نشَّطت القنوات العسكرية الروسية والأميركية اتصالاتها، بعد مرور أيام على وقوع أسوأ احتكاك بين قوات الطرفين في أقصى شمال شرقي سوريا، ما أسفر عن إصابة عدد من الجنود الأميركيين بجروح.
وكانت مدرعات تابعة للشرطة العسكرية الروسية ترافقها مروحيات، قد أحبطت محاولة عربات مصفحة أميركية إعاقة حركة دورية روسية، في ريف مدينة المالكية، وقامت إحدى المدرعات بصدم سيارة أميركية مصفحة اعترضت طريق الدورية، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين الأميركيين، ودفع واشنطن إلى توجيه اتهامات ضد موسكو بانتهاك آليات التنسيق المتفق عليها منذ عام 2015، لتجنب الاحتكاكات أثناء تحركات العسكريين من البلدين في سوريا.
وبدا أن الطرفين اتفقا خلال اتصال هاتفي لرئيسي الأركان مباشرة بعد الحادث على محاصرة الأزمة. وعلى الرغم من تواصل لهجة البيانات التصعيدية التي حملت اتهامات متبادلة، فإن مصدراً روسياً أبلغ «الشرق الأوسط» بأن الطرفين نشَّطا الاتصالات على مستوى القنوات العسكرية، بهدف «العودة إلى الالتزام الدقيق بالبروتوكولات المبرمة لمنع الاحتكاكات».
وأشار المصدر إلى أن موسكو ستواصل تسيير دورياتها في المناطق المتفق عليها، وأنها أبلغت الجانب الأميركي بخط سير دوريتها، مضيفاً أن هدف الاتصالات الجارية تجنب التصعيد وتعزيز التنسيق في المستقبل.
اللافت أنه في مقابل هذا التوجه، والتأكيد على أن «الحادث لم يكن مقصوداً، ولن يسفر عن تداعيات جدية»، ركزت وسائل الإعلام الحكومية الروسية على أن القوات الروسية «نجحت في إيصال رسالة واضحة للجانب الأميركي، لتجنب المحاولات المتكررة لاعتراض الدوريات الروسية».
وأشارت وسائل إعلام إلى أن العام الأخير شهد وقوع حوادث مشابهة بين العسكريين الروس والأميركيين، وإلى أن موسكو حذرت في وقت سابق من أنها لن تسمح بعرقلة عمل دورياتها في المناطق التي تشهد تسييراً للدوريات الروسية أو للدوريات الروسية - التركية المشتركة، وفقاً للاتفاقات الموقعة بين موسكو وأنقرة.
وفي بداية العام، ظهر على شبكة الإنترنت مقطع فيديو لحادث طريق بين عسكريين روس وأميركيين في سوريا. كما نُشر مقطع فيديو من محافظة الحسكة السورية، تظهر فيه وحدة من القوات المسلحة الأميركية، عندما قطعت طريق رتل عسكري روسي متجه إلى بلدة عامودا. كما سبق أن منع الأميركيون جنرالاً روسياً من دخول منبج.
ورأى خبراء روس أن تكرار الحوادث دل على أن واشنطن تتعمد القيام باستفزازات «لا تتعارض مع القانون الدولي فحسب؛ بل وتتعارض أيضاً مع النيات المعلنة للرئيس دونالد ترمب بتقليص وجود القوات المسلحة الأميركية في الشرق الأوسط».
ولفت الخبير أليكسي ليونكوف إلى أن «تحركات واشنطن باتت تهدف بشكل واضح إلى عرقلة جهود موسكو في تعزيز نظام وقف النار، كما تعرقل جدياً مساعي موسكو لتنشيط عمليات المصالحات المحلية في عدد من المدن، وفتح قنوات الحوار بين الأطراف السورية في المناطق الخاضعة لسيطرة واشنطن والحكومة السورية». وأشار ليونكوف إلى أن العسكريين الروس، خلال الحادث الذي وقع شمال شرقي سوريا: «لم يقطعوا الطريق على القوة الأميركية، كما زعمت واشنطن، إنما فتحوا الطريق والمسار الذي كان الأميركيون يحاولون إعاقة الحركة فيه». وزاد أن موسكو «لقنت الأميركيين درساً حتى لا يتدخلوا في حركة دورياتنا بعد الآن».
وكانت موسكو قد أكدت أن «الحركة على طول الطرق في سوريا يتم الاتفاق عليها مسبقاً بين جميع الأطراف المعنية؛ لأن أي تغيير أو انحراف عن المسار يمكن أن يؤدي إلى وقوع حوادث. لذلك، تصرف العسكريون الروس بما يتفق بدقة مع التعليمات الواردة، بينما يقوم الأميركيون باستفزازات صريحة».
في غضون ذلك، بات معلوماً، أمس، أن وفداً من «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) وصل إلى موسكو لإجراء محادثات حول تطورات الوضع في مناطق شرق سوريا. وترأست الوفد إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لـ«مسد»، وينتظر أن يجري يوم الاثنين جولة محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف. ولم تعلن الخارجية الروسية بشكل مسبق أي معطيات عن هذه الزيارة؛ لكن موسكو كانت قد أشارت أكثر من مرة أخيراً إلى أنها تراقب تحركات واشنطن الهادفة إلى «قطع الطريق على فتح قنوات الحوار مع السلطات السورية، وإنشاء هياكل بديلة للدولة في المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة».
على صعيد آخر، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن بلاده تجهز لإرسال منظومات جديدة للدفاع الجوي، متخصصة في تعقب حركة الطائرات المسيرة من دون طيار إلى سوريا. وقال خلال زيارة أمس إلى المنتدى العسكري الفني الدولي «الجيش - 2020»، إنه سيتم تزويد القوات الجوية في قاعدة حميميم بنظام «سابسان كونفوي» المتنقل الجديد الخاص بالتصدي للطائرات من دون طيار، إلى سوريا، بعد نجاح اختباره خلال مناورات «قوقاز - 2020».
وأوعز شويغو، خلال تجوله في معرض جرى تنظيمه على هامش المنتدى، باختبار عينات من المعدات والأسلحة في الظروف القتالية في سوريا.
وقال الوزير، خلال مروره أمام نظام «سابسان كونفوي»: «هناك ضرورة لتطوير مثل هذه الوسائل. إذا كان هذا المجمع جاهزاً للاختبار، فلنختبره خلال تمرينات القيادة والأركان الاستراتيجية (قوقاز – 2020)، وإذا أظهر نتائج إيجابية، فسنرسله إلى سوريا».
وتكمن مهمة النظام الجديد في مواجهة الطائرات من دون طيار، من خلال الكشف عن قنوات استقبال إشارات الأقمار الصناعية والتشويش عليها. علماً بأن مناورات «قوقاز - 2020» ستجري خلال الشهر المقبل.
مساعٍ لتنشيط آليات التنسيق الروسية ـ الأميركية لمنع الاحتكاك
موسكو تستعد لإرسال منظومات جديدة للدفاع الجوي إلى سوريا
مساعٍ لتنشيط آليات التنسيق الروسية ـ الأميركية لمنع الاحتكاك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة