موسكو ومينسك تنسقان لحسم الوضع في بيلاروسيا

شددتا على مواجهة مشتركة لـ«التدخلات الغربية» في البلدين

رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (أ.ف.ب)
TT

موسكو ومينسك تنسقان لحسم الوضع في بيلاروسيا

رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (أ.ف.ب)

حملت زيارة رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين إلى مينسك، أمس، مؤشرات إلى اقتراب موسكو ومينسك من وضع ملامح سيناريو مشترك لحسم الوضع في بيلاروسيا على المستوى الداخلي، مع تعزيز التكامل في إطار «دولة الاتحاد» بين البلدين في مواجهة الضغوط الغربية المتزايدة عليهما. وكان لافتاً أن النقاشات التي أجراها ميشوستين مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لم تقتصر على معالجة الوضع الداخلي في البلد الذي يشهد احتجاجات واسعة النطاق منذ ثلاثة أسابيع، بل امتدت لبحث تفاصيل تتعلق بخطط تعزيز الاتحاد بين الدولتين الجارتين، وهو سيناريو رأى فيه مراقبون واحداً من المخارج التي يتم تهيئتها للأزمة البيلاروسية الداخلية، عبر تضمين التعديلات الدستورية التي اقترحها لوكاشينكو أخيراً، بنوداً حول التكامل مع روسيا وإعادة توزيع الصلاحيات والدعوة لانتخابات رئاسية جديدة تأخذ في الاعتبار اتفاق الاتحاد مع روسيا. بدا هذا التوجه لافتاً في حديث لوكاشينكو عن «النجاحات التي حققتها الفرق الحكومية في البلدين عبر حوارات مكثفة جرت خلال الأسابيع الماضية، ما مكّن من حل عدد كبير من القضايا الحساسة التي كانت مطروحة للنقاش».
وأضاف لوكاشينكو: «لقد اتفقنا مع (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين قبل الانتخابات حول هذا الموضوع، وكما أخبرني بالأمس، رومان ألكساندروفيتش (رئيس وزراء بيلاروسيا) أنكم أحرزتم في إطار اللجنة الحكومية المشتركة تقدماً كبيراً في حل تلك القضايا المهمة بالنسبة إلينا». في حين قال ميشوستين إن «روسيا تدعم بشكل كامل سيادة واستقلال بيلاروسيا».
وشدد رئيس الوزراء الروسي على الروابط القوية بين البلدين التي تجعل بيلاروسيا «وطناً» بالنسبة إلى الروس، مشدداً على أن «المسألة ليست في روابط تاريخية ولغوية وروحية فحسب»، بل هي أيضاً تبرز عبر «مئات أو آلاف أو ملايين المواطنين الذين هم في الواقع شعب واحد». وشدد على أنه «في الوقت ذاته، فإن مستقبل دولة الاتحاد يقوم على أساس احترام استقلال البلدين، ولكن بإجراءات مناسبة ذات طبيعة اقتصادية خاصة، التي اتفقنا عليها». وكان خبراء روس أعربوا عن قناعة أخيراً، بأن تعزيز مسار التكامل في إطار اتفاق الاتحاد يشكل مدخلاً مناسباً لحسم الأزمة الداخلية في بيلاروسيا، علماً بأن لوكاشينكو كان أبدى تشدداً في التعامل مع عدد من الملفات المتعلقة بتطبيق اتفاق الاتحاد، ورأى خبراء أن الأزمة الحالية في بلاده باتت تدفعه لتقديم تنازلات مهمة للكرملين، خصوصاً بسبب تزايد الضغوط الغربية عليه.
وبدا أمس، خلال اللقاء، أن هذا الملف يشكل عنصراً ضاغطاً ليس على بيلاروسيا وحدها بل وعلى روسيا أيضاً، وهو ما لمح إليه لوكاشينكو عندما حذر ميشوستين مما وصفه «حيلاً قذرة» يقوم الغرب بإعدادها للتعامل مع روسيا في المستقبل القريب بالطريقة ذاتها التي تم التعامل بها مع بيلاروسيا، مشيراً إلى أنه «في المستقبل القريب، ستجري لديكم (في روسيا) انتخابات محلية لمجالس وحكام الأقاليم، وهم (الغرب) يحضرون لاستفزازات جديدة، سوف نشاهد الحيل القذرة ذاتها، هذا هو أسلوبهم. هذه هي وجوههم». وزاد لوكاشينكو: «إنهم لا يتمنون لنا حياة هادئة. أنا مقتنع بهذا. لكن يجب أن تفهم أننا مصممون على الدفاع عن سيادتنا واستقلالنا، ولن نسمح لأنفسنا بالانحناء هنا. الحقيقة سوف تنتصر في النهاية». واللافت أن لوكاشينكو اختار توقيت زيارة رئيس الوزراء الروسي ليكشف عن معطيات قال إن أجهزة الأمن البيلاروسية حصلت عليها عبر رصد مكالمة هاتفية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتعلق بالوضع الصحي للمعارض الروسي أليكسي نافالني، الذي يخضع للعلاج حالياً في ألمانيا. واتهم لوكاشينكو سلطات ألمانيا بالكذب فيما يتعلق باتهام موسكو بتسميم المعارض البارز، وقال إنه سوف يسلم موسكو تسجيلاً يثبت ذلك.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف، ونظيره البيلاروسي ألكسندر فولفوفيتش بحثا التحضيرات لمناورات عسكرية مشتركة بين قوات البلدين سوف تنظم في بيلاروسيا. ونقلت وكالة «إنترفاكس»، عن الوزارة، أن تدريبات «الأخوة السلافية - 2020» ستجري أواخر سبتمبر (أيلول) الحالي، في ميدان تدريبات خاص قرب مدينة بريست في أقصى غرب بيلاروسيا، وأن عسكريين من صربيا سيشاركون فيها أيضاً، إلى جانب نظرائهم الروس والبيلاروسيين. ويعني إجراء المناورات العسكرية المشتركة استعداد موسكو حالياً لإرسال وحدات جديدة من قواتها إلى البلد الجار، وتزامنت هذه المعطيات مع تأكيد الكرملين، أول من أمس، أن موسكو «لا تنظر حالياً في إقامة قاعدة عسكرية» جديدة في بيلاروسيا.
إلى ذلك، أجرى لوكاشينكو، أمس، حركة تنقلات في المناصب الحكومية البارزة أثارت تساؤلات لجهة التوقيت والشخصيات التي تأثرت بها. إذ أصدر قراراً مفاجئاً بإقالة رئيس مجلس الأمن البيلاروسي أندريه رافكوف، كما أقال رئيس جهاز المخابرات «كي جي بي» فاليري فاكولتشيك الذي تم تعيينه في مرسوم منفصل أميناً عاماً لمجلس الأمن في البلاد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».