اكتئاب وقلق وفقدان للدعم العاطفي... هكذا ضرب «كورونا» الآباء والأمهات

إحدى الدراسات الحديثة أكدت أن آباء الأطفال الصغار يعانون من ضغوط خاصة (رويترز)
إحدى الدراسات الحديثة أكدت أن آباء الأطفال الصغار يعانون من ضغوط خاصة (رويترز)
TT

اكتئاب وقلق وفقدان للدعم العاطفي... هكذا ضرب «كورونا» الآباء والأمهات

إحدى الدراسات الحديثة أكدت أن آباء الأطفال الصغار يعانون من ضغوط خاصة (رويترز)
إحدى الدراسات الحديثة أكدت أن آباء الأطفال الصغار يعانون من ضغوط خاصة (رويترز)

بعد مرور عدة أشهر على بدء تفشي فيروس كورونا المستجد، يظل تأثير المرض على الصحة العقلية للآباء والأمهات كبيراً وخطيراً للغاية مع عدم وجود أي علامات على تراجع هذه المشكلة.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فرغم أن الوباء قد أثر بالتأكيد على الصحة العقلية لجميع أفراد المجتمع، فقد أظهرت مجموعة من الدراسات الحديثة أن الآثار النفسية السيئة للفيروس كانت أصعب بالنسبة للآباء والأمهات مقارنة بغيرهم.
وأكدت دراسة أجراها باحثون في جمعية علم النفس الأميركية أنه في شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، كان الآباء الذين لديهم أطفال دون سن 18 عاماً أكثر توتراً بشكل ملحوظ من الأشخاص الذين ليس لديهم أبناء.
بالإضافة إلى ذلك، كشف استطلاع رأي أجراه باحثون بجامعة أوريغون في شهر يوليو (تموز)، وشمل 1000 أب وأم لأطفال دون سن الخامسة، أن آباء الأطفال الصغار يعانون من ضغوط خاصة.
فقد قال 63 في المائة من الآباء الذين شملهم الاستطلاع إنهم شعروا بأنهم فقدوا الدعم العاطفي أثناء الوباء.
ووفقاً لدراسة أجرتها كلية الدراسات العليا في جامعة هارفارد، فإن 61 في المائة من أولياء أمور الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و6 و7 سنوات في ولاية ماساتشوستس أكدوا أنهم شعروا «بالتوتر والقلق» بسبب الوباء.
ومن جهتها، قالت بوجا لاكشمين، أستاذة الطب النفسي في كلية الطب بجامعة جورج واشنطن: «فيروس كورونا أصبح قوة مزعزعة للاستقرار في حياتنا، خاصة للعائلات والآباء والأطفال. نحن بحاجة إلى التعامل معه باعتباره أزمة صحة عقلية، ليس لها نهاية في الأفق المنظور».
وأشار عدد من خبراء الصحة النفسية إلى أن النساء الحوامل أو اللائي ولدن حديثاً، والآباء الذين يكافحون مادياً لتلبية احتياجات أبنائهم الأساسية هم أكثر المجموعات المعرضة بشكل خاص لخطر القلق والاكتئاب في الوقت الحالي.
فقبل الوباء، أصاب القلق والاكتئاب ما بين 10 إلى 25 في المائة من النساء أثناء الحمل وفي العام التالي للولادة، فيما تظهر دراستان من كندا أن هذه الأرقام قد ارتفعت بشكل كبير منذ الإغلاق الخاص بـ«كورونا».
فقد لفتت الدراسة الأولى التي أجريت على ما يقرب من ألفي امرأة حامل أن 37 في المائة أظهروا مستويات عالية من الاكتئاب، في حين أظهر 57 في المائة مستويات عالية من القلق.
وكشفت دراسة أخرى شملت 900 امرأة، بعضهن حوامل وبعضهن لديهن أطفال حديثي الولادة، أن معدلات الاكتئاب ارتفعت إلى 40 في المائة بعد أن كانت 15 في المائة قبل الوباء، وارتفعت معدلات القلق إلى 72 في المائة بعد أن كانت 29 في المائة فقط.
وللتصدي لهذه الأزمة النفسية، توصي لوسي ريمالور، اختصاصية العلاج الأسري في لوس أنجليس، بضرورة أخذ الآباء لاستراحة قصيرة يومياً، يقومون فيها بأفعال تشعرهم بالراحة والبهجة.
ولفتت ريمالور إلى أن تمارين اليوغا والتواصل مع الأصدقاء هي من أفضل العلاجات في مثل هذه الحالات.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
TT

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» على أنه تراث مشترك بين 16 دول عربية.

ويأتي الملف التراثي نتيجة تعاون مشترك بين وزارتي الثقافة والخارجية المصريتين وسائر الدول العربية التي تعد الحناء من العناصر الثقافية الشعبية المرتبطة بمظاهر الفرح فيها، كما تمثل تقليداً رئيساً لمظاهر احتفالية في هذه المجتمعات وهي: السودان، مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، فلسطين، تونس، الجزائر، البحرين، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، اليمن، وقطر.

وتعقد اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعاً يستمر منذ الاثنين الماضي وحتى الخميس 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في أسونسيون عاصمة باراغواي، للبت في إدراج 66 عنصراً جديداً رُشحَت على أنها تقاليد مجتمعية، وفق «اليونيسكو».

