السياسة الخارجية بين ترمب وبايدن: صراع بين الانعزالية المتقلبة والانفتاح المتردّد

بعد انتهاء المؤتمرين الحزبيين... وانطلاق السباق نحو انتخابات «نوفمبر 2020»

السياسة الخارجية بين ترمب وبايدن: صراع بين الانعزالية المتقلبة والانفتاح المتردّد
TT

السياسة الخارجية بين ترمب وبايدن: صراع بين الانعزالية المتقلبة والانفتاح المتردّد

السياسة الخارجية بين ترمب وبايدن: صراع بين الانعزالية المتقلبة والانفتاح المتردّد

في يناير (كانون الثاني) 2017 وقف الرئيس الأميركي الـ45 دونالد ترمب أمام قبة الكونغرس ورفع يده مؤدياً قسم اليمين ومتعهداً للحشود الغفيرة التي تجمعت لمشاهدة حفل تنصيبه رئيساً جديداً للولايات المتحدة بأن أولويته هي «أميركا أولاً». يومذاك قال: «قسم اليمين الذي أديته اليوم هو قسم ولاء لكل الأميركيين. من اليوم فصاعدا ستكون أميركا أولاً. وكل قرار سأتخذه من التبادل التجاري إلى الضرائب والهجرة والسياسة الخارجية سيكون لمصلحة الأميركيين أولاً».
وراء ترمب، على منصة المسؤولين، جلس سلفه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ونائبه جو بايدن. واستمع الرجلان بقلق بالغ إلى تصريحات ترمب، فما قاله انتقاد مباشر لسياستهما الخارجية التي يتباهيان بها، ويضعها كثيرون في خانة السياسة الانعزالية التي قلما اعتمدها الرؤساء الأميركيون السابقون. لكن هذا القلق ترافق مع نوع من الشك في تنفيذ هذه الوعود الانتخابية التي عادة ما يطلقها الرؤساء في خطب التنصيب لإرضاء من انتخبهم. إلا أن الأيام والأشهر التي تلت تسلّم ترمب زمام السلطة أثبتت للمشككين العكس.
تبدّلت معالم السياسة الخارجية الأميركية إبان رئاسة دونالد ترمب بشكل جذري، وشهدت «تسونامي» من التغييرات التي تراوحت بين انسحاب ترمب من معاهدات دولية وانتقاده لحلفاء تقليديين وتغنيه بخصوم لدودين. وهذه مواقف وصفها منتقدوه بالرعناء والمتهورة، بينما تغنى بها مناصروه معتبرين أنها تظهر قوة الولايات المتحدة ونفوذها في العالم.
وكالصقر راقب جو بايدن الغريم الديمقراطي لترمب في انتخابات نوفمبر المقبل طوال السنوات الأربع الماضية سياسات ترمب الخارجية، فاستمع إلى تذمر الأوروبيين وامتعاض الليبراليين، لينقض على السباق الرئاسي هذا العام متوعداً «بإعادة الانضباط والثبات» إلى السياسة الخارجية الأميركية، واستعادة ثقة الحلفاء ودور الولايات المتحدة القيادي في العالم. ويحرص بايدن في وعوده هذه على التذكير بخبرته الطويلة كعضو في مجلس الشيوخ، ورئيس للجنة العلاقات الخارجية فيه، قبل أن يختاره أوباما نائباً له، وهنا يقول: «أنا أعلم الكثير عن السياسة الخارجية الأميركية، ولدي علاقات حول العالم. من لا يحبني يحترمني ومن يحبني يحترمني أيضاً... أنا أعلم كيفية إنجاز الأمور على الصعيد الدولي».
لكن هذه الخبرة «سيف ذو حدين»، فتاريخ بايدن الحافل في السياسة يعجّ أيضاً بالأخطاء التي يعترف بها، أبرزها تصويته لصالح «حرب العراق» عام 2002 الذي ينتقده ترمب كلما سنحت له الفرصة، ولقد قال أخيراً في حدث انتخابي في ولاية بنسلفانيا: «بايدن صوّت لصالح الحرب في العراق، أما أنا فقد حميتكم من حروب جديدة...».
وبينما يرى بايدن نفسه أنه ليبرالي منفتح دولياً، يصف ترمب مقاربة خصمه بـ«القديمة الطراز»، ويعترف من دون تردد أنه يتخذ غالبية قراراته غريزياً.
ورغم الفارق الكبير في مقاربة الرجلين على صعيد السياسة الخارجية، وتعهد بايدن بإعادة إحياء السياسات السابقة في حال فوزه، فإن ثمة تحديات جمة تواجهه في مشواره.
وقد شهد ترمب هذه التحديات نفسها في سعيه الدؤوب لقلب سياسات سلفه. فهو عانى من عوائق حالت دون انسحابه كلياً من الاتفاق النووي مع إيران إلا بعد سنة من توليه الرئاسة. كما أن قراره الانسحاب من «اتفاق باريس المناخي» و«منظمة الصحة العالمية» لن يصبح نهائياً إلا ما بعد انتخابات نوفمبر. أما قراره سحب آلاف القوات الأميركية من ألمانيا فسيتطلب سنوات طويلة للتنفيذ.
ويعود سبب هذه العوائق إلى أن قرارات ترمب تحدّت المفاهيم التقليدية، فقلما تتغير السياسة الخارجية الأميركية بشكل جذري مع تغير الإدارات سواء أكانت ديمقراطية أو جمهورية، إذ إن الحلفاء والخصوم هم نفسهم، وقد جرت العادة أن يقود الجهود الدبلوماسية الأميركية جسم دبلوماسي غير مسيس يبقى من إدارة إلى أخرى بهدف خدمة المصالح الأميركية.
كما أن العائق الآخر أمام تنفيذ ترمب لأجندته هو عدم خبرته في السياسة الخارجية، إضافة إلى عدم خبرة غالبية مستشاريه في هذا المجال، وهذا أمر يتفوق فيه بايدن عليه بحكم خبرته، ما قد يساعد المرشح الديمقراطي على تنفيذ التغييرات التي وعد فيها بسرعة أكبر و«تصحيح» ما فعله ترمب، بحسب وصف مستشاري المرشح الديمقراطي.

