أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن الميليشيات الحوثية صعّدت في الآونة الأخيرة من حجم انتهاكاتها وتعسفها وفسادها الإداري بحق الجامعات اليمنية سواء العامة أو الأهلية، وذلك في سياق استهدافها الممنهج لقطاع التعليم العالي في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.
وتحدثت مصادر أكاديمية إلى «الشرق الأوسط» عن بعض الممارسات الحوثية المرتكبة بحق هذا القطاع الحيوي والتي تنوعت بين عمليات فساد وتضييق واقتحام وإغلاق ومصادرة وتغيير مقررات دراسية، إضافة إلى سلسلة أخرى من جرائم القمع والبطش والتنكيل والتهديد والاختطاف والاعتداء والإخفاء القسري.
وكشفت المصادر عن عمليات فساد مالي تنفذها الجماعة في عدد من الكليات التابعة لجامعة صنعاء (كبرى الجامعات الحكومية في اليمن)، كان آخرها قيام قادة الجماعة بسحب ملايين الريالات هذا الأسبوع من حسابات الجامعة وتوظيفها لصالح المجهود الحربي وللإنفاق على ورش عمل هدفها استكمال «حوثنة» المناهج والمقررات الدراسية.
وعلى صعيد الممارسات الحوثية بحق منتسبي الجامعة، أقدم مسلحو الجماعة الأسبوع الماضي على اختطاف الدكتور عدنان الشرجبي، الأكاديمي في قسم علم النفس بكلية الآداب، عند بوابة الكلية في حين كان في طريقه إلى قاعة امتحان الطلبة، واقتياده إلى مكان احتجاز مجهول، من دون ذكر أسباب عملية الخطف غير القانونية.
ويعاني الشرجبي، بحسب ما أكده أقاربه، من مرض القلب. وجريمة الاختطاف الحوثية قد تضاعف من حالته، وربما يحصل له مكروه بسبب مضاعفات السجن والإخفاء، وما ترتكبه الميليشيات من أعمال تعذيب بحق المختطفين.
وأثارت عملية خطف الأستاذ الجامعي غضباً واسعاً في صفوف الأكاديميين والطلبة، في حين أصدرت نقابة أعضاء هيئة التدريس في الجامعة بياناً نددت فيه بالخطف، ودعت الجماعة الحوثية إلى سرعة الإفراج عن الشرجبي ورد الاعتبار له. غير أن الجماعة الحوثية ردت على البيان بإرسال ستة من عناصرها إلى شقة الأكاديمي لتفتيشها والعبث بمحتوياتها والاستيلاء على حاسبه المحمول.
وفيما يتعلق بالاستهداف الحوثي المتكرر للجامعات الأهلية في صنعاء ومدن يمنية أخرى، اتهم موظفون في جامعة العلوم والتكنولوجيا (أكبر جامعة أهلية في البلاد) الانقلابيين بمواصلة السيطرة على الجامعة، وجعلها مورداً خاصاً بهم من خلال تغيير الأنظمة الآلية والمالية وغيرها من الأنظمة الأخرى الخاصة بالجامعة.
وكشف موظفون وعاملون في الجامعة لـ«الشرق الأوسط» عن استعانة الميليشيات مؤخراً بشركة «يمن موبايل» الخاضعة لها، في عملية النهب، من خلال تكليف أحد موظفيها باستعادة أنظمة كانت خاصة بالجامعة. ولفتوا إلى أن النظام الآلي الخاص بالجامعة ما زال مغلقاً، رغم التضليل الذي حاولت جماعة الحوثي عبر وزارة التعليم العالي الخاضعة لها الاحتفاء به وخداع الطلبة بعودة النظام. وكانت إدارة الجامعة أغلقت في وقت سابق النظام الآلي من خارج اليمن، عقب اقتحام الميليشيات وفرض سيطرتها الكاملة على الجامعة.
وعلى صلة بالموضوع ذاته، وسّعت الجماعة، المدعومة إيرانياً، من حجم انتهاكاتها بحق هذا القطاع لتطال معظم الجامعات الأهلية بمحافظة إب الخاضعة لسيطرتها.
مصادر مطلعة في إب أفادت لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الإرهابية أجبرت عدداً من الجامعات الأهلية في المحافظة على تقديم منح دراسية مجانية لعناصرها. وقالت إن الميليشيات فرضت تحت قوة الابتزاز والتهديد على جامعات إب الأهلية منحها مقاعد دراسية مجانية بمختلف الأقسام والتخصصات المتوفرة فيها.
وفي حين تحدثت المصادر عن إجبار الانقلابيين للجامعة الماليزية في إب على منح أسر قتلاها 40 مقعداً مجانياً بعدد من أقسامها، أكد أكاديميون في جامعات أهلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تمارس في الوقت الحالي نفس الضغوط والابتزاز.
ووفقاً للأكاديميين، فقد استحوذت الميليشيات منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة بما فيها التعليمية على مختلف المقاعد الدراسية في الكليات العلمية بالجامعات الحكومية ومنحت أسر قتلاها مقاعد مجانية، ومزايا خاصة.
ومنذ اجتياح الجماعة صنعاء ومدناً يمنية أخرى، سعت بكل طاقتها لارتكاب أبشع الجرائم والممارسات بحق المؤسسات التعليمية العليا بمناطق سيطرتها، وعملت أكثر من مرة على انتهاك حرم جامعة صنعاء وجامعات خاصة أخرى؛ بغية حرفها عن مسارها الأكاديمي، وتحويلها إلى ثكنات لمسلحيها من جهة، ومسرحاً مفتوحاً لممارسة الطائفية والعبث والنهب والسرقة من جهة أخرى.
وكانت الميليشيات الحوثية قامت أخيراً بمنع أي تجمعات داخل الجامعات، بما في ذلك احتفالات التخرج، بحجة منع الاختلاط. واعتبر أكاديميون أن تلك الممارسات تشبه تماماً ما اقترفه تنظيم «داعش» في بعض الدول العربية كالعراق وسوريا من جرائم إرهابية.
وتداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة حوثية تضمنت أوامر لعمداء الكليات ورؤساء الأقسام وأعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء تقضي بالفصل بين الجنسين عند توزيع الطلبة على مجموعات لإعداد مشاريع التخرج والتكاليف، بحيث يكون الطلاب في مجموعات منفصلة عن مجموعات الطالبات.
وزعمت الوثيقة الممهورة بتوقيع القيادي الحوثي المدعو القاسم عباس المعين من قبل الحوثيين رئيساً للجامعة، أن «السبب في ذلك تحقيق الهدف العام للجامعات اليمنية من ضرورة تنشئة مواطنين متمسكين بهويتهم الإيمانية، متحلين بالمثل العربية والإسلامية السامية».
انتهاكات حوثية متصاعدة بحق الجامعات اليمنية
انتهاكات حوثية متصاعدة بحق الجامعات اليمنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة