دعوة الأحزاب الكردية لاختيار نسبتها في «المرجعية السياسية»

إبعاد قيادي من «المفاوضات»... ورئاسة الائتلاف توضح

اجتماع السفير الأميركي ويليام روباك وقادة الأحزاب الكردية ومظلوم عبدي قائد «قسد» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)
اجتماع السفير الأميركي ويليام روباك وقادة الأحزاب الكردية ومظلوم عبدي قائد «قسد» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)
TT

دعوة الأحزاب الكردية لاختيار نسبتها في «المرجعية السياسية»

اجتماع السفير الأميركي ويليام روباك وقادة الأحزاب الكردية ومظلوم عبدي قائد «قسد» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)
اجتماع السفير الأميركي ويليام روباك وقادة الأحزاب الكردية ومظلوم عبدي قائد «قسد» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

دعت زهرة بيلّلي منسقة وزارة الخارجية الأميركية إلى شرق الفرات، طرفي المباحثات الكردية، إلى اختيار نسبة ممثليها في المرجعية المزمع إعلانها، بعد التوصل إلى اتفاق نهائي يفضي إلى شراكة سياسية بين قوى الحركة الكردية بسوريا، في وقت قال فيه مسؤول كردي بارز، بأن الائتلاف السوري المعارض، يتجه لعزل ممثل «المجلس الوطني الكردي» من هيئة المفاوضات السورية المعارضة.
وقالت مصادر كردية مطلعة، إن اجتماعاً جديداً عقد بقاعدة التحالف الدولي بمدينة الحسكة قبل يومين، حضره إلى جانب بيلّلي، مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، ورئاسة «المجلس الوطني الكردي» وقادة «حزب الاتحاد الديمقراطي» وأحزاب «الوحدة الوطنية الكردية»، لحسم حصص وتمثيل كل جهة سياسية بالمرجعية، وترك هامش من المقاعد للمستقلين ونسبة للأحزاب خارج المباحثات، ليصار في الجلسات القادمة إلى مناقشة باقي السلاسل التفاوضية، وعلى رأسها الإدارة الذاتية والدفاع والحماية الذاتية وإشراك باقي المكونات القومية والدينية.
ونقلت المصادر بأن منسقة الخارجية الأميركية طلبت من المتفاوضين الأكراد حسم ملف نسب المرجعية، والانتقال إلى باقي السلال والقضايا الخلافية العالقة، وأوضحت للمشاركين، بأن واشنطن تعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وفرضها عقوبات اقتصادية على النظام بغية تفعيل مسار جنيف وتطبيق القرار الدولية (2254)، وتأمين الاستقرار في مناطق شرق الفرات وتشكيل إدارة مدينة وعسكرية جامعة تضم كافة مكونات المنطقة.
غير أن عضو المكتب السياسي لـ«الحزب التقدمي الكردي»، أحمد سليمان، كشف لدى حديثه، بأن الأطراف الكردية المتفاوضة اختلفت على عدد مقاعد المرجعية، ونقل بأنه طُرح رأيان لتقاسم المقاعد، الأول يحصل كل طرف على 40 في المائة وترك 20 في المائة كهامش للأحزاب خارج المفاوضات والشخصيات المستقلة، في حين طُرح رأي ثان، أن تكون النسبة مناصفة 50 مقابل 50 واختيار الأحزاب السياسية والمستقلين لشغل مقاعدها المخصصة.
وأعرب سليمان عن موقف حزبه من شكل وصيغة هذه المباحثات الجارية قائلاً: «إذا تبنت الأحزاب المشاركة بالمباحثات، الرأي الثاني، فهذا يعني إلغاء دور الأحزاب خارج هذه اللقاءات، ويصبح اتفاقاً سياسياً بين طرفين وليس اتفاقا كرديا جامعا»، في إشارة إلى إبعاد حزبه التقدمي، و«حزب الوحدة الكردي» بزعامة محيي الدين شيخ آلي أكبر الأحزاب الكردية، من المباحثات، منذ انطلاقة جولاتها بشهر أبريل (نيسان) الفائت.
إلى ذلك، قال كاميران حاجو عضو هيئة العلاقات الخارجية بالمجلس الكردي، وعضو اللجنة الدستورية السورية، إن الائتلاف السوري المعارض يتجه لعزل ممثل «المجلس الكردي» من هيئة المفاوضات السورية المعارضة، وأشار إلى أن «رئاسة الائتلاف أصدرت قرارا بتغيير عضو قيادة المجلس حواس خليل، واستبداله بواسطة شخصية ثانية من خارج المجلس، لكن القرار لم يطبق بعد وهناك مباحثات مكثفة مع قادة الائتلاف لإلغائه».
غير أن ربا حبوش نائب رئيس الائتلاف المعارض، نوهت بأن المقعد يخص الائتلاف، والقرار المتعلق بالشخصية التي تشغل هذا المقعد قرار يتبع الأمانة العامة وليس قراراً من رئيس الائتلاف. وأضافت «يتبع مؤسسة الائتلاف نحو 40 مكوناً سياسياً، ولا توجد مقاعد مخصصة للمجلس الكردي أو لمكون آخر، فالمقعد يجب أن يمثل الشعب السوري ومن حق الائتلاف استبدال ممثليه في الهيئة بواسطة ممثلين آخرين». وذكرت حبوش أن الائتلاف سعى لأشهر طويلة حتى يكون المجلس الكردي مكوناً من مكونات هيئة التفاوض، ولفتت إلى أنه «بات المجلس مكوناً أساسياً بالهيئة، ونحن متمسكون، بقوة، بشراكتنا مع المجلس الكردي ونؤمن بأن التعاون هو الخيار الأفضل». وشددت بأن العملية تأتي ضمن إجراء روتيني يقوم به الائتلاف ولا علاقة له بما يقوم به المجلس الكردي من أنشطة سياسية. وأوضحت: «القرار لا يستهدف كيان المجلس أو قادته، وليس مبنيا على قضايا شخصية تجاه أي عضو، وهو ممثل بشكل قوي ضمن الائتلاف وفي هيئة التفاوض واللجنة الدستورية».
الجدير ذكره، أن المجلس الكردي هو الإطار الكردي الوحيد ممثلاً في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية، يحضر المباحثات الدولية الخاصة بالأزمة السورية، ولديه أربعة ممثلين. إذ يعمل حاجو في اللجنة المصغرة والقيادي عبد الحكيم بشار باللجنة الدستورية الموسعة، فيما يشارك السياسي إبراهيم برو، ممثلاً عن المجلس الكردي في هيئة التفاوض إلى جانب حواس عكيد ممثل الائتلاف الذي أصدر قراراً بإبعاده لصالح شخصية سورية ثانية من أمانتها العامة.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».