فقر الدم الناجم عن نقص الحديد... الأسباب والتشخيص

إرشادات طبية جديدة لإجراء منظار المعدة والقولون

فقر الدم الناجم عن نقص الحديد... الأسباب والتشخيص
TT

فقر الدم الناجم عن نقص الحديد... الأسباب والتشخيص

فقر الدم الناجم عن نقص الحديد... الأسباب والتشخيص

أصدرت رابطة أمراض الجهاز الهضمي الأميركية AGA، في الثاني من سبتمبر (أيلول) الحالي إرشاداتها الإكلينيكية الجديدة حول تقييم سلامة الجهاز الهضمي لدى المصابين بـ«فقر الدم الناجم عن النقص المزمن للحديد». وتم نشرها في حينه ضمن مجلة الجهاز الهضمي Gastroenterology، كنهج إكلينيكي مبني على الأدلة العلمية الحديثة.
وأوضح الباحثون في مقدمة عرض هذه الإرشادات الإكلينيكية الجديدة أن «فقر الدم الناجم عن النقص المزمن للحديد» Chronic Iron Deficiency Anemia هو السبب الأكثر شيوعًا لفقر الدم في العالم. وأن من بين الأسباب الرئيسية، والعميقة في تأثيراتها الصحية، لنشوء «فقر الدم الناجم عن النقص المزمن للحديد» هو: وجود أمراض في الجهاز الهضمي يرافقها نزيف داخلي. وحينذاك يحصل تسريب للدم من الجسم وخروجه مع البراز إما بهيئة نزيف دموي واضح للعيان نتيجة لحصول نزيف حاد وشديد في وقت قصير، أو على هيئة نزيف دموي خفي Occult Bleedingنتيجة نزف بطيء ومستمر لفترات طويلة.
ولذا فإن في حالات «فقر الدم الناجم عن النقص المزمن للحديد»، التي لا تحصل نتيجة لسبب ظاهر، يجب فحص الجهاز الهضمي للتأكد من خلو أجزائه من أي أمراض يرافقها نزيف دموي داخلي. وخاصة عند ملاحظة تغيرات في لون البراز أو إثبات فحوصات البراز احتواءه على كميات ضئيلة وخفية من الدم FOB، أو وجود أعراض مرضية في الجهاز الهضمي أو الكبد.
- تسرب الحديد
وبتوضيح أدق، تناول الباحثون موضوع «تسريب» الحديد مع النزيف الدموي في الجهاز الهضمي عبر مقدمتين.
> المقدمة الأولى تتعلق بتعامل الجسم مع الحديد. أفاد الباحثون أن في الظروف العادية للجسم، يتم تنظيم التعامل مع الحديد بشكل دقيق في الدخول إلى الجسم والخروج منه. ودخول الحديد إلى الجسم يتم عبر امتصاص الأمعاء الدقيقة للحديد الموجود في الطعام. وبالنسبة لخروجه من الجسم، لا توجد آليه طبيعية تنظم عملية إخراج الحديد، كما هو الحال في المعادن الأخرى كالصوديوم والكالسيوم مثلاً عبر الكلى، ولكن الجسم «يفقد» يومياً في الحالات الطبيعية ما بين 0.25 (صفر فاصلة خمسة وعشرين) إلى 0.75 (صفر فاصلة خمسة وسبعين) مليغرام من الحديد، وذلك نتيجة تقشير خلايا الجلد الخارجية وإفراز العرق وتقشر خلايا بطانة أجزاء الجهاز الهضمي.
ويُعوض الجسم هذا الفقد عبر امتصاص الأمعاء لمزيد من حديد الطعام وعبر استخدام مخزون الحديد في الجسم. وثمة قدرة استيعابية جيدة للأمعاء الدقيقة في زيادة امتصاص للحديد Iron Absorptive Capacity، لتعويض النقص. وعليه، فإن نقص الحديد بالجسم يحدث فقط عندما ينفد مخزون الحديد في الجسم، وعندما يتجاوز فقدان الحديد القدرة الاستيعابية لامتصاصه في الأمعاء الدقيقة، وحينها تبدأ مراحل حصول حالة فقر الدم الناجم عن النقص المزمن للحديد.
