هل الدوري الإنجليزي الممتاز جاهز لاستقبال مارسيلو بيلسا «الغريب الأطوار»؟

البطولة ستكون أكثر إثارة برؤية الأرجنتيني مدرباً لليدز بعد غياب طويل عن «الأضواء»

بيلسا قاد ليدز للعودة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب 16 عاماً (رويترز)
بيلسا قاد ليدز للعودة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب 16 عاماً (رويترز)
TT

هل الدوري الإنجليزي الممتاز جاهز لاستقبال مارسيلو بيلسا «الغريب الأطوار»؟

بيلسا قاد ليدز للعودة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب 16 عاماً (رويترز)
بيلسا قاد ليدز للعودة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب 16 عاماً (رويترز)

عاد نادي ليدز يونايتد إلى الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى منذ 16 عاماً، وينتظر الجميع الآن رؤية المدير الفني الأرجنتيني مارسيلو بيلسا، البالغ من العمر 65 عاما، والذي سيجعل المسابقة أكثر إثارة للاهتمام بكل تأكيد. وعلاوة على ذلك، فإن عودة ليدز يونايتد لدوري الأضواء والشهرة سترفع الحالة المعنوية لسكان أكبر مدينة في أوروبا، والتي قضت وقتاً طويلاً دون أن يمثلها ناد في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ومن الواضح أن ملاعب كرة القدم الإنجليزية تستعد هذا الموسم للحظات شديدة الخصوصية بفضل وجود بيلسا، الذي يتميز بأسلوبه الفريد من نوعه في العمل. ومن المعروف أن المديرين الفنيين من أصحاب الملايين لا يعيشون أو يتصرفون مثل بيلسا، ومن الواضح أيضا أن بيلسا يختلف عن جميع المديرين الفنيين الآخرين، فيما يتعلق بخططه التكتيكية داخل الملعب.
ويجب الإشارة إلى أن ليدز يونايتد، تحت قيادة بيلسا، يلعب كرة قدم هجومية وجريئة تختلف عن أي ناد آخر لديه ميزانية مماثلة. وكان هوارد ويلكينسون، آخر مدير فني قاد ليدز يونايتد للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز عام 199، بارعا في النواحي الخططية والتكتيكية وكان يلعب بطريقة براغماتية من أجل تحقيق النتائج التي يريدها، لكنه كان - مثل بيلسا - يتسم بالذكاء الشديد، ولم يكن يحب التفاخر أو التظاهر، ولم يكن يخشى أبداً القيام بالأشياء بطريقة مختلفة عن الآخرين.
وفي الحقيقة، هناك العديد من القواسم المشتركة بين الرجلين، فكلاهما يؤمن بأهمية الالتزام الشديد بأدق التفاصيل داخل الملعب، وبأهمية الاجتهاد والصرامة والتعلم من الأخطاء. وكما كان الحال مع ويلكينسون، فإن بيلسا - الذي يطلب من لاعبيه في كثير من الأحيان جمع القمامة من ملعب التدريب - لا يتعامل مع وسائل الإعلام مثل غيره من المديرين الفنيين، وقد رفع المدير الفني الحالي مستوى المؤتمرات الصحافية إلى آفاق جديدة، ففي رده على سؤال خلال الموسم الماضي بشأن اللياقة البدنية للمهاجم الفرنسي الذي يلعب لفريقه على سبيل الإعارة، جان كيفن أوغستين، ظل المدير الفني الأرجنتيني يتحدث لمدة 20 دقيقة واستخدم 1500 كلمة لكي يشرح معاناة اللاعب من إجهاد في أوتار الركبة!
ومن الناحية الإيجابية، يبدو أن كلمة «أعذار» لا توجد في قاموس المدير الفني الأرجنتيني، الذي يعتقد أن المقابلات الفردية «غير ديمقراطية»، ويمتنع عن استخدام وسائل الإعلام لتوجيه الانتقادات للحكام أو المديرين الفنيين المنافسين، أو المرافق المتدنية المستوى، أو السياسة التي يتبناها ناديه فيما يتعلق بالتعاقدات الجديدة.
وبمجرد دخوله إلى الملعب، تتغير الأمور تماما، حيث ينفذ اللاعبون تعليماته بحذافيرها ويغيرون مراكزهم مع بعضهم البعض بتفاهم كبير، ويمررون الكرات بسرعة ويتحركون بشكل متواصل ويشنون الهجمات المرتدة بسرعة فائقة، والأهم من ذلك أنهم يضغطون على الفريق المنافس بقوة، وهو الأمر الذي يربك المدير الفني للفريق المنافس ولا يعرف كيف يتعامل مع هذا الموقف. ومن المعروف أن العديد من المديرين الفنيين البارزين، مثل المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا والمدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو، قد تتلمذوا على يد بيلسا.
