بالمخاطر أكثر من كونها محفوفة بالمخاطر، وتبنى ترمب نهجاً أكثر حكمة استمر في حماية المصالح الأميركية ودعم أصدقائنا في المنطقة».
في المقابل، رفضت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الاتفاقات الموقعة في البيت الأبيض، ووصفتها بأنها «تشتيت انتباه» من قبل ترمب عن جائحة فيروس كورونا، وشكت من عدم معالجة القضية الفلسطينية. وقد رحبت بيلوسي بتوقيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والبحرين والإمارات العربية المتحدة، لكنها أعربت أيضاً عن قلقها بشأن احتمال بيع طائرات إف - 35 للإمارات. وتعهدت بيلوسي في بيان، بضمان أن تتمكن إسرائيل من الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي.
وقالت بيلوسي «سيواصل مجلس النواب دعم سلام حقيقي ودائم بين إسرائيل والفلسطينيين، والذي يجب، كما جاء في قرار مجلس النواب رقم 326، (أن يؤيد صراحة حل الدولتين كهدف له، ويثبط الخطوات التي يتخذها أي من الجانبين والتي من شأنها أن تضع نهاية سلمية الصراع بعيد المنال، بما في ذلك ضم أحادي الجانب للأراضي أو جهود لتحقيق وضع الدولة الفلسطينية خارج إطار المفاوضات مع إسرائيل)».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.