انسحاب الهند من «القوقاز ـ 2020» يكرس الصراع الإقليمي

نيودلهي قالت لا في وجه حليفتها القديمة روسيا بسبب مشاركة الصين وباكستان في التدريبات

انسحاب الهند من «القوقاز ـ 2020» يكرس الصراع الإقليمي
TT

انسحاب الهند من «القوقاز ـ 2020» يكرس الصراع الإقليمي

انسحاب الهند من «القوقاز ـ 2020» يكرس الصراع الإقليمي

في قرار يحمل دلالات جيو - استراتيجية كبرى، قررت الهند الانسحاب من تدريبات عسكرية استراتيجية متعددة الأطراف تحمل اسم «القوقاز - 2020» المقرر أن تُجرى تحت مظلة «منظمة شنغهاي للتعاون»، التجمع الدولي الأورو - آسيوي الذي تقوده الصين وروسيا.
وفق الإعلان الرسمي، قالت الحكومة الهندية إن انسحابها تقرر «في ضوء جائحة (كوفيد - 19) والمصاعب التي خلقها فيما يخص التدريبات، بما في ذلك ما يتعلق بالترتيبات اللوجيستية. وعليه، قررت الهند ألا ترسل فرقة عسكرية للمشاركة هذا العام في تدريبات (القوقاز - 2020). وجرى إخطار الجانب الروسي بالأمر». لكن، مع ذلك، أفادت مصادر داخل وزارة الخارجية أن الهند قررت في الواقع الامتناع عن المشاركة في أي تدريبات عسكرية مع جنود صينيين وباكستانيين.

أفادت مصادر هندية مطلعة بأن نيودلهي كانت مستعدة بادئ الأمر لإرسال 200 عسكري، بينهم 180 جندياً من كتيبة مشاة ومراقبون من القوات الجوية والبحرية، بهدف المشاركة في تدريبات «القوقاز - 20». إلا أنه في وقت لاحق قررت الهند إعادة النظر على نحو كامل في قرارها. وفي هذا الصدد، أعرب المحلل السياسي آر إس غيل عن اعتقاده بأنه «أساساً، لا جدوى من وراء التظاهر بأن العلاقات مع الصين وباكستان طبيعية، مع أن هذا التوجه هو ما تتخذه جميع الدول في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية. لكن الهند هنا تتخذ المسار الصحيح. وفي مؤشر على اعتراضها، قررت الهند أن تقول لا في وجه روسيا التي تُعتَبر حليفتها القديمة».
وأضاف غيل: «في واقع الأمر يأتي هذا القرار بمثابة خطوة دبلوماسية كبرى تعكس سيادة واستقلالية الهند. ونظراً لتعذر التوصل حتى الآن إلى تسوية واضحة لحالة التأزم القائمة على خط الحدود بين الهند والصين، رأت الهند من المناسب التذرع بجائحة «كوفيد - 19» وتبعاتها كمبرر للتغيب عن التدريبات، الأمر الذي يعد صحيحاً في جزء منه. أما السبب غير المعلن فقد يكون أن الهند ارتأت ألا تشارك في تدريبات عسكرية مشتركة مع قوات صينية وباكستانية بالنظر إلى الوضع المتأزم على الحدود. الواضح أن الهند ليست راغبة في إرسال إشارات خاطئة لشعبها والمجتمع الدولي».
ما يُذكر أنه من المقرّر مشاركة العديد من دول «منظمة شنغهاي للتعاون» في التدريبات، ومنها الصين وباكستان وروسيا وكازاخستان (قزاقستان) وقيرغيزستان وتاجيكستان وأوزبكستان ومنغوليا وسوريا وإيران ومصر وبيلاروسيا وتركيا وأرمينيا وأذربيجان وتركمانستان. وأيضاً، يشمل البرنامج مشاركة فرق من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، المعترف بهما جزئياً كدول من جانب روسيا وعدد قليل من الدول الأخرى. ولقد سبق أن نظمت هذه التدريبات عامي 2012 و2016.
ووفق البرنامج المعدّ، ستجري التدريبات في منطقة أستراخان بجنوب روسيا (شمال شاطئ بحر قزوين) بين 15 و26 سبتمبر (أيلول)، بمشاركة ما يزيد على 13 ألف عسكري. وتشكل التدريبات المشتركة جزءاً من دورة تدريبية مؤلفة من أربع سنوات يخوضها الجيش الروسي. وبالنسبة للصين فإنها تشارك بكتيبة من الجيش وثلاث سفن حربية.

