تونس: جبهة لمواجهة سيطرة تحالف «النهضة» على حكومة المشيشي

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
TT

تونس: جبهة لمواجهة سيطرة تحالف «النهضة» على حكومة المشيشي

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)

كشف هيكل المكي، قيادي «حركة الشعب» التونسية المعارضة، عن إطلاق مشاورات حثيثة لتشكيل جبهة برلمانية تتكون من أربع كتل برلمانية ومجموعة من المستقلين، هدفها خلق توازن سياسي وبرلماني في مقابل التحالف البرلماني، الذي تقوده حركة النهضة، إلى جانب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة»، والمكون من نحو 120 نائبا برلمانيا.
وتضم الجبهة البرلمانية الجديدة الكتلة الديمقراطية الممثلة لحركة الشعب، والتيار الديمقراطي (38 مقعدا برلمانيا)، وكتلة «الإصلاح الوطني» (16 نائبا)، إضافة إلى «الكتلة الوطنية» المنشقة عن «قلب تونس» (11 نائبا) وكتلة «تحيا تونس» (10 نواب). علاوة على سبع نواب مستقلين عن الكتل البرلمانية.
وقال المكي إن الهدف من وراء هذه الجبهة المكونة من 82 نائبا «هو التصدي للقوانين التي تصب في مصلحة حركة النهضة، مثل القانون الانتخابي، الذي قد تسعى لجعله على مقاسها ومقاس حلفائها، وتشكيل المحكمة الدستورية لخوض معركة مع رئيس الجمهورية»، على حد تعبيره.
وتوقع أن تعمل هذه الجبهة على تحقيق استقرار سياسي من خلال «النقد البناء، وقوة الاقتراح، والحيلولة دون محاولة أي طرف سياسي ابتزاز حكومة المشيشي واستمالتها». في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية.
من ناحية أخرى، كشفت مصادر سياسية أن أطراف «الحزام الداعم» لحكومة المشيشي، وهي حركة النهضة وحزب قلب تونس، و«ائتلاف الكرامة» أمهلت رئيس الحكومة مدة ثلاثة أشهر من أجل إجراء تحوير وزاري على تركيبة الحكومة، التي نالت ثقة البرلمان في الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي. مشيرة إلى أن حكومة المشيشي قد تكون في مرمى تلك الأحزاب التي قد تهددها بسحب ثقة وإسقاطها برلمانيا. على صعيد غير متصل، ألقت استقالة قيس القوبنطيني، سفير تونس بمنظمة الأمم المتحدة، من السلك الدبلوماسي بظلالها على المشهد السياسي التونسي بعد قرار السلطات إعفاءه من منصبه، وهو ما فاجأ عدداً من الدبلوماسيين في مجلس الأمن، وخلق جدلاً سياسياً حاداً حول مقاييس تعيين وإعفاء الدبلوماسيين التونسيين من مناصبهم، خاصة أن بعضهم لم يتسلم مهامه إلا منذ أشهر قليلة.
وخلف سفير تونس بالأمم المتحدة بدوره المنصف البعتي، الذي شغل المنصب نفسه وأقيل منه بصفة مفاجئة في فبراير (شباط) الماضي، وقد أثارت هذه الإعفاءات المفاجئة استغراب الأوساط الدبلوماسية لما عرفت به هذه الشخصيات من حرفية ومهنية.
وذكرت مصادر إعلامية، نقلاً عن رئاسة الجمهورية، أن دعوة القوبنطيني للعودة إلى تونس تأتي في سياق الإعداد لحركة الدبلوماسية السنوية، وأن دعوته، ليست إقالة، بل تدخل في إطار إعادة تسمية سفراء تونس الجدد أو نقل بعضهم. ويرجّح مراقبون أن يكون هذا القرار ناتجاً من تقييم أداء سفير تونس بالأمم المتحدة خلال الأشهر الماضية، أو على علاقة بتحفظ تونس على التصويت بشأن القرار الأميركي وتمديد العقوبات على إيران، وأشاروا إلى أن مكالمة هاتفية جرت قبل يومين من الإقالة بين الرئيس قيس سعيد ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد تكون وراء هذا القرار.
وكان القوبنطيني قد أجج الانتقادات الموجهة للرئيس حين قال بأنه علم بقرار إعفائه من مواقع التواصل الاجتماعي، واتهم «محيطين برئيس الجمهورية»، بالوقوف وراء إقالته، مؤكداً أنه رفض نقله إلى مركز مرموق في أوروبا، قائلاً «لم أعد أثق بالرئيس سعيّد»، معرباً عن خيبة أمله العميقة لما جرى.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.