وذكّرت المنظمة بأن الحنّة (أو الحناء): «نبتة يتم تجفيف أوراقها وطحنها ثم تحويلها إلى عجينة تُستخدم في دق الوشوم وتحديداً تلك التي تتلقاها المدعوات في حفلات الزفاف، وتُستعمل أيضاً لصبغ الشعر أو جلب الحظ للأطفال».

الحنة تراث ينتقل بين الأجيال (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

وعللت «اليونيسكو» إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي بأنها «ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسة من حياته، وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية مثل الأغنيات والحكايات».

من جهته أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، عن اعتزازه بهذا الإنجاز، مشيراً إلى أن تسجيل الحناء يُعد العنصر التاسع الذي تضيفه مصر إلى قوائم التراث الثقافي غير المادي منذ توقيعها على اتفاقية 2003، بحسب بيان للوزارة.

وأكدت الدكتورة نهلة إمام رئيسة الوفد المصري أن الحناء ليست مجرد عنصر جمالي، بل تمثل طقساً اجتماعياً عريقاً في المجتمعات العربية؛ حيث تُستخدم في الحياة اليومية والمناسبات المختلفة، كما أشارت إلى «ارتباط استخدام الحناء بتقاليد شفهية، مثل الأهازيج والأمثال الشعبية، وممارسات اجتماعية تشمل زراعتها واستخدامها في الحرف اليدوية والعلاجية».

وسلط الملف الذي قُدم لـ«اليونيسكو» بهدف توثيقها الضوء على أهمية الحناء بأنها عنصر ثقافي يعكس الروح التقليدية في المجتمعات المشاركة، وكونها رمزاً للفرح والتقاليد المرتبطة بالمناسبات الاحتفالية وفق الدكتور مصطفى جاد، خبير التراث الثقافي اللامادي بـ«اليونيسكو»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تمثل الحناء واحدة من أهم عناصر تراثنا الشعبي، فهي مرتبطة بمعظم مفردات التراث الشعبي المصري والعربي الأخرى؛ وهي وثيقة الارتباط بالنواحي الجمالية والتزيينية، وأغاني الحناء، فضلاً عن الأمثال والمعتقدات الشعبية، والاستخدامات والممارسات الخاصة بالمعتقدات الشعبية، وتستخدم الحناء في الكثير من طقوسنا اليومية، المتعلقة بالمناسبات السعيدة مثل الزواج والأعياد بشكل عام».

الحنة تراث عربي مشترك (بكسيلز)

وأكد جاد أن التعاون العربي تجاه توثيق العناصر التراثية يعزز من إدراج هذه العناصر على قوائم «اليونيسكو» للتراث اللامادي؛ مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وقال: «تثمن (اليونيسكو) عناصر التراث الشعبي المشتركة بين الدول، وقد سبق تسجيل عناصر النخلة، والخط العربي، والنقش على المعادن المشتركة بين مصر وعدة دول عربية؛ مما يؤكد الهوية العربية المشتركة».

وأضاف: «نحن في انتظار إعلان إدراج عنصر آخر مشترك بين مصر والسعودية على القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بـ(اليونيسكو) اليوم أو غداً، وهو آلة السمسمية الشعبية المعروفة».

وكانت بداية الحناء في مصر القديمة ومنها انتشرت في مختلف الثقافات، خصوصاً في الهند ودول الشرق الأوسط، حتى صارت ليلة الحناء بمثابة حفل «توديع العزوبية» في هذه الثقافات، وفق عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأدلة الأثرية والتحاليل العلمية وثقت دور الحنة باعتبارها مادة أساسية ذات أهمية كبيرة في الحياة اليومية للمصريين القدماء»، وتابع: «بخلاف استخدامها في الأغراض التجميلية مثل صبغ الشعر، فقد تمت الاستعانة بها في الطقوس الجنائزية؛ إذ يعتقد استخدامها في التحنيط، كما كانت جزءاً من الممارسات الروحية لتحضير المومياوات للحياة الآخرة، فضلاً عن صبغ الأقمشة والجلود».

ارتبطت الحناء بالمناسبات والأعياد (بكسيلز)

الفنان العُماني سالم سلطان عامر الحجري واحد من المصورين العرب الذين وثقوا بعدستهم استخدام الحنة في الحياة اليومية، وسجّل حرص الجدات على توريثها للأجيال الجديدة من الفتيات الصغيرات، يقول الحجري لـ«الشرق الأوسط»: «الحنة في سلطنة عمان هي رمز للفرحة، ومن أهم استخداماتها تزيين النساء والأطفال بها في عيد الفطر، حيث عرفت النساء العربيات منذ القدم دق ورق الحناء وغربلته ونخله بقطعة من القماش وتجهيزه، مع إضافة اللومي اليابس (الليمون الجاف)، لمنحها خضاب اللون الأحمر القاتم، وذلك قبل العيد بعدة أيام، ثم يقمن بعجن الحناء المضاف له اللومي الجاف بالماء، ويتركنه لفترة من الوقت، وقبل النوم يستخدمن الحناء لتخضيب اليدين والرجلين للنساء والفتيات».