«مجلس الأمة» الجزائري يوافق بالإجماع على تعديل الدستور

قلق متزايد من تدهور صحة صحافي مسجون

جانب من المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني (أ.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني (أ.ب)
TT

«مجلس الأمة» الجزائري يوافق بالإجماع على تعديل الدستور

جانب من المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني (أ.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني (أ.ب)

صوت أعضاء «مجلس الأمة» الجزائري (الغرفة البرلمانية الثانية) أمس، خلال جلسة علنية على مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور، الذي حاز موافقة «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى). وقال رئيس «المجلس» بالنيابة، صالح قوجيل، إن 127 عضوا صوتوا بنعم، فيما لم يصوت أي عضو بـ«لا»، مشيرا إلى امتناع عضو واحد من «جبهة المستقبل» عن التصويت، رغم أن قيادة هذا الحزب أعلنت دعمها لمسعى مراجعة الدستور الجزائري.
وبعد مصادقة غرفتي البرلمان على المشروع، ستبدأ السلطة في حشد التأييد له، تمهيدا للاستفتاء الشعبي المقرر في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. يشار إلى أن التعديل الدستوري أبقى على صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة، وهو ما كان محل انتقادات حادة من المعارضة.
وأكد رئيس الوزراء عبد العزيز جراد في خطاب بـ«مجلس الأمة»، أمس، أن «مشروع تعديل الدستور، يكرس تمسك الجزائر بانتمائها الحضاري الإسلامي والعربي والأمازيغي، وهو يجسد الانطلاق في إصلاحات عميقة، ومحاربة كل ما يناقض بناء دولة القانون». مشيرا إلى أن هذا الدستور «يعيد الاعتبار إلى المجتمع المدني، ويكرس استقلال القضاء وإرادة الشعب خلال حراكه المبارك، وهو جدار منيع لحماية حقوق المواطنين وصون المال العام». مشددا على أنه «يشكل أيضا محطة أساسية في الانطلاق لبناء دولة عصرية، تستمد قوتها من إرادة الشعب الجزائري».
في غضون ذلك، أبدت منظمة «مراسلون بلا حدود» قلقا من الحالة الصحية لمراقبها بالجزائر، الصحافي خالد درارني، المسجون منذ قرابة 5 أشهر، والذي ينتظر صدور حكم بشأنه في 15 من الشهر الجاري بمحكمة الاستئناف.
وتواجه الحكومة الجزائرية ضغطا في الداخل والخارج للإفراج عن الصحافي، المتابع بتهم مرتبطة بنشاطه المهني. وقالت «مراسلون بلا حدود» في تقرير، عشية المظاهرة الأسبوعية للصحافيين تضامنا مع درارني (كل يوم اثنين)، إن الصحافي «ظهر خلال جلسة الاستئناف يوم الثلاثاء الماضي نحيفا للغاية، وضعيفا جدا». وأكدت أن «لجان الدعم الجزائري والدولي لخالد درارني توجه دعوة مشتركة للسلطات الجزائرية إلى العودة للمنطق والقانون، والإفراج الفوري وغير المشروط عن خالد، الذي أصبحت حالته الصحية مقلقة بشكل خاص».
وأضافت المنظمة الدولية، التي تعنى بشؤون الصحافيين، أنه «بات من الضروري وضع حد للمضايقات القضائية التي تستهدف درارني، لأن الإجراء الجائر ضده يعرض صحته للخطر».
وأطلق شكيب درارني، شقيق الصحافي المقيم بالولايات المتحدة الأميركية، نداء إلى السلطات للإفراج عنه «بسبب حالته الصحية السيئة». فيما لاحظ غالبية الصحافيين، الذين حضروا محاكمته، أنه كان نحيفا على نحو يدعو إلى الاعتقاد بأنه يواجه متاعب صحية.
والتمست النيابة بمحكمة الاستئناف أربع سنوات سجنا ضد درارني، وللناشطين سمير بن العربي وسليمان حميطوش، اللذين يحاكمان في نفس القضية بتهمتي «تهديد الوحدة الوطني»، و«التحريض على التظاهر في الشارع بدون رخصة». وتتمثل الوقائع في حضور المتهمين الثلاثة مظاهرة معارضة للسلطة بالعاصمة في مارس (آذار) الماضي، نظمها نشطاء بالحراك لكن منعتها قوات الأمن بالقوة.
وقال درارني أثناء المحاكمة إنه كان متواجدا بالمكان لتغطية الحدث في إطار مهنته. أما حميطوش وبن العربي فأكدا أنهما كانا «يمارسان حقهما الدستوري في التظاهر سلميا للمطالبة بحقوق».
ودانت المحكمة الابتدائية في 10 أغسطس (آب) الماضي، الصحافي بثلاث سنوات سجنا مع التنفيذ، فيما أنزلت بالناشطين عقوبة غير سالبة للحرية.
ويرى المحامي عبد الغني بادي، رئيس فريق الدفاع عن درارني، أن «تصريحات رئيس الدولة أثرت على القضية في غير مصلحة موكلنا»، في إشارة إلى مقابلة للرئيس عبد المجيد تبون مع صحافيين منذ ثلاثة أشهر، ذكر فيها أن «صحافيا يتخابر مع سفارة أجنبية بالجزائر»، في تلميح إلى لدرارني، وهو ما عد بمثابة أمر غير مباشر للقضاة لإدانة درارني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».