مقتل 7 مدنيين بتفجير انتحاري في الكاميرون

جندي فرنسي يستخدم معدات للكشف عن متفجرات في منطقة غورما خلال عملية «برخان» في مالي يوليو 2019 (رويترز)
جندي فرنسي يستخدم معدات للكشف عن متفجرات في منطقة غورما خلال عملية «برخان» في مالي يوليو 2019 (رويترز)
TT

مقتل 7 مدنيين بتفجير انتحاري في الكاميرون

جندي فرنسي يستخدم معدات للكشف عن متفجرات في منطقة غورما خلال عملية «برخان» في مالي يوليو 2019 (رويترز)
جندي فرنسي يستخدم معدات للكشف عن متفجرات في منطقة غورما خلال عملية «برخان» في مالي يوليو 2019 (رويترز)

قُتل 7 مدنيين في أقصى شمال الكاميرون قرب الحدود مع نيجيريا أول من أمس، في تفجير انتحاري نفّذه متطرف، حسبما أعلنت مصادر أمنية وبعثة الأمم المتحدة أول من أمس. وأوضح ضابط في الشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية، طالباً عدم نشر اسمه، أنّ الانتحاري فجّر عبوة ناسفة كانت بحوزته في قرية كويابي وسط نازحين فرّوا إليها إثر هجوم شنّه متطرفون على قريتهم. وقال الضابط: «عندما هاجم مقاتلو (بوكو حرام) القرية فرّ منها الناس لكنّ فتى يحمل متفجرات لحق بهم وفجّر نفسه وسط الحشد». ولا تفرّق السلطات الكاميرونية بين جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «داعش في غرب أفريقيا» الذي انشقّ عن الجماعة النيجيرية المتطرّفة. بدورها، أصدرت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بياناً أدانت فيه «بشدّة هذا الهجوم الذي أسفر عن مقتل سبعة مدنيين وإصابة 14 آخرين في قرية كويابي».
وفي الأشهر الأخيرة زادت «بوكو حرام» وتنظيم «داعش» في غرب أفريقيا من وتيرة هجماتهما التي تستهدف الجنود والمدنيين على حدّ سواء في أقصى شمال الكاميرون والمناطق المتاخمة لنيجيريا وتشاد والنيجر، حول بحيرة تشاد.
والأسبوع الماضي قُتل 14 من أعيان جزيرة كاميرونية في بحيرة تشاد في هجوم شنّه مسلّحون متطرفون ردّاً على قرار الجزيرة الواقعة قرب نيجيريا التوقّف عن تزويد الجهاديين بالمؤن.
وفي باماكو قُتل ما لا يقل عن 10 جنود ماليين في ليلة أول من أمس إلى الجمعة، في كمين في منطقة غيري (وسط)، القريبة من الحدود الموريتانية، حيث تنتشر الجماعات الجهادية المسلحة، وفق ما أعلنت مصادر أمنية ومحلية.
وأشار تقرير داخلي لوزارة الأمن اطّلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية، إلى «أن الحصيلة الأولية المحدثة للكمين في غيري تشير إلى مقتل 10 أشخاص، بينهم ملازم، وتم العثور على ناجين واحتراق أربع سيارات وعربة إسعاف. وأكد نائب من غيري، عبر الهاتف لوكالة الصحافة الفرنسية: «أحصينا عشرة قتلى بينهم ملازم». ويركّز مقاتلو تنظيم «داعش في غرب أفريقيا»، الفصيل الذي انشقّ عن جماعة «بوكو حرام» في 2016 وبايع التنظيم، على مهاجمة الجيش، لكنهم يستهدفون المدنيين أيضاً.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.