«لن أترككم»... ماكرون يطمئن محتجين لبنانيين بعد لقاء فيروز

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث الى وسائل الإعلام في بيروت (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث الى وسائل الإعلام في بيروت (أ.ف.ب)
TT

«لن أترككم»... ماكرون يطمئن محتجين لبنانيين بعد لقاء فيروز

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث الى وسائل الإعلام في بيروت (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث الى وسائل الإعلام في بيروت (أ.ف.ب)

بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته لبيروت أمس (الاثنين) بلقاء أيقونة الغناء اللبناني المطربة فيروز، وهي واحدة من أشهر المطربين في العالم العربي يعتبر صوتها موسيقى تصويرية للبنان من أوج ازدهاره مرورا بصراعاته وحتى أحدث صدمة تعرض لها، وفقاً لوكالة «رويترز».
وكان الغضب من النخبة السياسية اللبنانية نتيجة الانهيار الاقتصادي وانفجار مرفأ بيروت الهائل هذا الشهر حاضرا لدى وصول ماكرون إلى منزل فيروز (85 عاما) التي تعد كنزا وطنيا ورمزا للسلام يتجاوز الانقسامات بين الفصائل والطوائف في لبنان وخارجه.
وظهر محتجون في بث تلفزيوني مباشر خارج منزل فيروز حاملين لافتات تعارض تشكيل حكومة مع «القتلة» وتحذر ماكرون من «الوقوف في الجانب الخطأ من التاريخ».
وقابل ماكرون مطالب المحتجين بانحناءة بسيطة. وصرخ البعض قائلين: «أديب لا» وذلك في إشارة إلى رئيس الوزراء اللبناني الجديد مصطفى أديب الذي رشحه الزعماء اللبنانيون تحت ضغط فرنسي.
وعند انتهاء الزيارة، توقف ماكرون للحديث مع المحتجين. وأمكن سماعه يقول في بث تلفزيوني: «قطعت التزاما لها (فيروز) مثلما أقطع التزاما لكم هنا الليلة بأن أبذل كل شيء حتى تطبق إصلاحات ويحصل لبنان على ما هو أفضل. أعدكم بأنني لن أترككم».
ويزور ماكرون بيروت للمرة الثانية خلال أقل من شهر كي يحث السياسيين على تشكيل حكومة مؤلفة من خبراء وقادرة على القضاء على الفساد والهدر والإهمال وإعادة البناء بعد الانفجار المدمر الذي شهده مرفأ بيروت هذا الشهر وأودى بحياة 190 شخصا.
وكانت القنوات المحلية اللبنانية تبث المقطوعات الغنائية، التي خصت بها فيروز مدينة بيروت، أثناء عرضها صور الانفجار وما نجم عنه من دمار.
ونادرا ما تتحدث فيروز لوسائل الإعلام رغم إذاعة أغنياتها عبر موجات الأثير من الرباط وحتى بغداد.
وفي واحدة من أشهر أغنياتها تقول فيروز «حبيتك بالصيف!! حبيتك بالشتى!!» وهي أغنية طُرحت قبل دخول لبنان في أتون حرب أهلية استمرت بين عامي 1975 و1990. وهي فترة كان لبنان لا يزال فيها مشهورا بلقب «سويسرا الشرق الأوسط»، حيث كان يجتذب مشاهير هوليوود إلى مطاعمه وشواطئه البديعة.
وكان اللبنانيون يستمعون إلى أغنياتها على اختلاف دياناتهم وطوائفهم، سواء كانوا من المسيحيين أو المسلمين أو الدروز، حتى وإن كانوا يسفكون دماء بعضهم البعض في الشوارع.
وقال ماكرون للصحافيين عقب وصوله إنه مع احتفال لبنان بمئويته فإن ثمة فرصة سانحة «للسعي وتعلم الدروس والتطلع إلى المستقبل».
ودعا ماكرون فور وصوله إلى بيروت مساء لتشكيل حكومة «بمهمة محددة» في أسرع وقت، بعد ساعات من تكليف مصطفى أديب رئيساً لها، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وجاء تكليف الرئيس اللبناني ميشال عون لأديب، سفير لبنان لدى ألمانيا، بتشكيل حكومة جديدة، ثمرة توافق بين أبرز القوى السياسية التي استبقت وصول ماكرون الذي يزور بيروت للمرة الثانية منذ انفجار المرفأ المروع.
وقال ماكرون للصحافيين أثناء مغادرته المطار، حيث كان في استقباله نظيره اللبناني ميشال عون، إن من أهداف عودته «التأكد من أن حكومة بمهمة محددة ستتشكل في أسرع وقت، لتنفيذ الإصلاحات» التي يشترطها المجتمع الدولي مقابل تقديم دعم للبنان يساهم في إعادة تشغيل العجلة الاقتصادية.
وعلى «تويتر»، كتب ماكرون فور وصوله: «كما وعدتكم، فها أنا أعودُ إلى بيروت لاستعراض المستجدات بشأن المساعدات الطارئة وللعمل سوياً على تهيئة الظروف اللازمة لإعادة الإعمار والاستقرار».
ومن المطار، انتقل ماكرون إلى منزل الفنانة فيروز. وبعدها، انتقل ماكرون إلى قصر الصنوبر، مقر السفارة الفرنسية في بيروت، حيث التقى رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.
ويحفل جدول أعمال الرئيس الفرنسي اليوم (الثلاثاء) بلقاءات سياسية وأخرى ذات طابع رمزي لمناسبة إحياء الذكرى المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير خلال فترة الانتداب الفرنسي. ويختتم الزيارة باجتماع يعقده مع تسعة من ممثلي أبرز القوى السياسية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».