السيسي يتهم «فضائيات مسيئة» بالسعي إلى «تدمير الشعوب»

TT

السيسي يتهم «فضائيات مسيئة» بالسعي إلى «تدمير الشعوب»

اتهم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، من وصفها بـ«القنوات الفضائية المسيئة» بالسعي لـ«تخريب وتدمير الشعوب»، وقال خلال افتتاح عدد من المشروعات في محافظة الإسكندرية، أمس، «إنها (أي القنوات) تسعى دائماً إلى التشكيك في ما نفعله، وتزعم أننا نهدم المساجد... لكن أقول لهم: (أنتم تقومون بتخريب وتدمير الشعوب... لكن نحن نبني ونعمر)».
ورغم أنه لم يشر بالاسم لتلك القنوات، فإن الرئيس المصري، وكثيراً من المسؤولين في بلاده، دائماً ما ينتقدون ممارسات وسائل إعلام تبثها وتدعمها قطر وتركيا، وغالباً ما تركز رسائلها وبرامجها على انتقاد سياسات النظام المصري، عبر رسائل «حادة مُحرضة»، وقد أدانتها أحكام قضائية محلية.
وكان السيسي يتحدث عن أن «محافظة البحيرة بها 77 مسجداً مخالفاً (لقواعد البناء والتملك) على حرم ترعة المحمودية»، وتساءل موجهاً حديثه للمصريين: «هل من المنطقي أن من يريد بناء مسجد لله أن يسرق أرضه أو يقيمه على أرض بالمخالفة للقانون؟... ومع ذلك سنعيد بناءها من جديد». وتطرق الرئيس المصري إلى ما وصفه بـ«غياب الدولة (عن التصدي لمشكلات البنية التحتية) طوال 50 و60 سنة مضت»، وقال إنه ما دام رئيساً للبلاد فسيعمل «بكل عزم وتصميم ودون تهاون على مواجهة كل الصعوبات والتجاوزات لبناء دولة عصرية حديثة، وإن الدولة لن تغيب عن مواجهة التجاوزات والتحديات بعد اليوم».
وبعدما أشار السيسي إلى أن بعض الإجراءات في إطار التصدي للمشكلات القائمة «قد تثير غضب بعضهم»، فإنه قال: «لو أردتم عدم استمراري (في سدة الحكم) فهذا لا يسبب لي أي مشكلة، ولكن أنا طالما في هذا المنصب، فالإصلاح أمام عيني، وسأتمسك به وأنفذه بما يرضي الله». ويسمح تعديل أدخل على دستور البلاد العام الماضي، بعد موافقة البرلمان واستفتاء شعبي، للرئيس المصري بالترشح لفترتين رئاسيتين مقبلتين حتى عام 2030.
وأشار الرئيس السيسي إلى أن الدولة «أنفقت خلال الـ7 سنوات الماضية نحو 350 مليار جنيه على تطوير محافظة القاهرة، وأن هذا المبلغ لو تم صرفه خلال 6 سنوات بالعاصمة الإدارية الجديدة، فإنه كان سيغطي جزءاً كبيراً جداً من المرافق، وسنبني 500 ألف وحدة سكنية بنظم حديثة جداً».
وتابع الرئيس السيسي: «كان يمكننا أيضاً بناء (مدينة الإسكندرية الجديدة) بمنطقة سيدي كرير، بطول 20 كم على البحر، وعمق 10 كم... لكننا لم نفعل ذلك، وغابت الدولة، ولا يمكن أن تغيب مرة أخرى. فلو حدث وأجلنا هذه المشروعات، سنتخلف 100 سنة». وتطرق السيسي إلى «مؤشرات الدين العام الداخلي أو الخارجي للدولة». وبعدما أقر بأنها «مرتفعة»، قال إن «جهود الدولة في ضبط هذا الدين، وزيادة حجم الناتج القومي، ستجعل الدين في الحدود الآمنة».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على إقراض مصر 5.2 مليار جنيه لتلبية «مدفوعات عاجلة في إطار تداعيات (فيروس كورونا) المستجد»، ويقدر إجمالي ديون مصر للمؤسسة الدولية بنحو 20 مليار دولار، منها 12 مليار دولار حصلت عليها القاهرة ضمن خطة لـ«الإصلاح الاقتصادي»، بموجب اتفاق مع الصندوق.
وقال السيسي: «أمامنا خياران: الأول أن نقوم بمشروعات تنمية، والثاني ألا نقوم بأي مشروعات. ولو لم يتم عمل تنمية ستتراجع الدولة، وشعبها سيعاني، وسيكون الرقم المطلوب بعد ذلك في تمويل المشروعات أكبر بكثير من التكلفة الحالية»، متسائلاً: «ما البدائل الأخرى أمامنا؟ إما نقوم بالاقتراض بأرقام ميسرة إلى حد كبير أو نترك الأمور تتفاقم».
وأكد الرئيس السيسي أن «الدولة لا يمكنها التوقف عن تمويل المشروعات بالاقتراض، لكن بشرط أن تقوم الحكومة بضبط هذا الدين الخارجي، وجعله داخل الحدود الآمنة، فضلاً عن زيادة حجم الناتج القومي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم