«النهضة» التونسية تعود إلى الواجهة عبر دعم حكومة المشيشي

المشيشي يلقي خطاباً الأسبوع الماضي بمناسبة تسلمه الحكومة من الفخفاخ الجالس بجواره (د.ب.أ)
المشيشي يلقي خطاباً الأسبوع الماضي بمناسبة تسلمه الحكومة من الفخفاخ الجالس بجواره (د.ب.أ)
TT

«النهضة» التونسية تعود إلى الواجهة عبر دعم حكومة المشيشي

المشيشي يلقي خطاباً الأسبوع الماضي بمناسبة تسلمه الحكومة من الفخفاخ الجالس بجواره (د.ب.أ)
المشيشي يلقي خطاباً الأسبوع الماضي بمناسبة تسلمه الحكومة من الفخفاخ الجالس بجواره (د.ب.أ)

عادت حركة «النهضة» في تونس إلى واجهة المشهد السياسي عبر دعمها حكومة هشام المشيشي، بل وإقناع حليفها في البرلمان حزب «قلب تونس» بالتصويت لصالح الحكومة الجديدة، وذلك خصماً على حساب طرفين سابقين في الائتلاف الحكومي المستقيل، حزب «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب» اللذين غادرا كرسي السلطة بعد نحو ستة أشهر فقط من الحكم.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة استفادت من تخبط خصومها في تحديد مواقفهم من الحكومة ودعم مقترح حكومة الرئيس دون التأكد من إمكانية مرورها وحصولها على ثقة البرلمان التونسي. كما استفادت الحركة من دخول الرئيس التونسي كطرف في معادلة السلطة وتكليفه شخصية سياسية من خارج مقترحات الأحزاب الممثلة في البرلمان والعجز عن الدفاع عن خيار حكومة الكفاءات المستقلة التي بقيت في حاجة أكيدة لأصوات الكتل البرلمانية.
وفي هذا الشأن، قال هشام بوعزيز المحلل السياسي التونسي إن النهضة استفادت كثيراً من الفرصة التي منحها لها الرئيس التونسي بارتكابه بعض الأخطاء التي أدت إلى حصول شرخ بينه وبين رئيس الحكومة هشام المشيشي، ومن تلك الأخطاء الدعم الرئاسي لترشح وليد الزيدي لحقيبة وزارة الثقافة رغم إعلان المشيشي عن التخلي عنه، وهذا ما أدى إلى مسارعة رئيس الحكومة بلقاء رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي هب لنجدته ومكنه من أصوات كتلته البرلمانية (54 صوتاً) وأقنع حليفه البرلماني حزب قلب تونس بالتصويت لصالح الحكومة خدمة لمصلحة تونس وحفاظاً على الاستقرار السياسي في البلاد.
وأضاف بوعزيز أن النهضة تمكنت من الخروج بأخف الأضرار إثر سلسلة من التضييقات التي استهدفت الغنوشي رئيسها ورئيس البرلمان التونسي، ما أدى إلى عقد جلسة برلمانية لتجديد الثقة في شخصه، علاوة على الدعوات المتكررة باستبعاد حركة النهضة من المشهدين البرلماني والسياسي ورفض مشاركتها في الحكومة الجديدة. يذكر أن الحكومة الجديدة حظيت بأغلبية برلمانية مريحة وعرفت مساندة تضم حركة النهضة، وحزب قلب تونس، وحركة تحيا تونس وكتلة الإصلاح الوطني، إضافة إلى الكتلة الوطنية وكتلة المستقبل وتمكنت من نيل ثقة البرلمان بـ134صوتاً على الرغم من أن الأغلبية المطلقة تتطلب 109 أصوات فقط.
ونتيجة لتخبط خصومها، فإن خارطة الأطراف المعارضة تغيرت بصفة جذرية وباتت تضم على وجه الخصوص الكتلة الديمقراطية الممثلة لحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب (38 صوتاً)، علاوة على ائتلاف الكرامة (19 صوتاً)، والحزب الدستوري الحر (16 صوتاً)، وهي معارضة منقسمة على نفسها ومكونة من ثلاثة أقسام متنفرة من الصعب التقاؤها حول المواقف نفسها.
وقبل جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة في الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، سعى الحزب الدستوري الحر بكل قوة إلى عزل حركة النهضة عن المشهد السياسي، وضمان عدم مشاركتها في الحكومة الجديدة، مؤكدة انتماءها الآيديولوجي إلى تنظيم الإخوان المصنف تنظيماً إرهابياً، غير أن محاولاتها باءت بالفشل، ذلك أن «النهضة» ظلت تقدم نفسها على أنها أكبر داعم للحكومة، وانضمت إلى حزام برلماني يؤيد توجهات الحكومة، وهو حزام يضم كتلاً كانت في تقارب مع الحزب الدستوري الحر الذي تتزعمه عبير موسى، مثل كتلة الإصلاح الوطني وكتلة حركة تحيا تونس، إضافة إلى قلب تونس، وكتلة المستقبل، وبهذا تكون «النهضة» قد استعادت تموقعها في البرلمان، وفكت الحصار الذي كاد يعصف بها، وثبتت أقدام رئيسها راشد الغنوشي في البرلمان.
ومن المنتظر أن يخوض هشام المشيشي خلال الأيام المقبلة أكبر مواجهة مع الأحزاب التي منحته دعمها، إذ من المتوقع أن تطالبه بتحوير وزاري في تركيبة الحكومة كخطوة أولى، وتغيير بعض الأسماء التي لم يقع عليها إجماع. ومن المنتظر أن تكشف أول جلسة برلمانية جديدة عن مواقف مختلف الأطراف، سواء أكانت داعمة لحكومة المشيشي أم معارضة لها لقربها من حركة النهضة.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.