> أما المقدمة الثانية للباحثين فتتعلق بكمية نزيف الدم. وأوضح الباحثون أن نزيف الجهاز الهضمي العلوي بكمية دم تفوق 100 مليلتر، قد يتسبب بتغير لون البراز عن الطبيعي وخروج براز ذي لون أسود Melena. ومعلوم أنه بسبب تفاعل أحماض المعدة مع الدم، يتحول لونه من الأحمر إلى البني الغامق أو الأسود، وهو ما يُغير لون البراز. ولكن فقدان ما بين 50 إلى 100 مليلتر من الدم قد لا يتسبب بتلك التغيرات الواضحة في البراز، وحينها يكون «نزيفاً خفياً» ولا يُلاحظ المريض أو الطبيب حصوله. وعندما يستمر هذا النزيف القليل الكمية لفترات زمنية طويلة، تظهر حالة فقر الدم الناجمة عن الفقدان المزمن للحديد.
- فحص الجهاز الهضمي
وعملياً، أفاد الباحثون أن أي آفة مرضية تسببت في تهتك الغشاء المخاطي المُبطن لأحد أجزاء الجهاز الهضمي، يمكن أن تكون السبب وراء حصول نزيف خفي، وبالتالي التسبب بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد. وقال الباحثون: «في الواقع، ثمة طيف إكلينيكي واسع لمسببات فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، لأن العديد من الآفات المرضية المختلفة - التي تحدث في العديد من المواقع المختلفة في الجهاز الهضمي- قادرة على التسبب بالنزف الدموي بطريقة خفية Bleeding Lesion».
وأوضحوا أن تقييم الجهاز الهضمي في هذه الظروف، يشمل بالدرجة الأولى كل من: منظار الجهاز الهضمي العلوي Upper GI، أي منظار المريء والمعدة والإثنا عشر Esophago-Gastro-Duodeno-Scopy، ومنظار الجهاز الهضمي السفلي Lower GI، أي منظار المستقيم والقولون Colonoscopy. وإجراء هاذين المنظارين لنفس المريض في نفس الوقت يُسمى إجراء «منظار داخلي ثنائي الاتجاه» Bidirectional Endoscopy.
- توصيات رئيسية
وتضمنت التوصيات الرئيسية للمبادئ التوجيهية الحديثة الصادرة عن رابطة أمراض الجهاز الهضمي الأميركية العناصر التالية:
> توصي رابطة أمراض الجهاز الهضمي الأميركية بشدة أن يقوم الأطباء بتوثيق وجود كل من نقص الحديد وفقر الدم بعناية قبل التقييم بالمنظار.
> توصي رابطة أمراض الجهاز الهضمي الأميركية بشدة أن يقوم اختصاصيو الجهاز الهضمي بإجراء منظار داخلي ثنائي الاتجاه (الجهاز الهضمي العلوي والجهاز الهضمي السفلي) للرجال الذين لا تظهر عليهم أعراض، وللنساء بعد سن اليأس المصابات بفقر الدم بسبب نقص الحديد.
> تقدم رابطة أمراض الجهاز الهضمي الأميركية بشكل مشروط نفس التوصية للنساء اللواتي في فترة ما قبل انقطاع الطمث، وتشجع في هذا الشأن على اتخاذ القرار بطريقة مشتركة بين الطبيب والمريضة. وإذا كان المريض يعاني من أعراض الجهاز الهضمي، فيجب تصميم التقييم التشخيصي وفقًا لذلك.
> إن أمكن، يجب إجراء التنظير الداخلي ثنائي الاتجاه في نفس الجلسة للمريض.
> إجراء اختبارات غير تدخلية Non-Invasive Testingلكشف عن كل من: بكتيريا هيليكوباكتر بيلوري Helicobacter pylori ( بكتيريا المعدة الحلزونية) ومرض سيليكCeliac Disease ( الداء البطني لتلف بطانة الأمعاء الدقيقة)، في المرضى الذين يعانون من فقر الدم بسبب نقص الحديد- ولا يشكون من أي أعراض لاضطرابات الجهاز الهضمي- قبل إجراء التنظير ثنائي الاتجاه. وتنصح رابطة أمراض الجهاز الهضمي الأميركية بعدم إجراء أخذ عينات خزعية Biopsiesمن أنسجة المعدة أو الاثني عشر إذا كانت لديهم نتائج سلبية لتلك الاختبارات.
