«كورونا» يتفشى بقوة في القرى والمدن العربية في إسرائيل

عربة إسعاف في مستشفي بالقدس (إ.ب.أ)
عربة إسعاف في مستشفي بالقدس (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» يتفشى بقوة في القرى والمدن العربية في إسرائيل

عربة إسعاف في مستشفي بالقدس (إ.ب.أ)
عربة إسعاف في مستشفي بالقدس (إ.ب.أ)

باتت المدن والقرى العربية في إسرائيل في صدارة المناطق التي يتفشى فيها وباء «كوفيد - 19» في وقت فرضت السلطات إغلاقاً ليلياً لمدة أسبوع على أربعين منطقة سكنية عدّتها «موبوءة» وغالبيتها عربية.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، كان عدد العرب المصابين بـ«كوفيد - 19» في مرحلة بدء تفشي الوباء لا يُذكر، ويمثل العرب داخل إسرائيل 20% من السكان.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الإسرائيلية، زاهي سعيد: «كانت نسبة الإصابة في الموجة الأولى 5%، وباتت الآن تشكّل 30% من حجم الإصابات».
وفرضت إسرائيل إغلاقاً ليلياً اعتباراً من مساء الثلاثاء على 29 قرية ومدينة عربية، وعلى تجمعات مدن ومستوطنات غالبيتها العظمى يقيم فيها يهود متشددون على أن يستمر هذا التدبير حتى 15 الجاري.
وأوضح سعيد أن «الخطوة جاءت لخفض عدد الإصابات»، مضيفاً: «خلال أسبوع، إذا لم يحدث تغير ملموس وجدي، الدولة ذاهبة في اتجاه إغلاق تام وبشكل سريع»، وأشار إلى أن «الطواقم الطبية تعمل في ظروف صعبة وعلينا أن نحافظ عليها، ولا نريد لهذا الجهاز أن ينهار».
وسجلت إسرائيل، أمس (الخميس)، 4038 إصابة إضافية بفيروس «كورونا» المستجد، وهو أعلى رقم إصابات منذ بدء انتشار الفيروس في مارس (آذار) في يوم واحد، ووصل عدد الإصابات في إسرائيل إلى 143049 بينها 1055 وفاة.
وحذر المنسّق الرئيسي لمواجهة «كوفيد - 19» البروفسور روني غامزو، في أثناء زيارته لبلدة دالية الكرمل بالقرب من حيفا قبل أيام، من أنه «إذا لم يتحلَّ المواطن بالمسؤولية، سنصل إلى مئات ضحايا لـ(كورونا) في المجتمع العربي»، وأضاف: «عشرات المواطنين العرب سيموتون في الأسابيع القادمة بسبب (كورونا)»، وتابع: «نطلب منكم أن تسيطروا على الفيروس وتهزموه».
ولم تقتصر إجراءات الإغلاق على داخل إسرائيل، فقد فُرض الإغلاق أيضاً على عدد من أحياء القدس الشرقية المحتلة مثل بيت حنينا وكفرعقب ومخيم شعفاط.
وحذرت القائمة المشتركة التي تمثل الأحزاب العربية في إسرائيل من «فقدان السيطرة على تفشّي الفيروس في البلدات العربية»، وحمّلت الحكومة المسؤولية، متهمةً إياها بأنها «لا تقوم بفحوص للمواطنين العرب كما يجب».
وأكد زاهي أن «انتشار الأفراح التي انتظرها الناس طويلاً بعدما تم تأجيلها كثيراً، أصبح أبرز سبب لانتقال العدوى، إذ لا توجد كمامات في الأفراح أو تباعد اجتماعي، كما يوجد أكل وشرب ورقص»، وتابع: «مَن سيضع الكمامة أو سيتباعد وهو يرقص؟».
ورأى أن «أعداد العرب وأعداد اليهود المتشددين لدى تجمعهم في أماكن الأفراح أو الأماكن الدينية تكون كثافتهم في المتر الواحد أعلى بكثير مما هي عليه في أماكن أخرى، لذا الإصابات أكثر»، وأقر بأن الخروج السريع من الإغلاق بعد الموجة الأولى للفيروس كان «خطأ فادحاً».
وبين المدن العربية التي يشملها الإغلاق مدينة الناصرة، كبرى المدن العربية في إسرائيل، ومدينتا أم الفحم وشفاعمر.
وبعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية قاعات الأفراح قبل نحو شهر، لجأ الناس إلى إقامة أفراحهم في حدائق منازلهم أو في الشارع.
وقال الناطق باسم بلدية أم الفحم، عبد المنعم فؤاد: «أخطأت السلطات بإغلاق قاعات الأفراح، فأفراح البيوت والشوارع لا توجد عليها رقابة أو تحديد عدد المشاركين أو قياس درجة الحرارة».
وأضاف: «معدّل الإصابة اليومية عندنا خمسون في اليوم، وغالبية الإصابات من الأفراح».
وبدلاً من أن يلغي الناس الأفراح في أم الفحم بعد قرار الإغلاق، «قدّمت موعدها واحتفلت يومي السبت والأحد بنحو خمسين عرساً في المدينة»، وفق المتحدث.
وأقامت الشرطة حواجز وسيّرت دوريات وفرّقت أفراحاً، وحشد الجيش مئات الجنود لمساعدة الشرطة في أنحاء إسرائيل.
وقال الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية، وسيم بدر: «توجد بعض الخروقات للقانون»، مشيراً إلى إحالة «عريس ووالده إلى التحقيق ليل الثلاثاء»، وتفريق سبعة أفراح في الشمال.
ويشمل الإغلاق الليلي المؤسسات التعليمية في هذه المدن، مع إبقاء المرافق الحيوية مفتوحة مثل المخابز والصيدليات والعيادات ومحلات الأغذية، وسُمح بالتجول حتى مسافة 500 متر من المنزل في موازاة منع التجمعات.
وتعارض وزارة المالية الإغلاق الشامل، معتبرة أنّ كلفته «ستكون باهظة على الاقتصاد الإسرائيلي، وقد تصل إلى نحو مليار دولار أسبوعياً. كما يمكن أن يؤدي إلى دخول مئات الآلاف من الموظفين في دائرة البطالة»، لكن المجلس الوزاري المصغّر لشؤون فيروس «كورونا» وافق، مساء الخميس، على توصية وزارة الصحة بخطة طويلة الأمد ومتعددة المراحل لخفض عدد الإصابات، ومن المتوقع أن تصادق الحكومة على الخطة الأحد المقبل.


مقالات ذات صلة

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».