تضارب حول فعالية «ريمديسفير» مع حالات «كوفيد ـ 19» المعتدلة

مخاوف من توسيع نطاق استخدامه من دون سبب

مركز فحص «كوفيد - 19» في كرواتيا (أ.ف.ب)
مركز فحص «كوفيد - 19» في كرواتيا (أ.ف.ب)
TT

تضارب حول فعالية «ريمديسفير» مع حالات «كوفيد ـ 19» المعتدلة

مركز فحص «كوفيد - 19» في كرواتيا (أ.ف.ب)
مركز فحص «كوفيد - 19» في كرواتيا (أ.ف.ب)

كما أن فيروس «كورونا المستجد» لا يزال يحير العالم بخبثه، فإن هذا الخبث ينصرف إلى الأدوية التي تعالج أعراضه، فلا تزال نتائج الدراسات التي تُجرى عليها تثير حيرة وارتباك الباحثين، وهو ما بدا واضحاً مع دواء «ريمديسفير» الذي تنتجه شركة جلعاد الأميركية، الذي تم تطويره في الأصل علاجاً للإيبولا، وتم استخدامه في حالات الطوارئ خلال انتشار ذلك الوباء في عام 2018. لكن مسؤولي الصحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي شهدت ظهور الوباء قرروا في أغسطس (آب) 2019 التوقف عن استخدامه، بسبب ما أعلنوه وقتها أنه «غير فعال»، مقارنة بعلاجات الأجسام المضادة وحيدة النسيلة مثل «mAb114».
ولأن «مصائب قوم عند قوم فوائد» جاء فيروس «كورونا المستجد» المسبب لمرض «كوفيد - 19» لينعش آمال الشركة منتجة هذا الدواء في تسويقه؛ حيث دعمت تجارب سريرية لاستخدامه في علاج «كوفيد - 19»، وقادت هذه التجارب إلى إعلان اليابان في مايو (أيار) الماضي اعتماده في بروتوكول علاج المرض، كما منحته إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) في نفس الشهر تصريحاً للاستخدام في حالات الطوارئ (EUA) مع الأطفال والبالغين المصابين بأعراض شديدة من المرض، بعد أن أظهرت بيانات التجارب أن الدواء ساعد في تقصير وقت التعافي في المستشفى.
وبينما تقدمت الشركة في وقت سابق هذا الشهر بطلب إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية لتوسيع نطاق موافقتها لتجاوز علاج المرضى المصابين بأمراض خطيرة في المستشفى، ليشمل كل فئات المرضى، جاءت نتائج الدراسات التي أجريت على مرضى الأعراض المعتدلة متضاربة، بما يثير شكوكاً حول فعالية استخدام الدواء مع هذه الفئات من المرضى.
وأظهرت تجربة عشوائية ترعاها الشركة المنتجة للدواء أن دورة علاجية مدتها 5 أيام من «ريمديسيفير» مرتبطة بتحسن ذي دلالة إحصائية بين المرضى المصابين بأعراض معتدلة من «كوفيد - 19»، ومع ذلك يرى الخبراء أن الفائدة السريرية لهؤلاء المرضى غامضة، نظراً للاختلاف الصغير بين مجموعات التجربة.
وشملت التجربة التي نشرت نتائجها في 21 أغسطس في دورية مجلة الجمعية الطبية الأميركية «JAMA» 584 مريضاً في 105 مستشفيات في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، وقادها كريستوف سبينر الأستاذ بكلية الطب بجامعة ميونيخ التقنية بألمانيا.
ويرى الخبراء أيضاً أنه بالإضافة للاختلاف الصغير بين مجموعات التجربة، لم يتحسن المرضى الذين تم تعيينهم عشوائياً لدورة علاجية أطول مع «ريمديسفير» مدتها 10 أيام بشكل ملحوظ، مقارنة مع أولئك الذين تلقوا رعاية قياسية بعد 11 يوماً من بدء العلاج.
