التنقيب عن الآثار شمال سوريا مصدر دخل للشباب

في ظل غياب فرص العمل والنزوح وحياة التشرد

صدام نعسان نازح من قلعة المضيق ينقب مع ابنه قرب أحد مخيمات شمال سوريا (الشرق الأوسط)
صدام نعسان نازح من قلعة المضيق ينقب مع ابنه قرب أحد مخيمات شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

التنقيب عن الآثار شمال سوريا مصدر دخل للشباب

صدام نعسان نازح من قلعة المضيق ينقب مع ابنه قرب أحد مخيمات شمال سوريا (الشرق الأوسط)
صدام نعسان نازح من قلعة المضيق ينقب مع ابنه قرب أحد مخيمات شمال سوريا (الشرق الأوسط)

تشهد مناطق الشمال السوري إقبالاً كبيراً من قبل الشبان السوريين على مزاولة الحفر والتنقيب عن اللقى الأثرية التاريخية مثل العملات القديمة، لكثرة المناطق الأثرية التاريخية فيها، ثم بيعها لهواة جمع العملات الأثرية والتجار. ويشكل هذا النشاط مصدراً للدخل يساهم في توفير المستلزمات الحياتية للشباب وأسرهم؛ حيث لا توجد أمام كثير منهم فرص عمل كافية في ظل النزوح وحياة التشرد والفقر.
يقول صدام نعسان (35 عاماً)، الذي نزح من مدينته في قلعة المضيق غرب حماة قبل نحو عام ونصف عام، ولجأ إلى منطقة كفر لوسين الحدودية شمال سوريا، إنه مع تراجع دورة الحياة الاقتصادية وانعدام فرص العمل التي قد تؤمن متطلبات حياة أسرتي البالغ عدد أفرادها 6. وفي ظل النزوح، لم يعد أمامي أي خيار سوى البحث عن اللقى الأثرية، كالعملات والقطع الأثرية، الذهبية والنحاسية «الرومانية والبيزنطية»، لبيعها والاستفادة من ثمنها في شراء حليب للأطفال ومستلزمات يومية أخرى كالخبز وغيره من الغذاء.
ويضيف نعسان؛ أخرج كل صباح وبرفقتي أحد أبنائي مصطحبين معنا جهازاً خاصاً لكشف المعادن تحت سطح الأرض، بالإضافة إلى معاول وأدوات للحفر، ونمضي جلّ وقتنا بالبحث في المناطق التي تكثر فيها الأوابد التاريخية، كالقلاع والمدن الأثرية، في مناطق كفر لوسين ومنطقة الردقلي ومناطق باب الهوى شمال سوريا. وما أن يصادف الجهاز معدناً تحت سطح الأرض ويصدر إشارة، نبادر بالحفر والبحث عن ذلك المعدن، وغالباً تكون عملات نقدية تعود لعصور قديمة، لكل منها قيمتها وسعرها الخاص بحسب تاريخها والنقوش الموجودة عليها.
يمضي نعسان أياماً حتى أسابيع في البحث عن اللقى الأثرية دون فائدة، حتى يحالفه الحظ بالعثور على قطعة نقدية ذات قيمة، فيتصل مع أحد التجار أو الهواة لإخبارهم عنها وبيعها بحسب ما تملك من ميزات تاريخية، مشيراً إلى أن الأسعار تتراوح بين 100 إلى 1000 ليرة سورية، ونادراً ما يعثر على لقية ذات قيمة مالية كبيرة من الذهب أو الزجاج، والتي قد يصل ثمنها إلى مئات الآلاف من الليرات السورية.
منير العلي، منقب آخر من ريف إدلب، فقد وظيفته الحكومية مع اندلاع الثورة السورية في 2011. يقول: «مثلي مثل آلاف الشباب السوريين الذين لم يوفقوا بالحصول على أعمال ووظائف يستطيعون من خلالها سدّ رمق أسرهم وحفظ كرامتهم، ولم نجد أمامنا سوى العمل في الحفر والتنقيب عن اللقى الأثرية في باطن الأرض»، مشدداً على أنه «من حقنا وحق أطفالنا في الوقت الذي نعاني فيه من قلة سبل العيش». ويضيف أنه وصحبه شكّلوا ورشات عمل مؤخراً مقسمة إلى مجموعات، «وفي كل مجموعة بين 5 أو 6 أشخاص نخرج يومياً إلى التلال والسهول التي تنتشر فيها قبور رومانية، بعد مسح وجه الأرض بأجهزة كاشفة للمعادن أو عبر شريط معدني يطلق عليه اسم (الجاسوس)؛ حيث يغرز في الأرض إلى أن يصطدم بأشياء صلبة، ومن خلال خبرتنا التي امتلكناها في هذا النشاط، نستطيع التمييز إن كانت هذه الأشياء الصلبة صخوراً طبيعية أم أغطية قبور قديمة. وما أن نتأكد من أنها قبور، نباشر بالحفر إلى باطن القبر، وعندها يعتمد الأمر على الحظوظ، فإما أن نجد ما يغنينا ويقبر الفقر، أو لا نجد سوى العظام. وربما نجد أشياء بسيطة كالعملات القديمة أو القطع النحاسية التي كانت تستخدم لتزيين الصناديق أو الألبسة حتى الزينة في ذلك العصر»، ليست لها قيمة كبيرة مالياً، لكن نستطيع بيعها والاستفادة منها لمصروف أولي لنا ولأسرنا.
من جهته، يقول الناشط الحقوقي أكرم جنيد، إن أعمال التنقيب عن اللقى الأثرية والحفريات ضمن المناطق التاريخية في سوريا، تعد مخالفة تعاقب عليها القوانين، ويدعو ذلك للقلق على مصير المناطق الأثرية التاريخية التي تعبر عن تاريخ سوريا العريق على امتداد العصور القديمة، ولكن ع انعدام فرص العمل لدى الشباب على امتداد سوريا، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام أو المعارضة، دفعهم إلى مزاولة هذه النشاط. ويشدد جنيد أن التخلص من هذه الفوضى المتمثلة في أعمال التنقيب عن الآثار واللقى الأثرية، يحتم على الجهات المختصة والحكومات والمنظمات الإنسانية، توفير فرص العمل الكافية للسوريين، تمكنهم من تأمين لقمة العيش. «عندها، لن يلتفتوا إلى مثل هذه الأعمال التي تضرّ بالتاريخ السوري العريق».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.