مداهمات بحثاً عن أسلحة ومطلوبين في بغداد والبصرة

في إطار حملة لفرض القانون بأمر من الكاظمي

جانب من العمليات الأمنية في البصرة (وزارة الدفاع العراقية)
جانب من العمليات الأمنية في البصرة (وزارة الدفاع العراقية)
TT

مداهمات بحثاً عن أسلحة ومطلوبين في بغداد والبصرة

جانب من العمليات الأمنية في البصرة (وزارة الدفاع العراقية)
جانب من العمليات الأمنية في البصرة (وزارة الدفاع العراقية)

قال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، أمس، إن «القوات المسلحة مستمرة بملاحقة كل من يعبث بالأمن والقانون». وجاء قول رسول بعد انطلاق حملة مداهمات وتفتيش واسعة شنتها قوى الأمن العراقية فجر أمس، في بعض الأحياء الشعبية ببغداد والبصرة التي شهدت نزاعات عشائرية متكررة خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، أدت إلى قتل وجرح عدد من الأشخاص، وحرق منازل لمواطنين، في إطار عمليات ثأر عشائرية.
وشدد اللواء يحيى رسول، في بيان، على أن «الحكومة ستضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بالأمن والنظام»، مشيراً إلى أن «عملية (الوعد الصادق) في البصرة جاءت بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي)، وبتخطيط وإشراف قيادة العمليات المشتركة، وأن القائد العام وجه بفرض قوة القانون، وملاحقة الجماعات الخارجة عن القانون في جميع المحافظات». وكشف عن عمليات لاحقة تطال «أي منطقة تحاول الخروج عن سلطة القانون، وأن القوات الأمنية والقطعات ستستمر بملاحقة من يحاول زعزعة الأمن والنظام».
كان الكاظمي قد قال، الخميس الماضي، خلال زيارته لقيادة العمليات المشتركة، إن حكومته «ورثت تركة ثقيلة من السلاح المنفلت والنزاعات العشائرية التي باتت تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع، وتهدد أفراده، كما تعمل على عرقلة جهود الإعمار والتنمية في البلاد»، ووجه قادة الأجهزة الأمنية بمتابعة هذا الملف لفرض هيبة الدولة، ومواجهة كل ما يهدد أمن واستقرار البلد.
وشملت عمليات أمس منطقتي الفضيلية والحسينية اللتين شهدتا مؤخراً أعمال ثأر عشائرية. وطبقاً لبيان قيادة العمليات، فإن «قوة أمنية مشتركة نفذت (فجر أمس) عمليات مداهمة في منطقة الفضيلية لتنفيذ مذكرات قبض على مطلوبين، تم خلالها إلقاء القبض على 5 متهمين مطلوبين للقضاء، وفق المادة (4) إرهاب».
وكشف البيان عن «قيام أحد المتهمين المطلوبين بفتح النار على القوة الأمنية، ومحاولة الهروب، لكن القوة تمكنت مِن إلقاء القبض عليه، وضبط السلاح المستخدم».
وفي عملية مماثلة في منطقة حسينية المعامل، جنوب بغداد، التي شهدت نزاعاً عشائرياً، الأسبوع الماضي، ذكرت قيادة العمليات أن قواتها نفذت عملية أمنية أسفرت عن القبض على 3 أشخاص، بتهمة حيازة أسلحة متوسطة ومركبات غير قانونية، وضبط رشاشين متوسطين و121 بندقية و17 مسدساً و8 قنابل يدوية و3 أجهزة اتصال و70 مخزن بندقية وأعتدة مختلفة، فضلاً عن 11 هاتفاً يستخدم لتفجير العبوات.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إنهم شاهدوا أعداداً كبيرة غير مسبوقة من العناصر والعجلات الأمنية وهي تجوب فجراً شوارع منطقتي الفضيلية والحسينة، وقامت بحملة مداهمات وتفتيش للمنازل للبحث عن الأسلحة والمطلوبين.
وفي محافظة البصرة الجنوبية، نفذت قيادة العمليات هناك عمليات مماثلة تهدف إلى «تعزيز الأمن والاستقرار، والقبض على المطلوبين، ونزع الأسلحة غير المرخصة». وذكر بيان العمليات المشتركة أن عمليات المداهمة والتفتيش نفذت عبر محورين في المحافظة: شمالي شمل (المدينة - القرنة - المدير الماجدية - الكرمة)، وآخر جنوبي شمل مناطق (الفاو - صفوان - مخفر جبل سلام - مخفر خرائج - مخفر جريشان).
وأسفرت العمليات، طبقاً للبيان، عن «إلقاء القبض على 10 من المطلوبين، وفق مواد قانونية مختلفة، والعثور على 3 أكياس من مادة (C4) مع (TNT) وزورق و12 غراماً من المواد المخدرة ورشاشين و7 بنادق نوع كلاشنيكوف و3 أخرى نوع (جي سي) وبندقية قنص مع ناظور وقاذفة (40 ملم) ومسدس، فضلاً عن 7حاويات عتاد.
وقوبلت حملة المداهمات، أمس، بردود فعل شعبية ورسمية مرحبة، وطالب كثيرون أن تشمل الحملات الفصائل المسلحة المنفلتة، ومطلقو صواريخ «الكاتيوشا» على المنطقة الخضراء ومعسكرات الجيش، ولا تقتصر على ملاحقة المطلوبين على خلفية نزاعات عشائرية.
ودعت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون»، عالية نصيف، أمس، إلى دعم الحملة الأمنية التي تقودها القوات المسلحة بصنوفها كافة للبحث عن الأسلحة في المناطق السكنية. وقالت نصيف، في بيان: «أدعو وسائل الإعلام، وشرائح المجتمع كافة إلى دعم الحملة الأمنية التي تنفذها القوات الحكومية في عدة مناطق من العراق؛ أن تطبيق القانون يبدأ من مكافحة الفساد، وينتهي بتثبيت الأمن في الشارع».
وأضافت النائبة أن «الأنظار تتطلع اليوم إلى الحملة الأمنية التي تنفذها قواتنا البطلة في عدة مناطق من العراق باستخدام المئات من العجلات العسكرية والآلاف من رجال الأمن من مختلف التشكيلات. ورغم صعوبة هذه المهمة، فإن الهدف الأساسي سيتحقق عاجلاً أم آجلاً، ويتم حصر السلاح بيد الدولة».



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».