وتباينت النتائج في هذه التجربة، وكذلك في تجربتين عشوائيتين تم إجراؤهما قبلها، وتم نشرهما بحثياً أيضاً، ما دفع إيرين ماكريري، وديريك أنجوس، من كلية الطب بجامعة بيتسبرغ في بنسلفانيا إلى كتابة افتتاحية مصاحبة للدراسة ذهبا فيها إلى أن «التناقضات تثير التساؤل عما إذا كانت عبارة عن نتائج أخطاء في تصميم الدراسة، بما في ذلك مجموعات المرضى، أو ما إذا كان الدواء أقل فعالية مما كان متوقعاً».
ومع تفهم الخبراء لسعي إدارة الغذاء والدواء الأميركية لإقرار علاج شامل لأعراض «كوفيد - 19»، وسعي الشركة لتوسيع نطاق استخدامه، فإن ديريك أنجوس قال في تصريحات لموقع «ميدسكيب» الطبي، يوم 25 أغسطس الحالي: «مشكلة توسيع نطاق استخدام الدواء، أنه يمكن أن يقطع أو يحبط الجهود المبذولة لتنفيذ التجارب العشوائية المضبوطة».
وأضاف: «نعتقد أننا بحاجة حقاً إلى مزيد من التقييم لـ(ريمديسفير) في تجارب عشوائية ذات شواهد واسعة النطاق مدعومة بشكل كافٍ لفهم أي المرضى، وبأي جرعة، وفي أي نقطة من مسار المرض، يحدث تحسن ملموس في النتائج السريرية».
ولا ينكر أنجوس أن الدواء يعد واعداً، لكنه يقول: «نظراً لتكلفة إنتاجه وتوزيعه، فإنه من الضروري معرفة أفضل طريقة لاستخدامه بمزيد من اليقين».
ووفقاً لـ«رويترز»، حددت شركة «جلعاد» سعر الريمديسفير عند 2340 دولاراً للعلاج لمدة 5 أيام في الولايات المتحدة وبعض الدول المتقدمة الأخرى.
ويشير أنجوس أيضاً إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان المرضى الذين يعالجون به سيستفيدون من الأدوية الرخيصة والمتاحة على نطاق واسع، أو ما إذا كان يمكن أن يلعب هذا الدواء دوراً تكميلياً، فهذه الأسئلة لم يتم اختبارها بعد في تجارب الدواء.
ورغم أن إدارة الغذاء والدواء تقول على الأرجح إن التجارب العشوائية التي تحقق في مثل هذه الأسئلة لا تزال موضع ترحيب، حتى مع توسيع نطاق استخدام الدواء، فإن أنجلوس يرى استحالة تحقيق ذلك، وقال: «سيكون الأمر أشبه بمحاولة إعادة الجني إلى الزجاجة».
وأوضح ما يعنيه بهذا التشبيه، مضيفاً: «بمجرد أن يصبح الدواء متاحاً، يكون الأطباء والمرضى أقل استعداداً للمشاركة في تجربة لا يتلقى فيها سوى بعض المرضى العلاج»، مضيفاً: «قد تكون الشركة نفسها غير راغبة في تمويل التجارب في هذه المرحلة، لأنه إذا كان لديهم تصريح باستخدام موسع للدواء، فلماذا تخاطر باختبار العقار؟».
ووصف أنجوس الوضع بأننا نعيش في مستنقع من عدم اليقين وسنعقد المشكلة فقط إذا قمنا بتوسيع استخدام الدواء، قبل الحصول على الإجابات التي نحتاجها بسرعة.
ويتفق الدكتور تامر سالم، أستاذ الفيروسات بمدينة زويل، مع ما ذهب إليه «أنجوس»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يجب أن ننسى أن هذا المرض أعلنت منظمة الصحة العالمية أن 80 في المائة من المصابين به يشفون دون علاج، ومن الوارد جداً أن يكون الشفاء في هذه الحالات المعتدلة من المرض حدث مصادفة، وليس بسبب استخدام الدواء، لذلك يجب أن يكون واضحاً بشكل لا يدع مجالاً للشك ما هي الإضافة التي سيقدمها الدواء لهذه الحالات المعتدلة».


