مسلحون يعطلون انتخابات في جنوب ليبيا

اقتحموا المقار بالقوة... والبعثة الأممية تعبر عن أسفها

موظفو اقتراع داخل مركز انتخابي في مدينة ككلة جنوب ليبيا أمس (اللجنة المركزية لانتخابات البلديات)
موظفو اقتراع داخل مركز انتخابي في مدينة ككلة جنوب ليبيا أمس (اللجنة المركزية لانتخابات البلديات)
TT

مسلحون يعطلون انتخابات في جنوب ليبيا

موظفو اقتراع داخل مركز انتخابي في مدينة ككلة جنوب ليبيا أمس (اللجنة المركزية لانتخابات البلديات)
موظفو اقتراع داخل مركز انتخابي في مدينة ككلة جنوب ليبيا أمس (اللجنة المركزية لانتخابات البلديات)

قال مسؤولون محليون وشهود عيان، إن مجموعة مسلحة ترتدي زياً عسكرياً داهمت، صباح أمس، مقار الاقتراع المخصصة لانتخابات المجلس البلدي في مدينة تراغن في جنوب ليبيا بقوة السلاح وأغلقتها، ما أدى إلى تعطيل الانتخابات وانصراف المواطنين وسط حالة من الخوف والغضب.
وكانت اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية، أعلنت عن بدء الاقتراع في مدينتي تراغن وككلة (جنوباً)، صباح أمس، سعياً لاستكمال العملية الانتخابية التي توقفت في مارس (آذار) العام الماضي. ووفقاً للجنة المركزية، فإن عدد المواطنين الذين لهم حق التصويت في تراغن سبعة آلاف شخص، كما يقترب عدد الناخبين في ككلة من الرقم نفسه.
ولم تتبن أي جهة اقتحام المقار الانتخابية في تراغن، لكن اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية، قالت في بيان مقتضب أمس، إن «مجموعة مسلحة هاجمت مراكز الاقتراع في المدينة، وأغلقتها مما تسبب في توقف العملية الانتخابية»، بينما قال شهود عيان إن «العناصر المسلحة التي داهمت المقار كانت تستقل سيارات عسكرية، وحرصت على تفريغ جميع المراكز من جميع التجهيزات الخاصة بالعملية الانتخابية».
واتهم الناشط محمد الخير الذي ينتمي إلى تراغن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» المجلس التسييري في المدينة التابع لحكومة شرق ليبيا بقيادة عبد الله الثني، بعرقلة الانتخابات التي تديرها اللجنة المركزية التابعة لحكومة «الوفاق». وقال إن المجلس «حرّض على تعطيل الانتخابات».
غير أن المجلس التسييري نفى أي علاقة بالمجموعة المسلحة التي اقتحمت المقار الانتخابية، وقال ناطق باسمه لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لنا أي علاقة من قريب أو من بعيد بتعطيل الانتخابات البلدية... من يملك الإجابة عن هذا السؤال مديرية الأمن، والمنطقة العسكرية بالمدينة».
وأعربت البعثة الأممية عن «انزعاج بالغ بعد إقدام مجموعة مسلحة تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية على تعطيل العملية الانتخابية المقررة في بلدية تراغن». وقالت إن «انتخابات المجالس البلدية أساس الحيوية الديمقراطية على المستوى المحلي، وقد رحبت البعثة بشدة بالانتخابات المحلية التي أجريت في غات الأسبوع الماضي».
وأضافت البعثة في بيان، أمس: «نأسف بشدة على حرمان مواطني تراغن من انتخاب مجالسهم البلدية الذي يعتبر حقاً من حقوق الإنسان الأساسية، وتذكِر البعثة جميع الأطراف في ليبيا بالتزامهم العمل وفقاً للقانون الدولي، وتدعوهم إلى حماية العمليات الديمقراطية في جميع أنحاء البلاد».
وتراغن عبارة عن واحة في جنوب غربي ليبيا، (140 كيلومتراً جنوب مدينة سبها)، بينما ككلة التي واصلت أمس، اختيار ممثليها في المجلس البلدي، تقع على مسافة 130 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس.
وتوافد مئات المواطنين، خصوصاً من كبار السن، على مراكز الاقتراع في ككلة لاختيار مرشحيهم من القوائم الانتخابية المطروحة. وقالت اللجنة المركزية إن «عملية الاقتراع تواصلت في ظل إقبال الناخبين من الجنسين لاختيار مرشحيهم، وممارسة حقهم الدستوري والقانوني».
وسبق لمدينة غات (جنوب غربي طرابلس)، أن انتهت من خوض تجربة الانتخابات البلدية بنجاح، في التاسع عشر من أغسطس (آب) الحالي، وبلغت نسبة التصويت 54 في المائة. وثمنت البعثة الأممية للدعم في ليبيا حينها «عزم وتصميم مواطني المدينة على ممارسة حقوقهم الديمقراطية» في أول انتخابات محلية تجرى بالبلاد خلال العام الحالي.
وقالت البعثة الأممية لدي ليبيا، أمس، إن ستيفاني ويليامز، الممثلة الخاصة للأمين العام بالإنابة تحدثت مع عميد المجلس البلدي في بلدية سبها الشاوش عبد السلام، عقب موافقة حكومة «الوفاق» على قرار المحكمة الأخير القاضي بإعادة مجلس سبها المنتخب، مشيرة إلى أنه أطلعها على الوضع في سبها والتحديات التي تواجهها البلدية. وتعهدت ويليامز بعقد اجتماع بين فريق الأمم المتحدة ورؤساء بلديات فزان الذي تأسس مؤخراً لدعمه.
وفي نهاية مارس (آذار) من العام الماضي، أجريت انتخابات محلية في تسع بلديات غرب البلاد، في تجربة لم تستكمل بباقي البلديات بسبب حرب طرابلس التي اندلعت في الرابع من أبريل (نيسان) العام الماضي.
علما بأنه يوجد في ليبيا قرابة 70 مجلساً بلدياً من أصل 99 مجلساً، لا تزال تحاول عقد انتخاباتها، في ظل نقص التمويل من حكومة «الوفاق» وعراقيل أمنية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».