البودكاست... محتوى صوتي ينافس البرامج الإذاعية

TT

البودكاست... محتوى صوتي ينافس البرامج الإذاعية

كثيرون قد لا يعرفون ما هو البودكاست، ومَن سمع بالاسم ما زال يتساءل عن الفارق بينه وبين الراديو؛ إلا أن صناعة البودكاست شهدت خلال الفترة الأخيرة نمواً متزايداً في المنطقة العربية. وبينما يتوقع مراقبون أن «يُغير البودكاست خريطة إنتاج المحتوى المسموع في المستقبل، إذا توفر له التمويل والدعم اللازم»، يؤكد صناعه أن «البودكاست أصبح بالفعل منافساً قوياً لأشهر البرامج الإذاعية، وسط توقعات أن يشهد نمواً خلال الفترة المقبلة وتتوسّع صناعته مع الوقت بالمنطقة».
تعبير البودكاست يعني البث الصوتي. ومن خلاله ينتج الشخص محتوى صوتياً يجري بثه عبر الإنترنت ليكون باستطاعة الجمهور تحميله والاستماع إليه في أي وقت. وتبقى القدرة على الاختيار أحد أهم الفوارق بين البودكاست والراديو.
عالمياً يشهد البودكاست نمواً ملحوظاً، إذ ازداد عدد قنواته بنحو 12 ألف قناة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، أي بارتفاع يقدر بنحو 32 في المائة، وفقاً لتقرير نشره معهد «رويترز» لدراسة الصحافة في ديسمبر (كانون الأول) 2019.
التقرير رصد «ارتفاعاً في عدد المستمعين لبرامج البودكاست في بريطانيا وحدها بنسبة 40 في المائة خلال العام الماضي، ويقود هذا الارتفاع الشباب تحت سن 35 سنة». وبحسب التقرير، فإن «سهولة الوصول إلى البودكاست لكونه تحت الطلب في أي وقت ومتنوع الأصوات، لذا فهو جاذب للشباب».

انتشاره عربياً
وبالتزامن مع النمو العالمي، تحدث طفرة أخرى على المستوى العربي. ويشرح محمد كشميري، مؤسس منصة «البودكاست» العربي لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في كل عام يحطم البودكاست العربي رقماً جديداً. ففي عام 2017 ظهر 74 برنامجاً، وفي 2018 ظهر 118 برنامجاً، بينما ظهر في 2019 ما يقرب من 234 برنامجاً جديداً، ما يؤكد حالة النمو الهائل المستمر في البودكاست». ويفسر كشميري النمو المستمر لصناعة البودكاست بـ«توافر التكنولوجيا السهلة وتطورها المستمر، ووجود برامج تلهم المستمعين»، موضحاً: «يومياً يجذب البودكاست بتنوعه شريحة أكبر من المستمعين».
«البودكاست» العربي، منصة سعودية، أطلقها محمد كشميري مطلع عام 2013، ومع نمو وانتشار برامج «البودكاست» في المنطقة العربية، وفقاً لموقع «البودكاست» العربي، فإن «هناك 901 بودكاست عربي على المنصة، بإجمالي 22495 حلقة بودكاست يتنوع محتواها بين الاجتماعي، والحواري، والتعليمي، والثقافي، والشخصي، والعام، والأعمال، والسينما، والترفيه، وتطوير الذات والتقنية، والصحة، والأخبار، وألعاب الكمبيوتر، والعلوم، على التوالي، بحسب الأكثر إنتاجاً».
ويرى عبد الرحمن العمران، مقدم بودكاست «تيار»، أحد مؤسسي مبادرة البودكاست العربي، أن «محتوى البودكاست في المنطقة العربية متنوع وفي تطور مستمر، لدرجة أنه أصبح منافساً قوياً لأكبر البرامج الإذاعية»، وأردف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «البودكاست اليوم يغير خريطة صناعة المحتوى الإعلامي».
في الواقع، يشهد الخليج العربي انتشاراً واسعاً لثقافة البودكاست، وتعدّ المملكة العربية السعودية الأكثر إنتاجاً في المنطقة، حسب بحث نشره معهد «دول الخليج العربية» في العاصمة الأميركية واشنطن، مطلع العام الماضي، وأعدته الباحثة مروة فقيه.
يشير هذا البحث إلى أن «هذا الانتشار يأتي رغم قلة معرفة كثيرين في دول الخليج بماهية البودكاست، ما يؤكد أنه ما زال هناك كثير أمام هذه الصناعة لتصل إلى الجمهور». ويتابع شارحاً أن إنتاج البودكاست بدأ في السعودية عام 2008، وظهرت بودكاستات مثل «سعودي كيمر» و«كشكول»، وإن جاءت البداية الفعلية في عامي 2015 و2016 مع تأسيس العديد من برامج البودكاست، التي تنوع محتواها بين الثقافي والترفيهي. ويتابع ليشير إلى وجود بيئة ناشئة لبودكاست الألعاب الإلكترونية في الخليج.
بحث معهد «دول الخليج العربية» أرجع نشأة البودكاست في الكويت إلى عام 2009، مع إطلاق «سايوير» (Sciware)، الذي أسسه محمد قاسم، البروفسور الكويتي المتقاعد، وهو بودكاست علمي حاز شهرة واسعة في منطقة الخليج. وبينما يُقدم العديد من برامج البودكاست في الإمارات باللغة الإنجليزية حالياً، يقول كشميري إنه «وفقاً لتصويت جمهور منصة البودكاست العربي، يتصدر بودكاست (ثمانية) و(أبجورة) و(زنكين) قائمة أفضل البودكاست في المنطقة العربية حالياً».
وفي سياق موازٍ، يشهد البودكاست في مصر انتشاراً ليس بالكبير، ووفق تقرير، نشر في فبراير (شباط) الماضي، وأعدته شركة «أركاست»، المنصة المصرية المتخصصة في إنتاج وتقديم خدمات البودكاست، فإن «منصات البودكاست مثل (بودو) و(ونس) تنتج ما يزيد على 60 (بودكاست)، بينما تنتج شبكات (ابتدي) و(توكس ميكس) نحو 10 بودكاستات، وتنتج (أركاست) 9 بودكاستات لمجتمعات أخرى، وهذا بجانب وجود 70 (بودكاست) فردياً مستقلأ».
ويضيف التقرير أن «معظم منتجي البودكاست تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عاماً، وينتجون محتوى متنوعاً بين الرياضة، والصحة، وسرد القصص، والأعمال، والتكنولوجيا، والثقافة»... أما تاريخ أقدم بودكاست مصري فيعود إلى عام 2016؛ لكن الانتشار الحقيقي بدأ في عامي 2017 و2018.