مقالات ذات صلة

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

آسيا قوات أمنية تقف خارج معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (رويترز)

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

حذر خبراء من أن العلماء الصينيين يخططون لإجراء تجارب «مشؤومة» مماثلة لتلك التي ربطها البعض بتفشي جائحة «كوفيد - 19».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ وسط ازدياد عدم الثقة في السلطات الصحية وشركات الأدوية يقرر مزيد من الأهل عدم تطعيم أطفالهم (أ.ف.ب) play-circle

مخاوف من كارثة صحية في أميركا وسط انخفاض معدلات التطعيم

يحذِّر العاملون في المجال الصحي في الولايات المتحدة من «كارثة تلوح في الأفق» مع انخفاض معدلات التطعيم، وتسجيل إصابات جديدة بمرض الحصبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك جائحة كورونا نشأت «على الأرجح» داخل مختبر ولم تكن طبيعية (أ.ف.ب)

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

أثار إعلان علماء في معهد «ووهان» لعلم الفيروسات عن اكتشاف فيروس كورونا جديد يُعرف باسم «HKU5 - CoV - 2» قلقاً عالمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عالمة تظهر داخل مختبر معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (إ.ب.أ)

يشبه «كوفيد»... اكتشاف فيروس كورونا جديد لدى الخفافيش في مختبر صيني

أعلن باحثون في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات في الصين، أنهم اكتشفوا فيروس «كورونا» جديداً في الخفافيش يدخل الخلايا باستخدام البوابة نفسها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» بنيويورك (أ.ب)

دراسة: بعض الأشخاص يصابون بـ«متلازمة ما بعد التطعيم» بسبب لقاحات «كوفيد-19»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اللقاحات التي تلقّاها الناس، خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، منعت ملايين الوفيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

ترودو سيناقش مع الملك تشارلز تهديد ترمب بضم كندا

رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
TT

ترودو سيناقش مع الملك تشارلز تهديد ترمب بضم كندا

رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)

من المقرر أن يجتمع رئيس وزراء كندا جاستن ترودو مع الملك تشارلز الثالث، بصفته ملك كندا، اليوم الاثنين حيث سيناقش تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم كندا لتكون الولاية 51.

وتعرض الملك تشارلز لانتقادات في كندا بسبب صمته حيال تهديدات ترمب بضم كندا. وقال ترودو في لندن يوم الأحد إنه سيناقش مع تشارلز القضايا المهمة بالنسبة للكنديين وأضاف «لا شيء يبدو أكثر أهمية بالنسبة للكنديين في الوقت الحالي من الدفاع عن سيادتنا واستقلالنا كدولة». ويعتبر تشارلز هو رأس دولة كندا، التي هي عضو في الكومنولث البريطاني.

وبصفة عامة، فإن حركة مناهضة الملكية في كندا صغيرة، لكن صمت الملك حيال تهديدات ترمب أثار الحديث بهذا الشأن في الأيام الأخيرة. وكان الملك، الذي التقى يوم الأحد مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، دعا ترمب للقدوم إلى اسكتلندا للقيام بزيارة دولة. وقال المحامي الدستوري لايل سكينر في منشور على «إكس»، «خبر رائع أن رئيس الوزراء سيجتمع مع ملك كندا غدا. نأمل أن يسفر هذا عن بيان من الملك بشأن مملكة كندا».

وعلى الرغم من أن الكنديين عموما غير مبالين بالملكية، فإن العديد منهم كان لديهم محبة كبيرة للملكة إليزابيث الراحلة، التي تزين صورتها عملاتهم المعدنية وزارت كندا 22 مرة أثناء فترة حكمها. يشار إلى أن إلغاء الملكية في كندا يعني تغيير الدستور. وهذا مسعى محفوف بالمخاطر بطبيعته، بالنظر إلى كيف تم تصميمه بعناية ليوحد أمة من 41 مليون شخص تضم الناطقين بالإنجليزية، والناطقين بالفرنسية، والقبائل الأصلية، والمهاجرين الجدد الذين يتدفقون باستمرار.