الأمم المتحدة تنفي تسرعها في عقد جلسات «الدستور السوري»

جيفري ألغى لقاءً صحافياً بعد الإعلان عن إصابات «كورونا»

الأمم المتحدة تنفي تسرعها في عقد جلسات «الدستور السوري»
TT

الأمم المتحدة تنفي تسرعها في عقد جلسات «الدستور السوري»

الأمم المتحدة تنفي تسرعها في عقد جلسات «الدستور السوري»

لم تفقد الأمم المتحدة الأمل في إعادة استئناف الجولة الثالثة من محادثات اللجنة الدستورية السورية التي انتهت بعيد انطلاقها بسبب العثور على 3 حالات إصابة بفيروس كورونا، تبين لاحقاً أنها 4 إصابات بين الوفود المشاركة، رغم الانتقادات الموجهة لها بالتسرع في بدء الاجتماعات قبل انتظار ظهور نتائج الفحوصات التي أجريت على الواصلين إلى جنيف.
ويمكث أعضاء الوفود البالغ عددهم 44 عضواً في الحجر الصحي في غرف فنادقهم منذ ظهر الاثنين، بانتظار توجيهات إضافية حول كيفية وإمكانية استئناف المحادثات. وتتوزع الإصابات على الوفود الثلاثة، وفد المعارضة والنظام والمجتمع المدني، من الذين جاءوا إلى جنيف من دمشق. وقال رئيس وفد المعارضة هادي البحرة، في إحاطة للصحافيين عبر الفيديو، بعد ظهر أمس، إن الأشخاص الأربعة المصابين أعيد فحصهم، وهم بانتظار النتائج مساء اليوم (الأربعاء).
وبحسب البحرة، فإن الأمم المتحدة قد تقرر استناداً للنتائج، وبالتشاور مع الهيئات الصحية، إما أن تستأنف النقاشات بشكل شخصي للأعضاء غير المصابين وإما استئنافها عبر الفيديو، أو حتى عبر تبادل أوراق تتضمن مقترحات.
وأضاف أنه لم تظهر أي عوارض على أي من المصابين حتى الآن، ولا على أي عضو آخر من الوفود الثلاثة. وأكد أن الأعضاء الأصحاء لم يخضعوا لفحوصات جديدة لفيروس كورونا، وأن السلطات الصحية في سويسرا لم ترَ حاجة لإعادة فحصهم، واكتفت بوضعهم في الحجر الصحي ومراقبة عوارضهم.
وكان المبعوث الأميركي لسوريا، جيمس جيفري، قد اجتمع بوفد المعارضة عشية انطلاق المفاوضات، ولكن ليس واضحاً ما إذا كان العضو المصاب في وفد المعارضة كان حاضراً في الاجتماع. وكان من المفترض أن يعقد جيفري، يوم أمس، لقاء صحافياً، لكن اللقاء ألغي بعد الإعلان عن العثور على إصابات في الوفد. وبرر المتحدث باسمه لـ«الشرق الأوسط» إلغاء اللقاء مع الصحافيين بالقول إنه لم تعد له حاجة لأن المحادثات علقت، من دون أن يجيب عن سؤال حول مخاوف من تعرض جيفري نفسه للفيروس خلال اجتماعه بوفد المعارضة.
ورفضت الأمم المتحدة الانتقادات الموجهة لها بالتسرع في عقد الاجتماعات قبل ظهور نتائج الفحوصات التي أجريت للوفود بعد وصولهم إلى جنيف. وقالت جنيفر فانتون، المتحدثة باسم مكتب المبعوث الأممي إلى سوريا، إن «الفحوصات التي أجريت في جنيف كانت احتياطات إضافية»، بعد أن جاءت نتائج الفحوصات الأولى التي أجراها أعضاء الوفود قبل قدومهم سلبية. وأضافت أنه جرى اعتماد احتياطات شديدة لتفادي انتقال العدوى في أثناء الاجتماعات، مؤكدة أن الأمم المتحدة تنسق منذ البداية مع هيئة الصحة في جنيف، وتتبع جميع الإرشادات المطلوبة، مشيرة إلى أنه لا شيء محدد بعد للخطوات المقبلة.
وكان أعضاء كل وفد قد وصلوا إلى الاجتماع، أول من أمس، في باصات مشتركة تقل ما معدله 8 أشخاص، من الفنادق إلى مقر الأمم المتحدة، جميعهم يرتدون الكمامات. وداخل قاعة الاجتماعات، كانوا يجلسون متباعدين مترين على الأقل، إلا أنهم كانوا على مقربة أكثر بعضهم من بعض في أثناء تنقلهم. كما جلسوا معاً لتناول الغداء داخل مبنى الأمم المتحدة، ما يعني أن خطر انتقال العدوى بينهم وارد، خاصة أن الإصابات تتوزع بين الوفود الثلاثة.
وبرر البحرة تسرع المبعوث الأممي غير بيدرسون في عقد الاجتماعات، قبل تلقي نتائج الفحوصات الثانية التي أجريت لهم في جنيف، بالقول إنه قد «يكون شعر بثقة زائدة» لأن 30 في المائة من الوفود وصلوا مسبقاً، وظهرت نتائج الفحوص الثانية التي أجريت لهم، وكانت سلبية.
وأضاف: «لا أعتقد أن بيدرسون تسرع بعقد الاجتماع لأن الأمر استغرق 9 أشهر للاتفاق على عقده، والوقت ليس متاحاً أمامنا بسبب التدهور السريع للوضع في سوريا»، لافتاً إلى أن «المبعوث الخاص كان أكثر من حريص على الإجراءات، 3 أضعاف ما ينصح به في الإجراءات المتبعة في الاجتماعات، مثل: التباعد والأقنعة والتعقيم؛ وكلها كانت كافية لعدم انتقال العدوى».
وعبر البحرة عن اعتقاده أن المصابين كانوا مصابين أصلاً، ولكن إصاباتهم لم تظهر في الفحوص التي أجروها قبل وصولهم، مضيفاً: «إما أنهم كانوا جميعهم مصابين قبل أن يأتوا، أو أن أحدهم كان مصاباً في دمشق، وهو من نقل العدوى لبقية الأعضاء في الطائرة». وتتسارع وتيرة انتشار فيروس كورونا في سوريا، وسط غياب المعدات الطبية اللازمة الكافية للكشف عن الإصابات أو تقديم العلاج.
وكشف البحرة أن الأمم المتحدة كانت قد سعت لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية عن بعد، ولكن الأمر لم ينجح بسبب «الصعوبة التقنية واللوجيستية لدى بعضهم من الوفد الثاني». ولكنه أضاف أن وفد المعارضة لا يمانع عقد الاجتماعات بصورة افتراضية «إذا تعذر عقدها شخصياً، رغم أن الاجتماعات الشخصية أكثر إثماراً».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».