الجزائر: عائلة قائد الجيش السابق تقاضي صحيفة بسبب مقال «مسيء»

TT

الجزائر: عائلة قائد الجيش السابق تقاضي صحيفة بسبب مقال «مسيء»

قال مقربون من عائلة قائد الجيش الجزائري الراحل، الفريق أحمد قايد صالح، إن نجليه رفعا شكوى للقضاء ضد صحيفة «الوطن» الفرنكفونية، على أثر نشر مقال أثار جدلاً سياسياً واسعاً، تناول شبهات فساد حول ثروة العسكري الذي كان نافذاً في الحكم. وكان من نتائج القضية حرمان الصحيفة الكبيرة من الإعلانات الحكومية.
ونقل عن عادل وبومدين، أهم أبناء قايد صالح، أن الصحيفة «ارتكبت قذفاً وتشهيراً بحق العائلة»، وأنها فوق ذلك «أساءت للجيش»، في إشارة إلى نشر صورة والدهما بالبذلة العسكرية في الصفحة الأولى من عدد الاثنين الماضي، مرفقة بعنوان كبير حول استثمارات وأملاك رئيس أركان الجيش السابق وأبنائه.
وأكدت الصحيفة في مقالها أن أملاك العائلة: «تم الحصول عليها بطرق مشبوهة»، واكتفت بنشر هذه الأملاك التي تتمثل في مطاحن للدقيق، وصحيفة بشرق البلاد، ومبانٍ، وشركات، من دون إثبات «شبهة الفساد» حولها. وعاب صحافيون وسياسيون على المقال أنه «يتعاطى مع أمر معروف لدى الجميع»، وخصوصاً في ولاية عنابة بشرق البلاد؛ حيث توجد أهم استثمارات العائلة.
وكانت «الوطن» قد نشرت قبل ذلك بأيام خبراً حول منع نجلي قايد صالح من السفر، بناء على قرار قضائي اتخذ في سياق فتح تحقيقات حول «قضية أملاك» الضابط الذي توفي نهاية العام الماضي بسكتة قلبية. وبذلك أصبحا عرضة للمتابعة القضائية.
وقال المحامي عبد الله هبول لـ«الشرق الأوسط»، إن اتهام الصحيفة بـ«الإساءة إلى المؤسسة العسكرية» أمر لا يعود إلى عائلة قايد صالح؛ بل إلى وزارة الدفاع، مؤكداً أن القضاء «ينبغي أن يرفض هذه التهمة عندما يتسلم الشكوى».
وصرح الطيب بلغيش، مدير «الوطن»، لوكالة الصحافة الفرنسية، بعد يومين من صدور المقال، إن الحكومة قطعت الإعلانات عن الصحيفة، تعبيراً عن استيائها. بينما يعتقد صحافيو الجريدة أن قيادة الجيش هي من تقف وراء قطع الإعلانات. وأكد بلغيش أن «الأمر يشبه أيام عبد العزيز وسعيد بوتفليقة (الرئيس السابق المخلوع وشقيقه). فهذه ضغوط وعمليات ابتزاز لا تطاق».
وقالت الصحيفة في بيان الثلاثاء، إن تحقيقها بعنوان «تفاصيل ثروة في ظل الجنرال» أثار «رد فعل غير متوقع»، وأوضحت أن توزيع العدد الذي صدر فيه المقال عرف اضطراباً مفتعلاً، حسبها، للحيلولة دون انتشاره بشكل واسع؛ مؤكدة أن «البعض في المناصب العليا وجَّهوا إلينا اللوم؛ لأننا وضعنا على الصفحة الأولى صورة قايد صالح، مع عنوان متحيز يشوه صورة الجيش»، الأمر الذي نفاه مديرها.
وتحسب «الوطن» على المعارضة، وهي تتميز منذ إطلاقها عام 1991 بحدة لهجتها ضد الحكومة والإسلاميين. وكانت أشهر صحافية بـ«الوطن»، زينب أوبوشو التي تمضي مقالاتها باسم «سليمة تلمساني»، قد أعلنت في منشور بـ«فيسبوك»، أنها تعرضت للتهديد بالقتل والشتم من طرف مجهولين، لاعتقادهم – حسبها - أنها كاتبة المقال الذي تم توقيعه باسم مستعار. واشتهرت «تلمساني» بمقالاتها عن الفساد في أجهزة الدولة، وهي اسم كبير في «الإعلام الأمني».
وأثار المقال المنشور حفيظة وزارة الإعلام بسبب «توقيعه من طرف مجهول»، فقد ذكرت في بيان الخميس الماضي أن «اللجوء المفرط للأسماء المستعارة في توقيع المقالات الصحافية، يحملنا كفاعلين ومهنيين في قطاع الاتصال على التبرؤ منه؛ لأن الأمر يتعلق هنا بممارسة غير مهنية، ومنافية لأخلاقيات العمل الصحافي».
وبحسب البيان، فإن الصحافة «هي أولاً تعهدات، تعهد بإيصال الخبر وإظهار الحقيقة في جميع الظروف، وهو ما يتطلب الشجاعة والجرأة، وكذا الحس العالي بالمسؤولية، امتداداً للمسار التاريخي الطويل للمهنة. وهو مسار حافل بالتضحيات والنضال في سبيل الوطن».
وأكد البيان أنه «لا بد من التنبيه إلى أن الكتابات التي تنطوي على جنحة، لا يمكن تبرئتها باستخدام الاسم المستعار وبالأحرف الرمزية، ولا يمكن حجب هوية كاتبها أمام القاضي في حالة المتابعات القضائية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.