«الجيش الوطني» ينفي أي تحركات عسكرية باتجاه سرت

اجتماع ليبي ـ ليبي في المغرب لبحث سبل حل الأزمة السياسية

TT

«الجيش الوطني» ينفي أي تحركات عسكرية باتجاه سرت

اتهمت حكومة «الوفاق» الليبية، برئاسة فائز السراج، مجدداً، «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، بتحركات عسكرية في اتجاه مدينة سرت، وإطلاق نار في ميناء رأس لانوف النفطي شرقي البلاد؛ لكن «الجيش الوطني» نفى هذه الاتهامات. وجاء ذلك تزامناً مع اجتماع لطرفي الأزمة الليبية في مدينة بوزنيقة المغربية، اليوم الأحد، قصد مناقشة تعديل «اتفاق الصخيرات» الذي وُقع في المملكة قبل خمسة أعوام.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إنه من المرجح عقد اجتماع بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة «الوفاق» في العاصمة طرابلس، في حال أسفر الاجتماع المنعقد بالمغرب عن اتفاق سياسي.
واستبق يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، الاجتماع بالتأكيد على ثوابت مجلس النواب من استئناف الحوار، وهي: حقن دماء الليبيين، والحفاظ على وحدة البلاد، وخروج القوات الأجنبية، ومواصلة العمل على بناء دولة المؤسسات والقانون، وحلحلة جميع الإشكالات عن طريق الحوار بين أبناء الوطن الواحد، دون أي تدخل خارجي.
وشدد العقوري في بيان له مساء أول من أمس على أن هذه الخطوة «تأتي ضمن جهود مجلس النواب للعودة للمسار السياسي، وفقاً لمبادرة رئيسه عقيلة صالح»، لافتاً إلى أن التوصل لاتفاق نهائي «سيكون بعد الرجوع لمجلس النواب ورئاسته».
في المقابل، استهجن أعضاء منشقون عن مجلس النواب، وموالون لحكومة «الوفاق»، اجتماع ممثلي مجلسي النواب و«الدولة» في المغرب من دونهم، ورفضوا في بيان لهم «محاولة اختزال مجلس الدولة في شخص رئيسه خالد المشري». معتبرين أن انفراد هؤلاء بتكليف لجنة لتمثيل المجلس (5+5) في اللقاء الذي يتم بالمغرب يعد «خرقاً لنظامه الداخلي»، وبمثابة «إجراء لا يمكن القبول به».
ميدانياً، قالت عملية «بركان الغضب» التي تشنها قوات حكومة «الوفاق» أمس، إنها رصدت انطلاق رتل مسلح تابع لـ«الجيش الوطني»، ترافقه منظومة دفاع جوي من أجدابيا شرقي ليبيا في اتجاه مدينة سرت.
وقال العقيد محمد قنونو، المتحدث باسمها، إن «وحدة المخابرة وتحليل المعلومات، التابعة لقيادة العمليات، رصدت صباح أمس تحرك الرتل حتى البريقة»، وتوقع أن تكون وجهته الأخيرة رأس لانوف أو سرت.
وفي تهديد ضمني باحتمال القيام بعمل عسكري وشيك، اعتبر قنونو أمس، أن استمرار الدول الداعمة للجيش بمنظومات الدفاع الجوي الروسية من نوع «بانتسير»: «سيوفر فرصة لقوات (الوفاق) براً وجواً لمواصلة بـطولاتها في سحقها وتدميرها، بعد أن دمروا مثيلاتها في مختلف المناطق المحررة»، على حد تعبيره.
في شأن آخر، نفى اللواء ناجي المغربي، آمر حرس المنشآت النفطية بـ«الجيش الوطني»، رواية مؤسسة النفط الموالية لحكومة «الوفاق»، عن قيام بعض عناصره بترهيب سفينة أجنبية، وحدوث إطلاق نار في ميناء رأس لانوف. ونقل اللواء خالد المحجوب، مدير التوجيه المعنوي بالجيش، عن المغربي، مساء أول من أمس، نفيه ما وصفه بـ«الادعاءات حول وجود اشتباكات أو إطلاق نار»، وقال: «إن ذلك عارٍ من الصحة، ويأتي في سياق محاولات المؤسسة خلق أكاذيب على وجود قوى أجنبية أو قلاقل»، مؤكداً في المقابل أن «الأمن والهدوء والأمان يسود كافة المرافئ».
وكانت مؤسسة النفط الموالية لحكومة «الوفاق»، قد أعلنت مساء أول من أمس، قيام عسكريين باستعمال الذخيرة الحية في رأس لانوف، واعتبرت أن وجود القوات، بما في ذلك «المرتزقة» الذين يفتقرون إلى أي نوع من الانضباط، هو «تهديد حقيقي لعمال المؤسسة ومنشآتها في كافة أرجاء ليبيا». وقالت إن مجموعة من المسلحين التابعين لحرس المنشآت النفطية، من بينهم مرتزقة أجانب، أجبروا سفينة «محمد باي» المسجلة في جزر القمر على دخول الجزء التجاري من ميناء رأس لانوف لتحميل الخردة، وقاموا بترهيب طاقم السفينة بإطلاق عيارات وقذائف الـ«آر بي جي» في منطقة توجد فيها مخازن من المواد الخطيرة وسريعة الاشتعال.
وقال مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة، إن «هذا الحادث هو الأحدث في سلسلة إخفاقات ما يسمى حرس المنشآت النفطية»، لافتاً إلى أنهم «أظهروا مرة أخرى افتقارهم المطلق للمهنية، وتجاهلهم لسيادة القانون».
وتسيطر قوات «الجيش الوطني» على ميناء رأس لانوف، أحد أكبر ثلاثة موانئ لشحن النفط خارج ليبيا. بالإضافة إلى الزويتينة والسدرة، وجميعها تقع في منطقة الهلال النفطي التي تضم المخزون الأكبر من النفط الليبي.
في سياق مختلف، شهدت مدينة مصراتة (غرب) مساء أول من أمس، احتجاجات بسبب حدوث إظلام كامل حدث للمرة الثانية خلال 24 ساعة فقط في المنطقة الوسطى؛ حيث أشعل محتجون من سكان المدينة النار أمام مقر شركة الكهرباء بالمنطقة، وفقاً لما أكده شهود عيان وتقارير لوسائل إعلام محلية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».