رفيف الظل: يدّعي وصلا بهذا

رفيف الظل: يدّعي وصلا بهذا
TT

رفيف الظل: يدّعي وصلا بهذا

رفيف الظل: يدّعي وصلا بهذا

التقينا على طاولة الشك، في يدها الشوكة وفي معصمي السكين، وحين خرجنا في الوداع وهي السلامُ يغادر، جاءت الحرب. صفة لما يغسل الحرقة المنقوعة في المعنى المراوغ، ووصفٌ لطعنة الذات للذات، وفي المشهد بشرٌ ملاعين، وسماسرة يسايرون الموجَ وهو أخضر، وجلادون سياطهم اللسان ونارهم القذفُ في الأنساب وهي حبلٌ مقطوع.
تعالي يا سحابة الرجال، جفّ حليبُ الأمهات وصرنا نرضع الدم، وغررَ بنا ملحدُ اليقين، فهل من فرار؟ وهل جدارُ الصدّ يقوى، أم تحاصره الشروخ؟
طاب الصباحُ، ولكنّ ظلالنا اختفتْ وقتَ الظهيرة، وهذا العصرُ ألبسَنا غشاوة المحتار، وطالَ الليلُ قبل سكون هزيعهِ في الروح، وما انتصرنا لأننا انتظرنا، وما اكتملَ درسُنا في سبورة الفرجة بعد.
هي الشروخُ، مدفأة الفواصل وابتداءُ الحرف.
هي الجروحُ على النقاط، والسكونُ على الشهيق.
هي نطفة علقت، فصارت مضغة للنّص، وكلّ يدّعي وصلا بهذا الشرخ، إلاّ أنت. أخفيتَ المشيمة تحتَ ظلّ النار، فاحترقتْ يداكَ بجذوة الوادي المقدّس، فلا تقف أن اتهموا لسانَك بالهمهمة، وارحلْ كي تمشّطَ الأوطان من الغرباء. هناك، يخلعُ كلّ غريب جلدَه ثم يرتدي عريه، باتجاه المأدبة اليومية للأهل والأصدقاء. يفعل ذلك كل صباح، ولكي تميّزَ الغريب، عليك أن تُترجمَ البردَ المتحفّز في كل جثة.
العري ليس هو الغريب الذي تبحث عنه، بل هو الجلدُ المتكومُ البارد.
العُري ليس الغريب، تذكّر!
تثاءبْ معلنا قربَ موتك. هذا الأوكسجين المندفعُ كالرصاصة إلى صدرك،
هو بَصْمَتُك، هو إعلان أنكَ عبرت الجسرَ من جثمانك لحلاوة روحك.
- «تمشي أوردتُها في أَرَقي بكبرياءٍ يليقُ برضيعة. أنعسُ، فأرتطم بحليبها. وتلك الأوردة لها قصة. كنت أتحسسُ الطريقَ في شارعٍ مظلم، فوقعتْ أصابعي على لحنٍ لم ينهكْ عظامي من قبل. أنهكتُ عيني بشمعتِه، وشعرتُ حينها أن قسوة تهبّ من جهة أصلُها فرعٌ في السماء. ارتخيتُ، كانَ طعما كصفحة تحملُ أولَ أسراري. سرى الرحيقُ، شهقتُ، فاشتعلَ اسمي، وفاحت دمعة خبأتُها في بريقِ صمتي.
هناك، نبضَ شريانٌ غائرٌ في خطوتي التي كنتُ لا أجيدُ رملَها. هناك، شعّتْ شفتا النفق، وسمعتُ صرختَها. اليوم، تمشي أوردتُها في أَرقَي بكبرياءٍ يليقُ برضيعة. أنعس، فأرتطم بحليبها، ثم أفطمُ نفسي لقسوتِها. هذه الشفاه تتمتم باسم مَنْ سمعتُ شذاها من بعيد، وغادرني اعترافي. أيكون للطف عطفٌ وما من أحد يسامح؟ وهل قطرة البياض تروي كل هذا الشهد، أم أن الأنامل تعبث فيولد من البكاء همسُ الأيادي وتكون الإشارة قد بدأت؟ تعالي يا سليلة النهر، هزّي الضروع هزّ أجراس ورددي معي: أول الحياة بكاء وأولها لحنُ آه، ونحن انتظرنا على جسر انشغالنا لو تطلع الشمس، قمرا يلمم ضوءَ الحنين ويمنحه روعة الأنثى. مولودة للتو، ولكنها خُلِقتْ من صفح أعذارنا، ورششناها بعطر المواسم كي نهنأ بالحصاد».



مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي
TT

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب وهم: محمد شوقي الزين: صُورَةُ النُّخَب وجَدَل الأدْوَار. محمد الرميحي: المجتمع الخليجي وصناعة النخب: الوسائل والصعوبات! موليم العروسي: صناعة النخب وآلياتها. علي الشدوي: مواد أولية عن النخبة السعودية المؤسّسة. ثائر ديب: روسيا مطلع القرن العشرين وسوريا مطلع الواحد والعشرين: إنتلجنسيا ومثقفون.

أما حوار العدد فكان مع المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر (أجراه أحمد فرحات) الذي يرى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يحل محل نظيره سايكس بيكو القديم، مطالباً بالانتقال من التاريخ العبء إلى التاريخ الحافز. المفكر فهمي جدعان كتب عن محنة التقدم بين شرط الإلحاد ولاهوت التحرير. وفي مقال بعنوان: «أين المشكلة؟» يرى المفكر علي حرب أن ما تشهده المجتمعات الغربية اليوم تحت مسمى «الصحوة» هو الوجه الآخر لمنظمة «القاعدة» أو لحركة «طالبان» في الإسلام. ويحكي الناقد الفلسطيني فيصل دراج حكايته مع رواية «موبي ديك». ويستعيد الناقد العراقي حاتم الصكر الألفة الأولى في فضاء البيوت وأعماقها، متجولاً بنا في بيته الأول ثم البيوت الأخرى التي سكنها.

ويطالع القارئ عدداً من المواد المهمة في مختلف أبواب العدد. قضايا: «تلوين الترجمة... الخلفية العرقية للمترجم وسياسات الترجمة الأدبية». (عبد الفتاح عادل). جاك دريدا قارئاً أنطونان أرتو (جمال شحيّد). عمارة: العمارة العربية من التقليدية إلى ما بعد الحداثة (عبد العزيز الزهراني). رسائل: أحلام من آبائنا: فيث أدييلي (ترجمة: عز الدين طجيو). ثقافات: خوليو كورتاثر كما عرفته: عمر بريغو (ترجمة: محمد الفحايم). عن قتل تشارلز ديكنز: زيدي سميث (ترجمة أماني لا زار). سيرة: أم كلثوم ونجيب محفوظ نسيج متداخل وروابط متعددة (سيد محمود). اليوتوبيا ونهاية العالم: القرن العشرون صحبة برتراند راسل: خاومي نافارو (ترجمة: نجيب مبارك). رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم (عبادة تقلا). الأدب والفلسفة: جان لويس فييار بارون (ترجمة حورية الظل). بواكير الحداثة العربية: الريادة والحداثة: عن السيَّاب والبيَّاتي (محمَّد مظلوم). بروتريه: بعد سنوات من رحيله زيارة جديدة لإبراهيم أصلان (محمود الورداني). تراث: كتاب الموسيقى للفارابي: من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد (أحمد السعيدي). فيلسوفيا: فيليب ماينلاندر: فيلسوف الخلاص (ياسين عاشور). فضاءات: «غرافيتي» على جدران الفناء (هاني نديم).

قراءات: قراءة في تجربة العماني عوض اللويهي (أسامة الحداد). «القبيلة التي تضحك ليلاً»: تشظي الذات بين المواجهات النسقية (شهلا العجيلي). مختارات من الشعر الإيراني المعاصر (سعد القرش). نور الدين أفاية ومقدمات نقد عوائق الفكر الفلسفي العربي الراهن (الصديق الدهبي). تشكيل: تجربة التشكيلي حلمي التوني (شريف الشافعي). تشكيل: غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة (حوار هدى الدغفق). سينما: سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائماً هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين (سمير قسيمي). الفلسفة فناً للموت: كوستيكا براداتان (ترجمة أزدشير سليمان). ماذا يعني ألا تُصنف كاتب حواشٍ لأفلاطون؟ (كمال سلمان العنزي). «الومضة» عند الشاعر الأردني «هزّاع البراري» (عبد الحكيم أبو جاموس).

ونقرأ مراجعات لعدد من الكتب: «جوامع الكمد» لعيد الحجيلي (أحمد الصغير). «حقائق الحياة الصغيرة» للؤي حمزة عباس (حسين عماد صادق). «أنا رسول بصيرتي» لسيد الجزايرلي (صبحي موسى). «طبول الوادي» لمحمود الرحبي (محمد الراشدي). «عقلان» لمحمد الشجاع (محمد عبد الوكيل جازم)

وكذلك نطالع نصوصاً لشعراء وكتاب قصة: برايتون (عبد الكريم بن محمد النملة). في طريق السفر تخاطبك النجوم: أورهان ولي (ترجمة: نوزاد جعدان). بين صحوي وسُكْرها (سعود بن سليمان اليوسف). خرائطُ النُّقصان (عصام عيسى). الغفران (حسن عبد الموجود). أنتِ أمي التي وأبي (عزت الطيرى).