الجيش اللبناني يؤكد توزيع المساعدات الإنسانية «ضمن آلية شفافة»

7 أشخاص ما زالوا مفقودين إثر انفجار مرفأ بيروت

علم لبنان مرفوع أمس على واجهة مبنى تضرر بفعل انفجار 4 أغسطس (إ.ب.أ)
علم لبنان مرفوع أمس على واجهة مبنى تضرر بفعل انفجار 4 أغسطس (إ.ب.أ)
TT

الجيش اللبناني يؤكد توزيع المساعدات الإنسانية «ضمن آلية شفافة»

علم لبنان مرفوع أمس على واجهة مبنى تضرر بفعل انفجار 4 أغسطس (إ.ب.أ)
علم لبنان مرفوع أمس على واجهة مبنى تضرر بفعل انفجار 4 أغسطس (إ.ب.أ)

أعلن الجيش اللبناني أنه تولى توزيع 50 في المائة من المساعدات الإنسانية التي أرسلتها الدول المانحة إلى المتضررين من انفجار بيروت، «وفق آلية تتسم بالشفافية» لجهة الإعلان عن كيفية تلقي المساعدات وتوزيعها، بموازاة العمل على استكمال عمليات مسح الأضرار الناتجة عن التفجير بوتيرة متزايدة، حيث عززها الجيش بلجان هندسية عسكرية ومدنية إضافية لتسريع وتيرتها، وإنهائها خلال 15 يوماً، وقد بلغ عددها 250 لجنة.
وجاءت تلك المعطيات خلال مؤتمر صحافي عقده رئيس غرفة الطوارئ المتقدمة في الجيش العميد الركن سامي الحويك، شرح فيه ما تم إنجازه في مجالات إزالة الأنقاض، ورفع الركام، ومسح الأضرار وتوزيع المساعدات على المتضررين جراء الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، وتحديد آلية العمل والخطوات اللاحقة التي ستتخذ في هذا الإطار.
وأعلن الجيش اللبناني أيضاً أن عمليات البحث والإنقاذ لم تتوّقف منذ الانفجار المروّع الذي ضرب بيروت في الرابع من أغسطس (آب)، متسبباً بمقتل 188 شخصاً. وأفاد مدير قسم العلاقات العامة في الجيش اللبناني العميد إلياس عاد خلال مؤتمر صحافي بأنّ عدد المفقودين حتى اليوم يبلغ «سبعة هم ثلاثة لبنانيين وثلاثة سوريين ومصري» على الأقل وفقاً لبيانات قوى الأمن الداخلي بالتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال إن «عمليات البحث لن تتوقف حتى العثور على المفقودين».
وتسبب الانفجار بمقتل 188 شخصاً في حصيلة جديدة، وفق ما قال متحدث باسم وزارة الصحة لوكالة الصحافة الفرنسية السبت، بينما تخطى عدد الجرحى عتبة 6500.
وتحقّق السلطات في ملابسات الانفجار الذي قالت إنه نجم عن كميات هائلة من نيترات الأمونيوم كانت مخزّنة في المرفأ منذ ست سنوات. ويشارك محققون فرنسيون وأميركيون في التحقيق.
وأشرف الجيش اللبناني، في غضون ذلك، على وصول المساعدات التي وصلت إلى لبنان منذ تفجير المرفأ في 4 أغسطس (آب)، ولكن وحداته تولت توزيع نصفها فقط، فيما أعطي النصف الآخر لجمعيات أو للهيئة العليا للإغاثة بناء على طلب الدول المانحة. وتولت تلك المنظمات غير الحكومية وسفارات الدول المانحة والهيئة العليا للإغاثة توزيعها بعد تسلمها من الجيش.
وأعلن الجيش أنه تمّ توزيع حوالي 43 ألف حصّة غذائية على سكان المناطق المتضررة جراء الانفجار، فيما شكلت الاحتياجات الطبية والأدوية واللقاحات ما نسبته 68 في المائة من المساعدات التي وصلت إلى لبنان. وشدد الجيش على أن الشفافية هي معيار عمله في الإعلان عن كيفية تلقي المساعدات وتوزيعها، موضحاً أن «غرفة الطوارئ المتقدمة» التابعة للجيش تفرض رقابة على عمل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، من خلال ضبط عملها، بحيث يتعين على المنظمات التنسيق مع الغرفة حول المواقع الجغرافية التي ستعمل فيها وطبيعة المهام التي تتولاها.
واستناداً إلى أن أعداد الجمعيات والمنظمات في لبنان الحائزة على علم وخبر من وزارة الداخلية تعد بالمئات، فإن قيادة الجيش لا تتدخل في انتماء المنظمة أو تمويلها إلا إذا كانت تحوم شبهات حول عملها، فتتم إحالة الملف إلى المراجع الأمنية المختصة (مخابرات الجيش أو شعبة المعلومات) للتدقيق في عمل المنظمة وكشف الالتباس حول الشبهات حولها، بحسب ما أوضح الجيش اللبناني.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.