إيران والاتفاق النووي
ولعلّ أكثر ما أثار سخط بايدن واستياءه هو سعي ترمب الدؤوب لمحو أكبر إنجازات إدارة أوباما - بايدن ومحط فخرهما على صعيد السياسة الخارجية: الاتفاق النووي مع إيران. فهل سيتمكن بايدن من إحياء الاتفاق أم أن مساعي ترمب جعلت من مهمة بايدن شبه مستحيلة؟
بحسب وثائق من حملة بايدن الانتخابية، سيسعى نائب الرئيس الأميركي السابق إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي من خلال التنسيق مع الحلفاء بشرط «تعهد إيران باحترام شروط الاتفاق مجدداً». لكن هذه المساعي تواجه تحديات عدة، فإدارة ترمب لا تزال في طور الضغط على مجلس الأمن لإعادة فرض العقوبات الدولية ضد إيران وتمديد حظر الأسلحة على طهران، ورغم إصرار أغلبية أعضاء المجلس على رفض الانصياع للمطالب الأميركية، فأي تغيير في هذا الشأن سيؤدي إلى عراقيل جديدة بوجه مساعي بايدن. ثم إن عودة إيران إلى طاولة المفاوضات ستكون رهناً برفع العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة ترمب عليها، وهذا أمر ستصر عليه طهران خاصة في حال تزامنت المفاوضات مع الانتخابات الرئاسية الإيرانية المتوقعة في مايو (أيار) المقبل.
وإضافة إلى الملف النووي الإيراني، يعارض بايدن مقاربة ترمب تجاه إيران فيما يتعلق بأنشطتها المزعزعة في المنطقة، وقد انتقد قرار استهداف قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، معتبراً أنه سيؤدي إلى مواجهة مع إيران، الأمر الذي لم يحصل.
لكن بايدن أخطأ في تقييمه، وبدلاً من مواجهة كبيرة في الشرق الأوسط، احتفلت إدارة ترمب بأكبر إنجاز حققته في المنطقة: التطبيع بين دولة الإمارات المتحدة وإسرائيل.

التطبيع مع إسرائيل
وحقاً، منذ توليه السلطة تعهد الرئيس الأميركي بالتوصل إلى اتفاق سلام في المنطقة، واختار صهره جاريد كوشنر لقيادة هذه الجهود، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات والتشكيك بسبب غياب أي خبرة تذكر لكوشنر على صعيد السياسية الخارجية. ولم تكن طريق التوصل إلى اتفاق سهلة أبداً، حتى أن البعض افترض فشل المفاوضات كلها بمجرد إعلان ترمب رسمياً عن القدس عاصمة لإسرائيل، والتوصل إلى «صفقة القرن» رغم المعارضة الفلسطينية.
لكن أعين الإدارة كانت موجهة إلى هدف آخر: تطبيع الدول العربية مع إسرائيل. فهي علمت أن اتفاقاً من هذا النوع سيؤدي إلى تأثير كـ«حجارة الدومينو» في المنطقة، ويساعدها على مواجهة خصمها اللدود إيران. وهذا ما أعلن عنه ترمب في أغسطس (آب) المنصرم، تاريخ بدء تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل. وطبعاً تباهى ترمب بإنجازه هذا، الذي أتى قبل أقل من 100 يوم من الانتخابات الأميركية، وسلّط الجمهوريون الضوء عليه في مؤتمرهم الوطني، معربين عن ثقتهم بأن تحذو دول عربية ومسلمة أخرى حذو الإمارات قريباً. وبينما لم يشكك أحد من الديمقراطيين، بأهمية هذا التطور البارز، بمن فيهم بايدن الذي أشاد بالاتفاق، متعهداً «بتوسيع نطاق التقدم الذي حقق بهدف إحقاق السلام في الشرق الأوسط»، فإن المرشح الديمقراطي اعتبر أن سياسات إدارة أوباما ساهمت بشكل كبير في التوصل إلى هذا الاتفاق.
أيضاً واكب دعم بايدن لهذا الاتفاق إصراره على «حل الدولتين»، ومعارضة أي خطوات أحادية تهدد من مصير هذا الحل. كذلك كرر معارضته لخطة توسيع المستوطنات، مع أنه أكد في الوقت نفسه أنه سيبقي السفارة الأميركية في القدس ويعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية.
بايدن، الذي تجمعه علاقة جيدة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعهد أيضاً بأنه «سيتخذ خطوات فورية لإعادة المساعدات الاقتصادية والإنسانية للشعب الفلسطيني، والعمل على معالجة الأزمة الإنسانية في غزة»، وقال إنه سيعمل على إعادة فتح مكاتب السلطة الفلسطينية في واشنطن التي أغلقتها إدارة ترمب.

لبنان و«حزب الله»
وفيما يخص لبنان، اعتمدت إدارة ترمب سياسة الضغط القصوى على «حزب الله»، وفرضت سلسلة من العقوبات القاسية عليه، ودعت إلى نزع سلاحه. أما بايدن فرغم تنديده بـ«حزب الله» يشير منتقدوه إلى أن إدارة أوباما غضت الطرف عن أنشطة الحزب بسبب سعيها إلى التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران. مع هذا، خصصت حملة بايدن جزءاً للبنان في أجندتها، حيث تعهد نائب الرئيس الأميركي السابق بالعمل مع المجتمع المدني هناك والمواطنين اللبنانيين لمساعدتهم على تطوير مستقبل سياسي واقتصادي في بلادهم والعمل على إحقاقه، وقال بايدن في عرض لأجندته الرئاسية في حال فوزه في الرئاسة، إنه سيحرص على أن يكون مستقبل البلاد خالياً من الفساد وشاملاً لكل أبنائه. كذلك أكد دعم إدارته للجيش اللبناني، متماشيا مع سياسة الإدارة الحالية، ووصف الجيش بأنه «الدعامة الأساسية لاستقرار البلاد».

القوات الأميركية في الشرق الأوسط
وحول وضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط، يجمع كل من ترمب وبايدن على ضرورة سحب القوات الأميركية من سوريا والعراق وأفغانستان. وفي حين تعهد الرئيس ترمب بسحب كل القوات الأميركية من مناطق الصراع، مؤكداً أن الولايات المتحدة قضت على «تنظيم داعش»، تنص أجندة الحزب الديمقراطي على نية بايدن الإبقاء على عدد محدود من القوات في العراق لهزيمة «تنظيم داعش»، كما سيبقي على وحدة لمكافحة الإرهاب في سوريا، وسيسحب القوات الأميركية من أفغانستان «بشكل مسؤول».

