توصل باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) وبالتعاون مع زملائهم من كوريا الجنوبية إلى طريقة جديدة لتحسين عمل الأجهزة الإلكترونية البصرية الفائقة الأداء، التي تشمل على سبيل المثال، الخلايا الشمسية، الصمامات الثنائية الباعثة للضوء (LED)، والألياف البصرية.
وتتسم هذه الطريقة الجديدة بأنها غير تقليدية وأقل تكلفة مقارنة بالطرق المعروفة حالياً، وذلك باستخدام تقنية يطلق عليها «التبخير الحراري»، لإنتاج رقائق فيلمية (أي من أغشية رقيقة جداً) من مادة «البيروفسكايت» التي تنتمي لعائلة أشباه الموصلات والتي تتمتع ببنية بلورية خاصة. وحظيت مادة «البيروفسكايت» باهتمام كبير من العلماء في السنوات الماضية حيث يتوقع لها أن تكون بديلاً عن الخلايا الشمسية المصنوعة من السليكون، لكونها مادة ذات كفاءة عالية لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية.
وتعتمد الطرق التقليدية المتبعة على التحكّم في خصائص أشباه الموصلات، عن طريق الهندسة النانومترية، باستخدام تقنيات تعمل على الترسيب البطيء لذرات هذه المواد على ركيزة رقيقة، إلا أن هذه الطرق باهظة التكلفة، وتقتصر فقط على أشباه الموصلات التقليدية، وهو ما دفع العلماء إلى البحث عن طرق جديدة أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
والترسيب هو عبارة عن تسوية الجزيئات أو الرواسب على السطح، وقد تنشأ الجزيئات من بخار أو محلول أو معلق أو خليط.
وتُستخدم طرق «الترسيب الفوقي» التقليدية، التي تعتمد على تقنية ترسيب فيلم (غشاء) بلوري على ركيزة بلورية، في بناء حزم أو أكوام بلورية باستخدام مادة «زرنيخيد الغاليوم»، وهو مركب كيميائي من عنصري الغاليوم والزرنيخ، أو «نيتريد الغاليوم»، وهو مركب كيميائي، يكون على شكل مسحوق بلوري أصفر، بواسطة عمليات باهظة التكلفة، باستخدام معدات متخصصة.
أما التقنية الجديدة فتعتمد على ما يُسمى بـ«الآبار الكمّية أو الكمومية»، وهي أفلام من أشباه الموصلات لا يتجاوز سمكها بضعة نانومترات، وتقع بين طبقتين أكثر سمكاً، تتكونان من مادة شبه موصلة مختلفة. ويعمل حاجز الطاقة الذي يوجد بين هاتين المادتين، على منع حاملات الشحنة الكهربائية من مغادرة طبقة البئر، وهو ما يحدّ من حركتها، ويؤدي ذلك إلى إحداث تغيير جذري في خصائص مواد البئر، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يجعلها أنشط بصرياً، ويمكن تضخيم هذا التأثير عن طريق جمع عدة آبار كمّية في كومة واحدة.
وعن هذه التقنية، يقول كوان جاي لي، باحث ما بعد الدكتوراة في مختبر البروفسور عثمان بكر في مركز الحفز الكيميائي في كاوست، إن «مواد البيروفسكايت، التي تعتمد على هاليدات المعادن، تمتلك كفاءة ممتازة في تحويل الطاقة، من أجل جمع الضوء، والتألق البصري»، مشيراً إلى أنه يمكن «للآبار الكمية» تحسين هذه الكفاءة بشكل كبير.
وبالتعاون مع زملاء من كاوست، وباحثين من كوريا، توصل فريق، قاده بكر وجاي لي، إلى ابتكار «آبار كمية» متعددة، باستخدام تقنية «التبخير الحراري»، وبدأوا بمساحيق من مشتقات البيروفسكايت وتحسين معدلات تبخير تلك المساحيق. وخلافاً لأغلب تقنيات الترسيب الفوقي، تتميز المبخرات الحرارية بأنها بسيطة ومتوفرة على نطاق واسع، كما أن طرق الترسيب الفوقي عادة ما تحتاج إلى ركيزة ذات تباعد شبكي ذري، مماثل للطبقة التي يجري ترسيبها، بينما طريقة التبخير يمكن استخدامها مع أي ركيزة. وقد استخدم لي وفريقه زجاجاً بسيطاً، بسبب ضعف تحمل مواد «البيروفسكايت».
ويرى لي أن «هذه ليست سوى البداية فحسب»، مضيفاً أن «الدراسة تشير إلى أحد الاتجاهات غير المكتشفة في أبحاث البيروفسكايت، ونحن نتوقع المزيد من أجهزة البيروفسكايت المثيرة القائمة على هذا البحث، في المستقبل القريب».
نهج جديد لتحسين أداء الأجهزة الإلكترونية البصرية
نهج جديد لتحسين أداء الأجهزة الإلكترونية البصرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة