اكتشاف بروتين جديد قد يزيد مقاومة النباتات للآفات

اكتشاف بروتين جديد قد يزيد مقاومة النباتات للآفات
TT

اكتشاف بروتين جديد قد يزيد مقاومة النباتات للآفات

اكتشاف بروتين جديد قد يزيد مقاومة النباتات للآفات

حسب «منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة»، تشكل النباتات 80 في المائة من الطعام الذي نتناوله، وتنتج 98 في المائة من الأكسجين الذي نتنفسه. ومع ذلك، فهي تحت تهديد مستمر ومتزايد من الآفات والأمراض، حيث يتم سنوياً فقدان ما يصل إلى 40 في المائة من المحاصيل الغذائية العالمية بسبب تلك الآفات. ويؤدي ذلك إلى خسائر سنوية في التجارة الزراعية تتجاوز 220 مليار دولار.
في هذا الإطار، يعمل العلماء في جميع أنحاء العالم من أجل إيجاد حلول لهذه المشكلة، ومن ضمنهم علماء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، حيث يساعد اكتشافهم لبروتين جديد له دور فاعل في المناعة، على تفسير سيطرة الإشارات المناعية لدى النباتات، كما يكشف عن مسارات جزيئية يمكن أن يتحكم بها منتجو المحاصيل. وحسب قول مؤلف الدراسة البروفسور هيريبيرت هيرت، أستاذ علوم النبات بمبادرة الزراعة الصحراوية التابعة لـ«كاوست»: «نتائجنا قابلة للتطبيق بشكل مباشر، لجعل النباتات أكثر مقاومة لمسببات الأمراض».
ويُعرَف البروتين الذي يُختَصر اسمه إلى «MAP4K4»، بدوره الراسخ في مناعة الإنسان وحدوث الالتهابات، ولكن دوره في مقاومة النباتات للأمراض لم يكن معروفاً. واكتشف هيرت وزملاؤه هذا البروتين مصادفة خلال عملية مسح كبيرة، للكشف عن البروتينات المسببة لنقل الإشارات المناعية، لدى النبات العشبي المعروف باسم «رشاد أذن الفأر» Arabidopsis. ومن خلال دراسة نباتات طافرة تفتقر إلى نسخة فعالة من البروتين «MAP4K4» توصل الفريق إلى رصد وظائفه الأساسية.
أثبت باحثو «كاوست»، بقيادة هيرت والباحث الدكتور يونخي جيانج، وبعض الزملاء في فرنسا أن البروتين «MAP4K4» يضيف علامات كيميائية مباشرة (في شكل مجموعات الفوسفات) إلى عدة مواقع من بروتين آخر، يُدعى «BIK1». وتساعد هذه العملية، كما يوضّح جيانج، على ثبات البروتين «BIK1» وتعزّز إنتاج جزيئات عالية السُمِّية تقوم بدور رئيسي في مقاومة العوامل الممرِضة. كذلك أوضح الباحثون أن البروتين «MAP4K4» يضع علامات على مُثبط للبروتين «BIK1» بإضافة وسوم فوسفاتية. تتولى هذه الوسوم الكيميائية تعطيل المُنظِّم السلبي بهدف المُضي في زيادة تنشيط «BIK1».
حتى الآن، وصف هيرت ومجموعته البحثية في قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية بـ«كاوست»، وظيفة البروتين «MAP4K4» في مناعة نبات «رشاد أذن الفأر» فقط. ونشر الباحثون تلك النتائج في مجلة «إمبو ريبورتس» (EMBO Reports) في الثاني من سبتمبر (أيلول) عام 2019.
يقول هيرت: «تتمثّل الخطوة التالية، في اختبار النتائج على المحاصيل أيضاً، بإنتاج طفرات مُعدَّلة وراثياً. لقد أصبح ذلك ممكناً تماماً في الوقت الراهن باستخدام تقنية التحرير (القص) الجيني (كريسبر - كاس9) المُستخدمة بشكل ثابت مع الطماطم والأرز وغيرها من الأنواع ذات الأهمية الزراعية».
ويُخطّط الباحثون أيضاً لدراسة الأدوار التنظيمية للبروتينات الأخرى داخل عائلة البروتين «MAP4K»، التي يوجد من بينها ما لا يقل عن عشرة بروتينات في النباتات. ومن الأمور المثيرة للاهتمام ما أوضحه جيانج من أن أحد أفراد العائلة، وهو البروتين «MAP4K3»، على ما يبدو يعمل بشكل متآزر مع البروتين «MAP4K4» في التحكم في ثبات بروتين «BIK1» والاستجابات المناعية الناتجة عن العوامل الممرِضة.
من ثمّ، فإن البروتينات ذات الصلة الوثيقة بالبروتين «MAP4K» ربما تتشارك في أداء وظائف متداخلة، ولكنها تمتلك كذلك صفات متفرّدة، تسهم مُجتمعة في ضمان دقة الإشارات المناعية لدى النباتات. لذا فإن التعرف إلى الآليات الخاصة بالإشارة بصورة أفضل، يمكن أن يساعد الشركات الزراعية على التصدي للعوامل المُسببة لأمراض النبات.



«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.