لطالما اشتهر الأرجنتيني مارسيلو بيلسا بخططه الصارمة القوية، ولم يتوقع أحد من الأساس أن يتبدل هذا التوجه ليعطي الحرية للاعبيه، ما جعل ليدز يونايتد فريقاً خطيراً وجديراً بالاحترام.
أو على الأقل هكذا ما بدا عليه الأمر أثناء مباراة السبت الافتتاحية التي خاضها ليدز أمام ليفربول وانتهت بفوز الأخير 4 – 3، ما يوحي بأنه انتصار تحقق بشق الأنفس على أرض استاد أنفيلد، السبت. هيمن على متابعي المباراة شعور قوي بوجود حركة نشطة ودؤوبة في جميع الاتجاهات داخل أرض الملعب تجذب الحواس. جدير بالذكر هنا أن لاعب قلب دفاع نادي بوكا جونيورز، خوان سيمون سبق وأن وصف تجربة اللعب أمام فريق يتولى بيلسا تدريبه بأنها تشبه تعرض المرء للدهس من جانب جرار. وقد بدا الأمر كذلك بالفعل لدى مشاهدة أداء ليدز يونايتد، خاصة أمام فريق آخر معروف بإصراره الشديد على الضغط والهجوم بقيادة المدرب يورغن كلوب.
ومع هذا، تساور البعض من مسؤولي اتحاد الكرة الأرجنتيني المخاوف من أن الصبغة «البيلسية» التي طغت على كرة القدم المحلية وأضرت نهاية الأمر بالكرة الأرجنتينية، وأنها أولت الأولوية الأولى للسرعة والضغط على أي شيء آخر، وأنها لدى تنفيذها من جانب لاعبين أدنى مستوى تتحول لمجرد ركلات وجري محموم. وقارن بعض المسؤولين الأرجنتينيين هذا النمط من كرة القدم بالكرة التي سادت «الأدوار الأدنى من بطولة الدوري الإنجليزي خلال ثمانينيات القرن الماضي»... واللافت أن هذه العبارة جرى التفوه بها بنبرة ازدراء واضحة. أما الرد الأمثل على مثل هذا الحديث، فهو الإشارة لمثل هذه المباراة التي جرت بين ليدز يونايتد وليفربول والتي أظهرت ما يمكن أن يصبح عليه الأمر لدى اعتماد خطة لعب تقوم على الضغط ينفذها لاعبون بارعون.
ومع هذا، فإنه مع انحسار هالة الانبهار الأولى، تبقى لدى المرء بعض المخاوف، فرغم أن ليدز يونايتد خسر نهاية الأمر بسبب ركلة جزاء احتسبت في الدقيقة 88 من المباراة، فإن ليفربول صوب 22 مرة بينما صوب الأخير الكرة ست مرات فقط. وأشارت معظم نماذج «إكس جي» إلى فوز ليفربول بنسب تقدر بحوالي 3.25 إلى 0.25. وقد نجح ليدز يونايتد في تسجيل أهدافه من كراته الثلاث التي صوبها على مرمى المنافس، وبطرق متشابهة في الارتداد الهجومي السريع بأكثر من لاعب. وربما تكون الخطة رائعة للمتفرج لكنها بالطبع مجهدة للاعبين، وسيظهر ذلك خلال الجولات المقبلة.
من جهته، بدا بيلسا واعياً جيداً لهذه النقطة، وذلك عندما انتقد مسألة خلق لاعبي ليدز عددا قليلا للغاية من الفرص رغم الاستحواذ. وجاء الهدف الذي سجله فيرجيل فان دايك برأسه نتيجة خطأ واضح في مراقبته أثناء لعبه من نقطة ثابتة. ورغم أن مدى استحقاقية ركلة الجزاء الأولى تبقى مبهمة، بالنظر إلى ارتداد الكرة من فخذ روبين كوخ إلى ذراعه، فإن ركلة الجزاء الثانية جاءت نتاج رعونة وتصرف طائش دون داعٍ من جانب رودريغو.
من ناحية أخرى، يعتبر نجاح ليدز يونايتد في التصدي لـ13 محاولة هجومية، ما يزيد على ضعف الإجمالي الذي حققه ليفربول وفرق الدوري الممتاز الأربعة التي لعبت في وقت سابق خلال اليوم الأول معاً، أمرا مبهرا للغاية يكشف عن مستوى كبير من التفاني وبراعة في اختيار نقاط تمركز اللاعبين بالقرب من المنافسين.
بيد أنه على الجانب الآخر، يعني ذلك أنه مرت لحظات كانت ديناميكية المباراة أشبه بمواجهة في بطولة كأس - فريق صغير يلقي كل شيء على المحك - وهذا توجه خطير على المدى الطويل. في الواقع، ربما يكون السبب وراء المخالفة التي ارتكبها رودريغو في وقت متأخر من المباراة إلى الطبيعة المحمومة للدفاع التي اتبعها ليدز يونايتد، الفريق المنضم حديثاً إلى الدوري الممتاز والذي يبدو حريصاً للغاية على إظهار أنه لا يقل تفانياً وحماساً عن باقي فرق البطولة.
وربما لا يهم ذلك، فليفربول في النهاية ليس المنافس الرئيسي لليدز هذا الموسم. وقد كان الناديان بعيدين كل البعد عن عالمي بعضهما البعض خلال المباراة الافتتاحية للموسم الماضي، عندما قدم ليفربول أداءً غير مقنع بعض الشيء أمام فريق صاعد حديثاً هو نوريتش، ومع ذلك بحلول نهاية الشوط الأول كان متقدماً بنتيجة 4 - 0.
وأثارت نتيجة 4 - 3 التي تمخضت عنها المباراة في الأذهان ذكريات فوز ليدز يونايتد أمام ليفربول خلال بطولة درع الاتحاد الإنجليزي عام 1992، وهي مباراة يبدو اليوم وأنها شكلت نهاية حقبتين في تاريخ الناديين. خلال المباراة، سجل إريك كانتونا ثلاثية من الأهداف، ومع ذلك رحل عن ليدز بعدها بثلاثة شهور. أما ليفربول، فقد بدأ مرحلة التداعي تحت قيادة غرايم سونيس. ومع هذا، بدت المواجهة الأخيرة حدثاً أكثر إيجابية للناديين.
من جانبه، ربما يساور ليفربول القلق إزاء الأهداف الثلاثة التي اخترقت شباكه، لكن هذا لا ينفي أنهم خضعوا لاختبار يختلف عن كل ما واجهوه الموسم الماضي وكانوا أكثر هيمنة خلال المباراة بكثير عما توحيه النتيجة النهائية. في المقابل، نجح ليدز يونايتد في أن يدمي أنف البطل. ورغم أن المنافسة بين الفريقين لم تكن وثيقة بالدرجة التي توحي بها النتيجة (4 - 3) تظل الحقيقة أن ليدز يونايتد تمكن من الصمود بوجه الفريق الذي كان الأفضل على مستوى البلاد الموسم الماضي. وأثبت ليدز أنه ليس مجرد فريق صاعد حديثاً لبطولة الدوري الممتاز يشعر بالفزع أمام الأندية الكبرى؛ وهذا في حد ذاته أمر يستحق الثناء.
ليدز فريق صاعد حديثاً لكنه لا يشعر بالفزع أمام الكبار
أزعج ليفربول في اللقاء الافتتاحي... وخطط بيلسا قد ترهق لاعبيه مع استمرار المباريات
ليدز فريق صاعد حديثاً لكنه لا يشعر بالفزع أمام الكبار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة