حراك «ثورة الفقراء» في سبها يطالب بإقالة «الوفاق» و«المؤقتة»

جانب من مظاهرات احتجاجية في مدينة سبها بجنوب ليبيا (صفحة «حراك ثورة الفقراء»)
جانب من مظاهرات احتجاجية في مدينة سبها بجنوب ليبيا (صفحة «حراك ثورة الفقراء»)
TT

حراك «ثورة الفقراء» في سبها يطالب بإقالة «الوفاق» و«المؤقتة»

جانب من مظاهرات احتجاجية في مدينة سبها بجنوب ليبيا (صفحة «حراك ثورة الفقراء»)
جانب من مظاهرات احتجاجية في مدينة سبها بجنوب ليبيا (صفحة «حراك ثورة الفقراء»)

اتسعت رقعة الاحتجاجات، في مدينة سبها بالجنوب الليبي، للمطالبة بتحسين «الأوضاع المعيشية المتردية» التي يعاني منها المواطنون هناك منذ سنوات، و«إقالة المسؤولين عن إدارة شؤون البلاد»، في وقت تكابد هذه المنطقة حالة من الاستقطاب السياسي بين الأطراف الفاعلة في المشهد راهناً.
وندد المتظاهرون، الذين خرجوا في مسيرات سلمية مساء أول من أمس، في شوارع سبها تحت راية حراك «ثورة الفقراء» بتعرض مناطقهم «للإهمال والنسيان» من قبل الحكومات المتعاقبة على إدارة شؤون البلاد منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.
وتحدث ميلودي عبد الكريم أحد المشاركين في الحراك، إلى «الشرق الأوسط» عن جانب من أزماتهم التي تبدأ من ارتفاع الأسعار ونقص الوقود وغياب الأمن وانقطاع الكهرباء، وقال: «نحن نطالب بفرض الأمن في مناطقنا من خلال تفعيل الأجهزة الأمنية للقيام بواجبها تجاه المواطنين»، «للأسف لا يوجد الحد الأدنى من الأمن في الجنوب الذي لا يزال يعاني من هجمات الإرهابيين»، قبل أن يلفت إلى «تدني مستوى معيشية سكان الجنوب، في ظل أزمات اقتصادية متلاحقة، بسبب غلاء المعيشة».
وأضاف عبد الكريم الذي يعمل في مزارع النخيل، «حراك ثورة الفقراء يطالب بإسقاط أي مسؤول عن الجنوب سواء في شرق البلاد أو غربها من يتخاذل عن مساعدتنا لا يمثلنا»، «كفانا ما لقينا من حكومتي شرق وغرب». الوفاق برئاسة فائز السراج، والمؤقتة بشرق البلاد برئاسة عبد الله الثني.
والحراك الذي أعلن عن نفسه في الرابع عشر من أغسطس (آب) الجاري، ونظم وقفات احتجاجية وإن كانت بأعداد محدودة، يضم فئات عديدة من مواطني سبها، فضلاً عن أنه يلقى تأييداً في المناطق القريبة مثل مدينة غات.
ووجه القائمون على الحراك نداءً إلى المواطنين في أحياء الناصرية والطيوري والقرضة وسكرة وبردي بسبها للاصطفاف معهم في الساحات للانطلاق منها إلى باقي المناطق، دفاعاً عن مصالحهم، مرددين هتافات: «حال بلادي حال يبكي... المسؤول قاعد متكي»، في إشارة إلى أن القائمين على إدارة شؤون الحكم في ليبيا ارتكنوا إلى مناصبهم ولم يهتموا بمصالح المواطنين.
وألقت المظاهرات التي شهدتها مدن بالعاصمة بظلالها على غالبية مناطق ليبيا، وخصوصاً سبها الجنوبية الواقعة على بعد 660 كيلومتراً، جنوب طرابلس، لكن الأخيرة تعاني منذ سنوات بشكل دائم، وسبق لمشايخ وأعيان فزان، أن اشتكوا في منتصف أبريل (نيسان) من تعرض مدن الجنوب الليبي لـ«التجويع والإقصاء والتهميش» على أيدي الحكومات المتعاقبة، محذرين من تعرض المنطقة إلى «تغيير ديموغرافي ممنهج».
وتعهد منظمو حراك «ثورة الفقراء» بمواصلة التظاهر للحصول على الحقوق والمطالب المشروعة، ومحاربة الفساد، والتصدي لاستنزاف أموال الدولة، ما أدى إلى إفقار المواطنين في بلد غني بثرواته، وتديره حكومتان، لافتين إلى أن نسبة الفقر والبطالة ارتفعت في أوساط الليبيين فاضطر شبابها الفقير للهروب عبر البحر إلى أوروبا، في حين يواجه البعض الآخر عصابات التهريب والمخدرات والجماعات الإرهابية.
وأمام المعاناة التي يتحدث عنها سكان الجنوب منذ سنوات، طالب مشايخ وأعيان فزان بـ«التوزيع العادل للثروة بين الليبيين»، قبل أن يؤكدوا أن ليبيا «تسع الجميع دون إقصاء أو تهميش»، والتمسك بـ«ضرورة عدم استغلال الحاجات الإنسانية للمنطقة، وإدخالها في الصراع السياسي بين الحكومات المتعاقبة».
وقال الدكتور علي قلمة مرصدي، وزير العمل والتأهيل السابق في حكومة «الوفاق» لـ«الشرق الأوسط» إن الجنوب الجنوبي «يعاني إهمالاً كبيراً من جميع الحكومات، ولم يجد طوال هذه السنوات من يهتم به أو يعيد إليه حقوقه»، مشيراً إلى أن المواطنين هناك «ضاقوا ذرعاً بالإهمال الحكومي وما يتعرضون له من ظلم وتمييز، ولا يطالبون إلا بجزء بسيط من حقوقهم المهدرة».
وتمسك المتظاهرون بمطالبهم بعيداً عن التخويف والترهيب، مستكملين هتافهم باللهجة المحلية: ليبيون ليبيون... نحنا مانا مرتزقين... نتداعوا عالنار الحمرا واللي يموت يموت بعمره»، مؤكدين على أنه ليس لديهم في الحراك «أي توجه سياسي أو قبلي أو جهوي، ويرفضون الانقسام ويتمسكون بالمصالحة الوطنية».
وشددوا على أن هدفهم الرئيسي التصدي لكل أنواع الفساد المسيطر على المؤسسات الحكومية والمصارف ومحطات الوقود، ولكل من يتورط في سرقة حقوقهم المشروعة، أو يتلاعب بمقدرات وثروات الوطن والمواطن. كما تظاهر عدد من مواطني مدينة غات الواقعة على مشارف الحدود الليبية الجزائرية، مساء أول من أمس، تضامناً مع الحراك الاحتجاجي في سبها وطرابلس، معربين عن غضبهم مما أسموه «تهميش الجنوب»، وهو ما ينعكس على عدم توفر الخدمات الحكومية، فضلاً عن ارتفاع الأسعار وقلة الوقود وانقطاع الكهرباء.
ويقارن سكان الجنوب الليبي بين حالة الفقر وقلة إمكانياتهم بما تحتويه مناطقهم من ثروة نفطية كبيرة، تضم أكبر حقلي نفط رئيسيين يتمثلان في حقلي الشرارة والفيل، الأول ينتج قرابة ثلث إنتاج البلاد من النفط بمقدار 334 ألف برميل في اليوم، ويضخ الثاني أكثر من 70 ألف برميل يومياً.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.