اعتقالات حوثية في صنعاء وحملات تستهدف باعة الأرصفة

TT

اعتقالات حوثية في صنعاء وحملات تستهدف باعة الأرصفة

بالتزامن مع شن الميليشيات الحوثية حملات خطف واعتقال استهدفت العشرات من سكان الأرياف الغربية للعاصمة صنعاء، أطلقت في الأيام الماضية العنان لمسلحيها في العاصمة للتنكيل بصغار الباعة في أسواق المدينة وإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.
وفي هذا السياق أفادت مصادر محلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بقيام مسلحي الجماعة بتنفيذ عمليات اعتداء وابتزاز وتعسف واسعة بحق تجار وباعة متجولين في أسواق كل من «همدان ودارس والسنينة ومذبح وشميلة» في صنعاء العاصمة بذريعة وجود مخالفات.
ولفتت المصادر إلى أنه وبالتزامن مع المعارك العسكرية التي تشهدها جبهات الجوف ومأرب والبيضاء ونهم وغيرها عاودت الجماعة وكعادتها دهم عدد من الأسواق والمحال التجارية، وألزمت ملاكها بدفع مبالغ مالية لدعم مجهودها الحربي.
وشكا تجار وباعة وملاك أسواق بصنعاء طالها مؤخرا البطش الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار ابتزاز ونهب واعتداءات الميليشيات لهم، وأكدوا أن الانقلابيين يشنون حملات متواصلة لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة تحت أسماء متعددة؛ أبرزها تمويل عملياتهم العسكرية في الجبهات.
وتحدثوا عن أن مسلحي الجماعة داهموا يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين بعدة أطقم الأسواق التي يعملون بنطاقها وباشروا بالاعتداء على الكثير منهم وهدم وإغلاق محال وبسطات تجارية واختطاف العشرات بذريعة التأخر عن تسديد مخالفات.
وأشاروا إلى أن المسلحين أجبروا ملاك الأسواق وعدد من أصحاب المحال والباعة المتجولين في سياق حملتهم غير القانونية على دفع جبايات مضاعفة كعقوبة لهم لتأخرهم عن تسديد ما عليهم من مخالفات سابقة، وباشروا بذات الوقت بالاعتداء على الممتنعين واحتجاز البعض منهم بصورة تعسفية.
وتأتي عملية الدهم الأخيرة للأسواق واعتداءات الجماعة على العاملين فيها، بعد أيام قليلة من اعتداء قيادي حوثي على مواطن بحي الحصبة شمال صنعاء عقب انتقاده لسياسة الميليشيات القائمة على النهب والفساد والقمع.
وذكر شهود عيان بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قياديا حوثيا يدعى عبد الله الوزير اعتدى مؤخرا بالضرب المبرح في أحد شوارع الحصبة على المواطن «س.أ. ع» بعد اعتراضه في حديث جانبي لسياسات الحوثيين القائمة على الاستبداد والفساد.
وأشاروا إلى أن القيادي الحوثي لم يتوقف عن الضرب والاعتداء على المواطن إلا بعد تدخل عدد من المواطنين الذين منعوه من مواصلة اعتدائه.
وقال الشهود إن «المدعو الوزير برر اعتداءه بعقب سلاحه الكلاشينكوف على المواطن، بأنه مرتزق وعميل لأميركا وإسرائيل ومعاد لمسيرة الحوثيين» التي وصفها بـ«القرآنية».
ولفتوا إلى أن المواطن المعتدى عليه كان في محادثة عادية تطرق فيها إلى فساد الحوثيين، وانتقد من خلالها سياساتهم القائمة على النهب والاستبداد وكذا أساليبهم وانتهاكاتهم المتكررة بحق اليمنيين التي ستكون في الأخير، بحسبه، سببا في اندلاع ثورة شعبية عارمة تقتلعهم من جذورهم.
وكثيرا ما تمارس ذات الجمعة الإرهابية كل أساليب الاعتداء والقمع والاختطاف والتعذيب بحق كل من يشكون من الأوضاع الاقتصادية المتردية وكل من يعارض سياستها وجرائمها المرتكبة بحق القاطنين في عموم مناطق سطوتها.
إلى ذلك تحدث مصدر محلي في الريف الغربي لصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن حملة حوثية مسلحة من عدة أطقم نفذت اليومين الماضيين عملية دهم واختطاف طالت 30 مواطنا في قرى عدة بمديرية الحيمة الداخلية.
وأكد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الحملة داهمت قرية «بيت الكبش» بمديرية الحيمة بصنعاء واختطفت حوالي 30 مواطناً بدعوى أنهم مطلوبون لديها.
وأشار إلى أن الحملة التي وصفها بـ«المسعورة» لاقت استياء وغضبا واسعين في أوساط المواطنين من أبناء مديريتي الحيمتين الداخلية والخارجية والذين طالبوا قيادات الجماعة بسرعة إطلاق سراح المختطفين الذين تعرضوا للاعتداء والاختطاف من داخل منازلهم.
وسبق أن شنت الجماعة المدعومة إيرانيا، قبل عدة أسابيع حملات اعتداء وقمع طالت أسواقا شعبية في أمانة العاصمة ومحافظات أخرى، حيث أغلق عناصرها محالا تجارية واعتقلوا باعة وتجارا بحجة عدم التزامهم بتقديم الدعم لما تسميه بـ«المجهود الحربي».


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.