ثقل موازٍ لـ«ناتو»
من ناحية أخرى، ينظر كثيرون إلى صعود «منظمة شنغهاي للتعاون» على أنها الثقل الواعد الموازن لحلف شمال الأطلسي «ناتو». وتمثل المنظمة راهناً واحدة من أكبر التكتلات الدولية عبر الإقليمية، التي تضم بين جنباتها ما يقرب من 44 في المائة من سكان العالم، وتمتد حدود الدول المشاركة في المنظمة من المحيط المتجمد الشمالي إلى المحيط الهندي، ومن المحيط الهادي إلى بحر البلطيق. ولقد ركزت «منظمة شنغهاي للتعاون» على التنمية الاقتصادية والتواصل. وفي حين صبّت الصين جهودها على الترويج لضرورة تعزيز التواصل الإقليمي من خلال «مبادرة الحزام والطريق» الخاصة بها، ظل اهتمام الهند منصباً على الترويج للتجارة من خلال «ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب»، وأهمية الوصول إلى آسيا الوسطى عبر أفغانستان من خلال «ميناء تشابهار» الإيراني.

العلاقات الهندية - الروسية
تاريخياً، ربطت بين الهند والاتحاد السوفياتي علاقات صداقة وثيقة، وما زال الجميع يتذكرون الدعم السوفياتي للهند عام 1971 أثناء حرب بنغلاديش. وعليه، فإن الهند تعي جيداً أن انسحابها من تدريبات «القوقاز - 2020» سيكون أمراً مثيراً للإحباط لدى الجانب الروسي، خاصة أنها وجهت الدعوة إلى القوات البحرية الروسية للمشاركة في تدريبات عسكرية في بحر أندامان (المحيط الهندي)، قرب مضيق مالقا، وقبل الجانب الروسي الدعوة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تدريبات «القوقاز - 2020» عادة ما تجري خلال يومي 4 و5 سبتمبر (أيلول)، وتشارك فيها ثلاث سفن حربية روسية وعلى الأقل عدد مماثل من سفن حربية هندية. واللافت للاهتمام أنها ستجري في المنطقة نفسها تقريباً التي من المقرر أن تجري فيها تدريبات مالابار التي تشارك فيها الهند والولايات المتحدة واليابان، وربما أستراليا أيضاً، في نوفمبر (تشرين الثاني).
من جهته، أعرب سرينجوي تشودري، محرّر الشؤون الوطنية بصحيفة «تايمز ناو»، عن اعتقاده بأن «هذه ليست مجرد تدريبات بحرية أُعدّت على عجل، بل رسالة موجهة بصورة أساسية إلى الصين. وحتى مع تغيّب الهند عن تدريبات (القوقاز - 2020)، فإن صلاتها بروسيا تبقى قوية مثلما كانت دوماً. ورغم وجود توترات في إقليم لاداخ (الحدودي مع الصين)، فإن هذا لا يوقف روسيا والهند عن العمل معاً على نحو وثيق».
ومن جانب متصل، يقول نيتين إيه غوكيل، المحلل المعني بقضايا الأمن الوطني، الذي ألف سبعة كتب حول قضايا عسكرية واستراتيجية، في تصريحات لوكالة «سبوتنيك» الروسية إن التساؤل عن تأثير التوتر الهندي الصيني على «منظمة شنغهاي للتعاون» وتجمّع «بريكس» (الذي يضم أيضاً البرازيل وجنوب أفريقيا) «مطروح منذ أمد طويل، وتتعذر الإجابة عنه بدقة في الوقت الحاضر، لكن الحقيقة تبقى أنه يتوجب على الهند أن تولي الأولوية الأولى لمصالحها الوطنية». ويتابع: «الحفاظ على (منظمة شنغهاي للتعاون) ليس مسؤولية الهند وحدها، بل كذلك مسؤولية للآخرين. وإذا كانوا يرغبون في وجود الهند داخل مثل هذه المنتديات، فعلى دول أخرى، مثل الصين وباكستان، التصرف على النحو الذي تتصرف به الدول الراغبة في التعاون مع الهند. لكن الواضح، راهناً، أن الصين وباكستان لا تبديان أي إشارات صداقة تجاه الهند... ولذا أرى أن الهند اتخذت القرار الصائب في هذا الصدد».

