قتل شاب من السود برصاص الشرطة يعيد أجواء التوتر العرقي إلى أميركا

دعوات إلى مظاهرة ضخمة في نيويورك ليلة رأس السنة ضد عنف قوات الأمن

عناصر من الشرطة يتجمعون في موقع مقتل الشاب الأسود في منطقة بيركلي بولاية ميسوري الليلة قبل الماضية تحسبا لمظاهرات احتجاجية (إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة يتجمعون في موقع مقتل الشاب الأسود في منطقة بيركلي بولاية ميسوري الليلة قبل الماضية تحسبا لمظاهرات احتجاجية (إ.ب.أ)
TT

قتل شاب من السود برصاص الشرطة يعيد أجواء التوتر العرقي إلى أميركا

عناصر من الشرطة يتجمعون في موقع مقتل الشاب الأسود في منطقة بيركلي بولاية ميسوري الليلة قبل الماضية تحسبا لمظاهرات احتجاجية (إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة يتجمعون في موقع مقتل الشاب الأسود في منطقة بيركلي بولاية ميسوري الليلة قبل الماضية تحسبا لمظاهرات احتجاجية (إ.ب.أ)

قتل شاب من السود برصاص شرطي في بلدة قرب فيرغسون التابعة لولاية ميسوري الأميركية الليلة قبل الماضية، مما أعاد أجواء التوتر العرقي إلى هذه المدينة التي كانت شهدت خلال الفترة الماضية توترات مشابهة إثر مقتل فتى أسود آخر على يد شرطي أبيض وتحولت إلى حركة احتجاج في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وقالت شرطة مقاطعة سانت لويس في بيان إن شرطيا من مدينة بيركلي «أطلق النار عدة مرات» بعد أن «سحب الرجل مسدسا ووجهه باتجاه» الشرطي. ووقع الحادث في محطة وقود بينما كان الشرطي يقوم بدورية روتينية. وعلى الفور، تجمع نحو 100 محتج في موقع إطلاق النار في مدينة بيركلي القريبة من مدينة فيرغسون التي شهدت توترات بعد مقتل مايكل براون برصاص شرطي أبيض في أغسطس (آب) الماضي.
وقالت قنوات تلفزيونية محلية إن أحد المحتجين ألقى مفرقعات نارية باتجاه محطة الوقود، بينما استخدمت الشرطة غاز الفلفل في محاولة للسيطرة على الحشد مع تفاقم التوترات. وقال المتحدث باسم الشرطة براين شيلمان إن الشرطي خرج من سيارته واقترب من رجلين في محطة الوقود عندما سحب أحدهما مسدسا. وأضاف: «خوفا على حياته بادر الشرطي بإطلاق النار عدة مرات وأصاب الهدف بجروح قاتلة». وأكدت السلطات أنها عثرت على مسدس في موقع الحادث وأنها فتحت تحقيقا في الموضوع.
لكن تقارير إخبارية نقلت عن شهود عيان روايات تتناقض مع رواية الشرطة؛ فقد ذكرت وسائل الإعلام المحلية نقلا عن والدة القتيل أنه يدعى أنطونيو مارتين ويبلغ من العمر 18 عاما. وقالت والدته التي عرفت عن نفسها باسم توني: «أخبرتني صديقته أن الشرطة كانت تستفزهم. عندما حاول النهوض والهرب بدأوا إطلاق النار عليه. لا يرغبون في إخباري بأي شيء. ولم يسمحوا لي حتى برؤية ابني».
ويأتي هذا الحادث في غمرة احتجاجات وتوترات عرقية تشهدها مدن أميركية احتجاجا على تعامل الشرطة الأميركية مع السود بعد حوادث مشابهة. ويأتي تصاعد هذه التوترات في الولايات المتحدة بعد مقتل الكثير من السود العزل منذ الصيف الماضي بأيدي شرطيين بيض. وجرت عدة مظاهرات احتجاج تخللتها أعمال شغب، خصوصا عندما قرر القضاء عدم ملاحقة الشرطيين. وفي نيويورك، قتل شرطيان أثناء عملهما برصاص رجل قال إنه يسعى للانتقام لمقتل رجلين أسودين أدى إلى مظاهرات عدة في الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية.
ودعا ائتلاف مناهض لعنف الشرطة الأميركية ضد السود إلى مظاهرة ضخمة في ساحة «تايمز سكوير» في نيويورك ليلة رأس السنة، أي مساء 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، متحديا دعوة رئيس بلدية المدينة إلى وقف هذه التجمعات. وقال كارل ديكس أحد مؤسسي الائتلاف: «لا يحق لهم أن يطلبوا منا وقف التظاهر والسكوت. يجب أن تبقى أصواتنا مسموعة. يجب أن نواصل معركتنا طالما أن الشرطة تواصل ارتكاب أعمال القتل هذه، وطالما أن النظام القضائي يرفض ملاحقة رجال الشرطة القتلة ومعاقبتهم».
وفي 14 من ديسمبر الحالي، شلت مظاهرة شارك فيها نحو 25 ألف شخص عددا من أحياء نيويورك، بينما تظاهر آلاف آخرون في واشنطن في تصاعد للتجمعات المطالبة بالعدالة لسود قتلهم شرطيون بيض. وقتل مايكل براون (18 عاما) خلال مشادة مع شرطي في مطلع أغسطس في فيرغسون. أما تامير رايس (12 عاما) فقتل برصاص شرطي في كليفلاند (أوهايو) في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. كما قتل أكاي غورلي (28 عاما) برصاص شرطي أبيض في نهاية نوفمبر أيضا في بروكلين في إطلاق نار عرضي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.