الجزائر: رئيس «سلطة الانتخاب» يدافع عن «شرعية» تبون

شرفي يتعهد بالتصدي للتزوير في «استفتاء الدستور»

TT

الجزائر: رئيس «سلطة الانتخاب» يدافع عن «شرعية» تبون

دافع محمد شرفي، رئيس «السلطة العليا للانتخابات» بالجزائر، عن «شفافية» الاستحقاق الرئاسي الذي جرى في نهاية العام الماضي، وأفرز عبد المجيد تبون رئيساً. وأكد عزمه على «صون الأصوات» في الاستفتاء على تعديل الدستور الذي سينظم في أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وكان شرفي يتحدث للإذاعة الحكومية أمس، عندما خاض ضمناً في الجدل الذي أثارته الظروف التي أحاطت بـ«الرئاسية»، وبخاصة «ضعف» نسبة المشاركة (39.93 في المائة)، ومقاطعة الموعد بشكل كامل من طرف سكان منطقة القبائل وهم بالملايين، كتعبير عن رفض مسعى الانتخاب.
وأكد شرفي أن «دولاً كبيرة كانت تتحفظ دائماً على المسار الانتخابي في الجزائر، شهدت على ألسنة ممثليها الدبلوماسيين بأن السيد تبون انتخب في اقتراع توفرت فيه أعلى مستويات الشفافية». وأعلنت أحزاب معارضة عدم اعترافها بنتائج الانتخاب، أهمها «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» الذي صرَّحت قيادته بأن الانتخاب «كان مفروضاً من رئيس أركان الجيش»، الفريق قايد صالح الذي توفي بسكتة قلبية بعد 5 أيام من إجراء الاستحقاق. ورفض الحراك الشعبي تنظيم الانتخابات، وعبَّر عن ذلك في مظاهرات كبيرة، في حين رحبت به الأحزاب الموالية للسلطة، وأهمها «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» (رئيسا الحزبين في السجن بتهم فساد).
ولفت شرفي - وهو وزير العدل سابقاً - إلى أن تبون «تعهد بتنظيم استفتاء حول مراجعة الدستور خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي. وقد اتخذت سلطة الانتخابات الإجراءات تحسباً لأجندة سياسية جديدة، غير أن وباء (كورونا) حال دون ذلك»؛ مشيراً إلى أن السلطات الجديدة «بصدد بناء مؤسسات الجزائر الجديدة، والرئيس يدرك جيداً أن معه رجالاً ونساء أصحاب كفاءة وحس وطني لرفع التحدي». وأضاف: «سلطة الانتخابات ما زالت في المهد، فقد خرجنا إلى الميدان (بمناسبة الاقتراع الرئاسي) ولم تكن لدينا الإمكانيات الضرورية».
ودافع شرفي عن اختيار عيد ثورة الاستقلال (1 نوفمبر) لتنظيم الاستفتاء، رغم انتقادات قطاع من الطبقة السياسية، رأى في المسعى «استغلالاً سياسياً لأحد الرموز الوطنية التاريخية»، وقال في الموضوع: «أول نوفمبر تاريخ له أكثر من مغزى، فهو يرمز لحربنا ضد الحلف الأطلسي»، في إشارة إلى تفجير الثورة ضد فرنسا الاستعمارية التي لقيت دعماً من طرف حلفائها الغربيين ضد الثوار الجزائريين.
ووعد شرفي بـ«العمل على حماية الأصوات من أي تلاعب. نريد صون الأمانة، ففي الماضي كان الصوت الموجه لعبد الله يذهب في النهاية لشخص آخر». وأضاف: «وضعنا في الانتخابات الرئاسية الماضية آليات، بحيث تجعل التزوير غير نافع حتى لو عجزنا عن تفاديه».
وكان الرئيس تبون قد أكد أن «التغيير الذي طالب به الحراك المبارك، هو تغيير سلمي لكن جذري، وسيتم عن طريق الدستور الذي هو أساس الدولة». وقال إن «التغيير لا يكون داخل المكاتب أو بيد جماعة معينة؛ بل الشعب هو من يقرره، وله الحرية في قبول مسودة الدستور أو رفضها. وفي حالة رفض التعديل سنواصل العمل بالدستور الحالي دون التخلي عن وعدنا بإحداث التغيير». كما شدد على أن «الطامعين في مرحلة انتقالية والمخططين من وراء البحار مخطئون في حساباتهم؛ لأن القطار انطلق ولن يرجع إلى الوراء». من دون أن يذكر من يقصد؛ لكن فُهم من كلامه أنه استهدف قوى سياسية طالبت قبل الانتخابات بـ«مرحلة انتقالية» تدوم عامين، يعهد فيها تسيير البلاد لـ«لجنة عقلاء» يسهرون على توفير شروط اختيار رئيس جديد، وقد رفض الجيش المقترح بشدة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.