الاشتباكات الحدودية الهندية - الصينية

واقع الحال أنه خلال الأيام الأخيرة، بعد خمسة أشهر من التراشق المدفعي الثقيل بين الجيشين الهندي والصيني، عبر «خط الهدنة والضبط» الفاصل في شرق إقليم لاداخ الجبلي، سمع تجدد لإطلاق النار. وتكثف التوتر بعدما تبادل الجانبان التهم أكثر بالتسبب بالاحتكاك الجديد في نقطة حدودية ساخنة في جبال الهيمالايا.
المتابعون اعتبروا ما حدث تصعيداً جدّياً بين العملاقين النوويين الآسيويين، في حين وصف مصدر عسكري هندي الحادث الأخير بأنه «محدود» وجاء كـ«طلقات إنذار»، بعدما استهدفت نيران القوات الصينية مواقع هندية، وعقب ذلك تراشق محدود. وأردف المصدر أن القوات المرابطة على «خط الهدنة والضبط» موضوعة في حالة تأهب عالٍ منذ السيطرة على عدد من القمم المرتفعة في المنطقة المتنازع عليها. وفي المقابل، يواصل الصينيون السعي للسيطرة على قمتين استراتيجيتين تشرفان على معسكرات للقوات الصينية.
وهنا نشير إلى أن مواجهة هذا الأسبوع هي فعلياً أول اشتباك مسلح يُسجّل عبر الحدود الهندية الصينية منذ عام 1975. والملاحظ، أن الوضع العام على طول «خط الهدنة والضبط» يزداد توتراً رغم تعدد جولات الحوار الدبلوماسية والعسكرية. وبما يخصّ الصين، فإنها دأبت على تحميل الجانب الهندي مسؤولية التصعيد، بما في ذلك الاشتباك الدامي يوم 15 يونيو (حزيران) الماضي في وادي غالوان بإقليم لاداخ، حيث سقط 20 قتيلاً من أفراد القوات الهندية مقابل عدد غير معروف من الإصابات في صفوف القوات الصينية.
اليوم، لا يزال الوضع متوتراً بين الهند والصين مع اتخاذهما استعدادات عسكرية كبيرة، جاءت بعد اشتباكات يومي 29 و30 أغسطس (آب) الماضي، والصدامات التالية بين الجانبين على امتداد الحدود بينهما، وبالأخص، في إقليم لاداخ. ويعد هذا الصدام الأخير الأكثر خطورة في سلسلة أعمال التصعيد بين الجانبين منذ 15 يونيو في وادي غالوان.
من ناحيته، ذكر مصدر عسكري رفيع المستوى أن الوضع في شرق لاداخ لا يزال «حساساً» مع نشر الجانبين الصيني والهندي دبابات وقوات إضافية، وإقدام الجانب الهندي على خطوات انتقامية بفرض هيمنته على كامل الضفة الجنوبية من بحيرة بانغونغ تسو. أما الجانب الصيني فقد قال بنبرة غاضبة إن الهند انتهكت «إجماعاً سابقاً». وأضاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية أن الصين «لم تخترق قط خط السيطرة الفعلية»، بينما أقدمت الهند على «اعتداءات غير قانونية».
ولكن، في أي حال، بالإضافة إلى التصعيد الصيني في غرب «خط الهدنة والضبط» عند لاداخ، تواصل بكين تجديد مطالبتها بولاية آروناتشال براديش الهندي في القطاع الشرقي من الحدود الهندية - الصينية. وكان الأمر قد تفاقم أخيراً هناك بعد اختفاء خمسة فتيان من آروناتشال براديش. وبعدما نفى الصينيون أن يكون الفتيان عندهم، تراجعوا خلال ثلاثة أيام وأعادوا الفتيان إلى العسكريين الهنود.
أما على الصعيد السياسي، فقد سبقت مواجهات هذا الأسبوع بأيام قليلة زيارة وزير الخارجية الهندي سوبرامانيان جايشنكار لموسكو من أجل حضور اجتماع «منظمة شانغهاي للتعاون» وانعقاد الاجتماع الحواري الجانبي المقرّر بينه وبين نظيره الصيني وانغ يي. وفي لقاء مع الإعلام قال جايشنكار إنه سيبلغ «وانغ أنه لا يمكن فصل الوضع الحدودي عن العلاقات بين البلدين». وأردف: «لدينا جملة من التفاهمات على إدارة الحدود تعود إلى عام 1993. وما لم يكن السلام والهدوء من المسلّمات والثوابت، فلن يمكن تطوير باقي مكوّنات العلاقات. إن السلام والهدوء أساس العلاقات الثنائية».
ومن جانبه، التقى وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ نظيره الصيني واي فينغ هي خلال الأسبوع على هامش حضوره اجتماع وزراء دفاع دول «منظمة شنغهاي للتعاون»، وذلك في الزيارة الثانية لسينغ إلى موسكو خلال فترة قصيرة. وتعليقاً على الوضعين الميداني والسياسي، أشار الصحافي والكاتب كيه سي سينغ إلى أن «التطورات الجديدة غير مثيرة للدهشة بالنظر إلى تفاقم مشاعر الإحباط لدى الهند إزاء استغلال الجيش الصيني الحوار في تعطيل المزيد من إجراءات فك الاشتباك، بينما يعمل في الوقت ذاته على التوسع في المساحات التي اخترقها».
وفي هذا الصدد، حذّر بيبين راوات، رئيس هيئة أركان الدفاع العامة الهندي، يوم 24 أغسطس الماضي من أن «الخيار العسكري متاح لدى الهند إذا فشل الحوار». وبالفعل، تحركت الهند بسرعة لحماية مصالحها بعد الحادثة الأخيرة، لكن تبقى هناك حاجة لدراسة أسباب وقوع الصدام.
اليوم، تبقى القنوات العسكرية والدبلوماسية مفتوحة بين الهند والصين، لكن الحقيقة تظل أن الهند حالياً تقف في مواجهة صين ترى أنها قوة عالمية كبرى، وتحاول استغلال الوضع في لاداخ لإرسال رسالة إلى خصومها في مناطق أخرى من العالم.
ومع أنه توجد بارقة أمل في الوصول إلى السلام خلال اجتماعي وزيري الخارجية الهندي الصيني في موسكو، يتخوف المتابعون الهنود من أن وقوع أي أعمال تصعيد أخرى من جانب الجيش الصيني سيكون كفيلاً بالقضاء على أي مبادرة دبلوماسية.

