شرطة أستراليا تعتقل شخصين بتهمة التحضير لعمليات إرهابية

تستهدف مواقع حكومية في سيدني

مايكل فيلان مساعد قائد الشرطة الفدرالية الأسترالية المكلف الأمن القومي يتحدث إلى وسائل الإعلام عن إلقاء القبض على رجلين بتهمة الإرهاب
مايكل فيلان مساعد قائد الشرطة الفدرالية الأسترالية المكلف الأمن القومي يتحدث إلى وسائل الإعلام عن إلقاء القبض على رجلين بتهمة الإرهاب
TT

شرطة أستراليا تعتقل شخصين بتهمة التحضير لعمليات إرهابية

مايكل فيلان مساعد قائد الشرطة الفدرالية الأسترالية المكلف الأمن القومي يتحدث إلى وسائل الإعلام عن إلقاء القبض على رجلين بتهمة الإرهاب
مايكل فيلان مساعد قائد الشرطة الفدرالية الأسترالية المكلف الأمن القومي يتحدث إلى وسائل الإعلام عن إلقاء القبض على رجلين بتهمة الإرهاب

وجهت إلى استرالي اليوم (الاربعاء)، تهمة حيازة وثائق تتعلق بمخطط إرهابي لاستهداف مواقع حكومية في سيدني؛ لكن الشرطة أكدت أنه لا ضرورة للهلع.
واعتقل سليمان خالد (20 سنة) المعروف بابو بكر بعد مداهمات الأسبوع الماضي أدت إلى العثور على وثائق وبندقية ورشاشين.
ووجهت إليه تهمة "حيازة وثائق ترمي لتسهيل هجوم إرهابي"؛ في حين اتهم شاب في الـ21 لم تكشف هويته لأسباب قانونية، بخرق أمر قضائي يمنعه عن اجراء اتصالات هاتفية.
ويأتي اعتقالهما بعد سلسلة عمليات نفذت في سيدني وبريزبن في سبتمبر (أيلول)، على خلفية تزايد القلق بشأن عدد الاشخاص الذين ينضمون إلى تنظيم "داعش" وحركات متطرفة أخرى في سوريا والعراق.
وبعد هذه العملية قالت الشرطة إنها أحبطت مخططا "لارتكاب أعمال عنف" في استراليا، بما في ذلك خطة لقطع رأس أحد المارة.
ويحارب أكثر من 70 استراليا حاليا في صفوف المتطرفين في الخارج. وقتل 20 على الاقل وهناك مخاوف من تزايد عدد الشبان الذين يصبحون متطرفين، وقد ينفذون هجمات لدى عودتهم إلى بلادهم.
من جهته، قال مايكل فيلان مساعد قائد الشرطة الفدرالية الأسترالية المكلف الأمن القومي "بالتأكيد الوثائق تحدثت قليلا عن أهداف حكومية محتملة". واوضح فيلان أن الاهداف كانت في سيدني من دون إعطاء تفاصيل. مضيفا "إني واثق من أننا احبطنا الخطط التي كانوا يعتزمون تنفيذها. وهذا كل ما سأقوله في الوقت الحالي".
ووضع خالد والشاب الآخر في السجن على ذمة التحقيق، على أن يمثلوا مجددا أمام القضاء في فبراير (شباط).
وتأتي الاعتقالات إثر تحذيرات أمس من رئيس الوزراء توني ابوت من "تزايد التهديد الارهابي" خصوصا بعد عملية احتجاز الرهائن في مقهى بسيدني الاسبوع الماضي.
وكان مان هارون مؤنس (50 سنة) الايراني الاصل المعروف لتطرفه، احتجز 17 شخصا رهائن في مقهى بسيدني حيث رفع علما أسود.
وقتل في العملية التي نفذتها الشرطة بعد 16 ساعة، كما قتلت كاترينا دوسون (38 سنة) أم لثلاثة أولاد ومدير المقهى توري جونسون (34 سنة) في حين أصيب آخرون بجروح.
وقال ابوت أمس "أفادت معلومات اليوم من الاجهزة الأمنية ان التهديد الإرهابي ارتفع بعد عملية احتجاز الرهائن في مارتن بلايس". وأضاف ابوت "لهذا السبب من المهم البقاء متيقظين والتأكد من أن قوات الشرطة والاجهزة الأمنية تقوم بكل ما وسعها لنبقى في أمان".
ولم تعلن استراليا بعد رسميا بأن عملية احتجاز الرهائن في سيدني عمل إرهابي، ورفض ابوت التكهن بشأن أي تهديدات جديدة.
وذكر فيلان أن الشرطة تراقب مجموعة من 15 إلى 20 شخصا وجهت التهمة إلى 11 منهم منذ سبتمبر (أيلول) "لاعمال إرهابية خطيرة". وأكمل قائلا "إنها مجموعة اشخاص نراقبها في سيدني منذ فترة طويلة وأي عمل يحاولون القيام به نريد أن نكون مستعدين للتصدي له".
وردا على سؤال عن ما إذا كان لهذه المجموعة اسم أجاب "لا. بالتاكيد ايديولوجيتهم مرتبطة بتنظيم داعش في الخارج".
وتابع فيلان أن لا علاقة لهم مباشرة بمؤنس لكن "بالطبع منذ أحداث الاسبوع الماضي المأساوية كان لهذه المجموعة اتصالات وانشطة مستمرة".
يذكر أنّ أستراليا رفعت مستوى التهديد الارهابي في سبتمبر (ايلول)، ما يعني أنه من المحتمل وقوع هجوم.
فيما شددت كاثرين بورن مساعدة رئيس شرطة نيو ساوث ويلز، على أنه لا داعي للهلع. وقالت "على ذلك ألا يؤثر على نمط عيشنا بأي حال من الاحوال". وأضافت "إننا متيقظون وعلى الجميع أن يكون كذلك. لكني اعتقد أن الخطوات التي اتخذناها تضعنا في موقع جيد جدا".
وبعد عملية احتجاز الرهائن في سيدني شُددت الاجراءات الامنية في المدينة مع نشر مئات من عناصر الشرطة في شوارعها.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»