عامل التمويل
عبد الرحمن العمران يرى أن عامل التمويل يشكل «أكبر التحديات التي تواجه برامج البودكاست... فبرامج البودكاست تحتاج إلى حلول للدعم المادي للحفاظ على استمرارها، سواءً كان ذلك من قبل المستمعين، أو من خلال الإعلانات والرعايات».
في المقابل، يرى كشميري أن «البودكاست سوق واعدة للإعلانات، نظراً لفاعليتها مقارنة بالمنصات الأخرى، لأنها الأقوى تأثيراً»، ثم يضيف أن «الدراسات الأخيرة أظهرت أن معدلات الانتباه لمستمع البودكاست تعد أعلى من أي وسيلة إعلامية أخرى».
من جهة أخرى، وفقاً لـ«أركاست» فإن 99.99 في المائة من منتجي البودكاست في مصر يتحملون تكلفة الإنتاج، بينما يستطيع 0.01 في المائة فقط تحقيق مكاسب مادية. وحقاً يذكر تقرير معهد «رويترز» للصحافة أن «بعض البودكاست الخبرية في الولايات المتحدة تجذب ملايين المستمعين، بينما يكافح الباقي في سوق متزايدة التنافسية... ويقوم ناشرو البودكاست باستثمارات ملحوظة في البودكاست الخبري، أملاً في جذب جيل أصغر، وبناء عادة، والحصول على عائدات إضافية».
في أي حال، ورغم التحديات؛ يتوقع العمران أن «يشهد البودكاست نمواً في الفترة المقبلة، باعتباره تكنولوجيا هذا العصر في مجال الإذاعة، حيث ستنمو هذه الصناعة وتتوسع مع الوقت في المنطقة... وكل عام هناك نمو ذاتي في صناعة البودكاست، والعالم العربي يتعطش للمزيد».
أما كشميري، فيقترح لتطوير المحتوى «تقديم دروس واستشارات لتسهيل وكسر حاجز بداية صناعة البودكاست»، وهو ما تقدمه منصة «البودكاست» عربي.



الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
TT

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)

يبدو أن انتخابات الرئاسة الأميركية، التي أُجريت يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عزّزت مكانة منصة «بلوسكاي» منافساً رئيساً لـ«إكس»، ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل المنصتين، ولمَن ستكون الغلبة في سباق منصات التواصل الاجتماعي للتنافس على زيادة عدد المستخدمين. وفي حين عدّ خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» أن «بلوسكاي» قد تكون «بديلاً» لـ«إكس»، فإن هؤلاء توقّعوا أن هذا التغير قد يحتاج لسنوات.

من جهتها، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية بأن منصة «بلوسكاي» شهدت زيادة مليون مستخدم جديد خلال الأسبوع الذي أعقب الانتخابات الأميركية، وعلّقت قائلة «في الوقت الراهن يبحث بعض مستخدمي (إكس) عن منصة بديلة للتفاعل مع الآخرين ونشر أفكارهم». أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فأوردت في تقرير نشرته منتصف الشهر الحالي، أن كثيراً من المستخدمين «يسعون الآن للهروب من (إكس)، وسط تحذيرات من زيادة خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة على المنصة». وحقاً، وفق «بلوسكاي» ارتفع عدد مشتركيها «من 10 ملايين في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 16 مليون مستخدم حالياً».

رائف الغوري، المدرّب والباحث المتخصّص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، أرجع ازدياد الإقبال على منصة «بلوسكاي» إلى «فقدان منصة (إكس) مكانتها تدريجياً». وأردف أن جاك دورسي نقل الخبرات والتجارب الناضجة لـ«تويتر» سابقاً و«إكس» عند تأسيس «بلوسكاي»، ما منح المنصة «عناصر قوة تظهر في مزايا اللامركزية، والخوارزميات التي يستطيع المستخدم أن يعدلها وفق ما يناسبه». وتابع: «انتخابات الرئاسة الأميركية كانت من أهم التواريخ بالنسبة لبلوسكاي في ظل ازدياد الإقبال عليها».ولذا لا يستبعد الغوري أن تصبح «بلوسكاي» بديلاً لـ«إكس»، لكنه يرى أن «هذا الأمر سيحتاج إلى وقت ربما يصل إلى سنوات عدة، لا سيما أن بلوسكاي حديثة العهد مقارنة بـ(إكس) التي أُسِّست في مارس (آذار) 2006، ثم إن هناك بعض المزايا التي تتمتع بها (إكس)، على رأسها، تمتعها بوجود عدد كبير من صنّاع القرار الاقتصادي والسياسي والفنانين والمشاهير حول العالم الذين لديهم رصيد واسع من المتابعين، وهذا عامل يزيد من صعوبة التخلي عنها».

ويشار إلى أن «بلوسكاي» تتمتع بسمات «إكس» نفسها، ويعود تاريخها إلى عام 2019 عندما أعلن جاك دورسي - وكان حينئذٍ لا يزال يشغل منصب المدير التنفيذي لـ«تويتر» («إكس» حالياً) - عن تمويل الشركة تطوير منصة تواصل اجتماعي مفتوحة ولا مركزية تحمل اسم «بلوسكاي». وفي فبراير (شباط) 2022 تحوّلت إلى شركة مستقلة، لتطلق نسختها التجريبية مع نهاية العام.

من جانبه، قال محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «منصة (بلوسكاي) في طريقها بالفعل للاستفادة من التغيّرات الجذرية التي تشهدها منصات كبيرة مثل (إكس)». وأوضح أن «النموذج اللامركزي الذي تعتمده (بلوسكاي) يمنحها ميزةً تنافسيةً ملحوظةً، لا سيما مع ازدياد الوعي حول الخصوصية والتحكم في البيانات، أضف إلى ذلك أن المستخدمين اليوم يبحثون عن منصات توفر لهم الأمان، لا سيما بعد التحوّلات الكبيرة التي شهدتها (إكس) تحت قيادة ماسك... ومن هذا المنطلق يبدو أن لدى (بلوسكاي) فرصة حقيقية للنمو، إذا استمرت في تعزيز مبادئها المتعلقة بالشفافية وحرية التعبير».

الصاوي أشار أيضاً إلى أن عمل ماسك مع ترمب قد يكون له تأثير مزدوج على منصة (إكس)، بشأن الرقابة على المحتوى، وقال: «إن العلاقة الحالية بينهما قد تدفع نحو تغييرات دراماتيكية في إدارة (إكس) وتوجهاتها المستقبلية، ما يزيد ويبرّر الحاجة إلى منصات بديلة أكثر استقلالية مثل (بلوسكاي)».