العلاقة مع تركيا
مرت العلاقات التركية الأميركية في عهد ترمب بمراحل متأرجحة، فتوترت العلاقة بشكل كبير إبان العملية العسكرية التركية شمال سوريا، لتعود وتتحسن تدريجياً مع إشادة ترمب المستمرة بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ثم تتوتر مجدداً مع رفع أميركا حظر الأسلحة عن قبرص. وقد وصف ترمب أخيراً نظيره التركي بلاعب الشطرنج المحترف مشككاً بقدرة بايدن على التعامل معه.
أما بايدن فقد أثار موجة من الانتقادات في تركيا عندما ظهر في شريط فيديو قائلاً إنه سيدعم تغيير النظام في تركيا في حال فوزه ومعرباً عن انفتاحه للحديث مع زعماء المعارضة لهزيمة إردوغان.

حظر السفر
وأخيراً، بما يتعلق بحظر السفر عن الدول المسلمة الذي فرضه الرئيس الأميركي. قال بايدن في بيان صادر عن حملته: «في اليوم الأول من تسلمه للرئاسة سيلغي جو بايدن قرار حظر السفر ومنع استقبال اللاجئين المخالف للقيم الأميركية. بايدن سيعيد الولايات المتحدة إلى ما كانت عليه كبلد يستقبل من يسعى إلى الدخول إليه لتحقيق الحلم الأميركي، بمن فيهم المهاجرون من العالم العربي».

فريقا مستشاري السياسة الخارجية
> فريق مستشاري جو بايدن:
جايك سوليفان: مستشار الأمن القومي السابق لجو بايدن في البيت الأبيض.
نيكولاس بيرنز: المسؤول في الخارجية الأميركية في عهدي بوش الابن وبيل كلينتون.
توني بلينكن: نائب وزير الخارجية السابق ونائب مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما.

> فريق مستشاري دونالد ترمب:
عرف ترمب بتغيير فريق البيت الأبيض بشكل مستمر، لكنه اعتمد أخيراً على بعض الوجوه في إدارته لنصحه في ملفات السياسة الخارجية. أبرز هؤلاء: وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي الحالي روبرت أوبراين وكبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز، إضافة إلى صهره جاريد كوشنر.

تعامل المرشحين مع التحالفات والاتفاقات الدولية
> انسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي «هزّ ثقة حلفاء الولايات المتحدة بها»، وفق جو بايدن، الذي سيعمل على استعادة هذه الثقة، وترميم العلاقة بحلف شمالي الأطلسي «ناتو». وحقاً أغضب ترمب حلفاء بلاده في مناسبات عدة، بدءاً بقرار الانسحاب من «اتفاقية باريس للمناخ»، مروراً بإعلانه مغادرة «منظمة الصحة العالمية»، ووصولاً إلى قراره سحب نحو 12 ألف جندي أميركي من ألمانيا. كلها أمور وعد بايدن بإعادة النظر فيها، وتغييرها. كما تعهد بالتواصل مع قادة الناتو بمجرد فوزه وعقد قمة بعنوان: «لقد عدنا» في العام الأول من توليه الرئاسة. كذلك سيعيد النظر في إعادة عضوية الولايات المتحدة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