> في المرضى الذين حالتهم مستقرة، ولا يشكون من أي أعراض لاضطرابات الجهاز الهضمي، والذين في نفس الوقت يعانون من فقر الدم بسبب نقص الحديد، ولم يتم تحديد أي مصدر محتمل لفقد الدم بعد التقييم الأولي باستخدام التنظير ثنائي الاتجاه وإجراء الاختبارات غير التدخلية، توصى رابطة أمراض الجهاز الهضمي الأميركية بإعطاء فرصة بتناول أدوية الحديد قبل التقدم بإجراء تقييم الأمعاء الدقيقة باستخدام التنظير الداخلي لكبسولة الفيديو Video Capsule Endoscopy.
- التنظير الافتراضي للقولون
> تفيد مصادر طب الجهاز الهضمي إلى التطورات في دقة فحوصات الأشعة المقطعية وفرت تقنية لفحص القولون بالأشعة المقطعية، وهي التي تُسمى طبياً بـ«تنظير القولون الافتراضي» Virtual Colonoscopy كوسيلة تشخيصية مفيدة وبديلة لمنظار القولون التقليدي، وخاصة في حالات سرطان القولون.
ويعتمد «تنظير القولون الافتراضي» على استخدام التصوير المقطعي المحوسب CT Scan للحصول على مئات الصور المقطعية العرضية Cross-Sectional Images لأعضاء البطن. ثم يتم جمع تلك الصور ودمجها بطريقة رقمية، للحصول على عرض مفصل لما هو داخل القولون والمستقيم.
وثمة دواع عدة لاستخدام هذه التقنية، ومن أهمها الكشف عن سرطان القولون في الأشخاص فوق سن 50 سنة والذين احتمالات وجود ذلك لديهم ليست مرتفعة ولا يتطلب الأمر خضوعهم لإزعاج إجراء منظار القولون. كما قد يرغب في ذلك بعض المرضى كبديل عن المنظار، أو كان الشخص عرضة لخطر مضاعفات النزيف بمنظار القولون، أو وجود عدد من الظروف الصحية الأخرى. وعادة ما يناقش الطبيب هذا الأمر مع مريضه.
- آليات مرضية متعددة
> فقر الدم هو حالة يفتقر فيها الدم إلى ما يكفي من خلايا الدم الحمراء «السليمة»، التي تنقل الأكسجين لأنسجة الجسم بكفاءة. ومن بين الأسباب المتعددة لفقر الدم، ثمة نوع «فقر الدم الناجم عن نقص الحديد». وفيه لا تحتوي خلايا الدم الحمراء على الكمية الكافية والفاعلة من مركبات الهيموغلوبين (التي تمنح الدم لونه الأحمر).
ومركبات الهيموغلوبين هي التي يرتبط بها الأوكسجين عند الانتقال من الرئة إلى أنسجة وخلايا الجسم كافة، وقلب مركب الهيموغلوبين هو عنصر الحديد.
وتحدث حالة «نقص الحديد» لسببين رئيسيين في الغالب: السبب الأول: زيادة تسريبه إلى خارج الجسم في حالات النزيف الخارجي أو النزيف الداخلي في الجهاز الهضمي، أو زيادة طمث الدورة الشهرية.
والسبب الثاني: نقص تزويد الجسم بالحديد. ونقص تزويد الجسم بالحديد يحصل في حالتين رئيسيتين. والحالة الأولى: نقص احتواء الغذاء اليومي على الكمية التي يحتاجها الجسم بشكل يومي من الحديد RDA، نتيجة لقلة تناول الأغذية الغنية بالحديد كاللحوم والبيض والخضروات الخضراء الغنية بالألياف والأطعمة المعززة بحمض الفوليك. وتعتبر اللحوم الحمراء من أفضل مصادر الحديد، لاحتوائها على الحديد في هيئة مركبات «حديد الهيم» Heme Iron، وهي سهلة الامتصاص على الأمعاء مقارنة بأنواع «حديد غير الهيم» الموجودة في أنواع المنتجات النباتية بالعموم. ولذا قد يكون الأشخاص الذين لا يتناولون اللحم أكثر عرضة للإصابة بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد. كما يُمكن زيادة امتصاص الأمعاء للحديد من الغذاء، عبر زيادة تناول الأطعمة الغنية بفيتامين سي C.