إن الطريقة التي يلعب بها مانشستر سيتي تحت قيادة غوارديولا، والطريقة التي كان يلعب بها بوكيتينو مع توتنهام هوتسبير، تحمل ظلالا متميزة للطريقة التي يعتمد عليها بيلسا مع ليدز يونايتد - وإن كان مانشستر سيتي وتوتنهام لديهما لاعبون أفضل وأغلى سعرا بالطبع. والآن، فإن التحدي الذي يواجه بيلسا وفريقه المكون من لاعبين مغمورين ورخيصي السعر نسبيا، هو اللعب بنفس الطريقة في الدوري الإنجليزي الممتاز. وعندما انتهى عقد بيلسا مع ليدز يونايتد في يوليو (تموز) الماضي، كانت هناك مخاوف من احتمال أن يستقيل شخصية من الشخصيات الأكثر غموضاً في عالم كرة القدم اليوم، لكنه توصل لاتفاق مع مسؤولي ليدز يونايتد للاستمرار مع الفريق، ولا يتبقى - حتى كتابة هذه السطور - إلا توقيعه على العقد.
وبغض النظر عما سيحدث في الأسابيع والأشهر المقبلة، فإن الفريق يضم مجموعة من اللاعبين المميزين، مثل المبدع بابلو هيرنانديز، وكالفين فيليبس، وماتيوز كليتش، وقائد الفريق ليام كوبر، الذين تطور مستواهم بشكل مذهل، وهو ما يعكس قدرة بيلسا على تطوير وتحسين قدرات لاعبيه. ويتحدر بيلسا من عائلة تضم الكثير من المحامين والمعماريين البارزين والدبلوماسيين والسياسيين في روزاريو، لكنه استغل ذكاءه الحاد للتركيز على الخطط التكتيكية في كرة القدم. ورغم أن زوجته، لورا، وهي أكاديمية، تتنقل بين بلدة ويذرباي بمدينة ليدز، والأرجنتين، فإن كرة القدم تهيمن على حياتها الأسرية وعلى ابنتيها البالغتين، إينيس ومرسيدس.
وحتى وفقاً لمعايير كرة القدم التي يوجد بها العديد من المديرين الفنيين المتميزين والمهوسين بالعمل في هذه المهنة، فإن بيلسا يتميز عن كل الآخرين بسعيه الدائم نحو الكمال. وقال جمهور ليدز يونايتد عن بيلسا: «إنهم يطلقون عليه اسم المجنون، لكنه يعرف بالضبط ما نحتاجه». ويمتلك المدير الفني الأرجنتيني خبرة هائلة بفضل توليه قيادة كل من نيولز أولد بويز، وفيليز سارسفيلد، وإسبانيول، ومنتخب الأرجنتين، ومنتخب تشيلي، وأتلتيك بيلباو، ومرسيليا، ولاتسيو، وليل. وقال قائد ليدز يونايتد، ليام كوبر: «إننا نلعب ضد العالم بأكمله. هذه هي رسالتي دائما إلى اللاعبين. نحن عائلة واحدة كبيرة ولدينا عقلية الحصار هذه».
وقد تم تغذية الشعور بأن ليدز يونايتد يواجه العالم بأكمله، من قبل مالك النادي الإيطالي، أندريا رادريزاني، ومدير كرة القدم الإسباني، فيكتور أورتا، والرئيس التنفيذي، أنغوس كينير. وكان ليدز يونايتد أول نادٍ في دوري الدرجة الأولى يوافق لاعبوه ومديره التنفيذيون على تأجيل حصول اللاعبين على مستحقاتهم المالية بمجرد تفشي فيروس «كورونا»، ووافقوا على تخفيض الرواتب، في كثير من الحالات، بنسبة 50 في المائة على الأقل، عن طريق وضع حد أقصى للرواتب لا يتجاوز 6000 جنيه إسترليني في الأسبوع. وقد ساهمت هذه البادرة في إنقاذ وظائف 272 من العاملين بالنادي، كما ساهم في ضمان استمرار دفع رواتب عدد كبير من العمال المؤقتين أثناء فترة الإغلاق.
وعلى عكس بعض الأندية، هناك علاقة قوية للغاية بين اللاعبين داخل غرفة خلع الملابس. ويعمل أورتا على ضمان الاحتفال بأعياد ميلاد اللاعبين وإحياء الذكرى السنوية لأي مناسبة مهمة، حتى للموظفين المبتدئين بالنادي. ويؤمن مجلس إدارة النادي بأن تطوير البنية التحتية خارج الملعب لا يقل أهمية عن العمل التكتيكي والخططي الذي يقوم به بيلسا داخل المستطيل الأخضر. وهناك خطط لإنشاء مجمع تدريبي بقيمة 25 مليون جنيه إسترليني، بالإضافة إلى إقامة عدد من الملاعب العامة ومركز طبي، ومرافق أخرى تهدف إلى إفادة السكان المحليين.
وتعمل جوديث بليك، رئيسة مجلس مدينة ليدز، عن كثب مع الرئيس التنفيذي لنادي ليدز يونايتد، أنغوس كينير، لتنفيذ هذه الخطط. وتقول بليك: «عندما يحقق نادي ليدز يونايتد نتائج جيدة، فليس من المبالغة القول إنك تشعر بتغير الحالة المزاجية في المدينة على العديد من المستويات المختلفة. لم يأسر مارسيلو بيلسا خيال الجمهور فحسب، لكنه ألهب حماس وخيال المدينة بأكملها».
وتضيف: «الأمر لا يتعلق فقط بكرة القدم الجميلة التي يلعبها ليدز يونايتد، أو كيف تمكن مارسيلو من مساعدة لاعبيه على تقديم 10 في المائة أكثر من عطائهم الكروي المعتاد، لكن الأمر يتعلق بالنهج الذي يتبعه ككل. إنه يؤمن بأهمية الجماهير وبأن كرة القدم لا تعني شيئا دون الجمهور. الأمر يتعلق بشغفه باللعبة واندماجه بها واهتمامه بأدق التفاصيل، وكذلك بتواضعه. نحن محظوظون جدا لوجوده معا».