روسيا والصين وكوريا الشمالية
تصدّرت روسيا ملف التجاذبات الداخلية الأميركية بعدما اتهمت وكالات الاستخبارات الأميركية الكرملين بالتدخل في الانتخابات الأميركية. وسعى ترمب إلى التخفيف من حدة هذه الاتهامات، الأمر الذي أثار حفيظة الديمقراطيين، الذين توعدوا ـ وعلى رأسهم مرشحهم جو بايدن بالرد بحزم على أي محاولة روسية للتدخل في الانتخابات مجدداً. أيضاً تعهد بايدن بمواجهة بوتين إذا ما تأكدت أنباء تقديم روسيا مكافآت مالية لعناصر من «طالبان» مقابل قتل جنود أميركيين، وهو ما لم يفعله ترمب بحسب ما أكد في مقابلة مع موقع «أكسيوس».
وحيال الصين، وصلت العلاقات الأميركية الصينية إلى أسوأ مراحلها بعد تفشي فيروس (كوفيد - 19) ولم تساعد أزمة شركة الاتصالات هواوي، والخلاف على بحر الصين الجنوبي في تحسين العلاقات. كما أثار قرار إدارة ترمب إنهاء المعاملة التفضيلية لهونغ كونغ غضب بكين، الذي وصل إلى أوجه عندما أمرت الإدارة بإغلاق قنصلية الصين في ولاية هيوستن وسط اتهامات لها بالتجسس.
ومع أن ترمب اتهم بايدن بالليونة تجاه الصين، من المستبعد جداً أن تتغير السياسات الأميركية تجاه بكين في حال فوز المرشح الديمقراطي. فتوجه بايدن مشابه للغاية لتوجه ترمب في هذا الملف، كما أنه توعد بزيادة الضغوطات الدولية على الصين عبر إحياء العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة، إضافة إلى فرض عقوبات إضافية عليها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضد أقلية الأويغور المسلمة هناك.
أما عن كوريا الشمالية، فقد أثار اللقاء التاريخي بين ترمب - كيم جون أون حفيظة منافسه الديمقراطي الذي اتهمه بالتنازل من دون شروط، وتعهد بعدم لقاء زعيم كوريا الشمالية من دون شروط مسبقة وفرض عقوبات جديدة على نظام بيونغ يانغ. وكان ترمب أكد أن قراره لقاء كيم جونغ أون يهدف إلى الضغط عليه لوقف أنشطة بيونغ يانغ النووية.

أميركا اللاتينية
في شأن علاقة واشنطن بدول أميركا اللاتينية، شنت إدارة ترمب حملة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية مكثفة على نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأمل دفعه خارج السلطة، وهي السياسة نفسها التي اتبعتها إدارة أوباما لكن بمزيد من التحفظ. إلا أن الإدارتين اختلفتا على ملف كوبا، إذ قرر ترمب إلغاء سياسة الانفتاح على كوبا التي أقرتها إدارة أوباما، وذلك إرضاء لداعميه في فلوريدا، وهو قرار أعلن بايدن أنه سينقضه في حال فوزه.

نظام عالمي جديد
على صعيد آخر، رغم الانتقادات التي واجهتها إدارة ترمب فيما يتعلق بتعاطيها مع السياسة الخارجية تحت عنوان «أميركا أولاً». فإن «النظام العالمي الجديد» الذي فرضه فيروس (كوفيد - 19) سيدفع بايدن باتجاه الحفاظ على بعض الأطر التي وضعها سلفه، في حال فوزه بالرئاسة. ولكن، من يقرأ أجندة الحزب الديمقراطي يعلم أن سياسة بايدن التقليدية ستختلف في حال فوزه بالرئاسة. وتبدو بصمات «اليسار التقدمي» واضحة على الأجندة بطريقة لم تشهدها إدارة أوباما. إذ تمكن «التقدميون» في الحزب أمثال بيرني ساندرز من دفع قيادات الحزب التقليدية باتجاه اعتماد سياسة خارجية تتناسب وحياة الأميركيين اليومية. ويفسر نيكولاس بيرنز المسؤول في وزارة الخارجية السابق وأحد مستشاري بايدن هذه التغييرات فيقول إن «مصلحة الأميركيين من الطبقة الوسطى يجب أن تكون المحرك الذي يدفع بسياستنا الخارجية. لقد تأخرنا كثيراً في فرض تعديلات على مسارنا في هذا المجال».
ويتحدث جيريمي شابيرو، وهو باحث في المجلس الأوروبي للسياسات الخارجية عن أسباب هذا التغيير. فيقول إن الديمقراطيين تعلموا من أخطائهم السابقة التي أدت إلى خسارة كلينتون أمام ترمب في انتخابات العام ٢٠١٦: «لقد كان هناك مفهوم مفاده أن سياسة أوباما الخارجية كان ملعباً للنخبة بعيداً كل البعد عن حياة الأميركيين اليومية. إن التغيير من أوباما إلى بايدن سيكون مرفقاً بتركيز أكثر على أميركا».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».