لاداخ... في سطور

> لاداخ منطقة جبلية خاضعة للإدارة الهندية تحت صفة «أرض اتحادية»، وهي تشكل جزءاً من إقليم كشمير، الأكبر مساحة، والمتنازع عليه بين الهند وباكستان والصين منذ 1947.
يحد لادخ من الشرق إقليم التيبت الذاتي الحكم ضمن جمهورية الصين الشعبية، وولاية هيماتشال براديش الهندية من الجنوب، وكل من منطقة جامو وكشمير الهندية ومنطقة غيلغيت - بالتستان الباكستانية من الغرب، والزاوية الجنوبية الغربية من إقليم سنكيانغ - ويغور (تركمستان الشرقية) الصيني من أقصى الشمال عبر ممر كرا كورام الجبلي.
الطرف الشرقي من لاداخ يضم سهول أكساي تشين غير المأهولة، وتطالب الهند بهذه السهول وتعتبرها جزءاً من أرضها، مع أنها تحت السيطرة الصينية منذ 1962. أما على الصعيد الإداري فإن لاداخ ظلت حتى العام الماضي 2019 جزءاً من ولاية جامو وكشمير، ولكن البرلمان الهندي سن تشريعاً في أغسطس (آب) 2019 يجعل لاداخ «أرضاً اتحادية» اعتباراً من 31 أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام.
يزيد عدد سكان لاداخ قليلاً على 275 ألف نسمة، أما عاصمتها فهي بلدة ليه، التي تعد أيضاً أكبر تجمعاتها السكانية، تليها بلدة كارجيل. وللعلم، يعيش معظم سكان المنطقة في وديان ترويها أنهار المنطقة التي تغذيها مياه ثلوج جبالها الشاهقة.
من ناحية ثانية، بخلاف جامو وكشمير، ذات الغالبية السكانية المسلمة الكبيرة، يتوزّع سكان لاداخ على عدة ديانات ومذاهب، منها: الإسلام (غالبية شيعية) ونسبة معتنقيه 46 في المائة، والبوذية التيبتية (40 في المائة)، والهندوسية (12 في المائة) بجانب أقليات أخرى تقارب نسبتها الـ2 في المائة. ثم إن لاداخ من الناحيتين الثقافية والتاريخية قريبة جداً من التيبت.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.