على الرغم من أن الأقنعة الواقية هي السبيل الوحيد حتى الآن لدى البشر للوقاية من فيروس كورونا المستجد؛ إذ إنها تحمي صاحبها والآخرين من انتشار الرذاذ المسبب لانتقال الفيروس، فإن البعض يرى فيها قيداً يستحق التظاهر لرفض الإلزام بارتدائه.
وفي محاولة السيطرة على الفيروس الذي نشأ في ووهان الصينية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تجبر بلدان عدة حول العالم مواطنيها على ارتداء الأقنعة الواقية في الأماكن العامة، وتنصح بالتباعد الاجتماعي، إلا أن تظاهرت عدة خرجت في دول عدة حول العالم وشارك فيها الآلاف تطالب بضرورة عدم الإلزام بارتداء الأقنعة الواقية.
ويعتبر رافضو الأقنعة الواقية أنها تحد من الحريات العامة. حتى أن البعض زعم أن ارتداءها يسبب ضرراً أكثر مما ينفع، من خلال زيادة استنشاق ثاني أكسيد الكربون وتقليل كمية الأكسجين في الجسم، وهو ادعاء دحضه الأطباء مراراً وتكراراً.
وذكر تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن ارتداء الأقنعة الواقية يشير إلى دعم الشخص إلى ممارسة تساهم في إنقاذ الأرواح، وأن عدم ارتداء الشخص قناعاً واقياً قد يعني أنه يشكل تهديداً لمن حوله.
ووفقاً لاستطلاع أجرته وكالة «أسوشييتد برس» بالتعاون مع مركز «نورك» لأبحاث الشؤون العامة في جامعة شيكاغو يوليو (تموز) الماضي، فإن ثلاثة أرباع الأميركيين يفضلون مطالبة الناس بارتداء الأقنعة الواقية في الأماكن العامة لوقف انتشار فيروس كورونا، بما في ذلك 89 في المائة من الديمقراطيين و58 في المائة من الجمهوريين، خاصة في بلد يتعثر في السيطرة على فيروس منتشر وقاتل؛ إذ تعتبر الأقنعة أسلحة فعالة وشائعة.
وبعد بزوغ حركات تطالب بعدم ارتداء الأقنعة الواقية، أوصت «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» في الولايات المتحدة في نهاية الشهر الماضي بـ«تجنب التجادل مع من هم ضد الأقنعة»، خصوصاً في أماكن العمل والشركات، خاصة بعد حوادث عنف عدة في البلاد بسبب الأقنعة الواقية، ففي وقت سابق من أغسطس (آب) الماضي، اتُهم رجل في ولاية بنسلفانيا بإطلاق النار على موظف بعد أن طُلب منه ارتداء قناع في متجر لبيع السجائر، حسبما أفادت شبكة «سي إن إن».
الولايات المتحدة
شهدت ولاية يوتا حركة احتجاجية ضد الأقنعة الواقية في نهاية الشهر الماضي، كما تجددت الاحتجاجات المناهضة للأقنعة الواقية السبت الماضي، وفقاً لما أوردته وكالة «أسوشييتد برس».
وقال أحد المتظاهرين في ولاية يوتا لشبكة «يو إس توداي»، إن «السلامة ليست بنفس أهمية حريتنا وحريتنا». في حين اعتبر متظاهر آخر أن الأقنعة الواقية تعد إساءة للأطفال.
ولاقت تلك المظاهرات رفضاً عبر الإنترنت؛ إذ يعتبر رافضو تلك المظاهرات أن أصحابها لديهم شعور بـ«الأنانية»؛ لأنهم لا يريدون ارتداء الأقنعة الواقية وسط الجائحة، وبالتالي لا يبذلون جهداً من أجل حماية الآخرين، وفقاً لـ«يو إس توداي».
والولايات المتحدة هي البلد الأكثر تضرراً من حيث عدد الوفيات والإصابات مع تسجيلها أكثر من 194 ألف وفاة، وقرابة 6.5 مليون إصابة حسب تعداد جامعة جونز هوبكنز.
بريطانيا
تجمع الآلاف من المتظاهرين في ميدان ترافالغار بلندن نهاية الشهر الماضي للاحتجاج على إجراءات السلامة الخاصة بفيروس «كوفيد – 19» التي فرضتها حكومة المملكة المتحدة. ودعا المتظاهرون إلى إنهاء الإجراءات الإلزامية مثل ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي، وحملوا لافتات كتب عليها «الأقنعة الواقية تخرسنا»، و«كوفيد - 19 خدعة»، حسب تقارير صحافية.
https://twitter.com/RodriguesJasonL/status/1299679139314708481
ومنذ أسبوعين، شهدت مدينة إدنبرة احتجاجات مناهضة للأقنعة الواقية، وحمل المتظاهرون لافتات تدين القيود الحكومية، واعتبر عدد من المتظاهرين أن الإغلاق والقيود تسببا في ضرر أكبر من الفيروس، حد قولهم.
وقال المدير الطبي الوطني في اسكوتلندا، البروفسور جيسون ليتش، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إنه يعتقد أن الاحتجاجات كانت «غير مسؤولة على الإطلاق»، وتابع «هل يعتقدون أننا نصنع الجائحة؟!... الفيروس ينتشر في 194 دولة بشكل سريع». وقد سجلت بريطانيا أكثر من 350 ألف إصابة وأكثر من 41 ألف وفاة.
ألمانيا
وفي ألمانيا، أمرت الشرطة بفض احتجاج معارض للأقنعة الواقية ومعارض لقيود الوباء، ـ بعد أن تجمع عشرات الآلاف عند بوابة براندنبورغ الشهيرة بالعاصمة الألمانية لتحدي إجراءات الوقاية من فيروس كورونا في البلاد، حسبما أفاد تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
وحمل المتظاهرون في ألمانيا، البلد الذي يلزم مواطنيه بارتداء الأقنعة في وسائل النقل العام والمتاجر وبعض المباني العامة مثل المكتبات والمدارس - لافتات تظهر معارضتهم للقاح وأقنعة الوجه بوجه عام. وكانت ألمانيا قد شهدت انتعاشاً في الحالات الجديدة في الأسابيع الأخيرة؛ إذ يبلغ عدد الإصابات أكثر من 260 ألف حالة، ووصلت الوفيات في البلاد أكثر من 9000 شخص.
وقال أوفي باخمان (57 عاماً)، إنه جاء من جنوب غربي ألمانيا للاحتجاج على حرية التعبير، وقال «أحترم أولئك الذين يخشون الفيروس، لكن أريد احترام حقي في عدم ارتداء قناع واقٍ»، وأشار، دون الخوض في التفاصيل، إلى أن «شيئاً آخر» كان وراء الوباء.
سويسرا
ومن أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف، انطلقت مظاهرات مماثلة السبت الماضي تندد بـ«الهجوم» على حرياتهم وحقوقهم الأساسية، معتقدين أن جائحة «كوفيد - 19» قد انتهت، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية.
وشارك في الاحتجاجات بسويسرا قرابة ألف متظاهر، مطالبين برفع القيود المفروضة بسبب الوباء، واتهم البعض منظمة الصحة العالمية بأنها تخضع لـ«سيطرة مصالح خارجية».
وصل عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في سويسرا إلى 43 ألفاً و957 حالة حتى أول من أمس (الأحد)، وتجاوزت الوفيات حاجز الألفي شخص، حسب بيانات جمعتها جامعة جونز هوبكنز ووكالة «بلومبرغ» للأنباء.
كندا
وضد الأقنعة الواقية وضد أي لقاح، احتج آلاف عدة من الأشخاص السبت في كندا في وسط مدينة مونتريال، في واحدة من أكبر المظاهرات ضد استجابة الحكومة الكندية لوباء «كوفيد – 19»، حسبما أفادت هيئة الإذاعة الكندية.
وحمل متظاهر لافتة عليها عبارة «الأكسجين أساسي»، في حين حمل آخرون لافتات تندد باتصالات الجيل الخامس (والتي شهدت نظريات مؤامرة تربط بينها وبين الفيروس)، ولافتات أخرى تندد بما اعتبروه فساداً في الأمم المتحدة. وقد تجاوزت الوفيات بـ«كورونا» في كندا 9000 حالة، وأكثر من 133 ألف شخص.
ويقول مونتريلر أندريه ديفيد (75 عاماً) «قررت المجيء اليوم لأقول كفى. لقد تم التلاعب بنا بما فيه الكفاية». وقال جان جاك كريفكور، ناشط في مكافحة اللقاحات معروف في أوروبا «إنني أتهم (مسؤولي) الصحة العامة بالتلاعب بالأرقام منذ بداية الوباء لتبرير توقف اقتصادنا».
إسبانيا
وفي منتصف أغسطس الماضي، خرج مئات الإسبان في مظاهرة بالعاصمة مدريد رفضاً لقرارات الحكومة الرامية للحد من تفشي فيروس كورونا، وعلى رأسها فرض ارتداء الكمامة الإلزامي في الأماكن العامة. واعتبر المتظاهرون أن الحكومات تبالغ في أعداد المصابين بهدف الحد من الحريات.
وفي منتصف الشهر الماضي، تظاهر المئات في العاصمة الإسبانية مدريد، على وقع هتافات «حرية»؛ رفضاً لوضع القناع الواقي الإلزامي ولتدابير أخرى تم فرضها للحد من تفشي فيروس كورونا. وحمل المتظاهرون لافتات كتب على بعضها «الفيروس غير موجود» و«الكمامة تقتل» و«لسنا خائفين»، في الوقت الذي تجاوزت فيه أعداد المصابين 550 ألف حالة، وبواقع 30 ألف وفاة.
وقالت بيلار مارتن (58 عاماً) المتحدرة من سرقسطة (شمال شرق) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنها جاءت للمشاركة في التحرك لأنها تعتقد أن حكومات العالم أجمع «تغالي في عدد الأشخاص المصابين بهدف الحد من الحريات العامة». وأضافت «إنهم يجبروننا على وضع الكمامات، يريدون عزلنا، ليست سوى أكاذيب».
إيطاليا
ومنذ أسبوع، تجمع أكثر من 1000 شخص في قلب روما للاحتجاج على استخدام أقنعة الوجه الإلزامية لأطفال المدارس. وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن المتظاهرين كان من بينهم عدد من النشطاء المناهضين للقاح ومنظرو المؤامرة.
وكُتب على لافتة في الاحتجاج «لا أقنعة ولا تباعد اجتماعي». وظهرت شعارات أخرى مثل «الحرية الشخصية مصونة» و«تحيا الحرية».
وكانت إيطاليا أول دولة أوروبية تدخل في حالة إغلاق، وقد تضررت بشدة بسبب الفيروس. وسجلت البلاد نحو 300 ألف حالة وأكثر من 35 ألفا و500 حالة وفاة منذ بدء تفشي المرض، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
جدير بالذكر، أن فيروس كورونا المستجدّ أودى بحياة ما يزيد على 900 ألف شخص على الأقل في العالم، حسب تعداد أعدته «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى مصادر رسمية حتى اليوم (الثلاثاء). وسُجّلت رسمياً أكثر من 29 مليون إصابة بالفيروس منذ بدء تفشيه، تعافى منهم حتى اليوم نحو 19 مليون شخص على الأقل.