والحالة الثانية: حصول «ظروف» غير طبيعية في الجهاز الهضمي تعوق امتصاص الحديد، كأمراض التهابات الأمعاء أو نقص أحماض المعدة أو ما بعد عمليات جراحات إنقاص الوزن وغيرها.
وعندما يكون فقر الدم الناتج عن نقص الحديد طفيفًا جدًا لا تتم ملاحظته وقد لا يتسبب بأي أعراض أو علامات، ولكن عند انخفاض مستوى الحديد في الجسم وتسببه بفقر واضح في الدم، تظهر عدة أعراض وعلامات، كالإرهاق الشديد، أو الضعف، أو شحوب الجلد، أو ألم الصدر، أو تسارُع ضربات القلب، أو ضيق النفس، أو الصُداع، أو الدوار، أو الدوخة، أو برودة اليدين والقدمين، أو التهاب أو ألم في اللسان، أو هشاشة الأظافر.
التنظير بالكبسولة... تصوير مباشر بالفيديو داخل الأمعاء
> يتمكن الأطباء اليوم من الحصول على صور نقل لمباشر لرؤية ما يجري داخل الأمعاء الدقيقة لفترة طويلة. والأمعاء الدقيقة تعتبر منطقة لا يمكن الوصول إليها بسهولة ولا يمكن تصويرها من الداخل باستخدام المناظير المرنة التقليدية المُستخدمة عادة لتصوير الجهاز الهضمي العلوي والقولون. ومعلوم أن التنظير التقليدي يتضمن استخدام أنبوب طويل مرن مزود بكاميرا فيديو وتمريره إما عبر الحلق إلى المريء والمعدة والاثنا عشر، أو عبر فتحة الشرج إلى المستقيم وأجزاء القولون إلى بدايته.
وعادة يتم إعطاء المريض تعليمات للإجراءات قبل وأثناء استخدام كبسولة التنظير. ومنها التوقُف عن تناوُل الطعام والشراب قبل الإجراء بـ12 ساعة على الأقل للحصول على صور أكثر وضوحاً للأمعاء الدقيقة. ويستطيع الشخص ممارسة الأنشطة المعتادة في حياته اليومية بعد ابتلاع الكبسولة، ولكن دون ممارسة التمارين الرياضية الشاقة أو رفع الأثقال.
ومن الناحية التقنية، فإن كبسولة التنظير بحجم كبسولة الفيتامينات الدوائية، وتحتوي على كاميرا فيديو. وبعد ابتلاعها مع الماء، تنتقل الكبسولة عبر مجرى أجزاء الهضمي، أي المريء ثم المعدة ثم الاثنا عشر ثم أجزاء الأمعاء الدقيقة ثم القولون ثم المستقيم، ثم تخرج مع البراز خلال بضعة أيام.
وخلال تلك الرحلة، تلتقط الكاميرا آلاف الصور التي تُرسل مباشرة إلى جهاز تسجيل يرتديه المريض على حزام حول خصره. وللتوضيح، يتم تثبيت رقع لاصقة على البطن، تحتوي كل منها على هوائي به أسلاك تتصل بمسجل. ويتم ارتداء المسجل على حزام خاص حول الخصر. وتعمل كاميرا الكبسولة على إرسال الصور إلى هوائي الرقع المثبتة على البطن، والتي ترسلها تباعاً إلى المسجل، الذي يقوم بتخزين الصور إلى حين مراجعتها وفحصها لاحقاً.
وتتعدد دواعي استخدام هذه التقنية التصويرية التشخيصية لمجاري الجهاز الهضمي، ومن أهمها استكشاف أسباب النزيف الدموي غير المبرر الذي من الممكن أن يكون مصدره الأمعاء الدقيقة بالذات. وكذلك تستخدم في الكشف عن مناطق الالتهاب في الأمعاء الدقيقة، أو لمراقبة رد الفعل المناعي تجاه تناول الغلوتين في داء سيليك (الداء البطني)، أو لكشف الأورام بأنواعها في الأمعاء الدقيقة أو أجزاء أخرى للمجرى الهضمي. وتشير مصادر طب الجهاز الهضمي إلى أن استخدام كبسولة التنظير هو إجراء تشخيصي آمن بالعموم، ويحمل مخاطر منخفضة جداً.
- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ما هو التفكير المُفرط

