النواب التونسيون يصوتون على الثقة بحكومة جديدة للمرة الثالثة خلال عام

«النهضة» و«قلب تونس» يمنحان تشكيلة المشيشي 81 صوتاً إضافياً

جانب من جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي أمس (د.ب.أ)
جانب من جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي أمس (د.ب.أ)
TT

النواب التونسيون يصوتون على الثقة بحكومة جديدة للمرة الثالثة خلال عام

جانب من جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي أمس (د.ب.أ)
جانب من جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي أمس (د.ب.أ)

انطلقت أمس الجلسة البرلمانية المخصصة لمنح الثقة لحكومة جديدة، للمرة الثالثة في أقل من عام، وذلك بحضور 154 نائباً، من إجمالي 217 نائباً، في ظل أنباء عن طلب الرئيس قيس سعيد الإطاحة بحكومة هشام المشيشي، وقرارات سياسية مهمة جاءت لنجدة الحكومة من قبل حركة النهضة الإسلامية، وحزب قلب تونس (ليبرالي).
وتواصلت النقاشات والمداخلات لأكثر من 10 ساعات، في ظل خلافات حزبية عميقة حول بعض الأسماء المقترحة في حكومة المشيشي، وطريقة تشكيلها. وعرض رئيس الحكومة المكلف الخطوط العريضة لبرنامجه الحكومي، وتعهد بالعمل في ظل تناغم تام بين أعضاء الحكومة، والانكباب على الملف الاقتصادي والاجتماعي، وتوفير استحقاقات التونسيين. وكشف المشيشي عن أولويات حكومته التي حددها في 5 نقاط أساسية، على رأسها وقف نزيف المالية العمومية، وإصلاح القطاع العمومي، واستعادة الثقة ودعم الاستثمار، والمحافظة على القدرة الشرائية للتونسيين، وحماية الفئات الاجتماعية الهشة. وبخصوص طريقة اختياره للتشكيل الحكومي، قال المشيشي إنه حرص على اختيار كفاءات «قادرة على الإنجاز السريع الناجع لمواجهة جميع الملفات الحارقة، إضافة إلى القدرة على إيجاد صيغة توافقية لتقسيم الأعمال، وتحقيق الأمن الطاقي والغذائي».
وتلقت تشكيلة المشيشي الحكومية في اللحظات الأخيرة دعم حركة النهضة (54 صوتاً)، وحزب قلب تونس (27 صوتاً)، وهو ما يمثل 81 صوتاً إضافياً لفائدة الحكومة. وأكدت قيادات هذين الحزبين منح الثقة لحكومة المشيشي المقترحة، علماً بأن الحكومة حظيت قبل جلسة نيل الثقة بدعم 3 كتل برلمانية، وهي: «حركة تحيا تونس» (10 نواب)، و«الإصلاح الوطني» (16 نائباً)، و«الكتلة الوطنية» المنشقة عن «قلب تونس» (11 نائباً). وهذه الكتل الثلاث تمثل مجتمعة 37 صوتاً، وبذلك يكون مرورها أمام البرلمان ممكناً، بأكثر من 109 أصوات تمثل الأغلبية المطلقة المطلوبة.
وكان مجلس شورى حركة النهضة قد قرر، الليلة قبل الماضية، منح الثقة لحكومة المشيشي المقترحة «تغليباً للمصلحة الوطنية، بما يمكن البلاد من تجاوز الوضع الحالي الذي أصاب مؤسسات البلاد بما يشبه الشلل». لكن رغم قرار المساندة المعلن، فقد سجل مجلس شورى النهضة تحفظه على أسلوب التفاوض والحوار الذي رافق مسار تشكيل الحكومة وهندستها، وعلى بعض الأسماء المقترحة فيها، مذكراً بموقفه الثابت من «التمسك بحكومة سياسية ذات حزام برلماني وشعبي واسع، تحقّق الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتنكب على تحقيق الإصلاحات الأساسية».
وبدوره، دعا حزب «قلب تونس»، الحليف لحركة النهضة، إلى منح الثقة للحكومة المقترحة من قبل المشيشي، والعمل على تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد. لكنه سجل «تحفظاته» على بعض التعيينات الوزارية على رأس وزارات السيادة في حكومة المشيشي لما «تفتقده من خبرة وكفاءة». وأكد الصحبي عتيق، القيادي في حركة النهضة، خلال جلسة منح الثقة للحكومة، أن الأطراف المشكلة للحكومة «تجاهلت نتائج انتخابات 2019، مما يجعل مسار تشكيلها غير ديمقراطي، وضرباً للمسار الديمقراطي، لأنه لم يحترم الدستور، لا نصاً ولا روحاً»، مضيفاً أن «المسار شهد اشتراطات غير دستورية من رجال قانون»، في تلميح لرئيس الجمهورية، معتبراً أنه من غير المعقول أن يستغل سعيد غياب المحكمة الدستورية ليحتكر تأويل الدستور.
يذكر أن حركة النهضة رفضت مقترح الرئيس سعيد الداعي إلى حجب الثقة البرلمانية عن حكومة المشيشي المقترحة دون حل البرلمان، حيث أكدت مصادر من حركة النهضة أن راشد الغنوشي عبر لسعيد عن رفض الحركة لمقترحه الذي ينص على حجب الثقة عن الحكومة، مقابل مواصلة حكومة إلياس الفخفاخ تسيير الأعمال، والضغط على الفخفاخ لتفويض صلاحياته لوزير آخر. وحسب المصادر نفسها، فقد استند سعيد في مقترحه إلى أحكام الفصل (100) من الدستور.
وكان الرئيس سعيد قد استقبل في قصر قرطاج، قبل يوم واحد من جلسة منح الثقة للحكومة، ممثلي أحزاب «النهضة» و«تحيا تونس» و«حركة الشعب» و«التيار الديمقراطي» وكتلها البرلمانية. وحضر هذا اللقاء كل من الغنوشي وزينب براهمي عن حركة النهضة، ويوسف الشاهد ومصطفى بن أحمد عن حزب تحيا تونس، وزهير المغزاوي ومحمد المسليني عن حركة الشعب، وهشام العجبوني ومحمد الحامدي عن حزب التيار الديمقراطي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.