لماذا اختارت الإمارات عند التفكير في احتفال غير تقليدي بمناسبة مرور 50 عاما على تأسيس الدولة، أن يكون أحد مظاهر هذا الاحتفال هو وصول مسبار إماراتي إلى مدار المريخ... ولماذا لم تفكر مثلا في إرسال سفينة فضائية إلى القمر؟
مراجعة طبيعة مهمة المسبار، ربما تجيب على هذا السؤال، فالإمارات لن تكون بطبيعة الحال هي أول دولة تصل للكوكب الأحمر، فقبلها كانت هناك محاولات ناجحة، كما أطلق نحو الكوكب سفينتان أميركية وصينية بعد أيام من إطلاق المسبار الإماراتي. لكن المهمة الإماراتية تتميز بمجال فريد، ربما يمنحها الأفضلية، وهو الدراسة الشاملة لمناخ الكوكب الأحمر، بما سيمكن هذه المهمة، إذا قدر لها النجاح، من الإجابة على الأسئلة الحائرة حول مناخ المريخ.
مناخ المريخ
لم تتمكن المهمات السابقة للكوكب الأحمر، كما لن تتمكن المهمات الحالية من الإجابة على أسئلة تتعلق بالمناخ، بينما سيتمكن مسبار الأمل من تقديم أول صورة شاملة وكاملة للغلاف الجوي المريخي على مدار العام، كما سيدرس كيفية تفاعل الطبقة العليا، والطبقة السفلى من الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، كما سيرسم صورة جيدة عن مناخ المريخ الحالي، وما كان عليه قبل تلاشي غلافه الجوي، وسيكون ذلك على مدار اليوم وعبر كافة الفصول والمواسم بشكل مستمر.
يقول الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «جميع المسابر التي وصلت المدار المريخي أخذت لقطات ثابتة في أوقات محددة من اليوم للغلاف الجوي للمريخ، لكن مسبار الأمل سيكون الأول من نوعه الذي يقدم صورة دائمة، ليكون بمثابة مرصد جوي مريخي». ويضيف النهري أن هذا المرصد المريخي ينتظر منه أن يعطي بيانات تجيب على الأسئلة الحائرة، والتي ربما يتوقف عليها قرار استعمار البشر للكوكب، حيث نريد أن نعرف لماذا يفقد الكوكب معظم الهيدروجين والأكسجين في غلافه الجوي؟ وأين يذهب هذا الفاقد؟».
وكانت هناك خلال العقود الأخيرة ما يقرب من 44 محاولة لإرسال مركبات فضائية للكوكب الأحمر من قِبل الولايات المتحدة، الاتحاد السوفياتي، أوروبا، واليابان، إلا أن أكثر من ثلثي تلك الرحلات باءت بالفشل، إما على الأرض، أو خلال رحلتها أو خلال هبوطها على سطح الكوكب الأحمر.
وقبل مسبار الأمل والسفينتين الأميركية والصينية، يستضيف المريخ 5 سفن فضائية لا تزال تعمل، ثلاث منها تدور في مدار الكوكب وهي (مارس أوديسي) و(مارس إكسبريس)، و(مارس ريكونيسانس أوروبيتر) واثنتان على سطحه وهما (كيوريوسيتي روفر) و(أبورتيونيتي). واستطاعت هذه المهمات توفير معلومات عن الكوكب الأحمر مثل رصدها لوجود مياه في الماضي على سطح الكوكب، وهو مؤشر على وجود حياه سابقة على الكوكب، وتسعى المهمتان الصينية والأميركية التي تم تسييرهما بعد أيام من مهمة مسبار الأمل، إلى تأكيد حقيقة وجود هذه الحياه، من خلال البحث عن حياه ميكروبية في عينات سطحية يتم جمعها من الكوكب،
أجهزة رصد حديثة
وستكون مهمة مسبار الأمل الإجابة على سؤال: هل أدى مناخ المريخ إلى فناء هذه الحياه.
ويقول محمد يوسف، أستاذ مساعد جيولوجيا المياه بمركز بحوث الصحراء، التابع لوزارة الزراعة المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن بيانات مسبار الأمل ستساعد في معرفة ما الذي حول المريخ من مناخ رطب في الماضي إلى جاف الآن. ونشر يوسف في العدد الأخير من دورية «الفضاء الدولية»، دراسة أثبت من خلالها وجود المياه في الماضي على كوكب المريخ، وذلك من خلال مقارنة الأشكال التي تكونت على سطح الأرض بفعل المياه، مثل دلتا النيل شمالي مصر، مع الأشكال الموجودة على سطح المريخ والتي التقطتها صور الأقمار الصناعية عالية الجودة، ويأمل أن يساعده مسبار الأمل في استكمال الصورة.
ويتسلح المسبار في هذه المهمة الفريدة من نوعها بثلاثة أجهزة بالغة الأهمية، يكشف عن تفاصيلها النهري، وهي كاشف يعمل في مجال الأشعة تحت الحمراء للطيف الكهرومغناطيسي، يقوم بدراسة أنماط التغيرات في درجات الحرارة والجليد وبخار الماء، وكاشف آخر يعمل في مجال الأشعة فوق البنفسجية للطيف الكهرومغناطيسي، يقوم بدراسة الطبقة العليا من الغلاف الجوي وتعقب آثار غازي الأوكسجين والهيدروجين عند هروبها نحو الفضاء، بالإضافة إلى كاميرا بصرية ذات قدرة تفريقية مكانية عالية تقوم بإرسال صور رقمية ملونة إلى كوكب الأرض، وبسعة موجة نقل البيانات 1.6 ميجا بيت في الثانية عند أقرب نقطة بين المريخ والأرض.