«كفأرٍ يركض على عجلة»... 15 عادة تؤدي للإفراط في التفكير

هل شعرت يوماً أن عقلك عبارة عن فأر يركض على عجلة، ولا يتوقف أبداً للراحة؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص نائم  (د.ب.أ)

نصائح للاستغراق في النوم خلال الليالي الحارة

يعد النوم الجيد أمراً ضرورياً للصحة العقلية والجسدية، ولكن عندما يكون الجو حاراً يمكن أن يتأثر نومنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأدلة تزداد على أن الروائح قد تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية (رويترز)

باحثون يربطون بين حاسة الشم والاكتئاب... ما العلاقة؟

هناك ظاهرة أقل شهرة مرتبطة بالاكتئاب، وهي ضعف حاسة الشم، وفقاً لتقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تمارين تساعدك على زيادة سعة الرئة

تمارين تساعدك على زيادة سعة الرئة

تلعب الرئة دوراً مهماً في صحة الجهاز التنفسي واللياقة البدنية بشكل عام، وتشير سعة الرئة إلى الحد الأقصى من كمية الهواء التي يمكن أن تحتويها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

تدريب لتحسين حياة مرضى سرطان الثدي

الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
TT

تدريب لتحسين حياة مرضى سرطان الثدي

الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)

أظهرت دراسة ألمانية أن برنامجاً يركز على التدريبات البدنية يمكن أن يحسن جودة الحياة لدى مرضى سرطان الثدي النقيلي.

أوضح الباحثون بقيادة المركز الألماني لأبحاث السرطان، أن هذا البرنامج أدى إلى تحسن ملحوظ في جودة الحياة، وتراجع كبير في التعب، وفق النتائج التي نشرت، الخميس، في دورية «Nature Medicine».

وسرطان الثدي النقيلي، أو المتقدم، هو نوع من السرطان ينتشر من الثدي إلى أجزاء أخرى في الجسم، ويتضمن انتشار الخلايا السرطانية إلى العظام والرئتين والكبد والدماغ، ويحدث هذا الانتشار عندما تنتقل الخلايا السرطانية من الورم الأصلي في الثدي عبر الدم أو الجهاز الليمفاوي إلى أجزاء أخرى من الجسم.

وتعد المحافظة على جودة الحياة أو تحسينها وتخفيف التعب أهدافاً مهمةً في رعاية مرضى السرطان، إذ يؤثر المرض نفسه وعلاجاته على جودة الحياة، كما يعاني العديد من المرضى من متلازمة التعب، التي تؤدي إلى الإرهاق البدني والعاطفي والعقلي المستمر.

وشملت الدراسة 355 امرأة ورجلين مصابين بسرطان الثدي النقيلي في ألمانيا، وقسموا إلى مجموعتين، الأولى انخرطت في البرنامج التدريبي، الذي شمل جلستين أسبوعياً على مدى 9 أشهر، فيما لم تشارك المجموعة الأخرى في البرنامج.

وتضمن البرنامج التدريبي الفردي تحت إشراف علاجي تمارين لتعزيز التوازن وقوة العضلات والقدرة على التحمل.

وحصل جميع المشاركين في الدراسة على توصيات أساسية لممارسة الرياضة، وتم تزويدهم بجهاز تتبع النشاط لتسجيل مقدار التمرين الذي قاموا به في حياتهم اليومية.

وجرى سؤال المشاركين عن جودة حياتهم باستخدام استبيان موحد يأخذ في الاعتبار الجوانب البدنية والعقلية والعاطفية لجودة الحياة في بداية الدراسة، وبعد 3 و6 و9 أشهر.

بالإضافة إلى ذلك، أجرى الباحثون استبياناً موحداً لتقييم أعراض التعب، وتم اختبار اللياقة البدنية في البداية، وفي فواصل زمنية مدتها 3 أشهر باستخدام جهاز الدراجة الثابتة.

ووجد الباحثون أن المجموعة الأولى انخفضت لديها الأعراض المرتبطة بالمرض والعلاج بشكل ملحوظ، ما أدى إلى تحسين جودة الحياة، مقارنة بالمجموعة الأخرى.

وأدى البرنامج التدريبي المنظم إلى تحسين ملحوظ في جودة الحياة وانخفاض كبير في التعب، حيث انخفضت شكاوى مثل الألم وضيق التنفس بشكل ملحوظ خلال فترة الدراسة. وكانت نتائج اختبار اللياقة البدنية في مجموعة التدريب أفضل من مجموعة التحكم.

وقال الباحثون إن النساء المصابات بالسرطانات المتقدمة مثل سرطان الثدي النقيلي، اللاتي يتلقين العلاج طويل الأمد، يمكن أن يستفدن بشكل كبير من إدارة الأعراض المرتبطة بالمرض والعلاج بشكل جيد.

وأضافوا أن التأثيرات الإيجابية المشجعة للغاية للبرنامج التدريبي يمكن أن تجعل مرضى سرطان الثدي المتقدم يعيشون حياة أفضل ويتمتعون بلياقة بدنية أكبر.