تضارب حول كيفية سقوط طائرة {إف 16} أردنية في الرقة

{داعش} أسر أحد طياريها .. وشقيقه لـ «الشرق الأوسط»: نطالب بإطلاق سراحه فورا * محاولة إنقاذ فشلت

صورة مأخوذة من مواقع لـ{داعش} تظهر أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة (أ.ب)
صورة مأخوذة من مواقع لـ{داعش} تظهر أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة (أ.ب)
TT

تضارب حول كيفية سقوط طائرة {إف 16} أردنية في الرقة

صورة مأخوذة من مواقع لـ{داعش} تظهر أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة (أ.ب)
صورة مأخوذة من مواقع لـ{داعش} تظهر أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة (أ.ب)

ساد الحزن المجتمع الأردني بمجرد الإعلان عن أسر الطيار الأردني معاذ صافي الكساسبة على يد تنظيم داعش أمس بمنطقة الرقة السورية.
وتابع الشعب الأردني بكل فئاته تفاصيل قضية أسر الطيار الشاب الذي يبلغ من العمر 26 عاما.
وكانت دعوات في المجتمع الأردني المتصف بالعشائرية التكافلية طالبت بضرورة الوقوف إلى جانب الكساسبة باعتباره «بطلا وأسير وطن»، كما حرصت الحكومة على إعلان التعاطف مع الطيار الأسير ومع عائلته.
والطيار الكساسبة يقطن في بلدة عي بمحافظ الكرك جنوب الأردن، وهو متزوج منذ 5 شهور فقط. ونقل عن والد الطيار «صافي الكساسبة» أن آخر المعلومات التي وردت إليه تقول إن ابنه محتجز الآن في أحد مساكن الرقة، دون أن يسمي المصادر التي نقلت إليه المعلومة. وذكر أن القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أبلغته بخبر إسقاط طائرة نجله في سوريا وأنها تبذل جهدها لإعادة الطيار معاذ إلى أرض الوطن.
يذكر أنه بعد أن استولى التنظيم على أسلحة في العراق طرد مقاتلوه معظم المسلحين المنافسين من المحافظة السورية في وقت سابق هذا العام، وسيطروا على عدد من القواعد العسكرية الحكومية خلال فصل الصيف، ومن بينها قاعدة جوية.
ومن المعروف أن التنظيم لديه مخزون من صواريخ «إيغلا» المضادة للطائرات روسية الصنع. وكانت هذه الصواريخ التي تطلق من على الكتف موجودة منذ زمن في ترسانات الجيشين السوري والعراقي، واستخدمت، على سبيل المثال، خلال حرب الخليج عام 1991 من قبل القوات العراقية لإسقاط طائرات «تورنادو» البريطانية. وفي الآونة الأخيرة، استخدمها مسلحون في الشيشان لإسقاط طائرات هليكوبتر روسية. ويقول مطلعون من المعارضة السورية إنه كانت هناك 4 طائرات أردنية مهاجمة، أصيبت إحداها وعادت الأخرى، وإن نوع الطائرة على الأغلب هو «إف 16».
من جهة أخرى، أكدت مصادر رسمية أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني التقى أمس بوالد الطيار الأسير في مقر قيادة الجيش. وقالت المصادر إن الملك أبلغ والد الأسير أنه يتابع باهتمام بالغ قضية ولده الأسير، مؤكدا حرصه والقوات المسلحة على عودة الطيار إلى عائلته سالما. وقال جواد الكساسبة شقيق الطيار لـ«الشرق الأوسط»: «شقيقي ليس له أغراض سياسية، وهو ملتزم بأداء فرائض الصلاة، ونطالب (داعش) بإطلاق سراح شقيقي». وأوضح أن «جلالة الملك أبلغنا أن الطيار معاذ هو ابنه أيضا وإن شاء الله سيعود إليكم سالما».
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردني الدكتور محمد المومني إن «الطيار الأردني الكساسبة نموذج للبطولة والفداء». وأضاف الوزير: «إننا نتعاضد جميعنا مع أهله وعشيرته وزملائه في السلاح»، مؤكدا أن «جيشنا قوي وبطولات الجنود الأردنيين تشهد لها ساحات المعارك». ولفت إلى أن «كل الأردنيين يقفون صفا واحدا مع جنود الجيش العربي البواسل في مسعاهم الطهور للحفاظ على شرف الأمة وخدمة التراب الوطني». وتابع أن «الحرب على الإرهاب مستمرة ومعركتنا ضده من أجل الدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف». وأعلنت قيادة