تضاؤل الأمل في العثور على ناجين من انفجار المرفأ

لبنانيون وقفوا دقيقة صمت وسط بيروت تحية للضحايا

لبنانيون في ذكرى مرور شهر على الانفجار (رويترز)
لبنانيون في ذكرى مرور شهر على الانفجار (رويترز)
TT

تضاؤل الأمل في العثور على ناجين من انفجار المرفأ

لبنانيون في ذكرى مرور شهر على الانفجار (رويترز)
لبنانيون في ذكرى مرور شهر على الانفجار (رويترز)

وقف لبنانيون في وسط بيروت دقيقة صمت عند الساعة السادسة وسبع دقائق مساء أمس تزامناً مع ذكرى مرور شهر على انفجار المرفأ.
وقرعت أجراس الكنائس. ورفع الأذان بالمساجد وذلك تلبية لدعوة قيادة الجيش «تحية لأرواح 190 شهيداً سقطوا في انفجار المرفأ وعلى نية شفاء آلاف المصابين والجرحى». كما توقف السير في محيط المرفأ لمدة دقيقة. وقام أهالي الضحايا بوضع الورود البيضاء على نصب تذكاري في مرفأ بيروت.
وتضاءل الأمل عصر أمس بالعثور على ناجين محتملين تحت ركام أحد الأبنية المنكوبة جراء انفجار المرفأ، بعد 24 ساعة من عمل مضنٍ نفذه عمال إنقاذ في بيروت، إثر إشارة بثتها كلبة إنقاذ مدربة يستعين بها فريق إنقاذ من تشيلي، تلاها رصد لـ«نبض» تحت الركام، وثقته أجهزة سكانر.
وواصل عناصر الدفاع المدني وعمال إنقاذ صباح أمس الجمعة عمليات البحث تحت أنقاض مبنى مدمر في شارع مار مخايل في بيروت غداة رصد فريق إنقاذ تشيلي وصل حديثاً إلى بيروت، عبر جهاز مسح حراري متطور، «نبضات قلب»، وفق ما قال مسؤولون محليون، في المكان الذي استدل كلب مدرب برفقتهم إليه. وما أن تمكن الكلب من الاستجابة للرائحة المنبعثة من تحت الركام، استطاع رجال الإنقاذ من خلال أجهزة المسح من الاستدلال على نبضات قلب تحت الأنقاض، الأمر الذي أعطى مؤشرات على وجود شخص حي.
ورفع العمال لساعات الحجارة والركام بأيديهم أو بأدوات يدوية، وتمكنوا من إحداث فجوة إلى الطوابق السفلى قبل أن يتم إحضار جهاز مخصص لرصد النفس والحركة. ولم يتم حتى عصر أمس، العثور على أي مؤشرات حياة تحت الركام، إذ قامت فرق البحث في مار مخايل عصراً بالتجربة الأخيرة واستعانت بالكلب المتخصص للتأكد أكثر. وعاودت فرقة الإنقاذ التشيلية عملها، وطلبت الابتعاد عن مكان البحث وإقفال كل الأجهزة الإلكترونية لأخذ النبض من جديد، حيث تم تغيير مكان الآلة المستخدمة في عمليات البحث 3 مرات، إلا أنها أظهرت عدم وجود نفس.
وقال المهندس المدني الفرنسي إيمانويل دوران الذي يشارك مع فريقه من طلاب جامعيين، في جهود الإنقاذ عبر إجراء مسح ثلاثي الأبعاد، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «حتى الآن، للأسف، لا آثار لأي ضحية أو جثة» في غرفتين داخل المبنى تم مسحهما. وأوضح نيكولاس سعادة الذي يعمل في منظمة تتولى التنسيق بين فريق البحث التشيلي والدفاع المدني، صباحاً أنه «بعد إزالة الأنقاض الكبيرة، أجرينا مسحاً جديداً لرصد نبضات قلب أو نفس، وأظهر المسح معدلاً منخفضاً.. سبعة في الدقيقة الواحدة» بعدما كان سجل سابقاً معدلاً راوح بين «16 إلى 18» في الدقيقة.
ولم تهدأ طوال ليل الخميس - الجمعة الفرق الإنقاذية في بيروت عن البحث. وتم بلوغ مراحل من خلال استقدام طائرة مسيرة قامت بالاطلاع على المبنى المهدم من الداخل. وطلبت فرق الإنقاذ من الجميع في محيط البحث في مار مخايل مراراً إطفاء الأجهزة الإلكترونية من أجل معاودة البحث عن نبض تحت الأنقاض.
وأدخلت فرق الإنقاذ آلة مسح بالليزر إلى داخل أنقاض المبنى المنهار لمحاولة كشف ما يوجد في الداخل. وأفيد أن الكاميرا التي أدخلت تحت أنقاض المبنى أكدت وجود جثة، وشخص على كرسي متحرك يرجح أن إشارات النبض الملتقطة تصدر منه وأنها بلغت 7 دقات في الدقيقة.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان «أن فريق البحث والإنقاذ التشيلي والفريق التابع للدفاع المدني أوقفا العمل عند الساعة 23:30 مساء الخميس بسبب خطر انهيار أحد الجدران المتصدعة في المبنى، ما يُشكل تهديداً مباشراً لحياة عناصر الفريقين». عندها «قام عناصر الجيش بعزل المبنى وتمت الاستعانة بمهندسين عسكريين من وحدات الهندسة في الجيش ورافعتين مدنيتين تمكنتا من إزالة الأخطار وتأمين المبنى لاستمرار العمل، وطُلب من الفريقين المذكورين متابعة عملية البحث والإنقاذ وعاودا العمل عند الساعة 01:30 في الليلة نفسها».
وتحولت الطوابق العليا من المبنى الذي كان يضم في طابقه الأرضي حانة، وفق سكان الحي، إلى كومة ركام نتيجة انفجار الرابع من أغسطس (آب) الماضي، ما جعل عمليات البحث تتطلب مهارات عالية ودقة. ولا يملك لبنان تجهيزات لإدارة الكوارث ولا إمكانات تقنية متقدمة. وسارعت دول عدة إلى إرسال فرق إغاثة ومساعدات تقنية لمساعدته بعد الانفجار. وتفيد تقديرات رسمية أن سبعة أشخاص على الأقل لا يزالون في عداد المفقودين منذ الانفجار الضخم الذي هز بيروت، وأدى إلى مقتل أكثر من 190 شخصا، وإصابة 6500 آخرين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم