انقلابيو اليمن يبتزون «الإغاثة» ويكملون مسلسل احتكار النفط

TT

انقلابيو اليمن يبتزون «الإغاثة» ويكملون مسلسل احتكار النفط

لم تكتفِ قيادات الحوثيين باحتكار بيع النفط، بل أكملت الجماعة الانقلابية ابتزازها المنظمات الدولية والأممية الإغاثية التي تنفق على ملايين اليمنيين، وأكملت مسلسل الابتزاز أمس بالتهديد بإغلاق مطار صنعاء أمام رحلات المنظمات الإغاثية العالمية والأمم المتحدة بحجة نفاد الوقود عاملاً مكملاً، في إطار محاولتها التنصل من الاتفاق المبرم مع الحكومة بشأن آلية استيراد المشتقات النفطية الذي رعاه مكتب مبعوث الأمم المتحدة ونص على تخصيص رسوم المشتقات لصالح رواتب الموظفين العموميين.
وتعمل الميليشيات على بيع المشتقات النفطية بأضعاف أسعارها ومنع دخولها من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، للضغط من أجل الإفراج عن شحنات نفط تتهم أطراف يمنية قيادات حوثية بأنها تتاجر بها وتحتكرها.
مصادر الحكومة الشرعية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها سمحت بشكل مستمر بدخول شحنات من الوقود لتغطية احتياجات القطاع الصحي وغيرها من القطاعات الحيوية، وللتخفيف أيضاً من الأزمة الحادة التي يواجهها السكان في مناطق سيطرة الميليشيات، وأبدت استعدادها لعقد اجتماع عاجل مع مبعوث الأمم المتحدة بشأن مواصلة العمل بآلية استيراد المشتقات النفطية، والاتفاق على كيفية صرف عائدات رسوم سفن الوقود لصالح رواتب الموظفين، إلا أن الميليشيات لا تزال ترفض وتصر على المضي في التنصل من الاتفاق وترفض إعادة أكثر من 80 ملياراً أخذتها من الحساب البنكي الخاص بذلك.
المصادر في حديثها شددت على أن استئناف العمل بالآلية الخاصة بتجارة المشتقات النفطية يتطلب رفع يد ميليشيات الحوثي عن الحساب البنكي الخاص برواتب الموظفين، وبين أن الحكومة الشرعية فتحت الباب أمام التجار وملاك المنشآت الصناعية وكذا المنظمات الإغاثية لاستيراد حاجاتهم من الوقود عبر الموانئ الخاضعة للشرعية وبدون أي قيود لكن ميليشيات الحوثي تتعمد منع مرور ناقلات الوقود أو تأخيرها من الوصول إلى مناطق سيطرتها بغرض ابتزاز الداخل والخارج لصالح قادتها الذين يحتكرون تجارة المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة.
وزير النقل في حكومة الحوثيين الانقلابية وغير المعترف بها دولياً زكريا الشامي هدد «بإغلاق مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الأممية والمنظمات الدولية خلال الأيام القليلة المقبلة بسبب نفاد كمية المشتقات النفطية المخصصة للمطار». الشامي وهو قيادي في ميليشيات الحوثي وسبق أن سجن عدة مرات في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح ربط بين تهديده بإغلاق مطار صنعاء الذي تدخل عبره معظم المساعدات الطبية الطارئة ومنع سفن المشتقات النفطية التابعة لقادة الحوثيين من دخول ميناء الحديدة بعد أن استولت الميليشيات على المبالغ المالية المتحصلة كرسوم جمركية وضريبية على المشتقات النفطية والمودعة في فرع البنك المركزي اليمني ويشرف عليه مكتب مبعوث الأمم المتحدة.
وكان المكتب الفني للمجلس الاقتصادي الأعلى في تقرير فني عن واردات الوقود إلى اليمن خلال الفترة السابقة من العام الجاري 2020 أن واردات البلاد من الوقود خلال العام الجاري تكفي احتياجات اليمنيين حتى نهاية شهر أكتوبر 2020 دون وقوع أي أزمات، بما يؤكد أن أي أزمات حالية هي مفتعلة لتعزيز السوق السوداء من قبل الحوثيين.
وذكر التقرير أن واردات اليمن من الوقود زادت خلال الأشهر الماضية من العام الحالي مقارنة بالفترة المقابلة لها من العام السابق بحوالي 13 في المائة، بإجمالي 3.260.443 طناً، وكان نصيب المناطق الخاضعة للميليشيا الحوثية حوالي 53 في المائة بكمية قدرها 1.742.991 طناً. وأورد التقرير أن الواردات من الوقود إلى مناطق خضوع الميليشيات الحوثية التي دخلت عن طريق ميناء الحديدة بنسبة قدرها 73 في المائة من تلك الكمية وعن طريق الطرق البرية بنسبة قدرها 27 في المائة، وأن تعزيز الحوثيين للسوق السوداء أدى إلى ارتفاع قيمة الوقود في تلك المناطق بنسبة تزيد على 150 في المائة عن السعر الطبيعي.
التقرير قال إنه ورغم قيام الميليشيا الحوثية بنهب الرصيد المخصص لصرف رواتب المدنيين فإنه ودعماً لجهود المبعوث الدولي واستجابة لمطالبة، منحت الحكومة استثناءات بدخول ما لا يقل عن 36 سفينة خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وحتى أغسطس (آب) 2020. وبين أن العديد من التجار العاملين في مناطق الخضوع للميليشيا الحوثية بدأوا استيراد الوقود عبر الموانئ في المناطق المحررة وتطبيق جميع الضوابط المنظمة لتجارة الوقود وفقاً لقرارات الحكومة رقم 75 لعام 2018 و49 لعام 2019 دون أي مشاكل، وتم نقل تلك الكميات الواردة براً من المناطق المحررة إلى مناطق الخضوع للميليشيا التي حاولت إعاقة النقل بالقاطرات براً وتعمدت التسبب في المزيد من الأزمات الإنسانية تعزيزاً للسوق السوداء التي تديرها.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.