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: ساوثهامبتون يحرم برايتون من الوصافة

رياضة عالمية من المواجهة التي جمعت برايتون وساوثهامبتون (أ.ف.ب)

الدوري الإنجليزي: ساوثهامبتون يحرم برايتون من الوصافة

أهدر برايتون فرصة الارتقاء الى المركز الثاني مؤقتا بسقوطه في فخ التعادل 1-1 مع جاره الجنوبي ساوثمبتون الجمعة في افتتاح المرحلة الثالثة عشرة من الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية نيستلروي عقب توقيعه العقد مع ليستر سيتي (حساب ليستر سيتي)

ليستر سيتي يستنجد بنيستلروي مدرباً جديداً لإنقاذه

أعلن ليستر سيتي المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، تعيين رود فان نيستلروي مدربا جديدا له خلفا لستيف كوبر بعقد يمتد حتى يونيو حزيران 2027.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كوناتي لن يتمكن من المشاركة في القمة الإنجليزية (أ.ف.ب)

كوناتي يقطع الشك: لن أشارك أمام مانشستر سيتي

ثارت شكوك حول احتمال غياب إبراهيما كوناتي، مدافع فريق ليفربول الإنجليزي، عن مباراة فريقه أمام مانشستر سيتي المقرر إقامتها الأحد في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية هل تتواصل أحزان مانشستر سيتي في ليفربول؟ (أ.ب)

ليفربول المنتشي لتعميق جراح سيتي في الدوري الإنجليزي

حتى في فترته الذهبية تحت قيادة جوسيب غوارديولا أخفق مانشستر سيتي في ترويض ليفربول بأنفيلد.

رياضة عالمية لامبارد (د.ب.أ)

لامبارد مدرب كوفنتري الجديد: سأثبت خطأ المشككين

قال فرنك لامبارد، مدرب كوفنتري سيتي الجديد، إنه يسعى لإثبات خطأ المشككين في قدراته بعد توليه مسؤولية الفريق المنافِس في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
TT

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)

قال باولو فونيسكا مدرب ميلان المنافس في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم الجمعة، إن الفوز على فينيتسيا بعد ثلاث مباريات دون انتصار هذا الموسم، بنفس أهمية مواجهة ليفربول أو غريمه المحلي إنتر ميلان.

ويتعرض فونيسكا للضغط بعدما حقق ميلان نقطتين فقط في أول ثلاث مباريات، وقد تسوء الأمور؛ إذ يستضيف ليفربول يوم الثلاثاء المقبل في دوري الأبطال قبل مواجهة إنتر الأسبوع المقبل. ولكن الأولوية في الوقت الحالي ستكون لمواجهة فينيتسيا الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء والذي يحتل المركز قبل الأخير بنقطة واحدة غداً (السبت) حينما يسعى الفريق الذي يحتل المركز 14 لتحقيق انتصاره الأول.

وقال فونيسكا في مؤتمر صحافي: «كلها مباريات مهمة، بالأخص في هذا التوقيت. أنا واثق كالمعتاد. من المهم أن نفوز غداً، بعدها سنفكر في مواجهة ليفربول. يجب أن يفوز ميلان دائماً، ليس بمباراة الغد فقط. نظرت في طريقة لعب فينيتسيا، إنه خطير في الهجمات المرتدة».

وتابع: «عانينا أمام بارما (في الخسارة 2-1)، لكن المستوى تحسن كثيراً أمام لاتسيو (في التعادل 2-2). المشكلة كانت تكمن في التنظيم الدفاعي، وعملنا على ذلك. نعرف نقاط قوة فينيتسيا ونحن مستعدون».

وتلقى ميلان ستة أهداف في ثلاث مباريات، كأكثر فرق الدوري استقبالاً للأهداف هذا الموسم، وكان التوقف الدولي بمثابة فرصة ليعمل فونيسكا على تدارك المشكلات الدفاعية.

وقال: «لم يكن الكثير من اللاعبين متاحين لنا خلال التوقف، لكن تسنى لنا العمل مع العديد من المدافعين. عملنا على تصرف الخط الدفاعي وعلى التصرفات الفردية».

وتابع فونيسكا: «يجب علينا تحسين إحصاءاتنا فيما يتعلق باستقبال الأهداف، يجب على الفريق الذي لا يريد استقبال الأهداف الاستحواذ على الكرة بصورة أكبر. نعمل على ذلك، يجب على اللاعبين أن يدركوا أهمية الاحتفاظ بالكرة».