كان للدكتور شيغياكي هينوهارا حياة غير عادية لأسباب عديدة؛ حيث عاش الطبيب الياباني وخبير طول العمر حتى سن 105، وفقاً لشبكة «سي إن بي سي».
وعندما توفي في عام 2017، كان هينوهارا رئيساً فخرياً لجامعة «سانت لوك الدولية»، والرئيس الفخري لمستشفى «سانت لوك الدولي»، وكلاهما في طوكيو.
قدم هينوهارا الذي اشتهر بكتابه «العيش طويلاً حياة جيدة»، نصائح ساعدت في جعل اليابان رائدة العالم في طول العمر. وكان بعضها نقاطاً بديهية إلى حد ما، بينما كان البعض الآخر أقل وضوحاً، وأبرزها:
* الابتعاد عن التقاعد المبكر
قال هينوهارا إنه إذا كان لا بد من التقاعد، فعليك فعل ذلك بعد سن 65 بكثير.
ومتوسط سن التقاعد، على الأقل في الولايات المتحدة، كان دائماً يحوم حول 65. وفي السنوات الأخيرة اتجه كثيرون نحو فكرة التقاعد المبكر.
لكن هينوهارا نظر إلى الأشياء بشكل مختلف. قال في مقابلة عام 2009 مع «جابان تايمز»: «ليست هناك حاجة للتقاعد على الإطلاق، ولكن إذا كان يجب على المرء أن يتقاعد، فليكن متأخراً كثيراً عن سن 65».
وأوضح أن الناس اليوم يعيشون فترة أطول بكثير، وأن متوسط العمر المتوقع للولايات المتحدة في عام 2020 على سبيل المثال، هو 78.93 عاماً، بزيادة قدرها 0.08 في المائة عن عام 2019. لذلك، يجب أن نتقاعد في وقت لاحق كثيراً في الحياة أيضاً بحسب الطبيب.
ومن المؤكد أن هينوهارا قد مارس ما ينصح به، فحتى أشهر قليلة قبل وفاته استمر في علاج المرضى، واحتفظ بكتاب مواعيد به مساحة لمدة خمس سنوات أخرى، وعمل حتى 18 ساعة في اليوم.
* ممارسة التمارين والاهتمام بنوعية الطعام
أكد هينوهارا أهمية التمارين المنتظمة. وقال: «أصعد على الدرج في كل مرة لتحريك عضلاتي».
بالإضافة إلى ذلك، حمل هينوهارا أمتعته وحزمه الخاصة، وألقى 150 محاضرة في السنة، وعادة ما كان يتحدث لمدة 60 إلى 90 دقيقة من دون أن يجلس، وذلك «ليبقى قوياً».
وأشار أيضاً إلى أن الأشخاص الذين يعيشون حياة طويلة للغاية لديهم قاسم مشترك: فهم لا يعانون من زيادة الوزن. في الواقع، تعتبر السمنة على نطاق واسع واحدة من أهم عوامل الخطر لزيادة معدلات الاعتلال والوفيات.
وكان نظام هينوهارا الغذائي متقشفاً. لتناول الإفطار كان يشرب القهوة وكوباً من الحليب، وبعض عصير البرتقال، مع ملعقة كبيرة من زيت الزيتون. (وجدت الدراسات أن زيت الزيتون يقدم العديد من الفوائد الصحية، مثل الحفاظ على نظافة الشرايين، وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب).
وقال إن الغذاء عبارة عن «حليب وبعض البسكويت، أو لا شيء عندما أكون مشغولاً للغاية عن تناول الطعام». وتابع: «لا أشعر بالجوع أبداً؛ لأنني أركز على عملي. العشاء عبارة عن خضراوات، وقليل من السمك والأرز، ومرتين في الأسبوع أتناول 100 غرام من اللحوم الخالية من الدهون».
* العثور على هدف يبقيك مشغولاً
وفقاً لهينوهارا، يعد عدم وجود جدول زمني كامل طريقة مؤكدة للتقدم في العمر بشكل أسرع والموت عاجلاً. ومع ذلك، من المهم أن تظل مشغولاً، ليس فقط من أجل البقاء مشغولاً، ولكن لكي تكون نشطاً في الأنشطة التي تساعد في خدمة غرض ما. (المنطق هو أن المرء يمكن أن يكون مشغولاً، ومع ذلك لا يزال يشعر بالفراغ والخمول من الداخل).
ووجد هينوهارا هدفه في وقت مبكر، بعد أن أنقذ طبيب الأسرة حياة والدته.
وقالت جانيت كاواجوتشي، الصحافية التي اعتبرت هينوهارا معلماً: «لقد كان يعتقد أن الحياة تدور حول المساهمة، لذلك كان لديه هذا الدافع المذهل لمساعدة الناس، والاستيقاظ مبكراً في الصباح والقيام بشيء رائع للآخرين. هذا ما دفعه وما جعله يعيش».
وقال هينوهارا: «من الرائع أن تعيش طويلاً... حتى يبلغ المرء 60 عاماً، من السهل العمل مع أسرته وتحقيق أهدافه؛ لكن في سنواتنا اللاحقة يجب أن نسعى جاهدين للمساهمة في المجتمع. منذ سن 65 وأنا أعمل متطوعاً. ما زلت أعمل 18 ساعة، سبعة أيام في الأسبوع، وأحب كل دقيقة منها».
* التخلي عن وضع قواعد صارمة
بينما روج هينوهارا بوضوح لممارسة الرياضة والتغذية السليمة كطرق لحياة أطول وأكثر صحة، أكد في الوقت نفسه أننا لا نحتاج إلى أن نكون مهووسين بتقييد سلوكياتنا.
وقال: «نتذكر جميعاً عندما كنا أطفالاً، أننا كنا نمرح، كنا ننسى تناول الطعام أو النوم».
وأضاف: «أعتقد أنه يمكننا الحفاظ على هذا الموقف كبالغين. من الأفضل عدم إرهاق الجسم بكثير من القواعد».
* الأطباء لا يمكنهم علاج كل شيء
حذر الدكتور هينوهارا من أخذ نصيحة الطبيب دائماً. عندما يُوصى بإجراء اختبار أو عملية جراحية، نصح بالسؤال عما إذا كان الطبيب «سيقترح أن يخضع زوجته أو أطفاله لمثل هذا الإجراء».
وأصر هينوهارا على أن العلم وحده لا يمكن أن يساعد الناس. وقال: «إنه يجمعنا جميعاً معاً؛ لكن المرض فردي. كل شخص فريد من نوعه، والأمراض مرتبطة بقلوبهم. لمعرفة المرض ومساعدة الناس نحتاج إلى الفنون الليبرالية والبصرية، وليس الفنون الطبية فقط».
* الإلهام والفرح والسلام في الفن
وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، في نهاية حياته، لم يكن هينوهارا قادراً على تناول الطعام؛ لكنه رفض أنبوب التغذية. وخرج من المستشفى، وتوفي بعد ذلك بشهور في المنزل.
بدلاً من محاولة محاربة الموت، وجد هينوهارا السلام في المكان الذي كان فيه من خلال الفن. في الواقع، نسب رضاه ونظرته للحياة إلى قصيدة كتبها روبرت براوننغ بعنوان «أبت فوغلر».