الجيش الأردني عن سقوط إحدى طائراتها في منطقة الرقة، وقالت في بيان: «أثناء قيام عدد من طائرات سلاح الجو الملكي الأردني بمهمة عسكرية ضد أوكار تنظيم داعش الإرهابي في منطقة الرقة السورية صباح الأربعاء، سقطت إحدى طائراتنا وتم أخذ الطيار رهينة من قبل تنظيم داعش الإرهابي». وتابع البيان: «من المعروف أن هذا التنظيم لا يخفي مخططاته الإرهابية، حيث قام بالكثير من العمليات الإجرامية من تدمير وقتل للأبرياء من المسلمين وغير المسلمين في سوريا والعراق، هذا ويحمل الأردن التنظيم ومن يدعمه مسؤولية سلامة الطيار والحفاظ على حياته».
وقالت القوات المسلحة الاردنية إن احد طياري المقاتلة اف 16 جرى اسره بعد غارة جوية على التنظيم قرب الرقة. وكانت هناك تقارير متضاربة حول طريقة الطائرة وما إذا كانت {داعش} اسقطتها.
وبينما كان وزير الاعلام الاردني قال في وقت سابق إن الطائرة اسقطت بصاروخ ارض جو اطلقته {داعش} وان محاولة انقاذ فشلت في انقاذ هذا الطيار, قال في وقت لاحق لرويترز انه ثبت انه لا توجد دلائل على ان مسلحي {داعش} اطلقوا النار تجاه اللطائرة.
وفي نفس الاتجاه قال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية ان واشنطن لا تستطيع التأكيد ما اذا كانت الطائرة المشاركة في التحالف ضد {داعش}، قد اسقطت او تعرضت لخلل فني.
واضاف ان التحالف يحقق في سبب سقوط طائرة اف 16 فوق سوريا، كما انه قلق بشأن قائد الطائرة بعد ان ظهرت صور له وهو في ايدي مسلحي التنظيم.
وفي ردود الفعل الأولية، أكد ذوو الطيار المشارك في ضربات التحالف على «داعش» أن الملك عبد الله الثاني يتابع شأن الحادثة باهتمام بالغ مع قيادة التحالف من جانب ومع التشكيلات الجوية المحاربة في منطقة الرقة من جانب آخر، مطالبين تنظيم داعش بإطلاق سراح ابنهم الطيار.
وقال أخو الطيار معاذ الكساسبة: «إن كل الجهات المعنية تجري اتصالات متتابعة لطمأنة ذوي الملازم الكساسبة، بأن الأمور تحت المراقبة ويأملون خيرا». وأضاف أن أخاه الطيار «لم يحلق يوما بأي طلعة جوية إلا والمصحف الكريم بين يديه، ولم يشارك في الضربات إلا إيمانا منه بضرورة الدفاع عن رسالة الإسلام السمحة من المشوهين لها، حماية للذين يتعرضون لأبشع صور القتل والتنكيل، وحماية لأرض الوطن ومنع الإرهاب من المساس بأمنه».
وعلى الصعيد العشائري، طالبت عشائر البرارشة التي ينتمي إليها الطيار الأردني الأسير، بوقوف كل الأردنيين إلى جانب البطل «الذي خرج للدفاع عن الوطن»، وقال المجتمعون في اجتماع عاجل لهم ظهر أمس في لواء عي بمحافظة الكرك جنوب الأردن إن «معاذ ليس أسير عشيرة، بل أسير وطن، لننسَ خلافتنا ونتوحد لإطلاق سراحه ومواجهة (الدواعش) المتطرفين في رسالة لكل الأردنيين». وأضافوا أن «الجهات المعنية تعمل على التنسيق مع وجهاء العشيرة وممثليها لدراسة سبل الحفاظ على سلامة الطيار الأسير بكل الوسائل المتاحة».
على صعيد آخر، وبعد إعلان الخبر عن سقوط الطائرة وأسره من قبل التنظيم المتطرف، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي الأردنية بأخبار عن الطيار الأسير، وأنشئت صفحات خاصة لحشد الدعم له، من بينها صفحة «كلنا معاذ الكساسبة»، وعجت المواقع بصور له مأخوذة من عائلته أو صفحته، بينها صورة في ملابس الإحرام بمكة المكرمة حيث أدى العمرة قبل أن يلتحق بالحملة على التنظيم. وأشارت بعض المصادر إلى أن والدي معاذ عملا في حقل التعليم وهما متقاعدان الآن. وناشد نشطاء الملك عبد الله الثاني والحكومة العمل فك أسر الكساسبة، مطالبين الجميع بذل الجهود لإعادته إلى أرض الوطن. وتشير معلومات عن الكساسبة عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك» إلى أنه من مواليد الكرك عام 1988 وأنهى دراسته الثانية فيها، وقد رفع إلى رتبة ملازم أول في عام 2014.



العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
TT

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تقوّض وحدة القرار السيادي للدولة، وتمنح الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فرصة لمراكمة المكاسب على حساب الاستقرار الوطني.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس القيادة اليمني قبل مغادرته العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، متوجهاً إلى السعودية لإجراء مشاورات رفيعة مع شركاء إقليميين ودوليين، في ظل تطورات حساسة تشهدها المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت.

وأكّد العليمي في تصريحات رسمية التزام المجلس والحكومة بنهج الشراكة الوطنية، والمسؤولية الجماعية في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، بموجب مرجعياتها المتفق عليها، وفي المقدمة إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

كما أكّد مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي، ورفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة، والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: «إن معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، ستظل في صدارة الأولويات الوطنية». وحذّر من أن أي انشغال بصراعات جانبية، لا يخدم سوى المشروع الإيراني، وأدواته التخريبية، ومضاعفة معاناة اليمنيين، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الرسمية.

تغليب مصلحة حضرموت

وأشاد العليمي في تصريحاته بجهود السعودية التي قادت إلى التوصل لاتفاق التهدئة الأخير في محافظة حضرموت (شرق)، مؤكداً أهمية الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والبناء على هذه الجهود الحميدة، وتغليب مصلحة حضرموت وأبنائها، بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في اليمن، والمنطقة.

كما جدد دعمه الكامل لقيادة السلطة المحلية والشخصيات والوجاهات القبلية في قيادة مساعي الوساطة، والتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، إنفاذاً لتعهدات مجلس القيادة، وخطته لتطبيع الأوضاع في المحافظة.

مظاهرة في صنعاء حيث العاصمة اليمنية المختطفة دعا إليها زعيم الجماعة الحوثية (أ.ب)

ووجّه العليمي في هذا السياق، قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين، والممتلكات العامة والخاصة، خصوصاً في مديريات الوادي والصحراء، واتخاذ ما يلزم لجبر الضرر، وعدم إفلات المتورطين من العقاب.

كما دعا رئيس مجلس القيادة اليمني جميع المكونات الوطنية إلى نبذ الخلافات، والتحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وإسناد الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، وجعل مصلحة المواطنين، وكرامتهم الإنسانية، فوق كل اعتبار.


تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».


جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر» في صنعاء يرضخ جزئياً لضغوط الحوثيين

الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)
الراعي يقلد رئيس مجلس حكم الحوثيين رتبة مشير (إعلام محلي)

في خطوة تعكس اشتداد القبضة الحوثية على الحليف الشكلي لها داخل صنعاء، بدأت الجماعة خلال الأيام الماضية الترويج لقيادي في جناح حزب «المؤتمر الشعبي العام» لترؤس حكومتها المقبلة، في وقت أبدت فيه قيادة ذلك الجناح رضوخاً جزئياً لشروط الحوثيين، وعلى رأسها إقالة أمينه العام غازي الأحول من منصبه، بعد اعتقاله واتهامه بالتواصل مع قيادة الحزب المقيمة خارج اليمن.

وكانت أجهزة الأمن الحوثية قد اعترضت في 20 من أغسطس (آب) الماضي سيارة الأمين العام لفرع «المؤتمر» في مناطق سيطرتها، واقتادته إلى المعتقل ومرافقيه مع عدد من القيادات الوسطية، متهمةً إياهم بالتواصل المباشر مع قيادة الحزب في الخارج والتخطيط لإثارة الفوضى داخل تلك المناطق.

وبعد أيام من الاحتجاز، اشترط الحوثيون لعقد أي تسوية عزل الأحول وتعيين القيادي الموالي لهم حسين حازب بديلاً عنه، وهو اسم يلقى معارضة واسعة داخل قواعد الحزب، ويتهمه الكثيرون بالتنكر لمبادئ الحزب ومؤسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، خصوصاً بعد مقتله برصاص الحوثيين نهاية عام 2017.

الحوثيون اشترطوا عزل الأحول من موقعه بصفته أميناً عاماً لجناح حزب «المؤتمر» (إعلام محلي)

وقد سمح الحوثيون لأسرة الأحول بزيارته لأول مرة قبل أيام، غير أنهم تجاهلوا تماماً مطالب الجناح المحسوب على «المؤتمر» بالإفراج عنه أو وقف ملاحقة قياداته. ويشارك هذا الجناح فيما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» بثلاثة ممثلين، إلا أن دوره ظل شكلياً، بينما تحرص الجماعة على اختيار رؤساء الحكومات المتعاقبين من شخصيات تنتمي إلى هذا الجناح لكنها تدين لها بولاء كامل.

ومع استمرار ضغوط الحوثيين، أصدر رئيس فرع «المؤتمر» في صنعاء صادق أبو رأس قراراً بتكليف يحيى الراعي أميناً عاماً للحزب إلى جانب موقعه نائب رئيس الحزب، في خطوة عُدت استجابة جزئية لمطالب الجماعة. إلا أن الحوثيين ردوا على هذه الخطوة بفرض حصار محكم على منزل أبو رأس في صنعاء، ما زال مستمراً منذ خمسة أيام، وفق مصادر محلية تحدثت إلى «الشرق الأوسط».

وتشير مصادر سياسية في صنعاء إلى أن الجناح «المؤتمري» رضخ لهذه الخطوة أملاً في إطلاق سراح الأحول ومرافقيه، إلا أن الجماعة لم تُظهر أي تجاوب، بل صعّدت من قيودها على قيادة الحزب بهدف استكمال السيطرة على هذا الجناح الذي قدّم تنازلات كبيرة ومتتالية منذ مقتل صالح.

تصعيد وضغوط متواصلة

اللجنة العامة، وهي بمثابة المكتب السياسي للحزب في جناحه الخاضع للحوثيين، عقدت اجتماعاً برئاسة الراعي، خُصص لمناقشة الأوضاع الداخلية وتطورات المشهد السياسي. وخلاله جدد الراعي التزام الجناح بوحدة الجبهة الداخلية وتماسكها مع الحوثيين لمواجهة «المؤامرات التي تستهدف استقرار البلاد»، حسب ما أورده الموقع الرسمي للحزب.

وأيدت اللجنة العامة بالإجماع قرار تعيين الراعي أميناً عاماً، مؤكدة تمسكها بوحدة الحزب وضرورة الالتفاف خلف قيادته التنظيمية والسياسية. غير أن اللافت كان غياب رئيس الحزب أبو رأس عن الاجتماع، في ظل استمرار فرض طوق أمني حول منزله، ما يعكس حجم الضغط الذي تمارسه الجماعة لإجبار الجناح على قبول بقية شروطها.

وتشير المصادر إلى أن قيادة «المؤتمر» لا تزال تراهن على إقناع الحوثيين بالاكتفاء بإقالة الأحول، وعدم فرض تغيير كامل في تركيبة القيادة، رغم أن الجماعة لم تُبد أي مرونة حتى الآن، وتواصل استغلال الانقسام الداخلي للحزب لإعادة تشكيله وفق متطلبات مشروعها السياسي.

إعادة إبراز لبوزة

تزامنت هذه التطورات مع تحركات حوثية متسارعة لتسمية رئيس جديد لحكومتهم غير المعترف بها، بعد مقتل رئيس الحكومة السابق أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً لهم قبل أسابيع.

ولاحظ مراقبون قيام الجماعة بإعادة إظهار القيادي المؤتمري قاسم لبوزة، الذي يشغل موقع «نائب رئيس المجلس السياسي» بصفة رمزية، بعد تغييب إعلامي دام عاماً ونصف العام.

وخلال الأيام الماضية، كثّف لبوزة من زياراته للوزراء الناجين من الغارة، بينما نشطت حسابات حوثية في الإشادة بـ«قدراته ومواقفه»، في خطوة يرى فيها البعض تمهيداً لتسميته رئيساً للحكومة الجديدة.

الحوثيون أعادوا إظهار لبوزة وتغطية تحركاته بعد عام ونصف العام من التجاهل (إعلام محلي)

وتقول مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن عودة ظهور لبوزة ليست مصادفة، بل هي مؤشر واضح على اختياره من قبل قيادة الجماعة لتولي رئاسة الحكومة، خصوصاً أنه كان أحد أبرز المرشحين للمنصب ذاته قبل تشكيل الحكومة السابقة.

كما أن الجماعة تحرص على استقطاب قيادات جنوبية ضمن جناح «المؤتمر» لتغطية طبيعة الحكومة المقبلة والظهور بمظهر التنوع المناطقي، رغم أن السلطة الفعلية تبقى في يد الجماعة حصراً.

ويرى المراقبون أن إعادة تدوير القيادات الموالية للجماعة داخل «المؤتمر»، ومنحها واجهات سياسية جديدة، يعكس أن الحوثيين ماضون في إحكام السيطرة على ما تبقى من الحزب، وتحويله إلى واجهة شكلية تبرر خياراتهم السياسية والعسكرية، خصوصاً مع ازدياد عزلة سلطة الجماعة داخلياً وخارجياً.